لم تكتف اسرائيل بإحكام الحصار علي قطاع غزة واغلاق المعابر مما اغرق القطاع الذي يعيش فيه 1.5 مليون نسمة في ظلام دامس وجعلهم يقفون علي مشارف كارثة انسانية بعدما باتت وكالة غوثوتشغيل اللاجئين "الاونروا" عاجزة عن مد يد المساعدة لنحو 750 ألف فلسطيني يعيشون علي ما تقدمه لهم من غذاء ودواء لكنها لجأت الي سلاح تجنيد عملاء بحثا عن الجندي الأسير جلعاد شاليط الذي انهارت صفقة اطلاق سراحه مع حركة المقاومة الاسلامية حماس. ولجأت المخابرات الإسرائيلية العامة (الشاباك) إلي محاولة إغواء أهالي قطاع غزة بالمال للوصول إلي الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع جلعاد شاليط، بعد تزايد الاتهامات لها بالعجز عن إطلاقه. الطريقة الجديدة هي الاتصالات الهاتفية العشوائية مع سكان قطاع غزة في محاولة لإغرائهم بالمال مقابل معلومات عن شاليط المحتجز منذ ما يزيد علي العامين ونصف في القطاع. وتقول الرسالة الصوتية التي تلقاها العشرات في قطاع غزة "يدعوكم جيش الدفاع الإسرائيلي إذا كانت لديكم معلومات عن الجندي المخطوف جلعاد شاليط أن تتصلوا بالرقم التالي.. أو تضيفوا المعلومات إلي الموقع التالي.. ونعدكم بسرية الأمر وتقديم 10 آلاف دولار لمن يقدم لنا معلومات مفيدة". وفي تعليقه علي تلك الدعوة قال المواطن الفلسطيني أبو رائد عبيد الذي تلقي الاتصال أكثر من مرة علي هاتف منزله وهاتفه الجوال، إن هناك أكثر من ثلاثة تسجيلات صوتية كلها تشير إلي عجز الاحتلال عن معرفة مكان احتجاز شاليط وطلب المساعدة في الوصول لمعلومات عنه. وقال أبو رائد إنه شعر أثناء سماعه التسجيلات الصوتية بالفخر لأن إسرائيل فشلت في تعقب شاليط ولم تستطع أن تصل له رغم أن قطاع غزة بالكامل يخضع لحصارها المشدد وطيرانها لا يغادر أجواء القطاع. واستبعد أن يكون أحد المواطنين العاديين يمتلك معلومات عن شاليط، مشيرا إلي أن أهالي غزة يتعاملون مع هذه المكالمات باستغراب كبير لأن عدوهم يطلب منهم التعاون والانصياع لأوامره، حسب قوله. وحذر أبو رائد من مسايرة التسجيلات الصوتية الإسرائيلية، وأشار إلي أن آخر مكالمة كانت بشكل محكم أكثر من المرات الماضية حيث قال المتصل إن العشرات من غزة اتصلوا به للإبلاغ عن شاليط. من جانبه، قال الخبير في الشئون الإسرائيلية عامر خليل إن اتصالات الشاباك وعرض مبالغ مالية مقابل الإدلاء بمعلومات علي مكان احتجاز شاليط دليل واضح علي فشل إسرائيل في الوصول إلي أي معلومة عن مكان الجندي الإسرائيلي رغم مرور عامين ونصف علي احتجازه. وقال خليل إن إسرائيل أدركت أن كل الضغوط التي مارستها علي قطاع غزة عبر الحصار والعقوبات والعمليات العسكرية لن تستطيع أن تغير شروط المقاومة التي تضعها للإفراج عن شاليط. وبين أن إسرائيل تسعي عبر هذه الاتصالات إلي تكوين معلومات جديدة ومن ثم القيام بعملية خاصة للإفراج عن شاليط، لكنه أشار إلي معرفة إسرائيل المسبقة بأن مثل هذه العملية ستعرض حياة الجندي الأسير إلي الخطر. وأضاف خليل أن الخيار الوحيد أمام إسرائيل في هذه الحالة هو الموافقة علي شروط المقاومة والإفراج عن الأسري الذين تطلبهم عبر قوائمها، مشيرا إلي أن امتلاك إسرائيل وسائل الضغط علي المقاومة لا يعني بالمطلق أنها قادرة علي التأثير في قرار الإفراج عن شاليط. يذكر أن إسرائيل فشلت في تعقب شاليط الذي نجحت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ولجان المقاومة الشعبية وجيش الإسلام في أسره بعد عملية معقدة قرب معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي يوم 25 يونيو 2006 . وكان توزيع المساعدات الغذائية توقف امس الاول علي سكان غزة بسبب تعزيز الحصار الاسرائيلي مع استمرار اعمال العنف التي تهدد بالقضاء علي التهدئة الهشة في الاساس. وقال كريس جونيس الناطق باسم منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) "لم تعد لدينا مواد غذائية ومخازننا فارغة". وادي الابقاء علي اغلاق المعابر من قبل اسرائيل الي ازمة وقود تسببت في انقطاع في التيار الكهربائي بعد توقف محطة الكهرباء الوحيدة في غزة التي تنتج حوالي 30 % من حاجاته من الكهرباء. وتوفر الشبكات الاسرائيلية والمصرية الحاجات المتبقية. ورغم التصعيد الذي شهدته الايام الاخيرة اعربت اسرائيل عن الامل في صمود التهدئة. ونقلت الاذاعة العامة عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء الانتقالي ايهود اولمرت ان الوضع بشأن التهدئة "لم يصل بعد الي نقطة اللاعودة. عندما سيحصل ذلك لن نتردد في التحرك.