تحقيق :أحمد عطية صالح وأحمد رفعت أنفلونزا الطيور عادت من جديد تهدد الثروة الداجنة واستثماراتها الضخمة التي وصلت إلي أكثر من 02 مليار جنيه.. وطرحت لنا سؤالا مهما : هل أصبحت مصر أكثر دول العالم إصابة بمرض انفلونزا الطيور؟ لقد ظهرت انفلونزا الطيور منذ عدة سنوات في كل دول العالم.. ومنها دول عربية واسلامية مجاورة لنا »كفلسطين والأردن والعراق وسوريا ولبنان وتركيا«. ورغم ذلك نجحت كلها في القضاء علي المرض.. بل ان سوريا تخلصت منه في أسبوعين فقط وكذلك العراق.. وفلسطين وتركيا!! الا مصر!! فقد توطن بها المرض.. وتحور فيها الفيروس.. وأصبحت من أكثر الدول إصابة بالمرض!! رغم تشكيل لجنة عليا لمواجهة انفلونزا الطيور!! هل اخطأنا في طرق العلاج؟.. وهل فشلت الأمصال التي استوردناها من الخارج؟ لماذا تعثرت المواجهة؟.. اسئلة عديدة طرحتها أخبار اليوم امام كبار أطباء الطب البيطري. والمسئولين عن الثروة الداجنة.. وعن اللجنة العليا للمكافحة.. وكان هذا التحقيق بجريدة " اخبار اليوم ". اسباب الأزمة كما يشرحها د. شهاب عبدالحميد عضو مجلس النقابة العامة للأطباء البيطريين.. والأمين العام المساعد للأطباء البيطريين العرب اننا تعاملنا معها بطريقة خاطئة. ويضيف هناك خمسة أخطاء وقعنا فيها ونحن نواجه مرض انفلونزا الطيور.. وكانت السبب في فشلنا في مواجهتها: اولها: اننا تعاملنا معها علي انها مرض بشري ومن ثم تسببنا في احداث حالة من الذعر بين الناس في مصر.. فالمرض أساسا حيواني ومن ثم كان الخطأ الثاني هو اننا أوكلنا الأمر كله لغير أهل الاختصاص.. وتجاهلنا الأطباء البيطريين الذين غابوا من البداية عن مواجهة انفلونزا الطيور. هذه البداية الخاطئة.. كانت بداية أخري لسلسلة من الاخطاء القاتلة.. أهمها تشكيل اللجنة العليا لانفلونزا الطيور ولم يكن من بين اعضائها طبيب بيطري واحد.. فأعضاء اللجنة لا علاقة لهم بانفلونزا الطيور.. كل واحد تكلم في اختصاصه.البيئة.. والصحة.. والحكم المحلي وغيرها من التخصصات الاخري. إلا الطب البيطري! الخطأ الثالث.. هو انهم عندما بدأوا يدخلون هيئة الخدمات البيطرية كطرف في علاج المرض. كان التصور ان محاصرته تبدأ من مزارع الدواجن وتنتهي من المزارع ايضا وبالتالي انطلقوا في حملة لإعدام آلاف المزارع فتخلصوا من ثروة داجنة قيمتها تزيد عن 02 مليار جنيه ويعمل بها ما لا يقل عن 2 مليون عامل.. ولكنهم نسو ان 06٪ من الثروة الداجنة توجد في بيوت الفلاحين وللأسف لم يفكر أحد من اعضاء اللجنة العليا او المسئولين ان كل فلاح يمتلك في منزله حظيرة صغيرة لتربية الدواجن!! ثم جاء الخطأ الرابع وهو انهم تركوا انواعا اخري من الطيور من الحاملة للمرض مثل البط ولكنها لا تظهر عليه. لقد تكلمنا كأطباء بيطريين عند بداية ظهور مرض انفلونزا الطيور وقلنا ما دام واجهنا المشكلة بعشوائية فإن النتيجة الطبيعية هي ان المرض سيتوطن في مصر.. وهو ما حدث بالفعل!! قلت: والخطأ الخامس؟ قال: هو اخطرها جميعا.. فنظرا لعدم وجود امصال في مصر كان لابد من استيراده.. وظهرت مافيا الامصال ولكن للأسف معظم المستورد كان قليل الفاعلية.. فقد كان لابدان يكون انتاجا محليا مناسبا للبيئة التي ظهر فيها!! وهو ما لم يحدث. واضاف: لقد تقدمت احدي الشركات القومية المصرية لعمل مصنع لانتاج اللقاحات بدون ان تتحمل الدولة شيئا.. ومع ذلك وجدنا من وقف ضد اقامة هذا المصنع والذي توقف بالفعل التفكير في اقامته. عندما ظهرت الأزمة في الدول العربية وجدنا ان سوريا نجحت خلال أسبوعين فقط في القضاء عليها لانها اتبعت الاسلوب العلمي السليم واستعانت بأصحاب الخبرة من الأطباء البيطريين. طريقة العلاج.. جاهزة ويضيف: ولكن رغم الأزمة.. الا ان طريقة العلاج موجودة.. منها توفير الاطباء البيطريين.. وللأسف قرأنا ان وزير المالية رفض تعيين 0052 طبيب وكذلك سرعة توفير المعدات اللازمة.. بمعني السيارات المجهزة لفرق العمل للتجول داخل القري والاقاليم اضافة لتوفير اللقاحات المصرية 001٪ فهي القادرة علي محاصرة المرض.. وهذه اللقاحات موجودة في مراكز البحوث وللأسف لا يريد احد الاستعانة بها.. ولا نعرف لماذا؟! اخيرا علينا الاتفاق علي طريقة عادلة لصرف التعويضات.. لانه ليس معقولا ابدا تدمير مزرعة بالكامل دون صرف تعويض عادل لصاحبها وهو ما جعل الناس ترفض التبليغ عن المرض خوفا من تدميرها وعدم صرف التعويض العادل لصاحبها! قرارات متضاربة ويضيف د. محمود عبدالسلام الكاتب مدير عام ادارة الطب البيطري بالجيزة خطأين آخرين لازمة انفلونزا الطيور ويقول اولا لقد ظهرت انفلونزا الطيور في كل دول العالم.. ولكن للأسف واجهنا منذ البداية بقرارات خاطئة.. وبطريقة عشوائية من ذلك كان هناك قرار بسرعة اعدام الطيور التي تتواجد علي بعد 5 كيلو مترات من جميع جهات بؤرة المرض.. ثم اصبح القرار 3 كيلو مترات فقط ثم اثنين.. واخيرا واحد.. والنتيجة تدمير كميات هائلة من الفراخ تصل قيمتها إلي 02 مليار جنيه. كان من الممكن استفادة المواطنين منها.. ليس هذا فقط بل واحدثوا حالة من الذعر لا مبرر لها بين الناس.. والنتيجة ان الناس قاموا باخفاء الطيور داخل الشقق السكنية الخاصة بهم مما عرضهم بعد ذلك للإصابة! كان المفروض ان يتم تحصين الطيور وليس اعدامها. أما الخطأ الثاني فهو تحصين الطيور من نفس الفيروسات الموجودة في بلدنا.. بمعني لا نأتي بالامصال من الخارج سواء فرنسا.. او غيرها.. لان هذا احد اسباب مشكلة استمرار انفلونزا الطيور في مصر لان هناك المستفيد من هذا الاستيراد وله مصلحة في ذلك! لماذا مصر بالذات؟ ولكن د. مصطفي عبدالعزيز نقيب الاطباء البيطريين: يشرح جانبا آخر اجابة علي سؤال: لماذا استمرت الأزمة في مصر بالذات دون الدول العربية؟ ويقول: لقد غاب البيطريون عن مواجهة المرض فعندنا في النقابة 54 الف طبيب بيطري.. يعمل منهم في الخدمات البيطرية 8 آلاف فقط.. تم الاستعانة ب0021 طبيب منهم فقط في مواجهة انفلونزا الطيور. ليس هذا فقط.. بل ان هؤلاء الذين استعانوا بهم كانت شروط العمل قاسية وبعائد مادي بسيط لا يشجع علي العمل.. ولا توجد الوسائل التي تساعده علي الانتقال للكشف عن بؤر المرض! بالمكافأة التي يتم صرفها والتي لا تزيد علي 003 جنيه. وأضاف: في بداية المشكلة وظهور المرض كان هناك خلاف حول نوعين من الأمصال الأكثر صالحية للسيطرة علي المرض.. وكان هذا من أكبر الاخطاء التي واجهنا بها المشكلة.. ليس هذا فقط بل كان هناك خلل في الاجراءات التي يقوم بها الاطباء البيطريون لمواجهة انتشار المرض فعندما يأخذوا عينات من الطيور المصابة كان لابد من ارسالها الي القاهرة للتأكد من وجود المرض.. وهذه العملية تستغرق اكثر من أسبوع مما يعني انتشار المرض بدلا من محاصرته!والحل الأمثل هو إعدام الحالات المصابة فورا. 053 مليون جنيه إعانات ويقول اللواء عبدالغفار يوسف مدير بورصة الدواجن لدينا في مصر 04 ألف مزرعة نصفهم تقريبا غير مرخص.. واستثمارات الثروة الداجنة تصل الي 02 مليار جنيه. ويضيف: ان حل الأزمة ومواجهة المشكلة سهل جدا.. يبدأ من توفير واستكمال المتطلبات العامة للخدمات البيطرية.. ان المبلغ المخصص لها من الاعانات الدولية 053 مليون جنيه ولكن لم يدخل للهيئة منا سوي 56 مليونا مما يعوق عملية القضاء علي المرض. وأضاف: لابد من تشكيل لجنة برئاسة مسئول كبير تضع الضوابط لكل حالات الاصابة وصرف التعويض العادل لهم حتي نشجع الناس علي التبليغ عن حالات الاصابة في مزارعهم او منازلهم. لقد فعلت تركيا هذا.. كانت التعويضات تصرف فورا.. كان ثمن الفرخة 2 دولار.. مما شجع الاهالي علي سرعة ابلاغ الحكومة وهو ما ساعدها علي محاصرة المرض والقضاء عليه. لابد من عمل مسح شامل لمصر كلها لان الازمة طالت.. كما ان الدولة لن تتكلف شيئا لان الاموال عبارة عن اعانات دولية. لابد ان نعلن انه لاصوت فوق انفلونزا الطيور لانها كارثة لا تقل خطورتها علي الاقتصاد القومي. ثلاث طرق ويحدد د. محمد الشافعي نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن ثلاث طرق للقضاء علي انفلونزا الطيور اولها: سرعة اعادة النظر في اللقاحات المستخدمة حاليا في مصر.. لأنه ثبت عدم فاعليتها بدليل وجود واستمرار المرض.. ثانيا: تعويض عادل لكل من لديه اصابة.. واخيرا زيادة الوعي والارشاد في القطاع الريفي لانه يضم 06٪ من حجم الثروة الداجنة. التحصين الكامل.. ضرورة واخيرا يقول د. حامد سماحة رئيس هيئة الخدمات البيطرية: لقد وضعنا بالفعل خطة هدفها السيطرة علي المرض ومنع انتشاره الي مناطق أخري وكذلك منع تحور الفيروس مما يشكل خطورة. وتنص الخطة: التحصين الكامل لكل الطيور المنزلية.. كذلك التقصي عن المرض عن طريق معمل الرقابة علي الانتاج الداجني.. اضافة لتقوية الخدمات البيطرية.. واعدام الطيور المصابة فورا ومنع تداول الطيور الحية من مكان لآخر.. واخيرا توفير المجازر الخاصة بذبح الطيور! وأضاف: ان عدد الدول التي اعلنت الاصابة بمرض انفلونزا الطيور حتي بداية هذا العام وصل الي 26 دولة.. كما اعلنت 8 دول اخري عن ظهور بؤر جديدة للمرض.. وتعتبر مصر من أقل الدول في حالات الوفاة مقارتنا بفيتنام! قال: لقد قمنا بالفعل بعمل مسح شامل لجميع محافظات مصر بالتعاون مع المعامل الفرعية التابعة لمعهد بحوث صحة الحيوان والمعمل القومي للرقابة علي الانتاج وتم جمع 851 عينة وكانت جميعها سلبية، كما تم اجراء 524 زيارة لعدد 502 أسواقه في أسواق الطيور الحية في 32 محافظة. وكان الايجابي من هذه الحالات 06 حالة بنسبة 21٪ في 21 محافظة.. اما بقية المحافظات وعددها 11 فكانت جميع النتائج سلبية.