الأهرام 5/4/2009 لاشك أن هناك جهودا مضنية يبذلها رجال الشرطة من أجل مكافحة تهريب المخدرات والإيقاع بمن يتاجر فيها, إلا أن قضية مكافحة المخدرات ليست مهمة الشرطة وحدها, ولكنها مهمة المجتمع ككل بدءا من الأسرة والمدرسة والجامعة والنادي والصيدلية والإعلام والمسجد والكنيسة وغيرها. ولقد هالني في الفترة الأخيرة هذا الانتشار الرهيب للأنواع المختلفة من المخدرات والمنبهات والمواد التي تسبب الوقوع في براثن الإدمان, ويمكن الحصول عليها عن طريق الديليفري, مثل: 1 المثبطات والمواد المسببة للاسترخاء مثل: الكحول( الخمور), بنزوديازيبن( أبو صليبة), الباربيتيورات والميثاكوالون, أوراق الحشيش والبانجو ومستخلصاته, وكذلك الأفيون ومشتقاتها مثل:( الهيروين, المورفين, بيثيدين, مونوأسيتيل, مورفين, ميثادون, كودايين فوسفات, الموجود في بعض أدوية الكحة, بذور نبات الخشخاش الأفيون. 2 المنبهات والمنشطات مثل:( الأمفيتامينات الآيس ميث أمفيتامين ريتالين ميثيل فيناديت الإكستازي مثيلين ديوكس ميثامفيتامين إفدرين سودو إفدرين الكوكايين والكراك النيكوتين والكافيين. 3 المواد المسببة للهلوسة مثل:( عقار الهلوسة, عش الغراب السحري, مسكالين). ولأن أكثر الأنواع المسببة للإدمان الآن وعلي مستوي العالم هو الحشيش والبانجو, لذا فسوف نبدأ بهما, وسوف نستعرض بقية المواد تباعا بعد ذلك, فالبانجو هو أحد الاسماء التي تطلق علي الأوراق الجافة وأحيانا الزهور لنبات القنب الذي يطلق عليه بالعامية الانجليزيةHemp, أما الاسم العلمي فهو Cannabis Sariva والبانجو أو الماريجوانا لها أكثر من200 اسم آخر تختلف من دولة إلي أخري, ومن مكان إلي آخر, وكلها تشير إلي نفس النبات المخدر الذي يحتوي علي أكثر من400 مركب كيميائي,ومادة سامة مسرطنة وأهم مادة فعالة في البانجو والحشيش هي مادةTHC وهي المادة التي تؤثر علي الحالة النفسية والعصبية للمدمن, وتؤدي إلي تغيرات في مزاجه وسلوكه, وتركيز هذه المادة هو الذي يحدد جودة ونوعية هذا المخدر بالنسبة للمدمنين, فيمكن أن يختلف تركيز هذه المادة المخدرة من شجرة إلي أخري, حسب عوامل كثيرة منها نوعية البذرة وحالة الجو واختلاف التربة ووقت الحصاد, وغيرها من العوامل الأخري. والحشيش وزيت الحشيش وما يسمي سينسيميلا تعد أشكالا أقوي من البانجو, من حيث تركيز المادة الفعالة بها, والحشيش يصنع بأخذ المادة الصمغية الراتنجية من براعم وأوراق وأزهار الشجرة الانثي لنبات القنب, ووضعها علي شكل عجينة أو قوالب ومعظم الحشيش المتداول في الأسواق هذه الأيام يصنع من الحناء مضافا إليها بعض من الأقراص المخدرة بدلا من المادة الفعالةTHC المخدرة التي من المفروض أن تحتوي علي5 10 مرات أكثر مما يحتويه البانجو, وأحيانا تزيد هذه النسبة لتصل إلي ألف مرة زيادة عن تركيزها في البانجو, وحقيقة الأمر أن هذه المادة لا يمكن الحصول عليها في صورة نقية تماما, إلا من أجل أغراض البحث العلمي فقط, لأن استخلاصها في صورتها النقية مكلف جدا وغير عملي, والحشيش عموما تتراوح نسبة المادة فيهTHC ما بين3 10%. والحشيش يجعل الإنسان يشعر بأنه خلاق ومبدع وملك أو فيلسوف وربما تنهال عليه الأفكار التي لا يلحق علي متابعتها نتيجة لضعف تركيزه, وقد يحب سماع الموسيقي ويشعر بها ويشعر بنوع من الاسترخاء, وتزيد شهيته للأكل والشرب, وكل هذا يحدث بالنسبة للإنسان المستجد في تعاطي الحشيش, أما عن المضاعفات والأعراض الجانبية فهي البطء وفقد سرعة رد الفعل, وفقد الاحساس بالوقت والشعور بالتعب والنسيان واحمرار العينين, والغثيان والكحة والصداع والزغللة, وزيادة ضربات القلب, وحدوث تغيرات مزاجية واكتئاب علي المدي الطويل. أما عن الأضرار الصحية للبانجو فالمادة الفعالة فيه هي مادةTHC وتتراوح نسبتها ما بين0,01% إلي10% أي أنها يمكن أن تكون مختلفة من نبات إلي آخر بنسبة ألف مرة, وبالتالي يختلف تأثير البانجو من شخص إلي آخر بناء علي نسبة هذه المادة في النبات, وأيضا صحته العامة ومناعته, وكذلك إن كان مدمنا, أم أنه يتناول هذا المخدر لأول مرة, والبانجو من المواد التي تمتص وتذاب في الدهون, وبالتالي فإنه يختزن في الخلايا الدهنية الموجودة في كل من المخ, والكبد, والرئة والجهاز التناسلي,وفي كل الدهون الموجودة الموجودة في كل أجزاء الجسم تحدث المضاعفات المتعددة في كل عضو, خاصة مع الوصول إلي حالة الإدمان, وتعاطي البانجو بصورة يومية ومستمرة. ولعل تراكم البانجو في الأنسجة الدهنية في الجسم هو السبب في امكانية اكتشاف وجود البانجو وتعاطيه في جسم الشخص المتعاطي لعدة أيام بالنسبة للشخص غير المدمن, ولعدة أسابيع بالنسبة للشخص المدمن بعد التوقف عن تعاطيه, ويمكن اكتشاف ذلك من خلال التحاليل. والبانجو مثل الحشيش يدخن بدون فلتر, وحتي النهاية والدخان يصل إلي الرئة ويبقي داخلها لعدة ثوان مع كل نفس يأخذه المدمن, وهذا الدخان يحتوي علي العديد من المواد السامة, مثل أول أكسيد الكربون, ومادة نيتروز أمين ومادة بنزوبيرين و60 مادة أخري من مكونات شجرة القنب السامة, وكل هذه المواد تهيج الجهاز التنفسي وأغشية الرئة وهي مسرطنة من الدرجة الأولي, وتسبب سرطان الرئة, هذا بالاضافة إلي أمراض الجهاز التنفسي الأخري, مثل التهاب الحنجرة والشعب الهوائية وحشرجة الصوت والالتهاب الرئوي والإمفزيما, وغيرها, وتدخين البانجو أثناء الحمل يسبب ولادة أطفال مبتسرين ناقصي الوزن, وقبل موعدهم, وقد أظهرت الأبحاث أن تدخين البانجو عند كل من الرجال والنساء يفقدهم الخصوبة, مما يجعل لتدخين البانجو في سن المراهقة عند كل من الأولاد والبنات أخطارا وأضرارا شديدة قد تصاحبهم بقية عمرهم, وهم الشريحة العمرية التي تمثل الغالبية العظمي من مدخني البانجو, كما يؤثر البانجو علي الهرمونات في كل من الذكر والأنثي, ويقلل من الاستمتاع بممارسة الجنس, وقد يسبب ارتباكا في مواعيد الدورة الشهرية وتأخير البلوغ عند كل من الأولاد والبنات إذا تعاطوه قبل أن يصلوا إلي مرحلة البلوغ, ويعتقد الكثيرون أن البانجو له تأثير ايجابي علي القدرة الجنسية ومصدر هذا الشعور يأتي من خلال شعور المدمن بطول زمن الاتصال الجنسي, وما يحدث في الحقيقة غير ذلك تماما, فهذه القوة وهذا الزمن الطويل إنما هو فقط في خيال وعقل المدمن فقط, فإذا مكث خمس دقائق يهيئ له الحشيش أنه مكث ساعات, فالحشيش والبانجو يعطيان الشعور بطول الزمن وبقوة وتأثير الملامسة. كما أن للبانجو تأثيرا علي الاخصاب عند كل من الرجل والمرأة, كما يزيد تدخين البانجو من التشوهات الخلقية للأجنة, إذا تم استخدامه أثناء الحمل, أضف إلي هذا ما يحدثه البانجو من تلف في خلايا المخ والأعصاب والتي تسبب انعدام التركيز أثناء الممارسة الجنسية, وتدخين البانجو يؤدي إلي حدوث تأثير سلبي ومدمر علي جهاز المناعة في الإنسان, فيصبح أكثر تعرضا للإصابة بالأمراض المعدية المختلفة, وأيضا أكثر تعرضا للإصابة بالأورام السرطانية المختلفة خاصة سرطان الرئة. وفي بداية تدخين البانجو أو الحشيش يشعر الإنسان بالسعادة والانطلاق والاسترخاء, إلا أنه لا يلبث أن يعقب ذلك مشاعر سلبية عديدة, مثل الاحساس بالخوف الذي يصل أحيانا إلي حد الهلع في بعض الأحيان, بدون أي سبب واضح, والقلق النفسي, وأحيانا بعض الهلاوس التي يمكن أن تنتاب ذلك المدمن, وإدمان البانجو يفقد الإنسان قدرته علي الطموح والحافز الموجود بداخله, وهذا لا يظهر في بداية تدخين البانجو أو الحشيش, ولكن مع إدمانه يصبح من السمات الواضحة في هذا المدمن.