بلغت اسعار المواد الغذائية مستويات قياسية لم تحقق من قبل، ففى الفترة من يناير عام 2007 الى يناير 2008 ارتفع مؤشر الفاو لاسعار الاغذية بنسبة 47 % مدفوعا بارتفاع أسعار منتجات الحبوب والزيوت النباتية التي زادت 62 % و85 % على التوالي. كما ارتفعت اسعار فول الصويا الى أعلى مستوياتها على الاطلاق، في حين صعدت أسعار البن والكاكاو الى أعلى مستوياتها في عشرات السنين. وبالرغم من ذلك فان الطلب يواصل ارتفاعه مع تراجع المعروض بسبب سوء الاحوال الجوية في مناطق زراعية رئيسية مثل استراليا وشرق أوروبا وشمال الصين، وايضا مع وجود قيود على التصدير في كل من الارجنتين وروسيا وقازاخستان تزامنت مع تزايد الطلب في دول مثل الهند والصين، بالاضافة الى استخدام السلع الزراعية في انتاج الوقود العضوي وارتفاع الطلب في الاقتصاديات سريعة النمو مثل الصين والهند. كما يساهم فى ارتفاع الاسعار تزايد هوس صناديق الاستثمار بالسلع مع استمرار الاضطرابات في أسواق الاسهم والسندات العالمية، وتعتبر صناديق الاستثمار السلع رهانا جيدا لاموالها وسط مناخ تضخمي على مستوى العالم. وقدرت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة "الفاو" ان حوالى 862 مليون شخص على مستوى العالم كانوا يعانون من سوء التغذية في الفترة من 2002 الى 2004 منهم 830 مليون في الدول النامية، وهو وضع قد يزداد سوءا بالارتفاعات غير المسبوقة في الفترة الاخيرة في أسعار المواد الغذائية. المفوضية الاوروبية تقدم مساعدات للدول الفقيرة من هذا المنطلق خصصت المفوضية الاوروبية الثلاثاء 4/3/2008 مساعدات تصل قيمتها الى 160 مليون يورو (243 مليون دولار) للدول الفقيرة لمساعدتها على مواجهة ارتفاع اسعار المواد الغذائية التى تجتاح العالم. ويعد هذا القرار هو الاكبر من نوعه الذى تتخذه اللجنة التنفيذية فى المفوضية الاوروبية، حيث انه يرمى الى سد حاجات 18.7 مليون شخص فى اكثر بقاع العالم عرضة الى مواجهة مخاطر المجاعة فى افريقيا، واسيا، ومنطقة القوقاز، والاراضى الفلسطينية. واعلن مسئولون اوروبيون ان المساعدات خصصت لتفادى "العجز المالى" نتيجة للارتفاع الجنونى فى اسعار القمح بنسبة 81 % خلال عام 2007 . ويرى الرئيس المستقل لمجلس منظمة الاغذية والزراعة محمد سعيد نوري نائيني ان أسعار الغذاء ستواصل ارتفاعها لموسم أو اثنين على الاقل. وقال نائيني على هامش مؤتمر الفاو التاسع والعشرين للشرق الادنى -الذى يعقد بالقاهرة فى الفترة من 1-5 مارس 2008-، انه يجب ان ننظر لارتفاع الاسعار باعتباره فرصة، اذا انتقلت هذه الزيادات للمزارعين فإن الانتاج سيرتفع. وأضاف ان هذا قد يعني اعادة اطلاق الزراعة في الدول النامية من خلال برامج واستثمارات طويلة الاجل وتحفيز استثمارات القطاع الخاص استجابة للربحية العالية، ولكن دون زيادة الانتاجية سيعانى الجميع، ولن يكسب سوى قلة. من جهته صرح المدير العام للفاو جاك ضيوف ان الوضع مازال غير مستقر بسبب عدم التيقن الكبير بشأن الاوضاع المناخية. فقد ذكر تقرير "الفاو" ان من التحديات التي تواجه انتاج الغذاء في المنطقة كذلك نقص موارد المياه ومرض انفلونزا الطيور. واضاف ضيوف لكن زيادة الايرادات من صادرات النفط قد توفر فرصة ممتازة لزيادة الاستثمار العام في الزراعة. والاستثمار الزراعي سواء المحلي أو الاجنبي مازال منخفضا في أغلب دول المنطقة وانخفض بنسبة 27 % في الفترة من 1995 الى 2004 فى الدول التي لا تصدر النفط. وقد كان لارتفاع الاسعار ايضاً تأثير سلبى على صناع الاغذية باوروبا الذين يواجهون ضغوطا قوية على الجبهتين، فمع الارتفاع الكبير في اسعار السلع الذي يضطرهم لرفع الاسعار يلجأ المستهلكون المضغوطون الى بدائل ارخص سعرا، بينما يؤكد البعض أن القطاع يستغل الوضع. فقد اتهم رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيلون بالفعل صناع المواد الغذائية وباعتها بالتربح من الارتفاع الحاد في أسعار السلع، وتعهد بالتصدي "لانتهاكات" السوق بعد ان أظهر تقرير رفيع المستوى ان أسعار المنتجات المعتمدة على الحبوب والحليب في فرنسا ارتفعت في الاشهر القليلة الماضية، واضاف انه سيجري تشديد الرقابة على الاسعار. ياتى ذلك فى الوقت الذى يرى اخرون ان خفض أسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة قد يساعد على اذكاء هذا التضخم في أسعار المواد الغذائية. ويرى محللون ان التضخم الكبير في أسعار المواد الغذائية من المنتظر ان يستمر في عام 2008 وان الفجوة المتزايدة بين قيمة المنتج وسعره بالعلاوات السعرية عليه قد تدفع أصحاب المتاجر الى البحث عن الخيارات الارخص وسط مخاوف التراجع الاقتصادي التي تجتاح أوروبا والولايات المتحدة، بينما يرى البعض الاخر ان تضخم أسعار المواد الغذائية يمكن احتواؤه.