في مؤشر خطير ربما يعكس ما قد يؤول إليه الاقتصاد العالمي جراء أزمة قروض الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة، أعلن وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلنج إنه سوف يتم تأميم مؤسسة التمويل العقاري "نورثرن روك" أحد أكبر المؤسسات البريطانية في هذا المجال. وكانت المؤسسة البريطانية "نورثرن روك" تعاني منذ فترة إثر الهزة التي يعيشها القطاع المالي في بريطانيا بصفة عامة ما انعكس عليها سلبا، حيث فاق حجم المبالغ المالية التي أقرضها المصرف المركزي البريطاني لمصرف نورثرن روك العقاري المتعثر ثلاثة مليارات جنية استرليني (ما يقرب من ستة مليارات دولار) بعد أن هزته أزمة السيولة. وهوت أسهم "نورثرن روك" - خامس مؤسسة مصرفية بريطانية من حيث الحجم في قطاع الإقراض العقاري - بنسبة بلغت حوالي 34%، وفقدت أسهم البنك نحو ثلث قيمتها بعد أن أصدر تحذيراً من أنه يتوقع أن تتأثر الأرباح بالمشاكل الائتمانية التي تواجهها القطاع المصرفي. وفي أكتوبر الماضي قدم رئيس "نورثرن روك" مات ريدلي استقالته على خلفية المتاعب التي تعانيها المؤسسة منذ شهرين. ولا يبتعد ما يجري في بريطانيا عما يواجهه العالم من تداعيات شبح الركود الذي يخيم على الاقتصاد الأمريكي والذي انعكس بدوره على اقتصاديات العالم. وكان تقرير حكومي أمريكي نشر الأربعاء أفاد بأن الاقتصاد الأمريكي كان شبه متوقف خلال الربع الأخير من عام 2007، إذ لم يتقدم سوى 0.6%. وأثار التقرير مخاوف تتعلق بحدوث انكماش اقتصادي، إلى جانب آمال بأن يقوم المصرف المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) بإجراء خفض جديد ومهم على معدل الفائدة. وحسب التقرير الصادر عن وزارة التجارة الأمريكية فإن نسبة النمو السنوي البالغة 0.6% فقط، تشكل انخفاضاً كبيراً عن آخر قراءة للنمو الاقتصادي، التي جرت في الربع الثالث من العام الماضي، والتي سجلت نسبة 4.9%. ولتجنب دخول الولاياتالمتحدة في حالة من الركود، وافقت اللجنة المالية في مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 14 صوتاً مقابل 7 أصوات على حزمة تحفيز اقتصادي يضخ ما يقرب من 200 مليار دولار في الاقتصاد خلال عامين. يأتي هذا بعد أن خفض المصرف المركزي الأمريكي الفائدة بصورة جوهرية، معلنا للمرة الثانية خلال ثمانيةأيام عن خفض كبير بلغ 0.5%. وفي ألمانيا، أعلنت البنوك الخاصة موافقتها على تمويل ثلث تكاليف خطة إنقاذ بنك AKB المتعثر. وكانت الحكومة الألمانية قد كثفت جهودها لإنقاذ البنك بدفع مليار يورو (أي 1.45 مليار دولار) من إجمالي تكاليف خطة الإنقاذ التي تصل إلى 1.5 مليار يورو حتى لا ينهار البنك الذي تعرض لخسائر قيمتها 11.5 مليار يورو (أي 16.7مليار دولار) بسبب أزمة قروض التمويل العقاري عالية المخاطر في الولاياتالمتحدة. وعلى الصعيد العربي، شهد قطاع التمويل العقاري بالخليج نموا خلال السنوات القليلة الماضية مدعوما بنمو قوي في إجمالي الناتج المحلي بلغ في الإمارات العربية المتحدة نسبة 9%، مع توقع نمو سوق التمويل العقاري ليصل إلى 38 مليار دولار خلال الأعوام القادمة ما يبشر بالمزيد من التنمية للقطاع. بينما أكدت دراسة حديثة أن مصر تمر بحالة نمو اقتصادي سريع يتصدره التمويل العقاري، مشيرة إلى أن حجم القروض التي منحت للتمويل العقاري تعادل أقل من 1% من إجمالي الدخل القومي بالمقارنة مع الأسواق الأخرى. ويتمثل الأثر الإيجابي الأكثر وضوحا للتمويل العقاري في صندوق دعم وضمان التمويل العقاري الذي يقدم منحة نقدية فورية لمشتري الوحدة ويغطي هذا الدعم 15% من ثمن الوحدة علاوة على التأمين المدفوع للمقرض الذي يغطي 3 أشهر.