إجتذب النمو المذهل لامارة دبي مئات الموظفين والعمال والاف الاجانب خلال السنوات الاخيرة, الا ان تداعيات الازمة المالية العالمية حطم حلم الكثيرين منهم مع بدء شركات عمليات تسريح لموظفيها. وتسبب النمو المتسارع للمدينة بقيادة قطاع العقارات في توافد كثيف للاجانب الذين قدموا الى دبي بحثا عن الرواتب المرتفعة والغياب شبه التام للضرائب. ويشكل الوافدون اكثر من 85% من سكان دبي الذين يقدر عددهم باكثر من مليون ونصف المليون نسمة، وبحسب ارقام شبه رسمية بلغ عدد سكان الامارات في نهاية 2007 حوالى 6.4 ملايين نسمة، بينهم 5.5 ملايين اجنبي (منهم ثلاثة ملايين عامل). وبما ان تأشيرة الاقامة في الامارات العربية المتحدة مرتبطة بعقد العمل، فان مجرد التسريح من الوظيفة يعني انه على الوافد مغادرة البلاد مع عائلته في غضون شهر، ما لم يجد عملا جديدا وكفيلا جديدا يتيحان له الحصول على اذن جديد بالاقامة. كما انه على اصحاب العمل ابلاغ المصارف بتسريح اي موظف لكي يقوم هذا الاخير بتسديد ديونه كلها قبل مغادرة البلاد، اما المسرحون الذين استثمروا اموالهم في العقارات فهم يواجهون خطر خسارة استثماراتهم تماما. لذلك كانت عمليات التسريح التى شهدتها الامارة مؤخرا قاسية وسريعة بشكل لم يتوقعه ولم يحسب لها احد حساب. وهو ما شعر به احد موظفي شركة نخيل العقارية الذي تم تسريحه مؤخرا وقال "لقد حدث ذلك بسرعة"، وتساءل "ماذا سيحل باستثماراتنا وكيف سنتمكن من دفع استحقاقات الدفعات المقبلة". وكانت الشركة أعلنت في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2008 تسريح 500 من موظفيها، اي 15% من اجمالي العمالة لديها. واسم شركة نخيل - المملوكة لامارة دبي- مرتبط بمشاريع عمرانية من الاضخم والاشهر في دبي، مثل جزر النخيل الاصطناعية في مياه الخليج وارخبيل "العالم" الذي يعيد تشكيل خارطة العالم بجزر اصطناعية في عرض البحر. وكانت نخيل اطلقت في اكتوبر/تشرين الاول2008 مشروعا لبناء برج يتجاوز ارتفاعه الف متر بكلفة 38 مليار دولار ويكون الاطول في العالم اذا ما بني، ويتجاوز "برج دبي" التي تبنيه شركة اعمار العقارية الاماراتية. ولم تكن نخيل الشركة الوحيدة التي سرحت موظفين، فشركة "داماك العقارية"التي تعد اكبر مطور عقاري خاص في دبي اقدمت على تسريح 200 من موظفيها، اي 2.5% من اجمالي كوادرها. وقال رئيس مجلس ادارة "داماك" حسين سجواني في ديسمبر/كانون الاول 2008 "كانت مبيعاتنا تتضاعف من سنة الى سنة، الا ان الوضع تغير حاليا، اذا ما تدهورت اوضاع السوق اكثر فاننا سنضطر الى تسريح المزيد من الموظفين. اما شركة "اعمار العقارية" -التي تسيطر امارة دبي على غالبية اسهمها- فقد اعلنت مؤخرا انها ستعيد النظر في سياسات التوظيف الخاصة بها، فيما اشارت تقارير في الصحف المحلية الى ان العملاق العقاري سرح 100 موظف. اما شركة "الشعفار للمقاولات" فقد كشفت عن نيتها تسريح حتى الف عامل اذ ان عقودها انخفضت بمقدار 816 مليون دولار منذ سبتمبر/ايلول 2008. وبعد سنين من الطلب المرتفع على العقار، تباطأت السوق العقارية بشكل ملحوظ في دبي مع خروج المضاربين من السوق وتشديد شروط التمويل العقاري الامر الذي اثر بقوة على المشاريع المزمع تشييدها في دبي وعلى قدرة الناس على شراء العقارات. وكانت الشقق والمنازل تباع في دبي طوال سنوات وكانها سلع استهلاكية بسيطة، كما اتاح الارتفاع الكبير في الاسعار للكثيرين تحقيق ثروات بسرعة. (أ ف ب)