المصرى اليوم 14/ 12/ 2008 هل تأملتم وجوه الصبية التى نشرتها الصحف - خاصة صحيفة «الدستور» - الذين كانوا يتحرشون بالفتيات فى شوارع المهندسين أول أيام العيد؟! لم يكونوا شبانا قتلتهم البطالة ودمرت نفوسهم بعد أن تقدم بهم العمر دون زواج، فأصبح المتنفس الوحيد أمامهم لتفريغ كبتهم الجنسى، أو التمرد على المجتمع، هو التحرش بالبنات فى الشوارع. الوجوه المصورة المطاردة للفتيات الصغيرات والكبيرات، لصبية صغار، غادروا سنى الطفولة بشهور قليلة.. فى مثل هذه المرحلة السنية. كان الصغار قديماً يخجلون ويتوارون وهم يتلمسون أولى خطوات نضجهم الجنسى، خلف كتاب رخيص، أو أحاديث ساذجة حول درس التشريح فى المرحلة الإعدادية، أو بممارسات ممنوعة تشعرهم بسعادة مؤقتة، وتتبدل إلى إحساس عميق بالذنب والمعصية. أما الآن، فقد خرج الصغار إلى الشارع يطاردون البنات دون خوف من شرطى أو من كبير عابر، ولا حتى من عقوبة قضائية مغلظة ألمت باثنين من المتحرشين. هل يمكن القول إن السبب فى ذلك هو سوء التربية فى البيوت؟ أرد عليكم بأن ما بين يدى من حكايات ومآسٍ، تؤكد أن البيت وحده لم يعد يربى، أعرف بيوتا محترمة لآباء وأمهات متدينين وأحياناً دعاة، يُحفظون أولادهم القرآن أو يذهبون بهم إلى الكنيسة، ويشركونهم فى أنشطة رياضية تستنزف طاقاتهم، ومع ذلك يكتشفون تصرفات شائنة لأبنائهم الصغار، عبر النت أو الموبايل، أو بتدخين السجائر أو المخدرات. ولا نستطيع أن نلقى بالمسؤولية على المدرسة، ففى إحدى المدارس الخاصة قرر مديرها تفتيش تلاميذ المرحلة الإعدادية، فاكتشف أن نسبة كبيرة من التلاميذ تدخن السجائر، ونسبة أقل تحتفظ بلفائف البانجو، وعندما استدعى أولياء أمورهم، اتهموا المدرسة بالتسيب والافتئات على الصغار ونقلوهم إلى مدرسة أخرى. لا أريد أن أتحدث عن الكليبات والعرى، لأن فى مواجهتها لدينا الآن داعية إسلامياً لكل مواطن بلا أى فائدة. أتحدث إليكم وصورة أطفالى الذين دخلوا هذه المرحلة السنية أمام عينى، فابنى الأكبر يشكو إلىَّ من أن زملاءه يتهمونه بأنه صغير لأنه لا يدخن مثلهم.. قلبى ينقبض وأحاول أن أمسك به، أحافظ عليه، أحميه، ولكنى خائف، أحس بالفزع عليه، وعلى أجيال تمثل المستقبل.. مستقبل مصر فى العشرين عاماً المقبلة يُضرب، يدمر، يخرب، يشرب السجائر والمخدرات ويشاهد الأفلام المخلة، غير منتمٍ، لا يعرف معنى الوطن، لا يخاف الله، وليس لديه رمز ولا قيمة، فكل شىء اهتز أمام عينيه. صدقونى، أبناؤنا فى خطر، مستقبلنا فى خطر.. فهل يمكننا إنقاذه بخطوات عملية، وليس بكلمات جوفاء لم تعد تؤتى ثمارا مع هذا الجيل الذى يضيع أمام عيوننا؟!