يري العديد من المشرعين والمحللين والدبلوماسيين ان الانقسامات داخل الاسرة الحاكمة في الكويت تعمق الأزمة السياسية التي شلت السلطة التشريعية وهددت الاصلاحات الاقتصادية في هذه الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك). ففي نوفمبر /تشريت الثاني الماضي استقالت الحكومة بعد أن اتخذ نواب بالبرلمان إجراء لاستجواب رئيس الوزراء وهو عضو بارز في الاسرة الحاكمة بشأن اتهامات بسوء الادارة والسماح بزيارة رجل دين شيعي للدولة السنية. ويقول فيصل المسلم عضو البرلمان "الأزمة السياسية في الكويت من الصعب ارجاعها لعامل واحد لكن لا شك ان الصراع الداخلي في الاسرة الحاكمة والخلافات فيما بين افرادها من أهم أسبابها". وعبر أعضاء اخرون بالبرلمان طلبوا عدم نشر اسمائهم عن الفكرة نفسه. وكثيرا ما تنشر الصحف الكويتية ان افرادا من الاسرة الحاكمة اقنعوا أعضاء في البرلمان بانتقاد وزراء من أجل اضعاف الحكومة وتعزيز نفوذهم. ويؤكد عضو البرلمان الليبرالي علي الرشيد "هناك تدخل من جانب بعض أفراد الاسرة الحاكمة لاثارة المشاكل لرئيس الوزراء." واتفق دبلوماسي غربي بارز كثيرا ما يتحدث مع أفراد الاسرة الحاكمة على ذلك وقال "نسمع مرارا وتكرارا من أفراد اسرة الصباح أن بعضهم يحاول استخدام النواب لاثارة المشاكل اذ انهم يرغبون في تولي مناصب كبيرة في البلاد." وهذه المواجهة هي الاحدث في سلسلة من الخلافات بين البرلمان والحكومة والتي أدت كثيرا في الماضي الى استقالة وزراء واعادة تشكيل الحكومة وحل أو حتى تعليق البرلمان. ويوم الاثنين الماضي قال رئيس مجلس الامة الكويتي جاسم الخرافي ان أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قبل استقالة الحكومة وأعاد تعيين ابن أخيه الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيسا للوزراء. وتهدد الخلافات السياسية المتكررة الاصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها مثل اقامة هيئة للرقابة على البورصة التي فقدت أكثر من 30% من قيمتها هذا العام. وتزايدت اهمية مثل هذه الاصلاحات مع تفاقم الازمة المالية العالمية التي اضطرت الحكومة بالفعل الى التدخل لانقاذ واحد من أكبر بنوك الكويت. وحل حكام الكويت البرلمان خمس مرات منذ تأسيسه في أوائل الستينات وعلقوه في عام 1976 وعام 1986 لعدة سنوات لانهاء أزمات في البلاد، وحل الامير البرلمان في مارس/اذار الماضي ودعا لانتخابات جديدة في مايو/ايار لكن التوترات ظهرت من جديد. وظهرت الانقسامات داخل الاسرة الحاكمة التي تتولى المناصب الوزارية الرئيسي مثل الدفاع والداخلية والخارجية في عام 2006 عندما اضطر الشيخ الراحل سعد العبدالله الصباح للتخلي عن منصبه كأمير للبلاد بعد نحو أسبوع من توليه السلطة. والتزاما بالدستور وتقاليد الاسرة عينت الاسرة الحاكمة الشيخ سعد حاكما للبلاد على الرغم من تدهور حالته الصحية، وترك منصبه تحت ضغوط من بعض أفراد الاسرة وأعضاء البرلمان. وبتعيين الامير الحالي الشيخ صباح أخلت الاسرة بتقليد متبع منذ فترة طويلة وهو تناوب الحكم بين الفرعين الرئيسيين للعائلة وهما السالم والجابر. وقال دبلوماسي غربي اخر "سمعت مرتين من مصادر على صلة بالصباح أن بعض أفراد العائلة اقنعوا أعضاء في البرلمان بتقديم استجوابات تقود الى حل البرلمان." ويقول اخرون أن بعض الاستياء قد ينتج عن حقيقة أن جناح ال سالم ممثل الان في منصب واحد هو وزير الخارجية. وقال المحلل السياسي علي البغلي وهو وزير نفط سابق "الأسرة الحاكمة غير موحدة." وعين الشيخ صباح أخيه الشيخ نواف الأحمد الصباح وليا للعهد وابن اخيه الشيخ ناصر رئيسا للوزراء وهو ما يعني أن أكبر ثلاثة مسئولين في أسرة الصباح الآن يأتون من فرع الجابر. ويقول المحلل شفيق الغبرة ان هناك بعض الخلافات داخل النخبة السياسية ونخبة رجال الاعمال بشأن ما اذا كانت الكويت يجب ان تفتح أسواقها وتصبح مركزا تجاريا كبيرا مثل دبي أم تتبنى أسلوبا أكثر تحفظا، ويضيف الغبرة الذي يرأس الجامعة الأمريكية في الكويت "هناك أراء متباينة بشأن ما يتعين عمله." والنواب الاسلاميون ومن البدو الذين احكموا قبضتهم على البرلمان في انتخابات مايو الماضي كثيرا ما يتخذون اجراءات لتعزيز قيم الاسلام في التعليم وعطلوا خطط الحكومة للتنقيب في بعض حقول النفط الشمالية فيما يرجع جزئيا الى اعتراض البعض على مشاركة شركات غربية. (رويترز)