جريمة النصب والاحتيال الالكتروني ليست مثل سواها من جرائم النصب والاحتيال فهذه الجريمة التي تهدف إلى سرقة معلومات مستخدمي الإنترنت والحاسب الآلي الخاصة مثل أرقام بطاقات الائتمان وأرقام الضمان الاجتماعي وكلمات السر وغيرها تؤدي إلى خسائر بالمليارات وذلك بحسب دراسة أعدتها جمعية منتجي برامج الكمبيوتر التجارية العالمية، التي كشفت من خلالها أن معدلات القرصنة الإلكترونية سجلت العام الماضي أعلى زيادة لها خلال الأعوام الأخيرة لتصل إلى 38 %، مسببة خسائر تجاوزت 48 مليار دولار، منها 964 مليون دولار في الدول العربية، و400 مليون دولار في دول مجلس التعاون الخليجي. الدكتور فادي العلول أستاذ هندسة الكمبيوتر في الجامعة الأميركية بالشارقة شدد على خطورة القرصنة على أجهزة الحواسيب الشخصية، ومدى الخسائر التي تلحقها بالاقتصاد، وبالشركات والأفراد المستخدمين لأجهزة الحاسوب والانترنت، مشيرا إلى أن خسائرها تتجاوز تجارة المخدرات عبر العالم، حسب إحصائيات صندوق النقد الدولي، وانه تم اكتشاف 6500 برنامج تجسس فريد خلال عام 2008، متخصصة في سرقة كلمة السر. وأرجع العلول ارتفاع خطر القرصنة في الإمارات إلى زيادة عدد مستخدمي الشبكة في المنطقة، وجهل الكثير منهم بطرق الحماية ضد هذه القرصنة، وقال إنه من الضروري على مستخدمي الشبكة تعلم طرق بسيطة لحماية أنفسهم، خاصة وأن قراصنة الإنترنت يتبعون أساليب بسيطة وسهلة تمكنهم من الحصول على المعلومات الخاصة. وأضاف بأن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن عمليات اختراق الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط ارتفعت بأكثر من 21 % في يونيو الماضي،حيث سجل عدد مستخدمي الشبكة زيادة وصلت نسبتها إلى حوالي 1177% خلال السنوات الثماني الماضية. ومؤخرا شهدت الإمارات عددا من عمليات القرصنة والتي حدت بعدد كبير من البنوك إلى تشديد احتياطاتها الأمنية لحماية عملائها، كما قامت هيئة تنظيم الاتصالات في الدولة مؤخرا بإغلاق صفحة على الإنترنت لوكالة توظيف وهمية متصلة بالصفحات الإلكترونية لوزارة العمل ووزارة التربية والتعليم وإدارة الجنسية والإقامة في دبي.وأشار الدكتور علول إلى أن قراصنة الإنترنت يصممون صفحات على الإنترنت مطابقة لصفحات إلكترونية لشركات معروفة كبيرة، مثل: المؤسسات المالية، والبنوك، وغيرها، مع تطابق كبير في العنوان الإلكتروني لهذه المؤسسات والشركات. ويؤكد أستاذ هندسة الكمبيوتر في الجامعة الأميركية بالشارقة أن عمل صفحة وهمية على الإنترنت هو أمر هين، حيث يمكن لقراصنة الإنترنت أن يشتروا عنوانا إلكترونيا مماثلا لحد كبير للعنوان الإلكتروني للمؤسسة أو الشركة التي يريدون خداع عملائها. وأضاف أن قراصنة الإنترنت يقومون بشراء العنوان الإلكتروني بواسطة بطاقة ائتمان مسروقة للتخلص من أي دليل يمكن أن يربطهم بالصفحة الوهمية، وبعد بناء الصفحة الإلكترونية الوهمية، يقوم القراصنة ببث رسائل إلكترونية لمستخدمي الإنترنت ثم يجلسون في انتظار معلوماتهم. وحذر الدكتور علول من الوثوق بأية رسائل الكترونية تطلب معلومات شخصية عن المستخدم، ونصح بتحميل برامج محاربة القرصنة التي يمكن الحصول عليها مجانا من الإنترنت. كما حذر من وضع أية معلومات شخصية يمكن لقراصنة الإنترنت الوصول إليها في المنتديات الاجتماعية الإلكترونية على الإنترنت مثل ئفكمقًُُ وح؟ سِفكم وغيرها. من جهته قال حسان سمير الشيخ مدير إحدى شركات الانترنت وتطوير الخدمات الالكترونية أن قراصنة الانترنت «الهاكرز» يستخدمون أحدث طرق وتقنيات الاحتيال، حيث يقوم القرصان بتصميم نسخة شبيهة تماماً لمواقع المصرف مثلا، وهذا في حد ذاته أكبر خدعة توهم المتعامل بأن هذا الموقع هو الموقع الحقيقي لمصرفه، تجعله يقوم بكل بساطة بإرسال بياناته المصرفية وجميع تفاصيل حساباته وأرقامه السرية، مشيرا إلى أن دوافع الأشخاص وموهبتهم عززت حاجتهم لتعلم كل جديد عن وسائل الأمان لخلق منافذ وبالتالي الحصول على هذه المعلومات. وأضاف الشيخ أن كثيراً من خبراء القرصنة يلجأون للبحث عن ثغرات يمكنهم من خلالها الحصول على شفرات معلوماتية والتي ترجع عادة إما لأخطاء برمجية أو في طرق تصحيح برنامج ما، مشيرا إلى أن بعض الشركات بدأت في البحث عن الثغرات ومعالجتها وحاولت كشفها قبل استخدامها وان شركات الحلول الأمنية أصبحت تلجأ لوضع مصائد على الشبكة للحيلولة دون حدوث الاختراق، مشيدا في هذا الصدد بإجراءات شرطة دبي لمكافحة الجرائم الالكترونية والقرصنة واعتبرها خطوة متقدمة للحماية وتحقيق الأمن. وقال جوني كرم مدير مبيعات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة سيمانتك لحلول أمن وحماية الشركات، إن القرصنة باتت تشكل ظاهرة منظمة تهدد الكيانات الاقتصادية الكبرى خاصة في منطقة الخليج التي تحظى بثروات ضخمة، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تفاقمت خلال الفترة الأخيرة بمعدل نمو 40 إلى 50% مقارنة بالأعوام السبعة الماضية وهو مؤشر خطير فرض استنفاراً من قبل شركات الحماية خاصة تلك التي تقدم حلولاً للبنوك وقطاع الخدمات المالية. وأكد أن سيمانتك اتخذت الخطوات اللازمة لتحجيم المشكلة حيث تمتلك نحو 40 ألف وحدة رصد لعمليات القرصنة على مواقع الانترنت وأجهزة خوادم الشركات الكبرى على مستوى العالم، وعرض كرم لبعض من أساليب القرصنة التي تتعرض لها المؤسسات والأفراد. مشيراً إلى أن أحدثها يتم عن طريق الاتصال بالمستخدم ومحاولة إقناعه بحصوله على مبلغ كبير من المال، وطلب رقم حسابه لتحويل المبلغ، أو قد يكون عن طريق إنشاء موقع وهمي على شبكة الانترنت يشابه المواقع الحكومية الموثوق بها ومحاولة استقطاب لشراء سلع وهمية بحيث يقوم بتسجيل بيانات بطاقة الائتمان والحساب البنكي على الموقع الوهمي فيقوم القراصنة باستخدامها بعد ذلك السطو على حساب العميل في البنك. ويرى كرم أن مكافحة الظاهرة يأتي عبر طريقين أساسيين، الأول بالوعي ولخطورة وحجم المشكلة وإقناع الشركات بالحرص على دوام تحديث أنظمة الحماية لديها وتغيير كلمات السر، والثاني بوجوب الحرص على إجراء تقييم شامل لبرمجيات شركات الحماية، بحيث تلبي احتياجات عملائها خاصة الخدمات المالية. فريق لمراقبة أعداد الهجمات الالكترونية في الدولة أفاد مصدر رسمي من هيئة تنظيم الاتصالات بأن الهيئة قامت باتخاذ خطوة استباقية من خلال تأسيسها للفريق الوطني للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي كمركز لتنسيق شؤون أمن الفضاء الإلكتروني بالدولة بحيث يهدف إلى القيام بتسهيل الكشف والاستجابة ومنع مجموعة أوسع من حوادث أمن الفضاء الإلكتروني بالإنترنت، كما يعمل الفريق على بناء ثقافة إلكترونية آمنة لمستخدمي الإنترنت بدولة الإمارات من خلال إطلاقه للحملة الوطنية للتوعية بمجال أمن الفضاء الإلكتروني. وأضافت المصادر أن الفريق يقوم بمراقبة أعداد الهجمات الإلكترونية والفيروسات التي تستخدمها لخرق دفاعات شبكة الإنترنت من خلال الشاشة الوطنية لعرض ومراقبة المخاطر الإلكترونية، بالإضافة إلى تأمين نقطة تواصل مركزية تحظى بالثقة لرفع التقارير المتعلقة بحوادث أمن الفضاء الإلكتروني في الدولة،. ولعب دور محوري في التنسيق مع فرق الأبحاث المشابهة والمنظمات ذات العلاقة محلياً ودولياً كعضو فعال في منظمات ومنتديات معترف بها عالمياً؛ حيث يقوم الفريق بإعداد الإحصائيات عن عدد عمليات القرصنة التي تتعرض لها شبكة الإنترنت لعملائه سنوياً، ولكن وحيث أن هذه الشاشة والقسم التابع لها بالفريق الذي هو قسم الاستجابة والمراقبة لم يتعد العام منذ تأسيسه، فلا توجد إحصائيات حتى الآن وسنقوم بإعلان الأرقام في حينه. وفيما يتعلق بأهم المؤسسات التي عادة ما تتعرض لخطر القرصنة أفادت الهيئة بأنه وحسب قسم البحوث والتحاليل بالفريق فإن عمليات القرصنة تتناول المؤسسات المالية والاقتصادية والصناعية والسياسية والعسكرية، وتتكاثر الهجمات على قطاع معين من هذه القطاعات على حسب الأوضاع، مثلاً خلال الأزمة المالية العالمية مؤخراً، كثرت الهجمات على المؤسسات التي تتعاطى شؤون المال والنقد والتحويلات والاستثمار. عموماً، تكثر حالات الاستهداف في عطلة نهاية الأسبوع والعطل الرسمية باعتبار أن المكاتب والشركات تعتبر من دون رقيب على شبكتها الإلكترونية؛ كما تكثر بمرحلة تطوير المؤسسات لبنيتها التحتية التكنولوجية حيث تكون هذه البنية التحتية في المرحلة الانتقالية ومعرضة للخروقات. وأشارت الهيئة إلى وجود موقع الفريق الوطني للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي بإمكان الأفراد من خلاله الاطلاع على جميع نصائح ومراحل الحملة الوطنية للتوعية بمجال أمن الفضاء الإلكتروني وباللغتين العربية والإنجليزية. وتتراوح هذه النصائح والإرشادات من كيفية حماية الحاسب الآلي الشخصي إلى أفضل الوسائل لحماية الشبكة الإلكترونية لمؤسسة ما. كما بمقدور المؤسسات والشركات الاشتراك مجاناً بخدمة الفريق بحيث يصلها بشكل يومي آخر الإحصاءات عن مخاطر القرصنة والفيروسات الحديثة التي تستهدفهم وعن أفضل السبل لمواجهتها.