لا يزال للكتاب زهوته تحقيق: إيمان التوني جذبت الدراما التلفزيونية والخيام الرمضانية في القاهرة الشباب والشيوخ من السعي لشراء ما كان يوصف بأنه خير جليس وهو الكتاب، وظهر عدد قليل على استحياء في المكتبات وتركزت المشتريات المحدودة على الكتب الدينية والمصاحف وبعض كتب الطبخ. وسجل كتاب "مطبخ منال العالم" مبيعات جيدة رغم سعره المرتفع الذي بلغ 300 جنيه مصري (قرابة 57 دولاراً). وفي إحدى مكتبات دار المعارف قال الموظف المسؤول أشرف محمد حسين إن الكتب الأكثر مبيعا في شهر رمضان هي الكتب الدينية والمصاحف، مشيرا إلى أنه خلال النصف الأول من رمضان حققت المصاحف مبيعات عالية جدا بالإضافة إلى الكتب الدينية التي تتناول أحكام الصيام وفضائل شهر رمضان. وأضاف أن الدار تقدم خصما في رمضان على الكتب الدينية كلها ما يشجع أكثر على الإقبال على هذه النوعية من الكتب التي تتراوح سعرها بين جنيهين و40 جنيها. وأوضح موظف دار المعارف أن الإقبال أيضا يزداد خلال شهر رمضان على الاسطوانات (C D) الدينية الخاصة بالقرآن الكريم والسنة النبوية مثل "كيف تجويد القرآن" و"صحيح البخاري"، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن نسبة الإقبال على شراء الكتب تفوق الإقبال على ال (C D). وأما كتب الطهي – والتي يزداد انتشارها في رمضان – فتعاني من الكساد والعزوف عن شرائها، بسبب ما تقدمه قنوات التليفزيون الأرضية والفضائية على شاشاتها المختلفة من برامج للطهي والمطبخ وإعداد المائدة، ما أثر سلبا على كتب الطهي وأصبح الإقبال عليها ضعيفا جدا. كما أكد أشرف حسين أن شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) كان لها تأثير سلبي أيضا على حركة مبيعات الكتب بأنواعها كافة، حيث إن كثيرا من الشباب يفتقد الصبر ويكسل عن اللف والبحث عن كتاب ما في مختلف المكتبات حتى يجده ومن ثم عن قراءته كي يتوصل إلى ما يريده من معلومات، بينما يمكن أن يصل إلى تلك المعلومة بالبحث عن طريق الإنترنت مجانا – خاصة مع ارتفاع أسعار العديد من الكتب – وكانت المفاجأة بأن المكتبة خالية تماما من المشترين والراغبين في الاطلاع والمعرفة. وفي مكتبة دار الفكر العربي – التي لم يختلف فيها المشهد عن سابقتها - اتفق مدير المكتبة مصطفى محمد عبد العظيم مع الرأي السابق، حيث أشار أيضا إلى أن الإقبال خلال شهر رمضان يزداد على الكتب الدينية والمصاحف، بينما يقل الإقبال على كتب الطهي بسبب برامج التليفزيون. وقال إن الكتب الدينية الأكثر مبيعا خلال رمضان 2008 هي لكتاب وعلماء ومشايخ مصريين، وإن الإقبال عليها من فئة الشباب، موضحا أن أسعار الكتب الدينية تبدأ من 5 جنيهات وتصل إلى ألف جنيه، ولم تخضع لأي خصم في رمضان. لكنه خالف الرأي القائل بأن الإنترنت أثر سلبا على الكتاب مؤكدا أن حركة بيع الكتب لم تتأثر، وأرجع تراجع المبيعات في رمضان إلى الالتزامات المادية والأعباء المالية على الناس نظرا لبدء العام الدراسي ومصاريف العيد. الفتيات الأكثر إقبالا على الشراء وفي إحدى مكتبات دار الشروق بدا الحال أفضل نوعا ما حيث وجد بها بعض المقبلين على شراء الكتب وإن كان عددهم قليل جدا ومعظمهم من الفتيات. وعن حركة البيع والكتب الأكثر مبيعا في رمضان، قال مدير تزويد المكتبات مصطفى الفرماوي إن حركة البيع ونسبة الإقبال على الشراء تقل خلال هذا الشهر، لكنه أكد أن النسبة الأعلى من البيع هي من نصيب الكتب الدينية والمصاحف، يليها كتب الطهي لأن المطبخ يستحوذ على اهتمام معظم النساء خاصة خلال هذا الشهر الكريم. واختلافا مع الرأي السابق، أشار إلى أن برامج التليفزيون لم تؤثر سلبا على كتب الطهي بل العكس، فمقدمي هذه البرامج هم أنفسهم أصحاب الكتب المنتشرة في السوق ويروجون لها في برامجهم. ومنهم الشيف أسامة وكتابه بسعر 120 جنيها، والشيف رمزي وكتابه بسعر 170 جنيها، ومنال العالم وكتابها هو الأغلى فهو بسعر 300 جنيه ورغم ذلك هو الكتاب الأكثر مبيعا والرائج خلال رمضان 2008. وأوضح أن التأثير السلبي لبرامج التليفزيون كان في زمن مضى حيث لم يكن في السوق حينئذ غير كتابي "أبلة نظيرة" و"دليل الأسرة" ووقتها سحبت برامج التليفزيون البساط من الكتاب، أما الآن فالوضع مختلف وكل امرأة تريد أن تطهو وأمامها الوصفة من الكتاب تأخذه معها وقت ما تشاء وأين ما تشاء، ولا تريد أن تسارع بكتابة المقادير والوصفة من التليفزيون وإنما تركز في المتابعة والمشاهدة ثم تأتي بالتفاصيل من الكتاب. ونظرا لهذا الإقبال أصدرت دار الشروق سلسلة كتب معنية بالطهي والرجيم من ثلاثة أجزاء ولاقت إقبالا كبيرا حيث أصدرت الطبعة الرابعة لها. ويرجع الفرماوي هذا الإقبال لكونها سلسلة قصيرة وسهلة وتخاطب البيت المصري أكثر من كتب خبراء الطهي غير المصريين، إضافة إلى سعرها المناسب مقارنة بما سبق ذكره حيث تتراوح بين 30 و50 جنيه. أما عن الكتب الدينية والمصاحف، قال إن هناك محاولات مستمرة بألا ترتفع أسعارها. وأضاف أن الدار حرصت على إصدار مصحف التجويد - الذي يحظى بخصم في رمضان - وهو المصحف المعلم لأحكام وقواعد التجويد من خلال ألوان حروف المد والإدغام المشروحة أسفل الصفحة، حتى يتمكن القارئ من القراءة الصحيحة للقرآن الكريم بدون مصاحبة شيخ له يعلمه التلاوة. وأكد أن الإقبال على شراء الكتب الدينية - بصفة خاصة – يزداد أكثر من قبل الفتيات اللاتي يحرصن على الالتزام في رمضان، ويكون الإقبال على كتب العلماء الجدد من الشباب مثل عمرو خالد وغيره من الدعاة الذين يخاطبون الشباب بلغتهم. لا يزال للكتاب زهوته ورغم اعترافه بأن بعض الكتب – خاصة غالية الثمن – تتأثر أحيانا بشكل سلبي نتيجة لانتشار استخدام الإنترنت بين الشباب وما يتيحه من فرصة لتحميل الكتاب مجانا، لكنه أكد أن كثيرا من الشباب يريد الكتاب معه في أي مكان، ومنهم من يقرأه عن طريق النت فيعجبه فيقرر شراءه كي يقتنيه في مكتبته. وفي الشارع كثيرا ما نلاحظ الكتاب في أيدي الشباب وهم في المترو مثلا، فهم دائما في حاجة إلى أن يكون الكتاب معهم ممسكين به في طريقهم أو متنزهاتهم أوغير ذلك، فلا يزال للكتاب زهوته. أما الأطفال فهم من الفئات المقبلة على شراء الكتب بشكل ملحوظ، ما دعا دار الشروق لإصدار سلسلة كتب خاصة لهم منها "حياة محمد" وهي من 20 قصة كتبها عبد التواب يوسف وحازت على جائزة "الآفاق الجديدة" وهي جائزة عالمية، حيث تفوقت على أكثر من 20 ناشرا على مستوى العالم. وكذلك سلسلة "أجمل الحكايات الشعبية" والتي نالت أيضا جائزة "الآفاق" العالمية. وكلها تشهد إقبالا كبيرا من قبل الأطفال خلال شهر رمضان. وفي النهاية يبقى الكتاب هو خير جليس وأفضل صديق في كل زمان ومكان.