اصبح شعار وكالات الاعلانات "ياعزيزي كلنا لصوص" بعد ان دخلوا في سباق للفوز بدوري الغش الاعلاني ولامجال هنا لفترات الاعداد او مباراة نهائية لان المسابقة مفتوحة بدون قيد أو شرط وفي غياب كافة الضوابط الاخلاقية. وسوء التنظيم أزمة المجتمع العربي لكنها كارثة في مجال الاعلان ويجب ان نعترف بذلك لكي نبدأ في ايجاد الحلول فالمشكلة لاتكمن في عدم قدرتنا علي التنظيم بل بعدم وجود ارادة للبدء في التغيير الايجابي. حيث ان بعض الاطراف لاتزال تستفيد من حالة الفوضي الحالية. ومع غياب دور حقيقي للاجهزة الحكومية وتفشي الفساد الاداري بين جدرانها حيث يمكن الحصول علي كافة التراخيص التي تحتاجها حتي وان لم تتوفر المصوغات المطلوبة لها عبر سياسة "الاكراميات". والسبب الرئيسي في غياب هذا الدور هو جهل المسئولين عن هذه الاجهزة بفلسفة حماية حقوق المواطن التي هي في النهاية حجر الزاوية في حماية نظام الدولة. فالمطلوب من اجهزة الحكومات العربية من المحيط الي الخليج ان تعمل علي حماية صحة المواطنين. ووقايتهم من التضليل الاعلاني والمساهمة في الوعي الاستهلاكي للشعوب. فجمعيات ومؤسسات حماية المستهلك لن يكون لها تأثير حقيقي دون تعاون فعال من قبل مسئولي الجهات الحكومية المعنية. وخصوصا في منطقة الوطن العربي التي تحتاج الي قرار سياسي حاسم اذا ارادت ان تحقق انجازا ما. ان الترويج للسلعة او الخدمة أو المنتج. هي مسألة حاسمة بالنسبة للشركات. نظرا للأهمية التي يلعبها الاعلان في توجيه المواطن نحو اتخاذ قرار بشرائها أو الاستفادة منها. ولكن من حق المستهلك ان يحصل علي هذه الخدمة او السلعة دون ان تسبب ضررا بصحته أو بأمواله وبالتالي. فإننا نتحدث هنا عن الاعلان الجشع او المضلل الذي يقوم بالترويج لسلعة معينة أو خدمة معينة. ولكن بمعلومات كاذبة أو مضللة يتم من خلالها خداع المستهلك. الغش في جلباب الاعلانات ومع انتشار الصحف الخاصة والفضائيات التي يصل عددها الي المئات اصبحت كمية الاعلانات التي يتعرض لها المواطن يوميا تفوق التصور لكن الصدمة الحقيقية ليس في ذلك التوسع الاعلاني ولكن في نسبة الاعلانات المضللة التي لاتجد لها رادعا. ومع هذا الزخم الاعلاني بدأت دول عربية تبحث عن سبل كبح جماح هذا الغش الاعلاني المستعر وطالب عضو لجنة الغش التجاري بغرفة الرياض خلف الشمري بسن قوانين تشريعية لضبط الاعلانات التجارية التي تستهدف المستهلكين. وقال عضو لجنة الغش التجاري بغرفة الرياض ان تنشيط مبيعات المحلات التجارية في الاسواق المحلية بتخفيضات "مضللة" ايهام للمستهلك. لافتا الي ان بعض تجار التجزئة يستخدمون احدي استراتيجيات الترويج الرئيسية. وهي تنشيط المبيعات ويعتمدون علي عمل تخفيضات بكوبونات تقليل الاسعار في المسابقات وكذلك العينات المجانية والهدايا وهدف هذه الاستراتيجية هو تغيير سلوك المستهلك وقت الشراء وتحريك بيع السلعة علي المدي القريب وليس الطويل مشيرا الي ان هذا النوع من التسويق يحظي بشريحة كبيرة من المستهلكين الذين لديهم الرغبة والاستعداد بالشراء وقت التخفيضات. واضاف ان بعض تجار التجزئة والوكلاء يستغلون مساوئ سلوك المستهلك والتي من ابرزها عدم التخطيط المسبق للشراء بتحديد الانواع والكميات. وقلة الخبرة في تقدير الحاجة الفعلية للمشتريات. في ظل توفر العروض المغرية التي يطلقها التجار سواء من ناحية السعر أو حوافز الشراء. المعيار "السعري" و"الكمي" وأوضح ان الطبقة الوسطي ومادونها لايهمها اسم المنتج او نوعه بل يركزون علي سعره وكميته. ويشترون كميات تفوق الحاجة أحيانا. ويتسوقون بشكل متسرع من المحلات التي تقدم العروض والاسعار المناسبة ومن الاعلانات الخاصة بالمعروض. وفي الامارات أكد حميد القطامي وزير الصحة الاماراتي ان الوزارة خاطبت مجلس وزراء الصحة العرب في الجامعة العربية لوقف بث القنوات الفضائية المضللة التي تبث عبر القمرين الصناعيين عربسات ونايل سات نظرا لما تقوم به من الترويج لمشعوذين يبيعون خلطات شعبية يدعون فيها فعالية تلك الخلطات في علاج الامراض المزمنة والمستعصية علي حد سواء. واشار الي ان هذه القنوات تبث من خارج دولة الامارات عبر القمرين الصناعيين عربسات ونايل سات وبالتالي لابد من التحرك الجماعي لوقف بثهما لأن اخطارها لاتقتصر علي دولة الامارات فحسب بل تمتد لتشمل كافة الدول العربية والمتحدثين باللغة العربية في كافة دول العالم وبالتالي فإن الحل الامثل هو وقف بث هذه الفضائيات عبر القمرين الصناعيين. واعرب عن أمله في سرعة اتخاذ مثل هذا القرار خاصة بعد ان تحولت هذه القنوات الي مصدر للثراء السريع. مشيرا الي ان مضاعفات مثل هذه الشعوذات يتحملها المواطن والمقيم بشكل خاص ووزارات الصحة بشكل عام. ويمنع منعا باتا وطبقا للقانون الامارات. الاعلان عن الادوية العلاجية التي لاتصرف الا بموجب وصفة طبية استنادا للمادة رقم "92" من القانون الاتحادي رقم "4" لسنة 1983 بشأن مهنة الصيدلة والتي تنص علي انه لايجوز الاعلان أو الدعاية للجمهور عن طريق الصحف أو الاذاعة المسموعة او المرئية أو اصدار النشرات أو الكتيبات أو غيرها لأي دواء أو مستحضر طبي أو علاجي وكذلك أغذية الاطفال التي تحدد بقرار من الوزير. وقد حذرت وزارة الصحة كافة المواطنين والمقيمين علي أرض دولة الامارات العربية المتحدة من الاعلانات الخادعة والمضللة عبر وسائل الاعلام المختلفة وخاصة في الفضائيات. والتي تحاول ايهام الجمهور بالقدرة علي الشفاء التام من الامراض لاسيما الامراض المتعارف علي صعوبة الشفاء منها مثل الايدز والسرطان. وبعض الامراض النفسية. منعا للخلط بين النص التحريري والاعلاني وتؤكد التقارير الحقوقية ان الصحف تتجاهل الحدود الفاصلة بين النص التحريري وبين النص الاعلاني في الممارسة الصحفية. مايحدث تشويشا ولبسا لدي القارئ ويدفعه للتعامل مع المحتوي الاعلاني ذي الهدف الترويجي للسلع والخدمات علي انه نص "صحفي" استغلالا لميل عدد كبير من القراء لتصديق ماتنشره الصحف. ويقوم الكثيرون من الصحفيين بالاشراف علي صفحات اعلانية تحمل اسم صفحات متخصصة. تتضمن مادة دعائية علي أنها مادة تحريرية عن سلع او خدمات. خاصة في مجالات شديدة التأثير في القراء. مثل صفحات عن الصحة والعلاج بالاعشاب ومراكز التخسيس والتجميل. واخري عن سلع غذائية ومنتجات صناعية. وغيرها عن الاسكان والتصييف والسفر. باعتبار كل تلك المواد الاعلانية الدعائية. المدفوع اجر نشرها. سواء من وزارات حكومية او تجار ورجال اعمال. مواد تحريرية بذل الصحفي مجهودا في تحري الدقة بشأن سلامتها وسلامة ماتتضمنه سواء كان طعاما أو جهازا منزليا أو غيرها من السلع والخدمات. ولم تعد الصحف حتي تهتم بوضع كلمة موضوع تسجيلي علي الاعلان التحريري لتنبيه القارئ الي أن مصدر هذه المادة هو الشركات أو المؤسسة المتعلقة بها الموضوع. وفي النهاية اقول ان القضاء علي الغش الاعلاني لن يتحقق دون ان يساهم المواطن العربي نفسه لانه هو المتضرر الوحيد مما يحدث لان مجرد ترديد مطالبات بقوانين تسنها السلطات. دون وجود ثقافة سلوكية ينتهجها المواطن لحماية اسرته لن نجد حلا للمشكلة. وتبدو اهمية ذلك في ان هناك سلبيات واضحة في سلوك المستهلك العربي يجب التخلص منها. حتي في ظل وجود قوانين تحميه. فالمواطن العربي لا يكلف نفسه حتي بالابلاغ عن حالة غش تعرض لها بعد شرائه منتجا معينا.