ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء أن عائلات سعودية تقوم باستغلال عاملات وافدات إلى حد الاستعباد داعية الرياض إلى التحرك لإدخال إصلاحات في نظام العمل والعدالة في المملكة. وذكرت المنظمة التي تعنى بحقوق الإنسان وتتخذ من نيويورك مقرا لها في تقرير أصدرته في إندونيسيا وهو بلد تنحدر منه آلاف النساء العاملات في السعودية أن خادمات المنازل الوافدات يعاملن في بعض الحالات "على أنهن جاريات نظريا". وقالت كبيرة الباحثين في المنظمة لشئون حقوق المرأة نيشا فاريا في التقرير"في أحسن الحالات تحظى العاملات الوافدات بظروف عمل جيدة وبأرباب عمل طيبين وفي أسوأ الحالات يعاملن على أنهن جاريات نظريا وفي معظم الحالات يكون الوضع ما بين هاتين الحالتين". كما نقل التقرير عن مصدر قنصلي في المملكة قوله إن الخادمات يعاملن "كالماشية أو كالرق". وصدر التقرير الذي يقع في 133 صفحة ويحمل عنوان"كما لو لم أكن إنسانا ؛ التجاوزات بحق خادمات المنازل الأسيويات في السعودية" بعد سنتين من الأبحاث أجريت خلالها مقابلات مع 142 خادمة ومسئول وشركة لتوظيف العمال في المملكة وفي البلدان التي تتحدر منها الخادمات خلص التقرير أن عددا قليلا من مرتكبي التجاوزات تتم ملاحقتهم قضائيا وأن العاملات اللواتي يجرؤن على التقدم بشكوى يواجهن إمكانية اتهامهن بالزنى أو الشعوذة أو الانحلال الأخلاقي. وفيما قد تصل عقوبة الشعوذة إلى الإعدام يمكن أن تؤدي تهمتا الزنا والانحلال الأخلاقي إلى السجن والجلد وبالتالي فإن ضحيات كثيرات يقررن عدم اللجوء إلى القضاء. ومن بين 86 خادمة قابلتهن المنظمة أكدت 36 أنهن واجهن بحسب التقرير ظروف يمكن وصفها بالعمل القسري أو بالعبودية أو بالاتجار بالبشر. وقالت الخادمة السريلانكية "بوناما إس" في التقرير "لم أنل أي راتب طوال سنة وخمسة أشهر وكانوا يضربونني إذا طالبت بالمال أو يجرحونني بسكين أو يتسببون لي بحروق". من جهتها قالت الخادمة الفيليبينية "هايما" إن مستخدمها استدعاها إلى غرفته بعد يوم من وصولها وقال لها إنه "اشتراها"مقابل عشرة آلاف ريال (2670 دولار). وأضافت الخادمة حسبما جاء في التقرير "لقد اغتصبني رب المنزل عدة مرات وأخبرت كل شيء لسيدتي ورفضت العائلة بأسرها بما في ذلك المستخدم والسيدة أن أذهب وأغلقوا الأبواب وكذلك الباب الرئيسي للمنزل". إلا أن هايما تمكنت في نهاية الأمر من الفرار ولجأت إلى سفارة بلادها حيث انتظرت قرار المحكمة تسعة أشهر و في النهاية تم إسقاط الدعوى واتخذ قرار بترحيلها. من جهة أخرى يقول التقرير إن أصابع يدي ورجلي الخادمة الإندونيسية نور مياتي قطعت بسبب الضرب اليومي والتجويع وتم إسقاط التهم التي وجهت إلى مستخدميها بالرغم من وجود اعتراف من قبلهم خلال المحاكمة التي استمرت ثلاث سنوات. وقالت المنظمة في بيان إن "المستخدمين غالبا ما يصادرون جوازات سفر الخدم ويحتجزونهم في المنزل ما يزيد من عزلتهم ومن مخاطر الاستغلال النفسي والجسدي والجنسي". وذكرت المنظمة أن قوانين العمل السعودية تستثني خدم المنازل وبالتالي فإن هؤلاء يجبرون في بعض الأحيان على العمل 18 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع وقد لا يتقاضون راتبا لأشهر كثيرة. وتلجأ آلاف الخادمات سنويا إلى وزارة الشئون الاجتماعية وإلى سفارات بلادهن وخصوصا إندونيسيا وسريلانكا والفيليبين و نيبال. ويفترض أن تساعد الوزارة الخادمات على تحصيل حقوقهن المادية إلا أنهن غالبا ما لا يحصلن على أي شيء إذ إن مستحقاتهن المالية يتم تخصيصها للمستخدم لكي يسمح لهن بالمغادرة. فنظام الكفالة المتبع في السعودية يسمح للكفيل بحسب هيومن رايتس ووتش بمنع العامل من تغيير وظيفته أو مغادرة البلاد. وقال التقرير إن الحكومة السعودية تفكر منذ سنوات بإدخال إصلاحات على نظام العمل"لكن دون اتخاذ أي خطوة ملموسة". وأضافت كبيرة الباحثين فاريا "آن الأوان لإحداث هذا التغيير عبر شمول قانون العمل الذي صدر في 2005لخدم المنازل وعبر تغيير نظام الكفالة بحيث لا تبقى تأشيرات إقامة العمال مرتبطة بمستخدميهم. واعتبرت فاريا أنه "على الحكومة السعودية أن توسع إطار الحماية التي يؤمنها قانون العمل لتشمل خدم المنازل وأن تغير نظام كفالة الإقامة كي لا تضطر النساء المحتاجات إلى إعالة عائلاتهن للمقامرة بحياتهن". ويعمل أكثر من ثمانية ملايين وافد في السعودية بينهم 1.5 مليون يعملون خدم منازل ومعظم هؤلاء يرسلون المال الذي يجنونه إلى عائلاتهم في بلدانهم. ( أ ف ب )