مع الاحتلال والحصار ونقص الغذاء والوقود والخلاف الفلسطيني - الفلسطيني، يعتقد البعض أن قضية في حجم «جرائم الشرف» واحدة من القضايا الثانوية في حياة أهل القطاع، لكن الحقيقة غير ذلك، خاصة أن الغطاء «الديني»، الذي أضفته حماس علي سيطرتها علي القطاع منذ عام، أثر بشكل أو بآخر علي تزايد معدل تلك الجرائم. لتضيف إلي معاناة الفلسطينيات اليومية كارثة جديدة بخلاف الاحتلال الذي يزهق روح الأب والابن والأخ والأخت ويترك الفلسطينية، تعاني فقدان الراحلين ومسؤولية الحاضرين. والآن تعاني الفلسطينيات كارثة من نوع آخر، فقد تلقي حتفها في أي لحظة علي يد أحد الأقارب، فقط لأنه يشك في سلوكها. وطبقاً لتقارير المنظمات الحقوقية الفلسطينية، شهدت المناطق الجنوبية في القطاع تصاعداً في حالات الاغتصاب، التي تتعرض لها النساء، وتشير الإحصائيات إلي أن معدل القتل بحجة الدفاع عن الشرف ارتفع خلال 2007 في غزة، حيث لقيت 16 فتاة وسيدة حتفها عام 2006 ، في حين تضاعف العدد خلال 2007، حيث أكدت الإحصاءات المتوافرة إلي أن العام الماضي كان أكثر الأعوام دموية في قتل الفلسطينيات علي خلفية قضايا الشرف، ووثقت المراكز الحقوقية 60 جريمة قتل دون دليل أو دفاع أو محاكمة نزيهة. ومن الحوادث التي هزت القطاع خلال العام الماضي واقعة قتل شاب 3 من شقيقاته - سها (19 عاماً) وناهد (16 عاماً) ولينا (22 عاماً)- بعد عام من قتل الأم، التي اصطحبت بناتها وهربت لتقيم في قرية «أم النصر البدوية» قرب بلدة «بيت لاهيا» شمال قطاع غزة. الغريب أن هذا المدافع عن شرف أسرته أدين قبل 3 سنوات بالقيام هو ومجموعة من الشباب، بارتكاب عمليات قتل، كان آخرها قتل فتاة قاصر تبلغ من العمر 16 عاماً بعد اغتصابها في منطقة نائية شمال القطاع. وفي إحدي الحالات تم قتل فتاة علي أيدي أبناء عمها، ثم أظهر التشريح لاحقا أنها لا تزال عذراء. وفي جريمة ثانية، أقدم شاب علي تفجير شقيقته بواسطة عبوة ناسفة محلية الصنع، ثبّتها علي خاصرتها، وفي قصة أخري أقدم شاب علي قتل شقيقته عندما رأي بطنها منتفخاً، ليكتشف بعد فوات الأوان أن مرضاً ألمّ بشقيقته وأدّي إلي انتفاخ بطنها. وفي حالة أخري قتلت أم ابنتها- 17عاما- خنقاً حتي الموت. وبعد البحث في ملفات القضية، تبين أن هذه الفتاة كانت طفلة حين قام عمها باغتصابها للمرة الأولي، عندما كانت والدتها ترسلها إليه بالطعام في منزل منعزل بعض الشيء، ولعل من أسباب تزايد تلك النوعية من القضايا، تنامي المد الأصولي في القطاع، هذا بخلاف غياب قانون فلسطيني يعالج تلك النوعية من القضايا، فالقضاء في قطاع غزة يعتمد في هذه الحالة علي أحد القوانين الأردنية الذي ينص علي «العذر المحل»، أي إذا وجد الزوج زوجته علي فراش الزوجية تخونه، وقام بقتلها فلا يحاسب أو يحاكم، لأن لديه عذره الذي أحل له الشروع في ذلك. وتقول المادة (340) من قانون العقوبات الأردني التي يحصل بموجبها القاتل علي «عذر مخفف»: «إذا فاجأ زوجته أو إحدي أصوله أو فروعه أو أخواته مع آخر علي فراش غير مشروع». كما أن المادة (98) من نفس القانون تأخذ بعين الاعتبار «من أقدم علي فعله تحت تأثير ثورة غضب شديد، ناتج عن عمل غير محق وعلي جانب من الخطورة أتاه المجني عليه». ويسري مفعول هذا القانون علي الرجال فقط لا النساء، ففي حال وجدت المرأة زوجها يخونها مع أخري وقتلته تحاسب، وتقدم للمحكمة التي يمكن أن تحكم عليها بالإعدام.