قضت محكمة مدني تعويضات شمال القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار أحمد موافي باختصاصها بنظر الدعوي المقامة أمامها من إحدي أسر الأسري المصريين الذين تم قتلهم في حرب 1967 . وقررت المحكمة انتداب لجنة ثلاثية من خبراء اتحاد الإذاعة والتليفزيون لتفريغ لشريط الفيلم التسجيلي المسمي (روح شاكيد) الذي عرضه التليفزيون الإسرائيلي لبيان ما احتوي عليه من مشاهد وصور وما إذا كانت تحتوي علي وقائع تعذيب وانتهاك للأسري المصريين وتحديد عدد هؤلاء الأسري والحالة التي كانوا عليها ومرتكب تلك الوقائع. وكان قد جاء في الفيلم الذي بثته القنوات الإسرائيلية عرضاً عن كيفية إبادة الأسري المصريين في حرب عام 1967 في شبه جزيرة سيناء وداخل السجون الإسرائيلية بدماء باردة. وتحدث في الفيلم الوثائقي عدد كبير من الجنود الذين خدموا في صفوف وحدة "شاكيد" وكشفوا عن عمليات القتل التي قاموا بها بدم بارد ضد جنود من وحدة "الكوماندوز" المصرية وهم في طريق انسحابهم للغرب داخل سيناء بعد توقف القتال. وأكد الكثيرون من أولئك الجنود الذين خدموا تحت إمرة بنيامين بن إليعازر وزير البني التحتية الحالي أنهم قتلوا الجنود المصريين مدفوعين بشهوة الانتقام وتطبيقا لتعليمات عسكرية من قادتهم وتخلل الفيلم مقاطع وثائقية مصورة تظهر إطلاق النار علي الجنود المصريين رغم كونهم بلا سلاح أو رافعي الأيدي وهم علي الأرض. كان اثنان من أشقاء الشهيد "سيد أبو رية" الذي قتله الجنود الإسرائيليين عقب أسره في حرب 1967 قد أقاموا دعواهم ضد كل من رئيس وزراء إسرائيل ووزيري الدفاع ورئيس التليفزيون الإسرائيليين والسفير الإسرائيلي بالقاهرة - بصفتهم - مطالبين ب15 مليون جنيه تعويضا لهم عما لحق بشقيقهم من تعذيب أدي إلي قتله حيث كانوا قد أقاموا دعواهم أمام المحكمة عقب عرض فيلم "روح شاكيد". وقررت المحكمة استبعاد السفير الإسرائيلي من الدعوي المرفوعة من شقيقي الشهيد ذلك لتمتعه بحصانة قضائية كفلتها المواثيق الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين. وأكدت المحكمة أن هذه الدعوي خارج نطاق الحصانة وتقع في نطاق اختصاص القضاء المصري لأن الوقائع تتعلق بوقائع حرب وحشية علي أرض مصرية .. مشيرة أن القانون المصري اختص القضاء الوطني بنظر الدعوي التي ترفع ضد أجانب ليس محل إقامتهم مصر علي اعتبار أن الجريمة التي وقعت كانت ضد الأسري المصريين وعلي أرض سيناءالمحتلة وقت ذلك وهي أرض مصرية خالصة . وأوضحت المحكمة أنه لا ينال من اختصاصها بنظر الدعوي ما كفله القانون من حصانة قضائية للدولة الأجنبية ضد القضاء الوطني إذ إن مناط هذه الحصانة قاصر علي الأعمال التي تباشرها بصفتها السيادية أو التي تتعلق بأعمال السلطة العامة التي تدور في فلك مباديء القانون الدولي الذي قرر هذه الحصانة لكل دولة في محيط العائلة الدولية. وقالت المحكمة إن الدولة التي تنتهك مباديء القانون الدولي وترتكب جرائم ضد الإنسانية تمثل خرقا للاتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة أسري الحرب وكذلك الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة في لاهاي. وتنص الاتفاقية علي وجوب معاملة أسري الحرب بما يحفظ لهم كرامتهم وآدميتهم الإنسانية وكذلك حقوقهم منذ وقت الأسر تحت سلطة حكومة العدو وليس تحت سلطة الأفراد والوحدات العسكرية التي قامت بأسرهم خاصة إذا كانوا قد ألقوا سلاحهم حيث يجب معاملتهم بصورة إنسانية في جميع الأوقات فيما يحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو أعمال غير مشروعة يسبب موت أي أسير في عهدتها. وأكدت المحكمة أن جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية هي أخطر الجرائم في القانون الدولي والأفعال المنافية للإنسانية الناجمة عن سياسة الفصل العنصري التي تقع مسئوليتها عن ممثلي سلطة الدولة وليس الأفراد الذين ارتكبوها فقط وكذلك لتسامحهم في ارتكابها. أ ش أ