تستضيف جمعية «أمم» في ضاحية بيروت الجنوبية، معرضاً فوتوغرافياً للمصور السويسري مايكل فون غرافنريد في عنوان «الجزائر: صور عن حرب بلا شواهد»، يستمر حتى آخر الشهر الجاري. يبدو المعرض جزءاً من الضاحية بخرابها ودمارها، ولولا الشروح التي ترافق الصور لساد اعتقاد بأن هذه الصور هي من حرب تموز (يوليو) 2006. لا مجال للمقارنة بين ما دار في الجزائر في تسعينات القرن الماضي والحرب الأهلية التي عصفت بلبنان، خصوصاً أن الجيش الجزائري كان طرفاً في النزاع هناك. بين عامي 1991 و 2000 زار غرافنريد الجزائر مرات عدّة والتقط مئات الصور التي توثق شتى انواع العنف الذي مارسه أطراف النزاع، ما جعل منها شاهداً بامتياز على هذه الحرب المكتومة، لكنه أراد لمعرضه أن يبتعد بصوره من آلة الحرب والقتل والجثث، ليأخذ مكانه في تفاصيل الحياة اليومية الجزائرية ويوثق الهدوء بعد اشتداد القتال. أراد المصور السويسري لسكان صوره أن يخبروا حكاياتهم بنظراتهم وتأملاتهم وتصرفاتهم، فصوّر أطفالاً يبكون وفتاة تغمر حبيبها على شاطئ البحر بعيداً من القنابل، وعسكريين يرصفون رجالاً على جدار لإعدامهم. حاول غرافنريد ان يبحث عن الأمل في الجزائر في العيون والوجوه. لعبة الوجوه الفاضحة التي مارسها كشفت مدى تأثره بعمله وعلاقته بالكاميرا التي لم تفارقه. سجن صوره بالأبيض والأسود لتبقى من الماضي، في قعر الذاكرة. تجاهد جمعية «أمم» لعرض هذا النوع من الأعمال الفنية التي تذكر بالحرب وتبعاتها، وتعمل على التوعية الجماعية في شكل غير مباشر عبر نشاطاتها، علها تساعد على النسيان وأخذ العبر. لم يرد غرافنريد لصوره أن تبقى صامتة، بل أراد ان يحييها، فعاد الى الجزائر في العام 2002 ليخرج شريطاً وثائقياً برفقة المخرج الجزائري محمد السوداني حمل عنوان مجموعتة الفوتوغرافية. قابل المصور - المخرج الأشخاص والوجوه التي صورها من دون علمها، استنطقها وأضاف الصوت الى الصورة. ترجمت المقابلات الصور المعروضة وروت حكايتها ومعاناتها مع الحرب. يذكر أن مايكل غرافنريد ولد في سويسرا في العام 1957 وبدأ العمل في مجال التصوير 1978 وسرعان ما نشرت صوره في الكثير من المجلات والصحف الدولية الكبرى. نظم معارض عدّة في نيويورك وباريس وهونغ كونغ والجزائر العاصمة. كما تضم متاحف كبرى بعض صوره. أصدر كتباً مصورة في عنوان «السودان، الحرب المنسية» (1995) و «الجزائر من الداخل» (1998) .