بالرغم من تزايد الضغوط التضخمية علي اقتصادايات الخليج العربي واتخاذها لإجراءات للحد من الارتفاع المستمر لنسب التضخم - التي سجلت مستويات قياسية- الا أن عدداً منها يعلن خفضاً جديداً للفائدة إثر قرار المركزي الامريكي بخفض الفائدة . فقد قررت كل من قطر والسعودية والبحرين خفض معدلات الفائدة بعد القرار الامريكي، فيما يري الخبراء في رفع الفائدة بالاضافة الي جملة من السياسات النقدية والمالية الملاذ لكبح جماح التضخم . وعلي الجانب الآخر، قررت البحرين تقديم منحة شهرية قدرها 50 دينارا أي ما يعادل 132.7 دولار للاسر منخفضة الدخل في اطار برنامج لمساعدة المواطنين على مواجهة ارتفاع الاسعار، وحددت وزارة الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة سقفا للأسعار التي يُسمح لتجار التجزئة بفرضها مقابل بعض المواد الغذائية الرئيسية في محاولة للسيطرة علي الأسعار. وأرجع خبراء اقتصاديون نمو التضخم الي ارتفاع فوائض دول الخليج النقدية وانخفاض قيمة عملاتها الوطنية المرتبطة بالدولار مع تراجع سعر صرف العملة الخضراء نحو أدني مستوياته علي الاطلاق الذي سجله خلال الاسبوع الثالث من مارس/ آذار 2008. فبالرغم من استفادة دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين)من عائدات نفطية كبيرة غير مسبوقة بسبب الارتفاع القياسي في اسعار النفط، غير ان العائدات التي تم ضخها في اقتصادات دول مجلس التعاون- التي تحقق نسب نمو كبيرة تصل الي 20%- ادت إلى سيولة زائدة. ضعف الدولار يضر بعملات الخليج وفي منحيٍ آخر، تراجع الدولار امام اليورو وسلة من العملات منذ بداية عام 2008 بنسبة بلغت 6.2 %، وهو ما أضر بالعملات الخليجية - بإستثناء الكويت التي تخلت عن ربط عملتها بالدولار- وهو ما أدي الي تراجع القيمة الحقيقية للعوائد النفطية للدول المصدرة بالدولار وارتفاع كلفة الواردات الخليجية من الدول التي انخفض الدولار مقابل عملاتها مثل الاتحاد الاوروبي واليابان والصين. بالاضافة الي ارتفاع الاسعار، ظهرت اثار تراجع الدولار في اوساط العمال الاجانب الذين يعملون في دول الخليج حيث شهدت بعضها خاصة البحرين والامارات اضرابات قام بها عمال اجانب للمطالبة برفع اجورهم، كما دفع الحكومات الخليجية الى رفع رواتب الموظفين وصرف اعانات عاجلة لمواجهة غلاء الاسعار. وبناء علي تلك الاوضاع قامت دول مجلس التعاون الخليجي بعقد اجتماع الاثنين 24 مارس في المنامة للتعرف علي أراء صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي في المشكلة الاقتصادية. ووفقا لأحدث تقارير الصندوق ، سجل التضخم في قطر 14 % في 2007 في حين ارتفعت الاسعار عند الاستهلاك في الامارات بنسبة 11 %، أما السعودية- التي تعرف بسيطرتها على التضخم- فقد اعلنت ان نسبة التضخم لديها بلغت نحو 5.5 %، وفي الكويت تجاوزت مستوي 5 %، وفي البحرين 4 %. يذكر، أن نسب التضخم، وفقا لإتحاد الغرف التجارية، ارتفعت في الخليج في الفترة من 2001 وحتى 2006 بنسب متفاوتة ليسجل اقلها في السعوية 2.3 %، ثم الكويت والبحرين بنسبة 3%، وعمان بنسبة 3.2 %، والامارات 10% واعلاها في قطر مسجلة 11.8 %. ورأت دراسة نشرتها الامانة العامة لاتحاد الغرف التجارية في دول مجلس التعاون في ديسمبر/ كانون الاول 2007 أن اجمالي واردات دول الخليج قفز من 154.5 مليار دولار عام 2003 الى نحو 376 مليار دولار في 2007 بنسبة زيادة قدرها 143%. وأثارت تبعات الارتباط بالعملة الخضراء دعوات الى فك الارتباط بالدولار إقتداء بالكويت التي تخلت عن ارتباطها بالعملة الخضراء في مايو/ ايار2007 مما دفع عملتها لجني أكثر من جوله من المكاسب. وقال الخبير الاقتصادي البحريني احمد اليوشع علي الاقطار الخليجية اتباع جملة من السياسات النقدية والمالية لتوفر الوسائل الممكنة للحد من التضخم منها تقليل حجم السيولة، وخفض الانفاق الحكومي، ورفع سعر الفائدة. ويكمل أن الخيارات المطروحة محفوفة بالمحاذير ونجاح بعضها يتطلب قرارا جماعيا لدول الخليج الست، فعلي سبيل المثال فإن رفع سعر الفائدة يعد احد الحلول لكن ارتباط عملات دول الخليج بالدولار يجعل السلطات النقدية غير قادرة على اتخاذ هذه الخطوة لانها تريد خفض اسعار الفائدة بعد تراجع قيمة عملاتها. ولفت ان فك الارتباط بالدولار فقط ليس طوقا للنجاة فالامر يتطلب قراراً جماعياً برفع قيمة العملات الوطنية حتي يحقق النجاح المنشود. ويتأكد ذلك بالنظر لدراسة الصندوق التي تتوقع انخفاض معدلات التضخم في معظم دول الخليج عام 2008 عبر استكمال عدد من المشروعات السكنية المشتركة مما سيسهم في تخفيض الايجارات، الأمر الذي يعد خطوة نحو تطبيق الوحدة النقدية المقرر طرحها في 2010.