جاء القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض آخر في معدلات الفائدة بواقع 25 نقطة ليفرض تخفيضا مماثلا بين البنوك المركزية الخليجية اسمته "المجموعة المالية هيرمس" في تقرير لها ب "دورة انخفاض معدلات الفائدة علي وشك النهاية". وأوضحت هيرمس أن دول التعاون الخليجي حذت حذو الولاياتالمتحدة في تخفيض معدلات الفائدة كخطوة رئيسية في ربط عملاتها بالدولار، غير انها أكدت أن هذه الخطوة قد تكون غير مجدية للتغلب علي معدلات التضخم المتزايدة في بعض تلك البلدان. منذ فترة وجيزة قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض آخر في معدلات الفائدة بواقع 25 نقطة أساسية في 30 إبريل لتصبح 2% وذلك للمرة السابعة منذ سبتمبر 2007 في إجمالي تخفيضات بلغت 325 نقطة أساسية (و225 نقطة أساسية منذ بداية العام الحالي). وكان الانخفاض الأخير هو الأقل في عام 2008 حيث لمح البيان الصادر عقب الاجتماع بأن معدلات الفائدة ستظل ثابتة حتي اجتماع شهر يونية القادم، كما انخفض معدل الخصم بواقع 25 نقطة أساسية وبلغ 2.25%. وعلي غرار مرات التخفيض السابقة، حذت معظم دول مجلس التعاون الخليجي حذو الولاياتالمتحدة في تخفيض معدلات الفائدة بسبب ارتباط عملاتها بالدولار، فقد طبقت دولة الإمارات نفس التخفيض بالكامل، بينما واصلت كل من السعودية والبحرين وقطر سياستها بتخفيض معدل الفائدة علي الودائع فقط مع الإبقاء علي معدل الفائدة علي الإقراض دون تغيير. وعلي الرغم من تراجع قيام دول مجلس التعاون الخليجي بإصلاح العملة منذ أوائل شهر إبريل (بعد اجتماع محافظي البنوك المركزية وتأكيد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس دولة الإمارات علي استمرار ربط الدرهم الإماراتي بالدولار)، فإن دول المجلس حريصة علي عدم تجدد التكهنات بإصلاح العملة. وعندما لم تتبع السعودية سياسة الولاياتالمتحدة في تخفيض معدلات الفائدة في سبتمبر ،2007 فإن السوق أساءت فهم هذا القرار واعتقدت أن مؤسسة النقد العربي تعيد النظر في ربط الريال بالدولار، مما أدي إلي ارتفاع الريال السعودي إلي أعلي مستوي له خلال 20 سنة في مواجهة الدولار. وتبعت عمليات تخفيض الفائدة عالميا ردود فعل من البنوك المركزية لدول المجلس والمستويات الأخيرة لمعدلات الفائدة حيث قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتخفيض سعر إعادة الشراء (repo) قد تم الاحتفاظ به متماشيا مع نظيره في الولاياتالمتحدة منذ ديسمبر 2007 ومن ثم تم خفضه بواقع 225 نقطة أساسية منذ بداية العام. وفي المملكة العربية السعودية استمرت سياسة تخفيض معدلات الفائدة علي الودائع كرد فعل لتخفيضات معدلات الفائدة في الولاياتالمتحدة بينما أبقت علي سعر الإقراض دون تغيير، وذلك في محاولة لاحتواء التكهنات بإصلاح العملة فحذت حذو التخفيضات الأمريكية والتقليل من إغراء الاحتفاظ بالريال السعودي. وفي نفس الوقت الحد من تداعيات التضخم بالاحتفاظ بسعر الاقراض ثابتا.. وقد انخفضت معدلات الفائدة علي الودائع بواقع 25 نقطة أساسية لتبلغ 2% بينما ظل سعر repo 5.5%... repo 3.5 وسعر الخصم (سعر الإقراض) 5.75%. ولم تحذ حذو الولاياتالمتحدة بتخفيض معدلات الفائدة في ديسمبر 2007 بواقع 25 نقطة أساسية و75 نقطة أساسية في مارس 2008.. وكنا قد توقعنا عدم تغيير معدلات الفائدة بعد أن بلغ التضخم معدل نمو سنوي 9.5% في يناير الماضي. وتتمتع الكويت بمرونة أكبر في معدلات الفائدة عن باقي دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن فضت الارتباط بالدولار في عام 2007 لتحل محله سلة عملات. وبعد التخفيض الاخير بواقع 25 نقطة اساسية الذي قام به المجلس الفيدرالي، فإن التوقعات في السوق تتزايد بأن معدل الفائدة في المجلس الفيدرالي سيظل دون تغيير حتي يتم تقييم تداعيات الانخفاضات الكبيرة في معدلات الفائدة، خاصة مع تصاعد المخاوف من زيادة الضغوط التضخمية في الولايات وارتفاع الاسعار العالمية للسلع الاساسية، فضلا عن ان الاجراءات الاقتصادية الاخري الرامية لتنشيط الاقتصاد مثل استعادة الضرائب من شأنها ان تعزز الاقتصاد. ويشير المنحني المتصاعد بأن معدلات الفائدة سيتم الاحتفاظ بمستوياتها الحالية حتي آخر العام الحالي قبل ان تبدأ في الصعود مجددا في عام 2009. ردود الفعل المتاحة نعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تواصل سياسات رفع الدعم وزيادة الأجور والمرتبات كرد فعل للتضخم مع استمرار الإجراءات الإدارية لاحتواء ارتفاع الأسعار، وهذه هي البدائل الرئيسية المتاحة أمام الدول نظرا لارتباط عملاتها بالدولار ومن المحتمل أيضا أن يقع مزيد من الزيادة في متطلبات احتياطي البنوك التجارية بالإضافة إلي إجراءات إدارية أخري مثل وضع حدود علي الائتمان، ونعتقد أن هذه السياسة ستكون ذات آثار محدودة في كبح التضخم خاصة أنه ناتج عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات وحتي إذا تخلصت دول المجلس من ارتباط عملاتها بالدولار لتحل محلها سلة عملات فإن التضخم سيظل مرتفعا علي نحو ما يجري في الكويت وفي تقديرنا أن معدل التضخم قد ينخفض بما يتراوح بين 2 - 2.5 نقطة مئوية في دولة الإمارات إذا ما أعيد تقييم الدرهم الإماراتي بنسبة 10% ومع استمرار السياسات المالية والنقدية الحالية وقيود العرض المحدود وارتفاع الأسعار العالمية للأسعار الغذائية والسلع الأساسية فإننا نعتقد أن التضخم سيظل مرتفعا في المنطقة في الأجل المتوسط.