انهارت الأسواق المالية العالمية في الاونة الاخيرة اثر المخاوف من احتمال ارتفاع مستويات الديون المعدومة في أسواق الائتمان الأمر الذي سيقود الاقتصاد الامريكي إلي الركود، ونتيجة لذلك تراجعت معظم الأسواق العالمية لتسجل انخفاضا حادا خلال الجسلتين الماضيتين، وفي ضوء هذه التطورات قام البنك الفيدرالي الأمريكي بخفض اسعار الفائدة الرئيسية بواقع ثلاثة أرباع نقطة مئوية من 4.25% إلي 3.50% في حين تم تخفيض سعر الخصم إلي 4.00% ويعد هذا اكبر تخفيض لسعر الفائدة علي الاموال الفيدرالية منذ العام 1982 كما انها تعتبر المرة الأولي التي تغير فيها اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح سعر الفائدة المستهدف علي الأموال الفيدرالية خارج نطاق اجتماعاتها الدورية منذ الحادي عشر من سبتمبر. ودفعت البيانات الاقتصادية الضعيفة التي صاحبت اداءالاسواق خلال الايام القليلة الماضية الي اصدار هذا القرار والذي تعهد البنك الفيدرالي بتنفيذه في نهاية هذا الشهر وقد تأثر الاقتصاد الامريكي سلبا بسبب تفاقم ازمة قروض الرهن العقاري ذات التصنيف الائتماني المنخفض والتي ألحقت خسائر بعشرات من البنوك حيث تم شطب ديون تقدر قيمتها بنحو 120 مليار دولار امريكي كما يتوقع ان يجري البنك الفيدرالي الامريكي تخفيضا آخر خلال الأيام المقبلة في محاولة لتحفيز الاقتصاد الامريكي. تبعت دول مجلس التعاون الخليجي سياسة خفض اسعار الفائدة حيث قامت بمعظمها بربط عملاتها بالعملة الامريكية فقد قام البنك المركزي في المملكة العربية السعودية بخفض معدل سعر الريبو العكسي بنسبة 50 نقطة أساس ليصل إلي 3.50% في حين خفضت البحرين أسعار الفائدة علي الودائع لمدة اسبوع وأسعار الفائدة علي الودائع ليوم واحد بواقع 50 نقطة أساس لكل منهما، اما دولة الامارات العربية المتحدة فقد خفضت سعر اعادة الشراء بنسبة 75 نقطة أساس ليصل إلي 3.50% في الوقت الذي خفض فيه بنك الكويت المركزي سعر الخصم من 6.25 % إلي 5.75% وسعر اعادة الشراءمن 4.50% إلي 4.00%. والجدير بالذكر ان دولة الكويت والتي كانت قد خرجت عن سياسة دول الخليج الاخري واسقطت ارتباط عملتها بالدولار الامريكي في مايو 2007 قد اتبعت سياسة تخفيض أسعار الفائدة هي الاخري وقد ورد عن محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح ان قيام الكويت بتخفيض اسعار الفائدة سوف يخفف من وطأة النتائج السلبية التي قد تنشأ نتيجة للفجوة غير المبررة بين اسعار الفائدة علي الودائع بالدينار الكويتي مقابل اسعار الفائدة علي العملات الرئيسية. وترجح جلوبال ان يؤثر تخفيض أسعار الفائدة في البنوك المركزية الاقليمية التي اتبعت خطوات البنك الفيدرالي الامريكي تأثيرا ايجابيا علي أسواق الاسهم، حيث سيمكن للمستثمرين الحصول علي تمويل مخفض وقد تلا تلك الخطوة انتعاشة قوية في الدول العربية الخليجية الغنية بالبترول اذ حققت جميع الاسواق في دول مجلس التعاون الخليجي تحسنا ملحوظا في اعقاب تلك الخطوة حيث تراوحت المكاسب التي شهدتها الاسواق الخليجية في الثالث والعشرين من يناير 2008 بين حد ادني للارتفاع بلغت نسبته 0.61% في سوق البحرين وحد اقصي نسبته 10.45% في سوق دبي، علاوة علي ذلك تظل النظرة المستقبلية لهذه الاسواق ايجابية كما نعيد نظرتنا الايجابية لاسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي وتستند هذه النظرة الايجابية علي ان دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بارتفاع أسعار البترول بالاضافة إلي انخفاض اسعار الفائدة وعلي الرغم من التوقعات بتباطؤ الاقتصاد الامريكي في العام ،2008 فان منطقة دول مجلس التعاون الخليجي سوف تشهد نموا جيدا بفضل ارتفاع أسعار البترول. وسوف يضطر البنك الفيدرالي إلي النظر في هذه المسألة بمزيد من التعمق حيث ان الأسواق سوف تستغرق وقتا طويلا للتعافي من أزمة قروض الرهن العقاري عالية المخاطر والتي سوف تسفر عن المزيد من الانخفاض في أسعار الفائدة ومن المرجح ايضا ان تبقي اسعار البترول عند مستويات مرتفعة حيث انه علي الرغم من مطالب الولاياتالمتحدة المتعددة إلا أن منظمة الاوبك تجاهلت مطالباتها بزيادة مستوي الانتاج البترولي في ظل التوترات الجغرافية السياسية وازدياد الطلب من قبل الاقتصادات الناشئة. ان قيام البنك الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة من شأنه ايضا ان يحفز دول مجلس التعاون الخيلجي للتفكر في سياسة فك ارتباط عملاتها بالدولار الامريكي ويبرز خفض اسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي مدي حاجة دول مجلس التعاون الخليجي إلي التحكم في سياستها النقدية من خلال نظام صرف عملات اكثر مرونة بالاضافة إلي الأهداف والادوات النقدية، ونحن نري ان التحول إلي ربط سعر صرف عملات دول مجلس التعاون الخليجي بسلة من العملات سوف يوفر مميزات تتمثل في زيادة المرونة النقدية، والتي لن تتوافر في حال اعادة تقييم العملة الوطنية مقابل الدولار ويذكر ان الكويت قد تخلت عن ربط عملتها بالدولار وتحولت إلي ربطها بسلة من العملات وهو ما يتطلب فعله في الدول الاخري. ومن جهة اخري أدي هبوط سعر الدولار وانخفاض اسعار الفائدة إلي حدوث ارتفاع في جميع فئات السلع تقريبا، والجدير بالذكر ان البترول والذهب كانا بمثابة المستفيدين الرئيسيين لهذا الاتجاه الصعودي كما جاءت معظم الزيادة في اعقاب أول تخفيض في أسعار الفائدة والذي أجراه البنك الفيدرالي في سبتمبر 2007.