توقع خبراء أن تتجاوز خسائر المصارف الأمريكية بسبب أزمة الائتمان في الولاياتالمتحدة والعالم ماكان متوقعا سابقا عندما قدر صندوق النقد لها ألا تتجاوز ال 945 مليار دولار مشيرين إلي أن الأرقام قد تقفز إلي 1.6 أو 2 تريليون دولار. وحمل الخبراء المصرف الاحتياطي الفيدرالي جزءا من المسئولية عبر قراره إبقاء الفائدة عند مستوياتها الحالية عند حاجز 2% وذلك نظرا لما يعنيه الأمر من ضعف الإقبال علي الإيداع وتأخير تعافي الدولار وإبقاء التضخم عند معدلات مرتفعة. وفي تقرير مالي أعدته مجلة "فورتشن" الأمريكية قالت ليز اَن سوندر كبير خبراء استراتيجيات الاستثمار لدي مؤسسة تشارلز شواب المالي إن المصارف لاتزال تحت رحمة شطب الديون وإعلان الخسائر إثر أزمة الرهن العقارية مستبعدة أن تكون هذه العاصمة المالية قد وضعت أوزارها. ووصفت سوندر توقعات صندوق النقد لجهة ترجيح ألا تتجاوز خسائر المصارف الأمريكية 945 مليار دولار بأنها "متحفظة للغاية" مرجحة أن تصل الأمور إلي ما حذر منه أستاذ الاقتصاد المعروف نورييل روبيني عندما توقع أن ترتفع الخسائر الإجمالية للمصارف الأمريكية إلي أكثر من ملياري دولار. ولفتت الخبيرة الاقتصادية إلي أن استمرار الخسائر قد لا يعني بالضرورة اتجاه الأسواق نحو المزيد من الضعف، إذ إن المستثمرين سيتكيفون فنهاية المطاف مع الأمر، باعتبار أن الخسارة أمر متوقع في المجازفات التجارية، واستدلت علي صحة موقفها بما حدث خلال الجلسات الأخيرة في البورصات الأمريكية حيث ارتفعت الأسهم رغم الإعلانات السلبية. لكن بعض المراقبين رفضوا تعميم هذا الاتجاه السلبي في التحليل، وقالوا إن ما شهدته الولاياتالمتحدة في أزمتها الاقتصادية الأخيرة أكد سلامة نظامها المصرفي، حيث لم يصار إلي إعلان إفلاس أكثر من 8 بنوك، في حين سقط 534 مصرفا ضحية الأزمة الأخيرة عام 1989. وأضاف عدد منهم أن المصرف الاحتياطي الفيدرالي "المركزي" في الولاياتالمتحدة يتحمل جزءا من المسئولية عما تعيشه الأسواق، حيث قرر تثبيت سعر الفائدة عند 2% دون أن يبالي بتأثير ذلك لجهة الحد من دوافع الادخار وزيادة الضغوطات علي التضخم والدولار. وفي هذا السياق قال جون ليكاس المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "ليدرز كابيتال مانجمنت" لإدارة المحافظ الاستثمارية إن علي الاحتياطي الفيدرالي أن يبادر إلي رفع الفوائد مجددا قبل نهاية العام الحالي. وحمل ليكاس بشدة علي الاحتياطي الفيدرالي قائلا إن سياسته المطبقة حاليا تقوم علي ضرب المصارف الضعيفة ومعاقبة أصحاب الادخار في البلاد.. وعليه أن يحاول عوضا عن ذلك إنقاذ النظام ككل وليس الاكتفاء بمساعدة من قام بتصرفات غير مسئولة. يأتي ذلك في الوقت الذي قرر فيه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي "المصرف المركزي" إبقاء نسبة الفائدة الحالية دون تغيير، علي ضوء خطر الركود وارتفاع معدل التضخم المحدقان بالاقتصاد الأمريكي. وترجح الخطوة أن يحافظ المصرف المركزي علي ثبات أسعار الفائدة عند المستويات الحالية 2% في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية علي حالها. وقوبلت الخطوة المتوقعة بترحيب في وول ستريت حيث انعكس تراجع أسعار البترول في تعاملات الثلاثاء التي منحها قرار الاحتياطي الفيدرالي دفعة أخري. ويسعي المسئولون في الولاياتالمتحدة إلي دعم الاقتصاد المتباطئ والضغط الاقتصادي للتضخم الناجم عن ارتفاع أسعار البترول. وحذر الاحتياطي الفيدرالي في بيان أن معدلات التضخم المرتقبة تظل "متقبلة للغاية" ورجح تواصل تأثير أزمات الائتمان والرهن العقاري إلي جانب الأسعار العالية علي معدلات النمو الاقتصادي خلال عدة فصول مقبلة. يذكر أن المصرف المركزي الأمريكي لجأ إلي خفض حاد في نسبة الفائدة نهاية عام 2007 إلا أنه حافظ علي ثباتها منذ شهر ابريل الماضي. ويشار إلي أن استمرار أزمة الرهن العقاري وانعكاسها علي ثقة المستهلك يقيد من تحرك الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع معدل الفائدة رغم الضغوط الناتجة عن التضخم. ورجح كيث هيمربي كبير الاقتصاديين في "فيرست أمريكان فندز" إقدام الاحتياطي الفيدرالي علي خفض جديد في سعر الفائدة قريبا تحديدا في حال مواصلة أسعار البترول الهبوط. ومن جانبه أعرب بيرنارد بومول المدير التنفيذي لمجموعة "إيكونوميك أوتلووك" عن اعتقاده بأن قلق المصرف المركزي ينحصر في التضخم وليس الاقتصاد. ويشار إلي أن أكثر من مليون أمريكي فقدوا منازلهم المرهونة من جراء أسوأ أزمة واجهتها الولاياتالمتحدة منذ الكساد العظيم الذي ضرب البلاد في عام 1929. UBS علي إعادة شراء ما قيمته نحو 20 مليار دولار من السندات التي انهارت قيمتها خلال أزمة الائتمان. وجاء اتفاق التسوية هذا بين البنك والسلطات التنظيمية الاتحادية في الولاياتالمتحدة بعد يوم من إعلان "سيتي جروب" و"ميريل لينش" أنهما سيعيدان شراء ما قيمته نحو 20 مليار دولار من مثل تلك السندات.