مثلها مثله.. لاتملك المجموعة العربية في نيويورك سوي الشكوي والتعبير عن القلق العميق.. وأحيانا الامتعاض من تجاهل من يطلقون عليه الشرعية الدولية ومواثيق الاممالمتحدة لمشروعية قضايانا المصيرية!! ولأن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة هو أقل أمناء المنظمة الدولية نوما بسبب قلقه الدائم الذي يصرح به في بياناته, وأكثرهم استخداما لمصطلحات وكلمات من قبيل الشعور العميق بالصدمة.. والإدانة.. والاندهاش. بادر سفراء المجموعة العربية لدي الأممالمتحدة بالتعبير عن امتعاضهم وهي درجة اقوي من التعبير بالصدمة والقلق العميق من تقارير الأممالمتحدة الاخيرة, حيث لاحظ السفراء العرب في هذه التقارير نمطا ممنهجا علي حد وصف السفير السوداني عبدالحليم عبدالمحمود دأبت الأمانة العامة للمنظمة الدولية علي القيام به في الآونة الأخيرة تجاه قضايا الشرق الأوسط وفي القلب منها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي!! قائمة طويلة من الاتهامات والتجاوزات وجهتها المجموعة العربية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون!! وطبقا لما قاله لي السفير السوداني عبدالحليم عبدالمحمود والذي ترأس بلاده المجموعة العربية للشهر الجاري. فإن المجموعة العربية رصدت خلال الفترة الأخيرة انحياز الأمين العام من خلال تقاريره وتصريحاته الاعلامية لإسرائيل علي حساب المصالح العربية المشروعة. ومساواته بين الضحية والجلاد بما ينتقص من مرجعيات الأممالمتحدة ويتناقض مع ترسانتها العتيقة من القرارات والمرجعيات التي عليه الالتزام بها وعدم التفريط فيها. حمل السفراء العرب تفويضا من المجموعة العربية وطلبوا لقاء الأمين العام للأمم المتحدة لعرض شكواهم, وفي هذه المرة لم يرفض بان كي مون لقاءهم كما في المرة السابقة عندما سعوا إليه ليرسل تقريرا لمجلس الأمن حول الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة. وساعتها تعلل بان كي مون بازدحام جدول أعماله وسفره الوشيك لحضور بعض الفعاليات الأخري في أوروبا ذهب السفراء العرب بقيادة السوداني الدكتور عبدالحليم عبدالمجمود ليعرضوا عليه شكواهم الشفهية. قال لي الدكتور عبدالحليم عبدالمحمود انهم ابلغوه امتعاضهم الشديد تجاه مواقفه خاصة تلك المتعلقة بمآسي الشعب الفلسطيني والتي ينحاز فيها بوضوح للجانب الإسرائيلي, وهو ما يتناقض مع قرارات سابقة صادرة عن الأمانة العامة نفسها. وعندما قلت للسفير السوداني ان ذلك ليس جديدا لا علي بان كي مون ولا علي الأمانة العامة, قال إن مادفع السفراء العرب لطلب مقابلته هو تلكؤه اللافت للنظر في الفترة الأخيرة تجاه مايصدر عن إسرائيل من انتهاكات صارخة لكل المواثيق والاعراف الدولية ورفضه في اغلب الاحيان التعليق علي ممارستها غير الشرعية في الاراضي المحتلة انه دائما يأخذ بوجهة نظر تل ابيب ويعتبرها من المسلمات. ولعل آخر الأمثلة علي ذلك هو ماردده بان كي مون امام مجلس الأمن من معلومات حصل عليها من إسرائيل وبعض الصحف منذ ثلاثة اسابيع, ومفادها ان عمليات تهريب للاسلحة تتم عبر حدود مصر مع قطاع غزة. ونجحت الجهود والاتصالات التي اجراها علي الفور السفير ماجد عبدالفتاح مندوب مصر الدائم لدي الأممالمتحدة مع فيجي ناميبيا ووان سوكيم بمكتب الأمين العام ثم بلين باسكوي وكيله للشئون السياسية في اجبار الأمين العام علي تقديم مايشبه الاعتذار. وكان واضحا ايضا ان الرسالة الاساسية التي حاول السفراء العرب نقلها إلي الأمين العام هي نفسها ما ورد في اخر تقرير كتبه الفارو دي سوتو مبعوث الأمين العام السابق إلي الشرق الأوسط عن عملية السلام في الشرق الأوسط, فقد حمل دي سوتو في تقريره علي المحاباة والتمييز داخل مؤسسات الاممالمتحدة, وانتقد استبعاد سوريا وحركة حماس من اجواء التسويات المطروحة والرهان فقط علي الاطراف التي تحظي برضا واشنطن, ووصف الترويج للخطر الشيعي وامتداده في الشرق الأوسط بأنه مجرد اداة لابعاد الانتباه عن القضية الفلسطينية, ووجه انتقادات شديدة للجنة الرباعية وانحيازها المطلق للمواقف الأمريكية الإسرائيلية. لكن كيف رد بان كي مون علي تعليقات السفراء العرب؟ قال لي السفير السوداني إن الأمين العام قال لهم إنه سيفعل مافي وسعه للوفاء بمطالب المجموعة العربية وانه لن يتواني في انتقاد نفسه وانه حريص علي الحيادية الكاملة والاستناد إلي المرجعيات في تقارير الأممالمتحدة, وقال إنه اعتذر عن الاتهامات التي وجهها مطلع الشهر الجاري بحدوث عمليات تهريب اسلحة عبر حدود مصر مع غزة, كما تحدث عن ان الإسرائيليين انفسهم ينتقدون بعض تصريحاته وتقاريره ويصفونها بالتحيز والمحاباة للجانب العربي!