قال مصدر وزاري ل«الحياة» ان السير بصيغة التعديل الدستوري الذي يتيح انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية يوم الثلاثاء المقبل كما يأمل معظم الذين يسعون الى الخروج من الفراغ الرئاسي المستمر في البلاد منذ 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والذي اتُفق عليه أول من أمس بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، ينتظر إبلاغ الحزب لبري موافقته عليه. وذكر المصدر أن قيادة الحزب أخذت مهلة للتشاور في شأن الصيغة التي توصل اليها بري والحريري، وتقضي باقتراح 5 نواب من المعارضة و5 من الأكثرية تعديل الدستور على أن يقر البرلمان في جلسة تعقد صباح الثلاثاء قبل جلسة الانتخاب التي دعا اليها بري، الاقتراح، ويتولى النواب الوزراء الحاضرون للجلسة النيابية نقل القرار الى جلسة منعقدة للحكومة، كي تقر مشروع قانون ينص على التعديل الدستوري بأكثرية الثلثين في حضور الوزراء الشيعة المستقيلين الذين يعودون عن استقالتهم خصيصاً لتلك الجلسة، (أي لمدة قد لا تتجاوز الساعتين)، كمخرج لاعتبارهم الحكومة غير شرعية وغير دستورية بفعل غياب التمثيل الشيعي عنها، على أن تلي ذلك عودة النواب الوزراء الى البرلمان لإقرار قانون التعديل الدستوري في الهيئة العامة فترفع الجلسة التشريعية ليفتتح بري الجلسة الانتخابية ويتم انتخاب العماد سليمان، فيما تكون الحكومة أعلنت نشرها قانون التعديل. وأوضح المصدر الوزاري ل«الحياة» ان الأكثرية قدمت للمعارضة ول«حزب الله» مخرجاً، وطرحت صياغة لتعديل الفقرة الثالثة من المادة 49من الدستور، وذهبت الى حد عدم حضور الحكومة جلسة البرلمان لإقرار الاقتراح النيابي بتعديل الدستور، مكتفية بحضور النواب الوزراء، بحجة أن رئيس مجلس الوزراء دعا الى جلسة للحكومة في السراي الكبيرة، ومع ذلك فإن قيادة المعارضة استمهلت لإعطاء جوابها النهائي، لأن الحزب أراد إجراء المزيد من التشاور خصوصاً مع حليفه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون وفي إطار قيادته. وأشار المصدر الوزاري الى أن المفاوضات أظهرت ان الرئيس بري يحتاج كي يسير في التعديل الدستوري الذي جرى التفاهم على آليته، الى موافقة «حزب الله»، سواء اشترك وزيرا الحزب في جلسة الحكومة أم لم يشتركا فيها، تضامناً مع العماد عون إذا رفض الأخير التسوية حول هذا التعديل. وعن تأثير المواقف الخارجية في إقبال قيادة المعارضة على إنجاز انتخاب العماد سليمان، قال المصدر الوزاري إن الاتصالات الخارجية لا سيما التركية مع الجانب السوري أدت حتى الآن الى بعض الإشارات الى أن دمشق دعت بعض حلفائها الى تسهيل الحلول. فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بقي على اتصال مع الرئيس السوري بشار الأسد منذ حصول الفراغ الرئاسي. وليست كل الاتصالات التي أجريت من جانبه مع الأسد معلنة على رغم الإعلان عن الاتصال الأخير الثلثاء الماضي. كما أن الجانب التركي بقي على اتصال مع عدد من المسؤولين اللبنانيين لمتابعة وملاحقة مدى تقدم الأمور للاتفاق على إنهاء الفراغ الرئاسي، وأبرزهم بري والحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وقال المصدر الوزاري إياه ان في «حزب الله» من يرى وجوب التشدد أكثر تجاه موضوع الرئاسة وانتخاب العماد سليمان من أجل الحصول على مكاسب أكثر من الأكثرية، التي أخذت قراراً بعدم تقديم أي تنازل بعد قرارها دعم العماد سليمان للرئاسة كمرشح توافقي، مهما كان الثمن. ورأى المصدر نفسه أن الموقف الإيراني ما زال غير واضح حتى الآن، على رغم تصريح مستشار مرشد الثورة الدكتور علي لاريجاني بدعم خيار سليمان. فالجانب الإيراني ما زال يترك المجال ل«حزب الله» لكي يحصل المطالب التي يستطيع الحصول عليها، والضمانات التي يريدها، «فوضع الشروط على التعديل الدستوري له أهداف تتعلق بالحزب وبما تريده إيران من أطراف خارجية معنية بالوضع اللبناني مقابل تسهيلها الأمور». كما رأى أن دمشق حصلت على انفتاح أوروبي وحضرت مؤتمر أنابوليس حيث وُعدت بالبحث في الأشهر المقبلة بموضوع الجولان. وثمة متغيرات يدركها «حزب الله»، لكن حليفه الرئيس العماد عون لم يلتقط هذه المتغيرات التي تدفع في اتجاه الحلحلة في موضوع الرئاسة اللبنانية، ما يجعله غير قادر على التكيف مع التسوية التي يتجه حلفاؤه اليها. وأشار المصدر الى ان الجانب الإيراني، مع حسمه مسألة تأييد العماد سليمان وتأييده التوافق عليه، ربما يتجه الى تأخير الانتخاب، وبالتالي تأخير التعديل الدستوري لبعض الوقت من أجل ضمان حصول اتصالات فرنسية وأوروبية معه، لأسباب تتعلق بالاندفاعة الفرنسية والأوروبية الأخيرة من أجل فرض دفعة ثالثة من العقوبات الاقتصادية على طهران في إطار الضغوط الدولية عليها في شأن ملفها النووي. وربط المصدر نفسه بين العلاقة الإيرانية – الفرنسية في ما يخص الملف النووي وموضوع الرئاسة في لبنان بالقول إن طهران تتبع سياسة بين «وقف التنصيب» (انتخاب العماد سليمان للرئاسة وتوليه السلطة كمرشح متفق عليه) وبين «وقف التخصيب» (اليورانيوم)، مشيراً بذلك الى استمرار حؤولها عبر «حزب الله» دون الانتهاء من الفراغ الرئاسي في لبنان الذي تعمل له فرنسا وأوروبا على قدم وساق. ورأى المصدر ضرورة ترقب ما يحمله اليومان المقبلان على صعيد الموقف الإيراني في شكل يمكن أن ينعكس على موقف الحزب. إلا أن مصدراً نيابياً في الأكثرية اعتبر انه سواء صحت التقديرات بأن موقف «حزب الله» مرتبط بما يستجد قريباً بين إيرانوفرنسا وبعض الدول الأوروبية حول ملفها النووي، أم لم تصح، فإن هناك عاملاً داخلياً مهماً يؤثر في موقف الحزب هو رغبته في عدم فك تحالفه مع العماد عون أو التخلي عنه. وأضاف ان عون يدرك ان الحزب غير قادر على التخلي عنه وأنه عقدة يصعب حلها، وبالتالي فإن قيادة الحزب تتريث في اتخاذ موقف يقود الى فصله عن عون كورقة رئيسة يستفيد منها في المرحلة المقبلة لمصلحته. ودعا المصدر الى عدم التقليل من التداعيات السلبية لفك التحالف بينهما على الحزب نفسه في المشهد السياسي العام في البلاد. وإذا كان فك الارتباط بين الحزب وعون غير وارد، فإن الحزب يترقب التوقيت المناسب من أجل الإفساح في المجال أمام بري كي يقدم على إنجاز التسوية مع الأكثرية، بتأييد منه، من دون أن يشارك هو في مخرج التعديل الدستوري. أي أن حلحلة الموقف وإتاحة انتخاب سليمان ستتمان في هذه الحال عبر مضي بري في التسوية بتغطية من «حزب الله»، الذي سيبقى متضامناً مع الجنرال. وتعتقد مصادر سياسية ان «حزب الله» قد يهيئ المناخ لاعتماد هذا المخرج لأنه لا يستطيع في الوقت نفسه أن يضعف ترشيح العماد سليمان الذي احتفظ معه طوال السنوات الماضية بتنسيق وثيق في إطار التعاون بين الجيش والمقاومة، خصوصاً انه تعاون يفترض أن يستمر في المرحلة الآتية. وانتهى المصدر النيابي الى القول إن المعادلة التي تتحكم بموقف المعارضة هي أن الحزب غير قادر على الخروج من تحالفه مع عون، وبري غير قادر على الخروج من تعاونه مع الحزب، لكنه قادر على الخروج من الالتزام مع عون.