أصدر مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد UNCTAD) هذا الاسبوع تقريره الاخير حول الاستثمار فى العالم ، الذى كشف أن الإستثمارات العابرة للحدود في العالم زادت بنسبة 10.9 % خلال العام الماضي إلى 1.46 تريليون دولار، ومن المتوقع وصولها خلال العام الحالي إلى 1.6 تريليون دولار ، و 1.8 تريليون دولار في عام 2015 ، وهو رقم لا يزال أقل بكثير من ذروة ما قبل الأزمة حيث وصلت الاستثمارات العالمية الى أكثر من 2 تريليون دولار في عام 2007.. و للعام الثانى على التوالى تنجح الاقتصادات النامية و خاصة دول الاسواق الناشئة فى جذب النصيب الأكبر من تدفقات الاستثمارات الدولية المباشرة و هو ما يعكس تحقيقها معدلات نموأسرع في السنوات التي أعقبت الأزمة المالية ، و وفقا للتقرير فمن المرجح أن يتكرر هذا مرة أخرى في عام 2014 على الرغم من تباطؤ النمو، وعدم اليقين السياسي والاضطرابات في الأسواق المالية. و تشير البيانات الى ان الإستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصادات النامية قد ارتفعت بنسبة 6.2٪ الى مستوى جديد محققة 759 مليار دولار أو 52٪ من الاجمالى العالمى .. بينما بلغت زادت حصة الأسواق الخمس الصاعدة الرئيسية في العالم وهى البرازيلوروسياوالصين و الهندوجنوب أفريقيا، بنسبة 22 % خلال العام الماضي محققة 322 مليار دولار، و التدفقات المالية اليها تمثل الآن أكثر من خمس الإستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، حيث ضاعفت حصتها من هذه الإستثمارات مقارنة بالفترة السابقة عن الأزمة المالية العالمية في 2008. ووفقا للتقرير زادت الإستثمارات القادمة إلى الدول المتقدمة ايضا بنسبة 12% تقريبا إلى 576 مليار دولار وهو ما يمثل 39٪ من المجموع العالمى للتدفقات الاستثمارية ، وذلك بفضل الزيادة في دول مثل إسبانيا وألمانيا وإيطاليا ، حيث تضاعفت الاستثمارات فى ألمانيا تضاعف أربع مرات تقريبا مع تدفقات وصلت إلى 32.3 مليار دولار ، و حققت إسبانيا ارتفاعا بنسبة 37٪ إلى 37.1 مليار دولار .. و هو امر يعكس تخفيفا للمخاوف بشأن احتمال تفكك منطقة اليورو. لكن كان هناك تراجع من ناحية اخرى فى إهتمام المستثمرين الأجانب بكل من فرنسا والنرويج وسويسرا والمجر خلال العام الماضي ، حيث شهدت فرنسا تراجعا بنسبة 77٪ إلى 5.7 مليار دولار. وفي المقابل زادت الإستثمارات الصادرة من أمريكا الشمالية بنسبة 6% في ظل تراجع صفقات الاندماج والاستحواذ.. لتظل الولاياتالمتحدة متربعة على القمة كأكبر متلق في العالم للاستثمار الأجنبي المباشر وأكبر اقتصاد في العالم، على الرغم من تضييق الصين – التى تحتل المركز الثانى - للفجوة بينهما إلى 32 مليار دولار في عام 2013 بعد ان كان 47 مليار دولار في عام 2012.. ياتى هذا فى الوقت الذى قفزت فيه روسيا إلى المركز الثالث كأكبر سوق جاذبة للإستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم. و يشير التقرير الى ان 9% الباقية من اجمالى التدفقات الاستثمارية العالمية يذهب باتجاه ما تسميه "الأونكتاد " الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية، أو روسيا وأجزاء أخرى من أوروبا الشرقية . على جانب اخر يشير التقرير الى ان توزيع النمو الاقتصادي العالمي يبدو أنه تحول مرة أخرى نحو الاقتصادات المتقدمة، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب ، و منذ بداية عام 2014، هناك دلائل على أن المستثمرين الأجانب أصبحوا فى قلق و اضطراب متزايد إزاء التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه العديد من الاقتصادات النامية الكبيرة. ومع ذلك، يقول "جيمس زان James Zhan " مدير الأونكتاد للاستثمار والمشاريع "لا نتوقع أن نرى انخفاضا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية هذا العام، على الرغم من انه لا يستبعد تباطؤ معدلات النمو. و يضيف متحدثا لصحيفة وول ستريت جورنال " ان حصة الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي المتدفقة على مجموعة الاقتصادات النامية الكبيرة قد تضاعف تقريبا منذ عام 2008، في حين كانت التدفقات إلى الاقتصادات المتقدمة أقل من نصف مستواها فى الفترة بين عام 2007 في عام 2013 " . و حول النظرة المستقبلية للاستثمار العالمى ، وعلى النقيض من السنوات السابقة، ركز التقرير الاخير على وجود الكثير من مظاهر عدم اليقين حول كيفية سير تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2014 بالنسبة للاقتصادات النامية فى جنوب أفريقيا وتركيا والبرازيلوالهند .. حيث تشهد هذه البلاد جولة جديدة من الانتخابات التى تحمل فى طيها مصدرا لعدم اليقين بالنسبة للشركات الأجنبية التى تدرس الاستثمارات، وهناك أيضا شكوك كبيرة حول كيفية انهاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي و خفضه لبرنامج التحفيز والتي ستؤثر تدفقات الاستثمار على الصعيد العالمي، ويشير التقرير الى ان بعض الانخفاضات الحادة في أسواق الأسهم والعملات التى شهدتها الاسواق الناشئة في الأسابيع الأولى من السنة قد تكون كرة الثلج التى تكبر لتصل الى حد الازمة من النوع الذى شُوهد آخر مرة بين عامي 1997 و 1999. و لكن جيمس زان مدير "الأونكتاد " للاستثمار والمشاريع ، يرى أنه حتى لو حدثت مثل هذه الازمة، فإنه ليس من الواضح أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض سريع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى الاقتصادات النامية، استنادا إلى الأدلة من آخر أزمة جابهت الأسواق الناشئة.