تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    الجبهة الوطنية يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج "لها أهداف تحريضية"    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي    «اللي خايف يروح».. رسالة مثيرة من رئيس قناة الأهلي السابق بعد الفوز على البنزرتي    لا مزيد من القمصان الممزقة.. هالك هوجان أسطورة المصارعة يسقط خارج الحلبة    حمادة عبداللطيف: عبدالله السعيد مكسب للزمالك.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة    بطاقة طرد توقف مباراة الأهلي بنغازي والأهلي طرابلس وتتسبب في دخول الشرطة    موجة حارة جدًا.. بيان مهم يكشف طقس الساعات المقبلة وموعد انخفاض درجات الحرارة    الشامى يشيد بالجمهور المصرى: "شرف كبير أغنى بينكم"    الذهب يهبط وسط تفاؤل بشأن مفاوضات التجارة وتعافي الدولار    روما يوافق على رحيل سعود عبدالحميد إلى الدوري الفرنسي    نادين الحمامي تضرب موعدًا مع أمينة عرفي في نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    رئيسة المفوضية الأوروبية تلتقي ترامب في أسكتلندا الأحد المقبل لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي    قصور الثقافة تواصل تقديم فعاليات جودة حياة دعما للوعي المجتمعي بالمناطق الجديدة الآمنة    بعد أزمة القبلات.. راغب علامة يعلن عن حفل غنائي رفقة نانسي عجرم    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    محافظ شمال سيناء: مين يقدر يقول لأمريكا لأ؟ مصر قالت لأمريكا لأ (فيديو)    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    إيزاك يتصدر الصحف العالمية بعد طلبه الرحيل عن نيوكاسل يونايتد (صور)    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توني بلير مجرم حرب أم إطفائي حرائق؟
نشر في أخبار مصر يوم 19 - 07 - 2007

إذاً، تم اختيار توني بلير مبعوثا للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، التي لم تفعل شيئا ناجعا (بعد) للعرب والمسلمين منذ تشكيلها عام .2003 وبعد دقائق على إعلان خبر الاختيار، سارع بوش إلى الترحيب بتعيينه، على الرغم من ردود فعل معارضة لذلك التعيين بعد هبوط مصداقية بلير في العالمين العربي والإسلامي بسبب ادخاله بريطانيا في حرب العراق وأفغانستان، وعدم دعوته إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على لبنان، وتخليه عن بعض الأعراف السياسية الدولية محاولا تقبل الحقائق «الأمريكية« حتى لو كانت، أحيانا، في غير مصلحة بريطانيا.
و«بلير« هذا، رجل «العلاقات العامة«، المحب «للبهرجة«، يسعى هذه الأيام إلى ختم حياته بطريقته الخاصة، معولا على «التاريخ« لتقييم ما قدم من «إنجازات« سواء داخل بريطانيا أو خارجها، ومع أنه الفائز بثلاث ولايات متتالية، وأطول الزعامات العمالية بقاء بمنصب رئاسة الوزراء، وجدناه يستسهل الاستقواء بالتحالف مع الإدارة الأمريكية حتى بدت بريطانيا في حالة «تبعية« لسياسة الولايات المتحدة.
إذاً، لماذا جاء اختياره مبعوثاً للجنة تحاول ايجاد حل لأكبر مشكلة مستعصية عرفها التاريخ مشكلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ وإذ نستذكر انجازاته في إيرلندا الشمالية، هل ذلك يكفي ليكون رجل سلام في الشرق الأوسط أيضا؟ صحيح أن جهود بلير (وغيره) تكللت بتحقيق السلام في ايرلندا، ويمكن الافتراض على حد زعمه أنه من «أكثر المتحمسين« لايجاد حل للصراع العربي - الإسرائيلي. لكن كثيرين يرون أن ايرلندا الشمالية ليست فلسطين، وبلير لم يعد رئيسا للوزراء يقف الشعب البريطاني خلفه للخروج من مأزق داخلي، بل هو مجرد مبعوث (كغيره من موظفي الخارجية الأمريكية) يحمل رسالة إلى هذا الزعيم أو ذاك، من دون أي صلاحيات حقيقية. فهو، في أعين كثير من المراقبين، قريب جدا من الإدارة الأمريكية ولن ينظر إليه كحيادي، إضافة إلى كونه يحمل إرثا طويلا في القضاء على طالبان و«القاعدة« وجرى تكريمه لاحقا من قبل عدد من القادة الأمريكيين، غير مبال كثيرا بالاعتراضات المحلية ولا الدولية على دوره الداعم، بلا حدود، للولايات المتحدة وسياساتها.
إن شخصية ومسيرة بلير، مقرونتين مع الخطوة الجديدة في حياته السياسية، تتكشف عما نعتقد انه سعى إلى دخول «التاريخ« من أحد أوسع أبوابه (جائزة نوبل) على الرغم من أن من مفارقات هذه الجائزة، كونها منحت إلى ثلاثة من كبار الساسة الإسرائيليين الملطخة أيديهم بالدماء، وهو ما ينطبق على بلير نفسه.
فخلال سنواته العشر، لم يقدم فيما يرى كثيرون شيئا مفيدا (بقدر ما قدم من ضرر) إلى العرب والمسلمين خاصة على صعيد القضية الفلسطينية، وهو يتحمل مسئولية نزيف دماء عشرات الجنود البريطانيين ومئات آلاف العراقيين، وكذلك الحال في أفغانستان. والتظاهرات الكبيرة التي شهدتها العاصمة لندن طالبت، مرارا، بمحاكمته كمجرم حرب بسبب ما اعتبر «تلفيقه الأكاذيب« أمام البرلمان البريطاني، ضمن مساعيه لتعبئة الرأي العام كي يساند قراره دعم الغزو الأمريكي، وإرسال (وبقاء) قوات بريطانية للمشاركة في الحرب على العراق. وفي سياق متمم، يبقى بلير في موضوع الصراع العربي - الإسرائيلي على خط الموقف الأمريكي نفسه المعروف بانحيازه إلى إسرائيل، وهو ربما ما دفع واشنطون بالأساس لترشيحه إلى منصب موفد سلام للجنة الرباعية بعد أن أثبت ولاءه، تكرارا، لمجموع سياسات الولايات المتحدة منذ صعود بوش إلى سدة السلطة. ختاما، واستخلاصا، هل يمكن أن يصلح بلير إلى منصب مبعوث سلام في أي منطقة، فما بالك في فلسطين حيث أدت السياسة الأمريكية وتأييده الأعمى لها إلى حالة الفوضى التي تعم منطقة الشرق الأوسط راهنا؟ ان جوابنا عن هذا السؤال الأساس يتلخص في كون بلير على الرغم من كل ما قيل قد اتبع الاستراتيجية الثابتة للمملكة المتحدة في العقود الأخيرة التي قوامها أن العلاقة مع الولايات المتحدة لها الأولوية على كل اعتبار بما في ذلك علاقات بريطانيا الأوروبية، وبما في ذلك سمعتها الدولية.
وتقتضي الأمانة منا القول: إن بلير، الذكي جدا والخبير سياسيا، كان يعتقد أنه قادر على التأثير في بوش الذي لا تربطه علاقة حميمة بالذكاء وبالخبرة السياسية.
وفعلا، وفقا لتقارير عدة، أسهم تدخل بلير في «تلطيف« النزعة الأمريكية المنحازة بشكل مطلق مع إسرائيل، وكذلك في تلطيف نزعة التطرف في معاداة عدد من الدول على قاعدة محاربة الإرهاب. غير أن الأمانة تقتضي أيضا التأكيد أن حدود التأثير كانت أقل مما هو متوقع، الأمر الذي جعل صورة بلير «ذنبا« للولايات المتحدة الأمريكية تغلب على صورته «رأسا« أو «رقبة«.
ومع ذلك، فإن خبرة بلير وذكاءه، زائدا رغبته العارمة في دخول التاريخ عبر الحصول على جائزة نوبل للسلام بصفته «إطفائي الحرائق القومية« في كل من إيرلندا (حيث نجح) وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي (حيث سيحاول)، كلها اعتبارات ترشحه إلى لعب دور ما قد يكون مهما وقد لا يكون. ففي هذا السياق، يلفت النظر كاريكاتير نشرته صحيفة أمريكية جعلت بوش (وكونداليزا رايس الواقفة إلى جانبه) يقولان (عن بلير الراكب على الجمل والمعتمر كوفية): «لقد وضعنا تصورا لشبه مبعوث، وشبه وسيط، وشبه ضابط ارتباط، وشبه مستشار« وبالمقابل، كتب «ياعيل باز« في صحيفة «معاريف« العبرية، يقول: «في ظاهر الأمر يجب كبح الحماسة لأن تعيين الرباعية له لا يشمل تقديم التفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، وهو دور ستستمر كونداليزا رايس في شغله، لكن من يعرف الرجل (ليس شخصيا بل كرئيس حكومة) يعلم انه لن تستطيع - أي كونداليزا ان توقفه عن التدخل الفعال في التفاوض، بما في ذلك المبادرات الجديدة إزاء فشلها المتواصل في الوفاء بالمهمة«. ويبقى القول الفصل فيما اذا سمحت له القوة العظمى عالميا (الولايات المتحدة) والقوة العظمى إقليميا (إسرائيل) بالنجاح في مهمة إنجاز حل الدولتين أم لا؟ تلك هي المسألة حيث ان العالمين العربي والإسلامي يعيشان في «حالة من الانبطاح« الذي لن يعوق مهمة بلير، بل هي «حالة« ستساعده على انجاز ذلك الحل الذي قطعا سيصب أغلب الماء في الساقية الإسرائيلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.