تحت هذا وفي المكان نفسه كتبت في13 يناير الماضي ما نصه أن رئيس الدولة هو رمز هيبتها والانتقاص من شخصه سواء بالتصريح أو التلميح هو انتقاص من هيبة الدولة وسواء كان ذلك من خلال برامج تليفزيونية أو غيرها فالنتيجة واحدة. ولكن لأننا سمحنا لأنفسنا بالتمادي في الانتقاص من رموز الدولة إلي هذا الحد كانت النتيجة الطبيعية هي ذلك الانفلات الإعلامي الذي بلغ حدا لا يمكن قبوله وخاصة ما يتعلق منه بالإيحاءات الجنسية وما يتعلق بازدراء الشخصيات العامة وكان الأكثر فجاجة ما يتعلق بالنيل من رمز القوات المسلحة وهذه هي قضيتنا الآن. فقبل عدة أيام دار حوار هاتفي مع صديق عزيز وهو أحد الجراحين المرموقين في مجتمعنا وسألته السؤال التقليدي: كيف تري المستقبل؟ فأجاب علي الفور: أري مستقبلا عظيما وذلك لأن لدينا الآن قيادة أو زعامة يلتف حولها معظم الشعب وهو ما كنا نفتقده علي مدي سنوات الانفلات وهذا في حد ذاته إنجاز كبير لم نكن نتوقعه وهو مبرر كاف لأن نتفاءل.. انتهي كلام صديقي. وإذا كانت هذه هي وجهة النظر السائدة في المجتمع الآن وهي أنه قد أصبحت لدينا زعامة أو قيادة يمكن الالتفاف حولها فإن أي محاولة للانتقاص من قدر هذه الزعامة سواء بالتصريح أو التلميح هي أمر غير مقبول من جهة وأمر قد تكون له دوافعه من جهة أخري وذلك لأنه لا يخفي علي أحد أن هذا الأسلوب في الطرح قد أسهم في اهتزاز صورة النظام السابق أيما اهتزاز أمام الرأي العام وأشاع جوا من الفوضي في المجتمع بلغ حدا لم يكن هناك سبيل لاحتوائه أو تداركه. ولكن المهم في الأمر هنا هو أنه يجب الاتفاق وقبل الخوض في أي تفاصيل عن الحريات والديمقراطيات وما شابه ذلك علي أن القوات المسلحة يجب أن تظل خطا أحمر بدءا من أقل جندي ينتمي إليها وحتي أعلي رأس بها فلا يجوز بأي حال ولا لأي سبب النيل من صورة ذلك الجندي الذي نذر حياته أو مدة خدمته فداء لوطنه فما بالنا بقيادته التي وهبت حياتها كاملة لهذا الهدف! وإذا كانت كل الرموز قد سقطت الآن في بئر الفوضي الحاصلة في المجتمع فإنه يجب الحرص علي عدم المساس بذلك السياج المحيط بقواتنا المسلحة, علي اعتبار أنها آخر ما تبقي لنا من عزة وكرامة. أما عن الحريات والديمقراطيات فمن المؤكد أن هناك حدودا لهذه وتلك حتي في أعتي الدول التي تتشدق بهما طوال الوقت ولن يقبل المجتمع أبدا استمرار استخدام ألفاظ أو إيماءات خادشة للحياء في وسائل الإعلام كما يجب ألا يقبل الرأي العام أيضا أي إهانة للجيش ورموزه وخاصة في هذه المرحلة التي يخوض فيها غمار حرب حقيقية مع الإرهاب في سيناء ومع الفوضي في بر مصر ككل لأن ذلك بالتأكيد سوف ينال من معنوياتهم. وإذا كان الهدف هو إضحاك الجمهور وانتزاعه من أجواء التوتر والقلق فيجب ألا يكون علي حساب مكانة الجيش وهيبة رموزه ولذلك أساليب أخري عديدة وإذا كان الهدف أيضا هو جذب أكبر نسبة مشاهدة فيجب ألا يكون علي حساب الجيش ورموزه ولذلك طرق أخري أيضا أما إذا كان الهدف هو تحطيم الرمز والنيل من القامة لأهداف تبدو واضحة فإننا أمام كارثة يجب تداركها فورا ويجب عدم التمادي فيها تحت أي مسميات أو مبررات. وقد أكد كم البلاغات التي تم تقديمها إلي النائب العام بهذا الشأن أن هناك شيئا ما خطأ كما أن اللغط الحاصل في المجتمع الآن حول هذه القضية يؤكد أيضا أن هناك شيئا ما خطأ ولأن مجتمعنا لم يعد يتحمل أخطاء أكثر من التي فرضت وتفرض علينا طوال الوقت فإننا لسنا في حاجة إلي المزيد وخاصة أن ذلك سوف يتسبب في التضييق شيئا فشيئا علي وسائل الإعلام وهو ما كنا في غني عنه. نقلا عن صحيفة الاهرام