رئيس الدولة هو رمز لهيبتها, والانتقاص من شخصه سواء بالتصريح أو التلميح, هو انتقاص من هيبة الدولة, وسواء كان ذلك من خلال برامج تليفزيونية, أو غيرها, فالنتيجة واحدة, وبالتأكيد هناك فرق بين انتقاد قرار ما لرئيس الدولة, وبين الإصرار علي النيل من شخصه بعبارات غير لائقة أحيانا, والغمز واللمز أحيانا أخري.. ورئيس الدولة في حالتنا لم يهبط علينا بالباراشوت, أو بانقلاب غير مشروع, وإنما تم تنصيبه رسميا من خلال صناديق انتخابات شعبية.. ورئيس الدولة في حالتنا هو أكاديمي مشهود له, يتميز بخلق رفيع, ولم يعهد أحد فيه سلوكيات فاسدة أو دموية, أو حتي ضارة.. وفي حالتنا أيضا هو حديث العهد بهذا المنصب, أي أنه في حاجة إلي الفرصة الزمنية والواقعية كي يحقق برنامجه الانتخابي, وتطلعات شعبه, وهو أيضا قد قبل النقد اللاذع منذ أول يوم تسلم فيه مهامه وحتي الآن, إلا أن الإسفاف قد بلغ مداه, مما جعل الرأي العام هو الذي ضاق ذرعا بهذه الممارسات التي آن لها أن تتوقف. بالفعل.. القضية الأساسية في حياتنا الآن هي, كيفية استعادة الدولة هيبتها, وإذا كانت الحملة الأمنية التي بدأها وزير الداخلية علي مدي اليومين الماضيين قد استهدفت استعادة هذه الهيبة, فلن يتأتي ذلك إلا بالتوازي مع تغيير خطاب النخبة, وخاصة الإعلامي منه نحو شخص الرئيس بصفة خاصة, فهو في النهاية رمز مصر, شئنا أم أبينا, اختلفنا معه أم اتفقنا, وسوف نظل ننتقد أي توجهات رئاسية لا تتفق ورغبات الشارع, كما سوف نتصدي لأي تقصير حكومي نحو حاجات رجل الشارع, إلا أننا في الوقت نفسه يجب أن نتصدي وبكل حزم إلي أي إساءات توجه إلي شخص الرئيس, بالطريقة أو الأسلوب الذي اعتاد البعض عليه الآن, حتي لو من خلال برامج يعتبرها البعض كوميدية, لأنها في النهاية تسفيه لمصر كل مصر وهي في النهاية تنال من كرامة مصر, وإلا فكيف نفرض احترامنا علي الآخرين ونحن لا نحترم رمز الدولة, خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن مثل هذه البرامج يشاهدها مواطنو الأقطار الأخري من حولنا, مما جعلنا مثار سخرية وانتقاد واسعي النطاق. وإذا كنا نتحدث طوال الوقت عما هو مطلوب من الدولة, وما هو مطلوب من الرئيس, فيجب أن نأخذ في الاعتبار, ما هو مطلوب من الإعلام, وما هو مطلوب من النخبة, وما هو مطلوب من المعارضة, وذلك لأن الممارسة يجب أن تكون متكاملة, ولا يمكن البناء علي واحدة منها دون الأخري, خاصة في مثل هذه الظروف التي يمر بها مجتمعنا, والتي تحتاج إلي جهود كل فئات المجتمع للخروج من عنق الزجاجة, وإلا فإننا في حاجة بالفعل إلي من يذكرنا بتاريخ مصر, وفضائل مصر, وتوافق شعب مصر. المطلوب الآن, وبعد مرور عامين علي ثورة25 يناير, صياغة جديدة للعلاقة بين مؤسسات الدولة المختلفة, بل بين الافراد بعضهم البعض, حتي لا يظل الانفلات هو الحالة الشائعة باسم الثورة, والنيل من رأس الدولة حالة سائغة باسم الديمقراطية, وحصار مقر رئيس الدولة, حالة طبيعية باسم الحرية, وإغلاق الطرق والميادين, حالة رائجة لم يعد لها ما يبررها, وجميعها ممارسات تقع علي النخبة ووسائل الإعلام مسئولية التصدي لها قبل الدولة الرسمية, حتي لا يستغلها البعض في توجيه الانتقادات والاتهامات علي أنها محاولات للتضييق علي الحرية أو الديمقراطية, إلا أننا أمام النيل من هيبة الدولة, والانتقاص من مكانة رئيس الدولة, قد لا نلوم إلا أنفسنا,لأننا جميعا خاسرون. المزيد من مقالات عبد الناصر سلامة