تزامنا مع احتفالات عيد القيامة، البابا تواضروس يترأس قداس خميس العهد    بالأسماء، وزير الداخلية يأذن ل 21 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    «بحر البقر».. أكبر محطة بالعالم لمعالجة الصرف الزراعى بسيناء    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    المشاط: استمرار التنسيق بين الجهات الوطنية والاتحاد الأوروبي لدفع جهود الإصلاح الاقتصادي    «الإسكان»: جاري تنفيذ 64 برجاً سكنياً و310 فيلات بمشروع «صواري»    رئيس الوزراء يبحث مع شركات كوريا الجنوبية سبل تعزيز استثماراتها في مصر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    «الأهلي للصرافة» تجذب حصيلة 6.9 مليار جنيه خلال شهر أبريل    وزير التعليم العالي يستقبل مدير المجلس الثقافي البريطاني لبحث آليات التعاون المُشترك    شيخ الأزهر ينعي الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    جيش الاحتلال يقصف مسجد القسام في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    سفير روسي: اتهامات أمريكا لنا باستخدام أسلحة كيميائية «بغيضة»    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    تفاصيل جلسة جوميز مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة البنك الأهلي    بايرن ميونخ يكشف حقيقة اتصالات ريال مدريد لضم ديفيز    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    حالة الطقس اليوم الخميس.. أجواء معتدلة على أغلب الأنحاء    تفاصيل مصرع سيدة ونجاة زوجها في حريق شقة بحلوان    تحرير 11 محضرًا تموينيًا لأصحاب المحال التجارية والمخابز المخالفة ببلطيم    العثور على جثتي أب ونجله في ظروف غامضة بقنا    مصرع طالب صدمته سيارة مسرعه أثناء عودته من الامتحان ببورسعيد    أخصائية تربية تقدم روشتة لتقويم سلوك الطفل (فيديو)    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تامر حسني يدعم بسمة بوسيل قبل طرح أغنيتها الأولى: كل النجاح ليكِ يا رب    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال أبريل 2024    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو حال الأمة.. كيف تستعيد دورها؟
نشر في أخبار مصر يوم 04 - 10 - 2007

كأن الأمة العربية فقدت مناعتها وقدرتها على تحديد مستقبلها واتخاذ قرارها، فسقطت في حال من العجز والشلل، وسلمت بقدرها فيما الأنواء من حولها تعصف في كل اتجاه، بل لم يبق من مكان إلا وأصبح هدفاً لشر مستطير يأتيها من كل حدب وصوب حتى بات حاضرها ومستقبلها في مهب ما يخطط لها الأعداء والطامعون والمتربصون.من العراق إلى فلسطين فلبنان والصومال والسودان واليمن والجزائر، بل وعلى امتداد الأرض العربية من المحيط إلى الخليج، تشتد العواصف فتكاد تقتلع الحدود والوجود معاً، والأمن القومي صار في خبر كان بعدما حلت القطريات واستفحلت العصبيات والمذهبيات المقيتة.بات الأمن القومي عارياً مكشوفاً، فلا أسقف أو جدران تحميه، وبدأت تلوح مشارط التقسيم الأمريكية و”الاسرائيلية” مستهدفة تقطيع أوصال الوطن العربي وتمزيق هويته وانتمائه، من دون أن تلقى الصد والممانعة والرفض إلا في بعض البؤر التي ترفض الاستسلام لاستشعارها الخطر المحدق بالأمة.أمام هذا الواقع المأساوي، وفي محاولة لاستشراف ما يمكن عمله من أجل القيام بعملية استنهاض وتجميع لعوامل القوة، والحؤول دون الوصول إلى القاع أو الحضيض، تحاول “الخليج” في هذا الاستطلاع الوقوف على آراء كوكبة من المثقفين والمفكرين والسياسيين العرب، إزاء هذا الواقع، والتفكير بصوت مسموع.. لعل وعسى يؤدي ذلك إلى المساهمة في بعث الأمل واعادة الروح إلى الأمة.
مصر
القاهرة “الخليج”:
* الدكتور حسن نافعة (أستاذ العلوم السياسية وأمين منتدى الفكر العربي): وصلت الأمة العربية إلى حالة مؤسفة من التدهور، فهناك احتلال أمريكي للعراق و”إسرائيلي” لفلسطين، وشبه حرب أهلية في فلسطين ولبنان والصومال والعراق، فضلا عن أن هناك دولا أخرى مرشحة للحرب الأهلية، بالإضافة إلى وجود شبح الفتنة الطائفية داخل الوطن الواحد مثل العراق وفلسطين ولبنان، وهو ما تسعى الولايات المتحدة إلى تعميقه وتكريسه رغبة من جانبها في تمرير مشروعها الداعم للتجزئة والتفتت في المنطقة العربية وسعيها لمحاصرة تيارات المقاومة التي تصفها بتيارات ومحاور المتطرفين سواء كانت المقاومة في لبنان أو فلسطين أو العراق، فضلا عن إثارة القلق والخوف العربي إزاء ما تصفه دوائر أمريكا و”إسرائيل” بالخطر الشيعي القادم من إيران، وهو ما أدى إلى إحداث نوع من الشحن المغذي للاحتقان الطائفي ما يصب في مصلحة المشروع الأمريكي “الإسرائيلي” الهادف لجعل إيران عدوا للأمة العربية بدلاً من العدو “الإسرائيلي”، بينما إيران جار تاريخي وشقيق إسلامي وصديق تحرري، وتسعى أمريكا بمشروعها إلى توجيه العرب وخاصة الدول الكبرى إلى مواجهة ما سمته أمريكا الخطر الإيراني ونسيان الخطر الأمريكي “الإسرائيلي” على المنطقة، وبالتالي فإن “إسرائيل” هي التي ستجني ثمار إثارة القلاقل الإيرانية- العربية وستتحمل الدول العربية العواقب في حالة إجهاز أمريكا على إيران، وهو ما سي ؤدي إلى نشوب حرب إقليمية، وإذا حدثت مثل تلك الحرب فإنها ستأخذ أبعادا طائفية تزيد من حالة التفتت.
إن الدول العربية تملك من المقومات الكثير لوقف التدهور والانهيار، والصعود من جديد، مؤكدا أن القول بأن الأمة وصلت إلى حالة من اليأس يعني أننا مرشحون لمزيد من التدهور الذي يعرض الدول العربية المركزية للتفتت وفق المشروع الأمريكي الذي يحمل مخططات تستهدف تقسيم الدول العربية إلى دويلات، وإذا أخذنا مصر كنموذج فإنه يراد لها أن تتحول إلى دولة مسيحية في الجنوب وأخرى إسلامية “سنية” في الشمال، فضلاً عن تطلعات (الكيان الصهيوني) للعودة إلى احتلال سيناء.
إن الحديث عن أن الأمة العربية فاتها القطار معناه أننا ننظر اكتمال مشروع الانهيار العربي، وأضاف أن القوى العربية الراغبة في التغيير لاتزال مقسمة ومجزأة ولا تتوافر لها القيادة المطلوبة، لكن الأمل لايزال معقودا على توحيد القوى المقاومة في الدول العربية لصياغة مشروع للنهضة الوطنية، فهناك المقاومة العراقية التي استطاعت أن تفشل المخطط الأمريكي، ولاتزال المقاومة في فلسطين متمسكة بخيار التحرير، وحالة الصمود الأسطوري للمقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله ضد عدوان الكيان “الإسرائيلي”، وهي حالة لم تستطع الحكومات العربية تحقيقها، وبالتالي فقد بات مطلوبا من القوى المقاومة والأخرى الداعمة لها أن تطرح مشروعا للنهضة العربية أساسه مقاومة الاحتلال في مواجهة المشروع الأمريكي، ويضع خصوصية الأقطار العربية في الاعتبار، لافتا إلى أنه من الخطر في حالة خروج أمريكا من العراق غياب مشروع وطني موحد للعراق، وبالتالي أيضا لابد من توحيد المقاومة في كل قطر عربي. يجب على النخب والمفكرين وأصحاب الرأي ألا يكتفوا بتشخيص الواقع بل يجب عليهم طرح مشروع يرضي كل القوى الوطنية، لأنه لا أحد يستطيع وحده أن يملك الحل منفردا، ومن الواجب أن يهدف هذا المشروع إلى بناء حركة وطنية مقاومة وأن تكون الديمقراطية دعامته الأساسية ووضع آليات محددة قادرة على توحيد فصائل المقاومة بين البلدان من التيارات الليبرالية والقومية والإسلامية والتي تقبل التعددية والديمقراطية.
مسار كارثي
* د. نادر فرجاني (رئيس تحرير تقرير التنمية البشرية في الوطن العربي ومدير مركز المشكاة للدراسات): إن الأمة تسير في مسار كارثي، لكن هذا المسار فيه بوارق أو لمعان ضوء تهدي إلى طريق بديل يمكن له أن يقيل الأمة من عثرتها، موضحا أن معالم هذا الطريق تتجسد في عناصر المقاومة الباسلة في فلسطين ولبنان والعراق وما تمكن حزب الله من إنجازه في حرب يوليو/تموز ،2006 وهو الإنجاز الذي يشير بشكل واضح إلى ما يمكن أن يؤدي إليه استمرار احتكار الحكومات الحالية لمقدرات الأمة من انهيار، وفي المقابل ما يمكن أن يقود إليه ظهور تيارات من المقاومة الوطنية من إنجاز وانتصارات تعجز تلك الحكومات عن تحقيقها.
إن استمرار حال الأمة العربية في التجزئة والتخلف لا يمكن أن يستمر أمام محاولات البعض لاستعادة قوة التيار القومي والوطني والتماسك في حركته الممتدة عبر الوطن العربي، حيث يمكن مع هذه المحاولات أن يكون هناك مستقبل مختلف تماما وأفضل.
إن للنخب دورا لا بد أن يتركز في العمل على انتزاع الحريات المؤدية إلى قيام حركة مدنية في المجتمعات العربية لتساعد على دعم تيار المقاومة الوطني كجزء من العمل لإنقاذ الأمة من عثرتها، إلا أن النخب الحالية غير متجانسة رغم ما بها من عناصر نبيلة ووطنية وقابلة للتضحيات المترتبة على القيام بمهمتها كضمير وطني للمرحلة الراهنة، عدا عن أن بعض عناصر داخل النخبة متقاعسة وملتحفة بالحكومات.
إن على العناصر الوطنية داخل النخبة العربية أن تقدم لشعوبها البديل الوطني الذي يعمل لمصلحة وعي الناس في المنطقة والتحذير من أن استمرار احتكار الثروة والسلطة لمصلحة فئات بعينها من شأنه أن يقود إلى خلق حالة من الانفجارات الشعبية والاحتجاج العنيف كبديل للنضال السلمي، مدللا على ذلك بأن حالة العصيان السياسي تتزايد مع مرور الوقت في البلدان العربية، ولعل مصر نموذج لحالة ذلك التزايد حيث لم تتجاوز نتيجة الاستفتاء على التعديل الدستوري في مصر خلال شهر مارس/آذار الماضي خمسة بالمائة من الناخبين. وهذا نموذج واضح لحالة العصيان المدني.
وعلى النخبة أن تتمسك بعنصرين أساسيين كي تعيد صياغة الرؤية لتوحيد الأمة أولهما وضوح الرؤية بأن تكون هناك شفافية في قراءة الأوضاع الحالية وفي تقييم الدور السلبي للحكومات وعندما تتضح هذه الرؤية تبدأ عملية مساهمة النخبة في لعب دورها المنوط بها كضمير للأمة وقيادة لها في نضالها من أجل التحرر والعزة، أما العنصر الثاني فهو الاستعداد للتضحية مما يعني أن نضال النخب لن يكون سهلا ولا هينا في مواجهة النظم الحالية وهذا يتطلب تضحيات كثيرة.
فجوات
د. أحمد ثابت (أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة):
إن الأمة العربية في حالة تراجع وانكسار وتردٍ غير مسبوقة في تاريخها الحديث، ويرجع ذلك إلى انتشار الفساد في دوائر الحكم واتساع فجوة الثقة والشرعية بين الحكومات وجماهير الشعب العربي، فضلا عن تزايد ظواهر البيروقراطية والسلطوية والقمع، لدرجة أن بعض الدول العربية أصبحت تحتل مرتبة متقدمة في القمع والفساد وانتهاك حقوق الإنسان، مضيفا أن بعض الحكومات العربية تزداد في تبعيتها للقرار الأمريكي- “الإسرائيلي” بما يجعلها متورطة في تنفيذ المخططات الأمريكية تجاه المنطقة، والتي تستهدف إنشاء ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير.
إن الأزمة التي تمر بها الأمة العربية ليست قدرا محتوماً، ولا مصيراً مكتوباً، وإنما ترجع لأسباب عديدة منها ضعف وتشتت حركة الجماهير العربية سياسيا وتنظيميا، فالملاحظ أن الجماهير العربية فقدت الحيوية السياسية وللأسف لا يوجد هدف رئيسي تجمع عليه القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني رغم وجود مشروعات عدة للوحدة الجماهيرية في مقدمتها العمل المشترك على محاربة الفساد أو مكافحة الاحتلال الأمريكي “الإسرائيلي”، وهناك أيضا هدف غائب دائما عن خريطة الأحزاب والحركات السياسية المعارضة في الوطن العربي هو تحقيق الديمقراطية بما يعني التغيير الديمقراطي الحقيقي السلمي.
إن مواجهة المخطط الأمريكي، وحالة التفتت الحالية، ومواجهة تقزيم الأمة وفرض ما يسمى بالفوضى الخلاقة لن تكون إلا إذا استردت مصر دورها النضالي العربي القيادي.
إن أصحاب الرأي والفكر مدعوون لوضع استراتيجية محددة للتغيير تركز على هدف كبير مثلما حدث في الثورة الفرنسية التي كانت تهدف إلى الحرية والإخاء والمساواة أو الثورة الأمريكية التي ركزت على التحرر من الاحتلال البريطاني، أو أوروبا الشرقية التي تخلصت من النظم الشمولية، أو يكون الهدف مواجهة الفساد وبناء دولة المواطنة، حيث يتساوى الجميع بغض النظر عن اللون أو الدين أو المذهب أو العقيدة.
البحرين
المنامة فيصل الشيخ:
ضياء الموسوي (عضو مجلس الشورى البحريني):
تعاني الامة العربية من غيبوبة سياسية وتعيش هزيمة حضارية وتعاني من التفتت لعدة امور، منها العقد السيكولوجية من عقدة نرجسية احتكار الحقيقة وعقدة بارانويا الاضطهاد التاريخي والاستعماري وعقدة الفوبيا من نظرية المؤامرة وعقدة مازوخية التلذذ بايقاع الالم على النفس.
ما لم نؤمن بالقواسم المشتركة بين البشر بعيدا عن فوقية ملائكية تراثنا وتاريخنا لن نصل الى نتيجة. اننا نعاني من انيميا في النزعة الانسانية ودورتنا الدموية تفتقر للتسامح.
إن الفكر الانساني هو الحل؛ فالغرب تقاتل ثم اشترك على المصالح التي تجمعه اما نحن فتلعب بنا الدكاكين الطائفية ويتم توزيع مخدرات دينية متشددة على الناس واراضي الجنة توزعتها المذاهب والبرغماتيات السياسية لذلك سنبقى متفرقين، مشددا على ضرورة تعميق نهر الوحدة وضخ الروح الانسانية في شرايين الامة العربية وتعميق ثقافة الحياة في عقول الشباب. نحتاج الى تغيير مناهج التعليم وتعميق الاسلام الوسطي وترسيخ مجتمع المعرفة مع تمكين المرأة ودعم الديمقراطية.
نحن خارجون من دائرة الزمن، بعضنا رجله في القرن العشرين وعقله في القرون الوسطى. اننا نعاني من ذبحة صدرية حضارية وللخروج منها لابد من الاصلاح الثقافي والديني كما عمل مارتن لوثر في الغرب والكنيسة. يجب عدم اقحام الدين في السياسة لان الدين ثابت والسياسة متحولة والدين مقدس والسياسة نجاسة. يقول نزار قباني: ان السياسة وحدها مستنقع ماذا اذا التقت السياسة والبغاء؟”.
ويجب التركيز على “المنظومة القيمية والاستفادة من الحضارة الانسانية وترسيخ ثقافة الاقتصاد مع كنس كل الخرافات العالقة في ذهن المواطن العربي، وتنظيف الشوارع العربية من كل الاوساخ والنفايات والمسامير والطحالب باعادة قراءتنا للسياسة بواقعية بدلا من العنتريات التي ما قتلت ذبابة.
اليوم الجهاد بالعلم والمعرفة والاقتصاد والانفتاح الانساني وليس بتفجير الاوطان وترسيخ الكراهية للأمم والشعوب. إن تحلية مياه العقل اكثر اهمية من تحلية مياه البحر فالخرافات تحتل العقل العربي واصبحت عندنا جنة لهذا المذهب وذاك.
المخرج أن يتوحد العرب على المشتركات كما فعل الغرب بعد قتل الملايين من ابنائه في الحروب الاهلية والحربين العالمية الاولى والثانية. وأنه لا بد من ترسيخ ثقافة النقد في المجتمع بدلا من ترسيخ ثقافة القطيع وحزمة البرسيم، ولابد من تخفيف شحوم الخرافات والاوهام والابتعاد عن عسكرة الفكر العربي والاستعراض بالمظاهرات وغريزة الصراخ وتهييج الجماهير.
إن دور النخب ليس دورا نرجسيا بل هو دور فاعل في ترسيخ المعرفة وعدم الضحك على الجمهور بتنويمات جديدة تدغدغ مشاعره على حساب اوطانه واقتصاده ليخرج من هزيمة الى هزيمة فيراها انتصارات، وإن الانتصار اليوم هو انتصار العلم والاقتصاد والمعرفة وليس انتصار العنف والسلاح وخلق مشاريع طائفية على حساب الوطن، او جرجرة التاريخ بتناقضاته ليتحول الى وطن مفخخ بسبب روايات تاريخية ملفقة ومفخخة.
كان في التاريخ صراع بين المذهب الكاثوليكي والبروتستانتي ومذابح وقتل وفتاوى تكفيرية مسيحية لكنهم لم يتوحدوا حتى وصلوا الى مفهوم صحيح لأن كلا المذهبين يمتلك جزءا من الحقيقة.
تجارب الأمم
د. عبدالجليل السنكيس (ناشط سياسي وباحث أكاديمي):
المشكلة هي في تحديد وتوصيف العناوين والقضايا التي تستدعي وتتطلب الوحدة والتوحد، لأن الاختلاف في الرؤى والقناعات أمر طبيعي في ذاته، وحين يتم الاختلاف بين أبناء الأمة على قضية محددة، فهذا يرجع بشكل أساسي الى اختلال في تحديد الأولويات وطغيان المصالح الخاصة (المناطقية والجغرافية والوطنية وغيرها) على المصالح التي تتصف بشمولية أكثر من هذه العناوين، مثل المصلحة القومية أو الدينية وهكذا.
بعض المسؤولين العرب يلعبون دوراً أساسياً في التأثير في الاهتمامات الشعبية بالقضايا المصيرية الدينية منها والقومية، تباعاً لمصالحهم الخاصة وأجندتهم، فمتى ما وجدوا هناك توافقا ودعما لأجندتهم وتقوية وضعهم الداخلي، فإنهم سوف يسمحون بالتفاعل المحدود مع تلك القضايا، ومتى ما وجدوا أن الاهتمام بالقضايا الكبرى (التي تتعدى الحدود الجغرافية الوطنية) سوف يكون خطراً أو متعارضاً مع أجندتهم ومصلحة حكمهم الخاص، فسوف يكونون أول من يقف ضد أي تنام وتفاعل مع هذه القضايا. ولأنهم يملكون وسائل التأثير المعيشية والإعلامية ووسائل الإرهاب والتخويف، فإنه لن تخونهم الحيلة أو الوسيلة في تبرير تلك المواقف، ومعاقبة من يقف أو يحرض ضدها.
لا شك في أن الشعوب العربية ونخبها تلعب دوراً محورياً في استمرار هذا الوضع، كونها رضيت وتماشت وسايرت هذا الوضع “المصلحي” للمسؤولين، وسكتت عن التعبير عن موقفها الحقيقي، وباتت مقتنعة بمصالحها الخاصة على المصلحة الشمولية العامة، وبهذا فهم يشاركون المسؤولين الذنب، لأنهم ارتضوا بذلك الخنوع واقتنعوا بحالة التشرذم، برضى أو غير رضى. فالساكت عن الحق شيطان أخرس. لكن هذا لا يعني أن قطار التغيير قد فات، ولايزال هناك نبض في الأمة وإحساس بالعزة والكرامة، فإن الأمل باق وقابل للتجدد والحياة. ويقع الأمل على النخب والقوى المجتمعية لتسعف شعوبها وتخرجها من سبات الغفلة والانشغال بالماديات، وغرس روح الحياة مرة أخرى.
هناك حاجة لإحياء التاريخ والتراث الثقافي للأمة العربية الإسلامية، واستذكار المحطات التي تشحذ الهمم، ولا ضير في الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى، والحضارات العالمية التي استعادت الحياة بعد الهزيمة والانكسار، ولنا في التجربة اليابانية والفيتنامية خير دليل على عودة الحياة بعد فقدان الأمل والموت السريري والهزيمة التاريخية.
لا بد أن يتداعى رموز وقادة ومثقفو الأمة الواعون، لتدارس الوضع العام ووضع برنامج ثقافي تربوي واعلامي متكامل يأخذ في الاعتبار إنقاذ ما يتم انقاذه مع التركيز على جيل الشباب والعمل على تكوين منابر توعية في الوطن العربي من الخليج إلى المحيط، مع الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة لنقل المعلومة وتداولها. ويمكن البدء ببعض المؤتمرات الثقافية وورش العصف الذهني لتللك الرموز وصياغة برامج عملية، مع ضرورة الاستفادة من وسائل التأثير في القواعد الشعبية، واشراك شريحة الشباب الواعي في هذه الانشطة وفسح مجال خصب لهم ليلعبوا دور التأثير والقيادة.
أسوأ المراحل
السيد زهرة (كاتب سياسي): إن الأمة العربية تمر بأسوأ مراحل تاريخها على الإطلاق، وإنه لم يحدث طوال تاريخ العرب المعاصر أن كانت الأمة بهذه الحال من الضعف وإن كان مستقبلها كله مهددا بهذا الشكل.
إن الأمة تتعرض لهجمة استعمارية شرسة غير مسبوقة، وهي هجمة تستهدف الأرض، إما بالاحتلال أو بالتقسيم والتفتيت، وهي تستهدف الهوية العربية الإسلامية للأمة، وتستهدف بالطبع مصادر ثروات الأمة. وأنه في خضم هذه الهجمة أصبحت القوى الأجنبية هي التي تخطط لمستقبل الأمة وتسعى لأن تمتلك القرار في شأن مصير الأمة.
في مواجهة هذه الهجمة نجد عجزا تاما من جانب بعض الحكومات العربية عن المواجهة بأي معنى وعلى أي جبهة، ونجد عجزا تاما عن احتواء أي أزمة عربية متفجرة أو حلها، يكفي أن ننظر إلى ملفات الأزمات المفتوحة، من العراق إلى لبنان إلى فلسطين وغيرها، لنكتشف أن بعض الحكومات العربية لم تعد قادرة على احتواء أي منها في إطار عربي وبشكل يحفظ المصالح العربية، ونجد أن الدول العربية أبعد ما تكون عن وحدة الصف أو الكلمة، بل هي تمضي من فرقة إلى فرقة.
في المحصلة النهائية تبقى الأمة مهددة بالضياع بكل المعاني، والحكومات العربية لا تملك أي تصور لا لمواجهة الهجمة الحالية، ولا للمستقبل العربي برمته وتركت القرار بيد القوى الأجنبية.
في السياسة وحين يتعلق الأمر بمستقبل ومصير الشعوب والدول والأمم، ليست هناك أقدار مكتوبة لا فكاك منها، هناك مصادر للقوة لك أن تستخدمها أو تهدرها، وهناك خيارات للمستقبل لك أن تختار أياً منها. وبالنسبة لنا كأمة عربية، لدينا مصادر كثيرة للقوة كما نعلم، لدينا مصادر قوة مادية وسياسية هائلة، لدينا القدرة المالية ولدينا قوة الموقف العربي الموحد على أسس وطنية وقومية، ولدينا شبكة علاقات دولية واسعة مع القوى غير الاستعمارية التي تستهدف الأمة، ولدينا قوى المقاومة العربية كمصدر للقوة، وهكذا. إن حشد واستخدام مصادر القوة هذه كفيلان بإنقاذ الأمة من محنتها وكفيلان أيضاً بتفعيل قدراتها على مواجهة هذه الهجمة. لكنها ستبقى كلها مصادر قوة معطلة ومشلولة كما هي الحال اليوم، طالما ظللنا نفتقد الشرط الأساسي لحشدها واستخدامها، نعني شرط الإرادة السياسية. إرادة مقاومة الهجمة على الأمة، وإرادة الدفاع عن أوطاننا، وإرادة أن يكون قرار مستقبل الأمة بيدنا نحن لا بيد القوى الأجنبية.
وهناك أربع مهمات أساسية ملقاة على عاتق النخب العربية:
أولاً: فضح أبعاد المؤامرة على الأمة والمخططات التي تحاك من أجل مصادرة استقلالها والقضاء على هويتها، وهذا جانب مهم لأن المواطن العربي ليس بالضرورة على علم أو إلمام بأبعاد هذه المخططات.
ثانياً: تكريس الوعي العام بخطورة هذه المخططات، وما سوف تجلبه للأمة من مصائب، والتصدي في هذا الإطار لما يروجه الموالون لهذه المخططات في أجهزة إعلامنا وثقافتنا ومؤسساتنا المدنية.
ثالثاً: العمل على تحصين الجبهة الداخلية في مجتمعاتنا العربية ضد مخططات إثارة الفتن الطائفية وشق الصف الوطني، والعمل في هذا الإطار على تكريس وعي توحيدي وطني قوي. ورد الاعتبار للخطاب القومي العربي مسألة لها أهمية حاسمة في هذا الإطار. رابعاً: الضغط من أجل الإصلاح الداخلي في دولنا العربية على كل المستويات، فمن دون هذا الإصلاح ستبقى جبهات دولنا مكشوفة، وستبقى هذه هي الثغرة التي ينفذون منها لتنفيذ مخططاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.