توجه روما هذه الأيام أنظارها إلى الشرق من خلال عدة معارض منها المعرض الذي أفتتح بقصر المعارض الكبير، لأعمال الفنان الايطالي ماريو شيرولي. من معروضاته اللافتة تمثالا خشبيا لبرقع نساء افغانستان الذي أطلق عليه اسم «حجاب طالبان». وعلى ما يبدو فإن تداخل الفن بالسياسة كان أيضا فكرة معرض آخر احتضنه متحف روما بعنوان «أبوغريب: سوء استخدام السلطة» والذي تعرض فيه الفنانة الاميركية سوزان كريل 29 من لوحاتها حول التعذيب في سجن أبو غريب العراقي. حين تدخل الى هذا المتحف تفاجئك نسخة عن قناع أثري قديم يدعى «فم الحقيقة» ويقال إنه الجهاز الاول لكشف الكذب. فمن لا يقول الصدق يعضه القناع ثم تدخل الى المعرض الخاص عن سجن أبوغريب الذي جرى تمديده لشهر اضافي حتى آخر نوفمبر (تشرين الثاني) لشدة الاقبال عليه. نجمة المعرض الذي يرعاه عمدة روما هي الفنانة الاميركية سوزان كريل المولودة في كليفلاند بولاية اوهايو الاميركية عام 1942 والحائزة على منحة مؤسسة روكفيلر لدراسة الفن في ايطاليا والمعروفة لدى متحف المتروبوليتان في نيويورك وغيره من المتاحف العالمية. لوحاتها الواقعية تخلق لديك الشعور بالغضب والاشمئزاز للقسوة والمهانة التي اتسم بها المستنطقون الاميركيون في معاملتهم للموقوفين العراقيين. هناك لوحة الكلب الذي يخيف أحد المساجين رسمتها الرسامة عام 2005 «تحت التهديد» كما رأينا في الصورة الاصلية التي نشرت في الصحف ووسائل الاعلام قبل سنوات وكذلك لوحة «اذلال جنسي» استخدمت المساحيق الملونة وقلم الفحم الاسود على ورق الرسم ولوحة «القلنسوة والتمديدات الكهربائية» وهي الصورة الأشهر من فضائح سجن أبوغريب وكتب تحتها: ما هو التعذيب حسب الميثاق الخاص للامم المتحدة الموقع عام 1987؟ أما الفنان شيرولي فيعتبر أحد كبار النحاتين الايطاليين المعاصرين، اذ بدأ منذ الخمسينات في استعمال مواد عادية لا يخطر للرسامين أو النحاتين استخدامها في أعمالهم الفنية، حيث كان هو من بدأ مزج الخشب بالزجاج والحديد والقماش والحجر والرخام والرصاص والجبص في عمل واحد كان عن آلهة الصين. وقد فاز بجائزة البينالي المرموقة في فينيسيا (البندقية) عام 1966. من بين أهم أعماله أيضا «بروفة الاوركسترا» في آواخر السبعينات التي استعمل فيها الخشب وقطع الفحم ليرمز الى عازفي الموسيقى. ومنذ عام 2001 حاز عمله عن نساء طالبان على اهتمام الجمهور الذي لم يألف استعمال رقائق الخشب الطويلة الملتصقة ببعضها والتي لونها شيرولي بالازرق السماوي الفاتح في التمثال الأول والاسود في التمثال الثاني، وهي ألوان البرقع الافغاني بينما فتح ثقوبا صغيرة في الوجه ليظهر البرقع الاصلي المصنوع من القماش وقد تحول الى تمثال خشبي لا يبدو منه وجه المرأة بل شكل متحجر غريب وكأنه «قفصها». يعرض في نفس الوقت في قصر المعارض وحتى آخر الشهر المقبل معرض آخر عن أفلام المخرج السينمائي ستانلي كوبريك وكيف أخرج العديد من أفلامه مثل «الدكتور سترانغيلوف» أو «كيف توقفت عن القلق وأصبحت احب القنبلة» بطولة بيتر سيلرز عام 1964 وآخر أفلامه «العيون المغلقة باتساع» عام 1999 حيث نرى لقطات للنجمة نيكول كيدمان وهي تشرح كيف أوضح لها كوبريك طريقة تقمص دورها. هناك أيضا الاقنعة المستعملة في الفيلم من فينيسيا أثناء مشهد الحفلة الكبيرة، وكذلك الملابس التاريخية في فيلم «باري ليندون» والاشكال البلاستيكية في فيلم «الساعة البرتقالية» والتصاميم العلمية الخيالية الخاصة بفيلم «اوديسة الفضاء 2001» وكذلك مكتبة كوبريك ودفتره الخاص بل وحتى الكرسي الذي كان يستخدمه أثناء الاخراج وكتبه عن الفن والتاريخ والموسيقى الكلاسيكية التي استخدمها بامتياز في أفلامه اذ كان معجبا بالموسيقار الروسي شوستاكوفيتش والالماني ريتشارد شتراوس.