يتفق حلفاء وخصوم نوري المالكي على ان هامش المناورة بات ضيقا امام رئيس الوزراء العراقي وقد تراجع التأييد له في الولاياتالمتحدة والعراق على حد سواء، لكنهم يرون ان استبداله برئيس وزراء جديد ليس بالمسألة السهلة. وتتجلى هذه المعضلة بشكل واضح في تصريحات الرئيس الامريكي جورج بوش الاخيرة حيث اعرب في بادئ الامر عن خيبة امله حيال التقدم الضعيف الذي حققته الحكومة العراقية قبل ان يتدارك الامر بعد 24 ساعة ويؤكد ان المالكي هو «شخص جيد« وانه يدعمه. ويشاطر قسم من الطبقة السياسية العراقية المسئولين الامريكيين استياءهم من المالكي وقد انسحبت الاحزاب السنية من حكومته فيما يقاطعه التيار الصدري الشيعي. ومن الاسباب الرئيسية خلف العنف الطائفي المتفشي في العراق شلل النظام السياسي الذي يزيد من حدة انقساماته التوزيع الطائفي للمناصب الذي نص عليه دستور العام .2005 وتحمل غالبية العراقيين الحكومة مسئولية الاوضاع المتردية التي تعاني منها من انعدام الامن وانقطاع المياه والكهرباء وصفوف الانتظار الطويلة لشراء بعض البنزين. ورأى تقي علي الموسوي رئيس الجامعة المسنتصرية متحدثا لوكالة فرانس برس ان «رئيس الوزراء مكبل اليدين« حيال هذا الوضع المتأزم موضحا انه «لا يستطيع ان يتصرف بشكل حر وبما يراه مناسبا لان الحكومة فرضت عليه فرضا بسبب المحاصصة الحزبية فهو لا يستطيع ان يعين الوزراء الذين يعتقد بكفاءتهم ولا يستطيع ان يقيل الوزراء الذين يرى انهم غير اكفاء«. وانسحب من الحكومة 17 من وزرائها الاربعين ويأخذ السنة على المالكي طغيان الاعتبارات الطائفية على ادارته لشئون البلاد فيما يتهمه المتطرفون الشيعة بأنه مجرد دمية بأيدي الامريكيين. حتى النائب محمود عثمان العضو في الكتلة الكردية المشاركة في الحكومة اقر بان اداءه لم يكن ناجحا وقال «إن حكومة المالكي لم تنجح وهناك مشاكل لم تحل لكن كانوا (في اشارة الى الامريكيين) يؤيدوه«. الا ان نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان اعتبر ان هذا الدعم مجرد وهم وقال لوكالة فرانس برس «ان الامريكيين يقدمون للمالكي دعما كاذبا لتنفيذ مآربهم«. واتهم الولاياتالمتحدة بإضعاف نفوذ الحكومة من خلال ابرام اتفاقات مع تنظيمات مسلحة او عشائر من أجل ان تقاتل الميليشيات والمجموعات التي تصفنها واشنطن «ارهابية«. وقال ان الامريكيين «يشكلون جيشا داخل الجيش في حين يؤكدون انهم ضد الميليشيات«. وازاء هذا الوضع، تتزايد الاصوات في واشنطن داعية الى رحيل المالكي وكان آخرها صوت المرشحة لتمثيل الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون التي تمنت ان يعين البرلمان العراقي رئيس حكومة جديدا. ورد المالكي على هذه الانتقادات من دمشق مؤكدا ان «الحكومة العراقية منتخبة من الشعب العراقي والذي يضع محددات وجداول زمنية هو الشعب العراقي«. كما لفت النائب عثمان الى انه «ليس هناك من بديل واضح« مضيفا ان الامريكيين «يفكرون ربما في علاوي او الجعفري او عادل عبدالمهدي، لكنهم امام معضلة. يودون استبدال المالكي لكنهم لا يعرفون بمن يستبدلونه«. وكان اياد علاوي اول رئيس وزراء في عهد ما بعد صدام حسين وخلفه ابراهيم الجعفري حتى مايو .2006 وعادل عبدالمهدي هو حاليا احد نائبي الرئيس. واقر بوش بان مهام رئيس الوزراء العراقي «عمل صعب« وأوحى بأنه لا يرى مرشحا يمكن ان يضطلع بها بشكل افضل من المالكي الناشط السابق في حزب الدعوة الشيعي المرتبط بطهران والذي كان الغرب يتهمه في الماضي بالارهاب.