لاتزال ظاهرة "الإسلاموفوبيا" أو ما يعرف بالخوف من الإسلام تعد الشغل الشاغل لمنظمة التعاون الإسلامي, التي أيقنت أن الوضع الآن بات في أمس الحاجة لإطلاق فضائية تابعة لها لتصحيح صورة الإسلام في الغرب, خاصة في ظل استمرارهجوم المتطرفين الراديكاليين - فرادى وجماعات - وبدون هوادة على الإسلام والمسلمين. وترسيخا لهذا المسعى, تستضيف منظمة التعاون الإسلامي في مقرها بمدينة جدة بعد غد السبت اجتماعا على مستوى الخبراء الفنيين بالدول الأعضاء من أجل البحث في عملية إطلاق آليات الفضائية التي ستصدر باللغات الرسمية الثلاث والمعتمدة بالمنظمة (العربية, الإنجليزية, والفرنسية) وذلك قبل عرضها على اجتماع وزراء الإعلام المقبل. وتستهدف المنظمة التي تعد ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأممالمتحدة من وراء إنشاء هذه الفضائية ليس فقط تصحيح صورة الإسلام والتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب, بل أيضا التقريب بين الحضارت الشرقيةوالغربية والعالمين الشمالي والجنوبي وتبادل المعرفة بين الشعوب الإسلامية, وتسليط الضوء على أهمية العمل الإسلامي المشترك بين الدول الأعضاء (57 دولة). وتأتي هذه الفضائية - التي تتخذ نفس الحروف الأولى للمنظمة (أوه آي سي) - في إطار استراتيجية إعلامية تتبناها التعاون الإسلامي لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا, خاصة في ظل تزايد سوء الفهم للاسلام ببعض المجتمعات الأوروبية. ووفقا للتقرير الخامس لمرصد الإسلاموفوبيا التابع للمنظمة والتى حصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط على نسخة منه فإن بعض المجتمعات الأوروبية تنظر للاسلام على أنه دين التعصب فيما تنظر للمسلمين بأنهم يمثلون عبئا على المجتمع من منظور ثقافي واقتصادي, وهو ما يؤدي إلى مزيد من الوصم والتهميش للأقليات المسلمة. ويبين تقرير منظمة التعاون الإسلامي بأن ظاهرة الإسلاموفوبيا تتجلى في الغرب بشكل كبير , من خلال خطاب الكراهية, وأعمال العنف ضد المساجد وغيرها من الأماكن التي يرتادها المسلمون , بما فى ذلك المقابر , والممارسات التمييزية , والربط بين المسلمين والإرهاب , وحرمانهم من الحقوق والامتيازات الاساسية مثل المساواة فى التعامل والعمل وما إلى ذلك.. كما استمرت النظرة فى كثير من أنحاء العالم الغربي للاسلام باعتباره دينا غريبا. ولم يقتصر الأمر على ذلك - وفقا للتقرير - بل يمتد إلى الأحزاب اليمينية وغيرها من الجهات المعادية التى تشن حملة ضد الإسلام مستفيدة من الحق فى حرية التعبير للدعوة إلى ما كان دائما يرقى إلى مستوى التحريض على الكراهية والعنف على أساس دينى أو عقائدى ومنها المذبحة التى ارتكبها فى النرويج المسيحى المتطرف أنديرز بيرنج بريفيك فى 2011 , والتي تعد مثالا شريرا وواضحا لما تنتجه ثقافة التعصب إذا ما تركت لتترعرع بحجة حرية التعبير. ونبه إلى أن اليمينيين المتطرفين انشغلوا بمحاولة التلاعب بعقليات الناس العاديين ليغرسوا فيها نظرة سلبية ومشوهة للمسلمين والإسلام , وذلك عبر إثارة الأساطير المنافية للعقل , مثل أن الإسلام معاد تماما لحرية التعبير , وأن المسلمين فى أوروبا يهدودون القيم والحضارة الغربية. ووفقا للتقرير.. أقدم جنود أمريكيون فى الولاياتالمتحدة - الدولة المعروف عنها أنها تأسست على تبني التنوع والتسامح باعتبارهما من قيمها الأساسية -على حرق المصحف فى أفغانستان فى فبراير 2012 وهو ما يعتبر عملا عدائيا للتدنيس والإثارة يحرض على الكراهية والعنف على أساس ديني..كما قام القس تيري جونز مدير مركز (دزف وورلد أوتريتش) فى أبريل 2012 بحرق المصحف أيضا. وامتدت ظاهرة الخوف من الإسلام فى الولاياتالمتحدة لتشمل الفيلم القصير (براءة المسلمين) الذى نشر عبر اليوتيوب فى يوليو 2012 والذى أثار غضب المسلمين فى شتى ربوع الأرض. ولم يغفل تقرير التعاون الإسلامي انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا.. بل أستند إلى دراسات أوروبية أظهرت أن أغلبية حالات التمييز وجرائم الكراهية المرتكزة على الدين أو الاعتقاد كانت موجهة بالفعل ضد المسلمين ولاتزال العديد من هذه الحالات مستمرة على المستوى التعليمي والوظيفي , حيث تمنع المسلمين تارة من ارتداء رموزهم ولباسهم ولا سيما الحجاب الاسلامى أو تعرضهم تارة أخرى للطرد بسبب دينهم . واستنادا للتقرير, فقد أعربت منظمات دولية فى مجال حقوق الإنسان ومن بينها العفو الدولية عن بالغ قلقها إزاء ما يتعرض له المسلمون فى أوروبا من تمييزوتحيز..لافتة إلى تصاعد الهجمات المباشرة على أماكن عبادة المسلمين ومقابرهم وتدنيسها وغير ذلك من المراكز الإسلامية بالاضافة الى التجاهل المتزايد للخطاب المعادي للاسلام. ونبه إلى أن الأمر يمتد أيضا إلى وسائل الإعلام الغربية بما فيها الاجتماعية , حيث تلعب دورا مستمرا فى الترويج للثقافة المعادية للاسلام ونشرها , خاصة وأن غياب الموضوعية عزز من التركيز المستمر على قضية التطرف الإسلامي بطريقة مضطردة. وتطرق إلى الإجراء الذى اتخذته سويسرا والذى تمثل فى حظرها لبناء المآذن علاوة على التشريعات المتحيزة فى بعض الدول الاوروبية ضد الحجاب .. لافتا إلى أن فكرة تسييس الاسلاموفوبيا تطورت وتم استغلالها كأداة فى السياسة الانتخابية فى السياق القومي والإقليمي على حد سواء فى أوروبا والولاياتالمتحدة. ووفقا لإحصائية نشرها التقرير حول ظاهرة الإسلاموفوبيا فى أوروبا , فإن 1ر46 % من الدانمركيين يرون أن بلادهم يوجد فيها مسلمون أكثر مما ينبغي مقابل 7ر44% فى بريطانيا و2ر36% فى فرنسا, و5ر41 هولندا, و7ر49% فى إيطاليا, 1ر27 فى البرتغال , و1ر47% فى بولندا , و7ر60 فى المجر. كما يعتبر 5ر52 % من الدانمركيين أن الإسلام هو دين التعصب مقابل 2ر47% فى بريطانيا و3ر52% فى فرنسا , و7ر46% فى هولندا , و4ر60% فى إيطاليا , و2ر62% فى البرتغال , و5ر61% فى بولندا , و4ر53% فى المجر. وإيمانا منها بضرورة تصحيح صورة الإسلام المغلوطة فى الغرب , تبذل منظمة التعاون الإسلامي قصارى جهدها لإطلاق فضائيتها لتكون نجما ساطعا فى سمائها يوضح ويبين حقيقة الإسلام والمسلمين , إضافة إلى استمرارها فى التعاون مع كافة أصحاب المصلحة لتعزيز حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية وتأكيد تنوع المعتقدات الدينية والخلفيات الثقافية بطريقة تحترم الحياة الكرامة الإنسانية.