من بين مشروعات منظمة التعاون الإسلامى التى أثبتت نجاحها، يبرز "مرصد الإسلاموفوبيا"، الذى يصدر تقريرا سنويا حول ظاهرة الخوف من الإسلام فى جميع أنحاء العالم وعلى رأسها الدول الأوروبية وأمريكا. وقد أنشئ مرصد الإسلاموفوبيا ومقرّه جدة، بقرار من مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية فى دورته الرابعة والثلاثين التى عقدت فى إسلام آباد فى مايو 2007، وعمل المرصد بنشاط على رصد ظاهرة الإسلاموفوبيا والتصدى لها، كما نجح فى زيادة الوعى العالمى بالآثار الخطيرة لهذه الظاهرة. وينشر المرصد تقارير يومية وشهرية حول ظاهرة الإرهاب أو التخويف من الإسلام، حيث أعد خمسة تقارير سنوية ونشرها فى السنوات من 2008 وحتى 2012 على التوالى. وقد أعرب قادة الدول الإسلامية الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى فى بيانهم الختامى للقمة الإسلامية الثانية عشرة -التى عقدت فى القاهرة مؤخرا- عن ارتياحهم للعمل الذى يؤديه مرصد الإسلاموفوبيا فى الأمانة العامة فى رصد حوادث الإسلاموفوبيا والتقارير الدورية. التقرير الأخير تضمن التقرير السنوى الخامس للمرصد بحث كيفية التصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا التى باتت تهدد ثقافة التعايش السلمى والتسامح بين المجتمعات والأديان من قبل، متشددين متعصبين فى ظل الخطاب المتزايد الداعى لكراهية الآخر. وأشار أكمل الدين إحسان أوغلى -أمين عام منظمة التعاون الإسلامى- فى مقدمته للتقرير الخامس ل"مرصد الإسلاموفوبيا"، إلى أن تقارير المرصد خلال السنوات الخمس الماضية كشفت عن صبغ الإسلاموفوبيا بصبغة مؤسسية بل حتى دستورية، وتوظيفها باعتبارها أداة من أدوات السياسة على الصعيد المحلى والإقليمى والدولى، مما يبعث على القلق الشديد. وجدد أكمل الدين إحسان أوغلى، تحذيره من "أن الغرب يشهد عملية مأسسة وشرعنة لظاهرة الإسلاموفوبيا فى عملية منهجية استمرت طوال السنوات الخمس الماضية". ولفت أمين عام منظمة التعاون الإسلامى إلى أهمية تفعيل قرار "16/18"، الذى يدعو لمناهضة الكراهية والتحريض على العنف وارتكاب أعمال عنف على خلفية دينية؛ مؤكدا أن الجهد الذى بذلته المنظمة مع عدد من الدول الغربية يستلزم المضى فى شراكة أوسع تتيح المجال أمام تطبيق القرار بغية الحيلولة دون تكرار هذه الأعمال المسيئة التى تثير حفيظة العالم الإسلامى، وتبث الكراهية والنفور بين أتباع الديانات المختلفة. أحداث متنوعة وسلط التقرير الأخير الضوء على أنماط مختلفة من الانتهاكات والاعتداءات التى طالت الجاليات المسلمة فى الدول غير الأعضاء فى المنظمة، إضافة إلى أعمال أساءت إلى الرموز الإسلامية. ومما رصده التقرير من مظاهر، ما يحدث فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، التى شهدت العديد من الانتهاكات مثل تمويل دعاية الإسلاموفوبيا، وحرق المصحف فى فلوريدا وأفغانستان، وتجسس شرطة نيويورك على المسلمين، والتدريبات بمكتب المباحث الفيدرالى، علاوة على الفيلم المسىء "براءة المسلمين"، الذى كان أحد أبرز هذه الأعمال لعام 2012. وفى أوروبا تناول تقرير المرصد متابعة ل"مذبحة النرويج"، التى قال مرتكبها إنها كانت "الهجوم الأكثر روعة"، علاوة على الرسوم المسيئة فى صحيفة فرنسية، إضافة لصعود اليمين المتطرف. وتناول التقرير حوادث أخرى متعلقة بالإسلاموفوبيا، منها حوادث متعلقة بالمساجد، وأخرى متعلقة بتدنيس مقابر المسلمين، وثالثة متعلقة بالحجاب، والتمييز ضد المسلمين فى المؤسسات التعليمية وأماكن العمل والمطارات. محاولات للتقارب فى محاولات لمواجهة ظاهرة العداء للإسلام التى سرد تقرير "مرصد الإسلاموفوبيا" تجلياتها، طالب قادة الدول الإسلامية -فى بيان القمة الختامى- الأمين العام للمنظمة باقتراح آلية لمواجهة الحوادث التى يتم رصدها بالتعاون التام مع أجهزة مماثلة فى منظمات شريكة. كما دعوا إلى إنشاء مرصد دولى لرصد دعوات الكراهية العرقية أو الدينية التى تشكل تحريضا على التمييز والعداء أو العنف فى مختلف أنحاء العالم حتى يكون بمثابة آلية للإنذار المبكر لمساعدة الدول فى الوفاء بالتزاماتها طبقا للقانون الدولى لحقوق الإنسان. ودعا -البيان الختامى للقمة أيضا- إلى تولى زمام هذه المبادرة (مرصد دولى لدعوات الكراهية العرقية)، والدول الأعضاء إلى المساهمة فى تعزيز الحوار بين الثقافات والديانات والحضارات، كما رحب بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة فى فيينا، الذى يهدف إلى تعزيز ودعم الجهود الرامية لهذا الأمر. يذكر أن منظمة التعاون الإسلامى عقدت مع تحالف الحضارات والمجلس الأوروبى والمجلس البريطانى مائدة مستديرة مفتوحة حول موضوع "التصدى للإسلاموفوبيا: اغتنام الفرص غير المستغلة من أجل الاحترام المتبادل والمشاركة"، وذلك على هامش المنتدى العالمى الثالث لتحالف الحضارات، الذى عقد فى "ريو دى جانيرو" فى مايو 2010.