بعد عامين ونصف من شغور المنصب ، ينتخب البرلمان اللبناني غدا الاثنين الزعيم المسيحي ميشال عون رئيسا للجمهورية ما ينهي حالة من الشلل انعكست في المؤسسات كافة. وستكون هذه الجلسة المحاولة السادسة والأربعين في نوعها بعد تعذر توصل الفرقاء اللبنانيين، على مدى أكثر من عامين، إلى إجماع حول اسم الرئيس الجديد. ويأتي الانتخاب في إطار تسوية سياسية بين أبرز زعماء الطوائف اللبنانية الذين يختلفون حول كل شيء تقريبا، لا سيما حول الموقف من الحرب السورية. وتشمل التسوية المعلنة، ان يكلف الرئيس الزعيم السني سعد الحريري الذي تبنى ترشيح عون أخيرا بعد خلاف طويل، تشكيل حكومة جديدة. وفي بلد يقوم على التحاصص الطائفي في مقاعد البرلمان والحقائب الوزارية والمناصب العليا في الدولة وصولا الى الوظائف العادية، يتوقع ان تكون مهمة تشكيل الحكومة شاقة وطويلة. ويُنتخب رئيس الجمهورية في لبنان من البرلمان لولاية من ست سنوات غير قابلة للتجديد. وللرئيس مكانة رمزية بوصفه "رئيس الدولة"، وعلى الرغم من انه لا يتمتع عمليا بصلاحيات إجرائية واسعة، لكنه جزء من السلطة التنفيذية ومن التركيبة الطائفية في البلد الصغير. الميثاق الوطني.. وبحسب "الميثاق الوطني"، وهو اتفاق غير مكتوب يعود الى العام 1943، تاريخ استقلال لبنان، يتولى مسيحي ماروني رئاسة الجمهورية، وشيعي رئاسة البرلمان، وسني رئاسة الحكومة. عملية الانتخاب .. ويتطلب عقد جلسة انتخاب الرئيس حضور ثلثي اعضاء مجلس النواب، اي 86 نائبا من اصل 128 يشكلون اعضاء البرلمان. ويفوز في دورة الانتخاب الاولى المرشح الذي يحصل على تأييد ثلثي البرلمان، وفي الدورة الثانية وحتى انتخاب رئيس، يفوز المرشح الذي يحظى بالاكثرية المطلقة اي النصف زائد واحد (65 صوتا). ويضم البرلمان الحالي 127 نائبا بعد تقدم النائب روبير فاضل باستقالته قبل اشهر. وبعد انتخابه، يقسم الرئيس اليمين امام البرلمان متعهدا باحترام الدستور والقوانين واستقلال الوطن وسلامة اراضيه، قبل ان يلقي خطابا يضمنه التوجهات السياسية والخطوط العريضة لعهده الرئاسي. صلاحيات الرئيس .. يلزم الدستور اللبناني رئيس الجمهورية بعد انتخابه، إجراء استشارات مع الكتل السياسية الممثلة في البرلمان، يسمي على اساسها وبالتشاور مع رئيس البرلمان، الشخصية التي سيكلفها تشكيل الحكومة ويصدر منفردا مرسوم التكليف. ومنذ توقيع اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990)، تقلصت صلاحيات الرئيس في لبنان، بعدما كانت السلطة الاجرائية مناطة به ويتولاها بمعاونة الوزراء، اذ كان بإمكانه قبل دستور الطائف تعيين واقالة رئيس الحكومة والوزراء وحل مجلس النواب. لكن اتفاق الطائف كرس تقاسم السلطة الاجرائية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعا، اي بعبارة اخرى بين المسيحيين والمسلمين. واذا كان يحق للرئيس على سبيل المثال وفق الدستور الحالي، ان يترأس جلسات مجلس الوزراء، وان يطرح بندا طارئا من خارج جدول الاعمال، لا يمكنه ان يشارك في التصويت على القرارات التي تتخذها الحكومة. ويحق له دعوة مجلس الوزراء للانعقاد إستثنائيا عند الضرورة ولكن بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ويمكن للرئيس في حالات محددة ان يطلب من مجلس الوزراء حلّ مجلس النواب قبل انتهاء ولايته، لكن لا يمكنه اصدار مرسوم الحل قبل موافقة مجلس الوزراء. ويمنح الدستور الحالي الرئيس ايضا صلاحية "المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية"، الا انها "لا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء". وثمة معاهدات لا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب ايضا. تأليف الحكومة .. بعد تسميته لتشكيل الحكومة، يجري رئيس الحكومة المكلف استشارات مع الكتل السياسية، تمهيدا لتوزيع المقاعد والحقائب الوزارية على الكتل السياسية. وبعد تقديم تشكيلته الوزارية، يصدر رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة. ولا يحدد الدستور مهلة معينة لتأليف الحكومة، وقد احتاج رئيس الحكومة الحالي تمام سلام مثلا عشرة اشهر لتأليف حكومته. لكن الدستور يلزم الحكومة ان تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل ثقته في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها. ولا يمكن للحكومة ان تمارس صلاحياتها قبل نيل الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.