فيما شكل صفعة للقضاء الدولى .. نفذت دولة جنوب افريقيا تهديدها باعلان انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد الجدل الذي اثاره رفضها توقيف الرئيس السوداني عمر البشير. ويدخل القرار حيز التنفيذ بعد مرور عام "من تاريخ استقبال" الرسالة التي وجهتها جنوب افريقيا للامم المتحدة . وكان الاتحاد الأفريقي قد حض في وقت سابق الدول الأعضاء على عدم التعاون مع المحكمة، متهما إياها بالتحيز ضد أفريقيا. وبعث وزير التعاون والعلاقات الدولية "ماتي نوكونا ماشابان" في حكومة جنوب افريقيا رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة يبلغه فيها بقرار بلاده الانسحاب من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وعزا الوزير القرار إلى أن جنوب افريقيا وجدت أن التزاماتها المتعلقة بإيجاد حلول سلمية للصراعات لا تتفق مع تفسير المحكمة الجنائية الدولية للالتزامات المدرجة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية . ملاحقة عنصرية .. والمحكمة الجنائية الدولية التي مقرها لاهاي هي اول محكمة دولية دائمة مكلفة ملاحقة متهمين بارتكاب جرائم ابادة او حرب او ضد الانسانية. ومنذ بداية عمل هذه المحكمة في 2003 فتح قضاتها تحقيقات في تسع دول منها ثماني دول افريقية. وكان ذلك محل نقد في القارة الافريقية خصوصا من الاتحاد الافريقي الذي راى في موقف المحكمة "نوعا من الملاحقة على اساس عنصري". وفي هذا السياق اتهم وزير العدل الجنوب افريقي المحكمة الجنائية الدولية بانها "تفضل بالتاكيد استهداف قادة في افريقيا واستبعاد الباقين الذين عرفوا بارتكاب هذه الفظاعات في اماكن اخرى" خارج افريقيا. وهددت جنوب افريقيا منذ اكثر من عام بانهاء التزامها بمعاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية. وقد تصبح بذلك اول دولة في العالم تغادر المحكمة الجنائية الدولية. وكانت سلطات بريتوريا وجدت نفسها في 2015، في قلب جدل كبير بمناسبة زيارة الرئيس السوداني لجوهانسبورج للمشاركة في قمة الاتحاد الافريقي. ورفضت حكومة بريتوريا حينها توقيف الرئيس البشير الملاحق من المحكمة الجنائية بتهم جرائم ابادة وضد الانسانية وحرب في دارفور (غرب السودان) التي تشهد حربا اهلية منذ اكثر من عشر سنوات. وقالت سلطات جنوب افريقيا حينها مبررة قرارها بان الرئيس البشير يتمتع بحكم منصبه بحصانة.، وبررت جنوب افريقيا ايضا انسحابها من المحكمة بهذه القضية. واوضح وزيرها ان المحكمة الجنائية الدولية "تعرقل قدرة جنوب افريقيا على الوفاء بواجباتها في مجال احترام الحصانة الدبلوماسية". ازدراء للعدالة .. اعلان بريتوريا اثار تنديد مدافعين عن حقوق الانسان. ، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش ان هذا القرار "يظهر ازدراء مفاجئا للعدالة من جانب دولة كثيرا ما اعتبرت رائدة على المستوى العالمي في مجال العدالة لضحايا الجرائمالاخطر". من جهتها قالت منظمة العفو الدولية ان الانسحاب يشكل "خيانة لالاف الضحايا" ومن شأنه ان "يضرب النظام القضائي الدولي". وحذر انتون دو بليسيس مدير معهد الدراسات الامنية من ان القرار قد يكون له "تأثير الدومينو" ويدفع دولا افريقية اخرى الى الخروج من المحكمة الجنائية الدولية. وتلقت هذه المحكمة ضربتين كبيرتين خلال بضعة ايام.، حيث اصدر رئيس بوروندي بيار نكورونزيزا قانونا نص على ان بلاده الغارقة في ازمة سياسية حادة خلفت اكثر من 500 قتيل، ستنسحب من المحكمة. ولا تحتاج بوروندي الا الى ابلاغ الاممالمتحدة كتابيا لبدء عملية الانسحاب. ولدى سؤاله عن موقفي جنوب افريقيا وبوروندي اكد المتحدث باسم المحكمة "اهمية دعم المجتمع الدولي في افريقيا وخارج افريقيا لتتمكن المحكمة الجنائية الدولية من القيام بمهامها بشكل مستقل وحيادي". وكان رئيس جمعية الدول الاطراف في معاهدة روما (المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية) صديقي كابا حذر من ان "انسحاب اية دولة عضو سيشكل تراجعا في التصدي للافلات من العقاب". وندد حزب المعارضة الرئيسي في جنوب افريقيا "التحالف الديموقراطي" بقرار الحكومة "اللادستوري واللامنطقي" وقرر اللجوء الى القضاء لالغائه. وكان رفض بريتوريا توقيف الرئيس البشير موضع شكوى امام قضاء جنوب افريقيا. وقررت محكمة الاستئناف العليا في مارس ان قرار الحكومة "غير قانوني" واتهمت السلطات ب "سلوك مشين".، وقال وزير العدل في جنوب افريقيا ان البرلمان سيصوت "قريبا" على قانون يلغي تطبيق معاهدة روما.