بعد الأزمة التي أثارتها زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الأخيرة إلى جنوب إفريقيا، عكفت السلطات في جنوب إفريقيا على دراسة الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، دراسة انتهت إلى اتخاذ السلطة الإفريقية الانسحاب من المحكمة. قرار الانسحاب أفادت وثيقة أن جنوب إفريقيا ستنسحب من المحكمة الجنائية الدولية في تحرك قد يدخل حيز التنفيذ بعد عام واحد من تسلم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الوثيقة رسميا. وعلى الرغم من أن المتحدث باسم الأممالمتحدة رفض تأكيد تسلم الوثيقة التي تحمل توقيع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا، مايتينكوانا ماشاباني، بتاريخ 19 أكتوبر، إلا أن وزير العدل في جنوب إفريقيا مايكل ماسوثا أكد أمس الجمعة على أن جنوب إفريقيا ستنسحب من المحكمة الجنائية الدولية لأن التزاماتها تتعارض مع القوانين التي تمنح الزعماء الذين لا يزالون في مناصبهم الحصانة الدبلوماسية. وقال ماسوثا خلال مؤتمر صحفي في العاصمة "تطبيق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 2002 يتعارض ولا يتماشى مع قانون الحصانات والامتيازات الدبلوماسية لعام 2001". وقالت بريتوريا وهي إحدى العواصم الثلاثة لجنوب إفريقيا العام الماضي، إنها تعتزم الانسحاب من المحكمة بعد الانتقادات التي وجهت لها بسبب تجاهل أمر باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير المتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب عندما زار البلاد العام الماضي. وينفي البشير هذه الاتهامات. وعلى الرغم من أن جنوب إفريقيا من الدول الموقعة على ميثاق المحكمة التي تطالب باعتقال البشير بتهم ارتكاب جرائم تتعلق بالنزاع في إقليم دارفور السوداني، إلا أنها بررت موقفها من عدم اعتقال البشير بأنه يتمتع بحصانة بوصفه رئيس دولة عضو في الاتحاد الإفريقي. توالي الانسحابات الإفريقية من المحكمة في وقت سابق من هذا الشهر أعلنت بوروندي أنها ستنسحب من المحكمة، حيث أصدر الرئيس البوروندي، بيير نكورونزيزا، الثلاثاء الماضي مرسوما يقضي بانسحاب بلاده رسميا من المحكمة الجنائية الدولية بعد موافقة البرلمان عليه، وخلال الجلسة البرلمانية التي انعقدت الأسبوع الماضي، قدمت وزيرة العدل، إيميه لورنتين كانيانا، في كلمتها دوافع قرار الانسحاب من الجنائية الدولية، وقالت إن بلادها لاحظت أن تلك المحكمة باتت وسيلة ضغط وعدم استقرار في البلدان النامية وإنه لا يخفى على أحد أن فتح تحقيق بحق بعض القياديين يتم تحت ضغط القوى الغربية، ولتخرج بوروندي من المحكمة بشكل كامل يتبقى لها خطوة أخيرة تتمثل بإبلاغ الأممالمتحدة، حيث لم يتم حتى الآن الإعلان عن موعد تقديم طلب الانسحاب. وعلى الرغم من أن جنوب إفريقيا سبقت بوروندي بتقديم طلب الانسحاب للأمم المتحدة، إلا أن هناك خلاف في الآراء بشأن ما إذا كان بمقدور جنوب إفريقيا الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية دون موافقة البرلمان، وهي الخطوة التي أنهتها بوروندي. وعلى كل الأحوال تعد خطوة إعلام الأممالمتحدة بالانسحاب ضرورية، وهو الأمر الذي ركز عليه وزير التعاون والعلاقات الدولية، ماتي نوكونا ماشابان، في حكومة جنوب إفريقيا في الرسالة التي وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة يبلغه فيها بقرار الانسحاب، قائلا: "ونظرا لأن المادة 127 (أ) من نظام روما الأساسي يتطلب توجيه إشعار إلى الأمين العام للأمم المتحدة بالانسحاب منه، والذي سيدخل حيز النفاذ بعد عام من وصول هذا الإشعار إلى الأمين العام، وعلى هذا فإن جمهورية جنوب إفريقيا تنسحب من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية". انسحاب جنوب إفريقيا ليس الأول يبدو أن انسحاب جنوب إفريقيا ليس الأول بوجود بوروندي ولن يكون الأخير، حيث ألمحت كل من ناميبيا وكينيا اللتان يتهم فيهما رئيسي البلاد بالضلوع في جرائم ضد الإنسانية، لاحتمال القيام بخطوة الانسحاب. وتقول بعض الحكومات الإفريقية إن المحكمة الجنائية الدولية والتي تأسست عام 2002 أظهرت انحيازا ضد قادة القارة السمراء، فمنذ نشأت المحكمة التي يقع مقرها في هولندا، وهي تركز على فتح تحقيقات في أربع قضايا إفريقية دون سواها وهي، أوغندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ودارفور. كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال، من بينها مذكرة اعتقال للرئيس السوداني عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي دفع الاتحاد الإفريقي في وقت سابق على حض الدول الأعضاء على عدم التعاون مع المحكمة، متهما إياها بالتحيز ضد إفريقيا.