5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالناصر سلامة: القادم أسوأ..!
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 01 - 2013

هذه هي الحقيقة المرة التي يجب أن نعترف بها، وهي أن القادم أسوأ، سواء في حوادث القطارات، أو انهيار العمارات، أو الحرائق الناتجة عن إهمال أو عن عمد.. فعلى مدى العامين الماضيين توقفت بنسبة كبيرة عمليات الصيانة، والإحلال والتجديد لمعظم مرافق حياتنا، أو بسبب ضعف الإمكانات وإما بسبب حالة الانفلات، وما واكبها من لا مبالاة وترهل، والنتيجة ما نحن فيه الآن، من حصد لأرواح الأبرياء، ونزيف الخسائر المالية، ناهيك عما يستتبعه ذلك من تشهير بسمعة مصر إقليميا ودوليا، مما يلقي بظلاله المباشرة على السياحة والاستثمار، بل وكل أوجه الحياة.
وبالتزامن مع هذا وذاك أصبحت الحالة المعنوية للمواطن في الحضيض، نتيجة عدم الاكتراث لحياته، التي تم تسعيرها مسبقا بثلاثين ألف جنيه تصرف لورثته، مع إقالة وزير أحيانا، وحبس خفير أحيانا أخرى، فهو لم يعد آمنا في طريق بري نتيجة تدهور حال الطرق، ولا في سكة حديدية نتيجة الإهمال الجسيم، الذي أصبح سائدا في أوساط القائمين عليها، ولا حتى في بيته، الذي انتهى عمره الافتراضي، وإذا نجا من هذه أو تلك، فقد تلتهمه نيران هنا أو هناك، نتيجة ماس كهربائي، كما في معظم التقارير الرسمية، أو بفعل فاعل، كما هي الحقيقة على أرض الواقع.
إذن.. الفاجعة قادمة لا محالة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، في ظل وجود مسئولين يستطيعون النوم العميق، رغم نواح الأمهات الثكالى، والزوجات الأرامل، والأطفال اليتامى، وفي ظل وجود مجرمين طلقاء، لم نسمع عن قصاص من أحدهم يوما ما، في ظل تضارب القوانين، وثغرات اللوائح، وما قبل الثورة كما بعدها، تصدر التصريحات عن خطط للإصلاح، وتعقد الاجتماعات للشجب والاستنكار، بالتزامن مع حبس احتياطي لهذا أو ذاك، إلا أن الحال يظل هو الحال، ولم لا؟، وكل جهود الدولة حاليا تتركز نحو توفير الرواتب للموظفين في نهاية الشهر من منحة أجنبية، أو سحب من أرصدة، أو طباعة بنكنوت.. فالحمل ثقيل، والإرث عظيم، وقد يكون من فارق الحياة في هذا الحادث أو ذاك، أفضل حظا من الناجين، طالما أن القادم أسوأ!.
فقد كشفت التقارير الرسمية أن مصر احتلت المرتبة الأولى في حوادث الطرق على مستوى العالم، حيث بلغ عدد الوفيات أكثر من 12 ألف حالة سنويا، وعدد المصابين 40 ألفا، بينما كشف تقرير لوحدة سلامة النقل التابعة لوزارة النقل والمواصلات عن أن حوادث القطارات بالسكة الحديد بلغت 550 حادثا سنويا، ما بين جسيمة تسفر عن قتلى ومصابين، وخفيفة لا تسفر عن ضحايا، وأوضحت التقارير أن 563 كيلو مترا فقط تمثل 18% من خطوط السكة الحديد تعمل بشكل آمن لاعتمادها على العمل وفق إشارات مكهربة، والباقي الذي يبلغ 5500 كيلو متر وتمثل 82% يعمل بنظام الإشارات الميكانيكية الأقل أمنا، وبالتالي كان من الطبيعي أن تشهد مصر تلك الحوادث المتكررة، على الرغم من الخبرة المصرية العريقة في مجال السكك الحديدية منذ عام 1851، على اعتبار أنها ثاني دولة في العالم بعد انجلترا تعاملت مع هذا النوع من طرق النقل، إلا أنها أيضا أصبحت تتصدر دول العالم في هذا النوع من الحوادث، وأعلى أرقام من الضحايا.
وعلى الرغم من الإطاحة بثلاثة وزراء خلال السنوات العشر الأخيرة، على خلفية حوادث القطارات، وعلى الرغم من الإعلان عن خطط لإعادة هيكلة السكك الحديدية عقب كل حادث، ورصد أرقام مالية كبيرة لهذا الهدف، وعلى الرغم من حالات قطع الطرق البرية شبه اليومية نتيجة الحوادث المتكررة بسبب تردي حالاتها، فإن ذلك لم يغير من الوضع على أرض الواقع، فقد ازدادت حالات الطرق سوءا، وتفاقم الإهمال بالسكك الحديدية، المهملة أصلا منذ أكثر من 50 عاما، ولم نستطع حتى الآن الإجابة عن السؤال المطروح دائما، وهو: هل هؤلاء الضحايا هم ضحايا للطرق والسكك الحديدية، أم ضحايا للمسئولين وإهمالهم؟! كما لم يستطع أحد من المسئولين الإجابة عن السؤال الأهم، وهو: متى يمكن أن ينتهي مسلسل نزيف الدماء، ونزيف الخسائر المادية التي بلغت من جراء هذه الحوادث حسب الإحصاءات الرسمية أيضا نحو 50 مليار جنيه سنويا؟ وقد تجرنا هذه القضية إلى السؤال الأكثر أهمية حول مستشفياتنا التي لا تستطيع استيعاب المرضى بصفة يومية، فكيف لها أن تستوعب ضحايا كوارث بهذا الحجم من حوادث الطرق، أو انهيار عمارات، أو حرائق؟!
وبالتوازي مع حوادث الطرق تطل علينا كارثة انهيار العقارات برأسها، خاصة في مدينة الإسكندرية التي باتت تعيش كابوسا لا يقل خطورة بل يزيد، بعد أن أشارت الإحصاءات إلى أن هناك عشرة آلاف عقار آيلة للسقوط، إضافة إلى ما يقارب هذا الرقم من حالات بناء تم تشييدها خلال العامين الماضيين، أو بمعنى أصح خلال فترة الانفلات الأمني بطريقة عشوائية متسارعة من ناحية، وبمواد بناء غير مطابقة للمواصفات من ناحية أخرى، مما جعلها معرضة لكارثة شبه يومية، بالإضافة إلى أن جميعها مهددة بكارثة أكبر في حالة وقوع زلزال من أي نوع وبأي قوة، وتشير الأرقام إلى أنه تم تحرير 36 ألف قرار إزالة بالإسكندرية خلال السنوات الخمس الماضية، لم يتم تنفيذ أي منها، وخلال العامين الماضيين وصلت المخالفات إلى أكثر من 100 ألف حالة حسب تقرير صادر عن لجنة الإسكان بمجلس الشعب، بما فيها الأدوار المخالفة التي تمت تعليتها في معظم الأحياء، وما استتبعه ذلك من تحميل كبير على المرافق من مياه وكهرباء، وصرف صحي، والتي تصبح قابلة للانفجار هي الأخرى بين لحظة وأخرى.
ففي الإسكندرية تحديدا يتم استخدام مواد في الخرسانة تسرع من عملية شك مواد البناء سريعا، كما يتم استخدام مادة محجرية معروفة شعبيا باسم السن كبديل للزلط يتم جلبها من محاجر بالإسكندرية والبحيرة ومطروح، بينما تعاني باقي مدن الجمهورية من أخطاء في الأساسات وغشا في الأسمنت والحديد، وتشير تقارير جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء بوزارة الإسكان إلى أن محافظة الغربية وحدها سجلت 40 ألف مخالفة بناء و39 ألف قرار إزالة، بينما سجلت الدقهلية 36 ألفا، والمنيا 34 ألفا، والشرقية 32 ألفا، والجيزة 32 ألفا، وسوهاج 27 ألفا، وأسيوط 24 ألفا، والقاهرة 17 ألفا، وبني سويف 13 ألفا، ولم يتم حصر المخالفات في محافظات دمياط والوادي الجديد وكفر الشيخ وقنا، لعدم تعاون الأجهزة المحلية هناك حسبما أوضح التقرير.
ومن هنا..
فإن هناك ما يصل إلى 400 ألف عقار مخالف في مصر صدرت لها قرارات إزالة كلية أو جزئية، وأخرى أوراقها متداولة في المحاكم، بخلاف العشوائيات المنتشرة في كل المدن، وقد تفاقمت هذه المشكلات في السنوات الأخيرة بالتزامن مع زيادة معدلات الفساد في المحليات، من رشوة ومحسوبية، وإهمال، في وجود عشوائية أخرى من القوانين المنظمة لهذه العملية وصل عددها إلى نحو 150 قانونا ملغما بالثغرات والثقوب، مما يتطلب إنشاء لجنة عليا للثروة العقارية تتبع مجلس الوزراء مباشرة، تحمل على عاتقها هذه المهمة، بدءا من توحيد هذه القوانين، وانتهاء بالتعامل مع الأزمة على أرض الواقع، وذلك بتنفيذ قرارات الإزالة فوريا للبعض، وترميم البعض الآخر، حتى لو كان على حساب الدولة، ويكفي أن نشير هنا إلى أن ما تسدده الدولة سواء للضحايا أو للمصابين في حالة انهيار عقار، يمكن أن يتم إنفاقه على ترميم العقار درءا للمخاطر من البداية، كما يمكن بقوة القانون إجبار القاطنين على تسديده للدولة بعد ذلك.
لابد أن نعترف إذن
بأننا أمام قنبلة موقوتة، تتطلب حشد كل الجهود لمواجهتها قبل فوات الأوان، فلسنا ببعيدين عن حزام الزلازل، ولسنا بمنأى عن أي تقلبات جوية استثنائية، وفي الوقت نفسه فإن حكومات ما بعد الثورة يجب أن تحمل على عاتقها بالدرجة الأولى مواجهة الفساد الإداري، الذي استشرى في كل مكاتبنا، والذي أصبح من أسوأ نتائجه، حصد أرواح الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، دون تمييز، في ظل قصور واضح في تدريب وتجهيز أطقم الحماية المدنية المنوط بها التعامل مع مثل هذه الأحداث مما يرفع عدد الضحايا نتيجة تأخر الوصول إليهم، وأحيانا قتلهم بالخطأ أثناء عمليات الإنقاذ، وهي أمور لم يتم تداركها أيضا حتى الآن، على الرغم من كارثة زلزال 1992 التي كشفت الخلل الجسيم في هذا المجال، بالإضافة إلى غيرها من كوارث الانهيارات المتتابعة في مختلف المحافظات دون استثناء.
وأما بخصوص المحور الثالث
لكوارثنا المتمثل في الحرائق، فقد أكدت الدراسات أن 99% منها كان الإهمال السبب الرئيسي فيها، وقد دخل على الخط الآن أحد العوامل الجديدة المتمثلة في التعمد والافتعال في مرحلة ما بعد الثورة، بعد أن امتدت أصابع الاتهام إلى فئات بعينها سعت إلى التخريب والتدمير، وذلك في ضوء ما شهدته البلاد من حرائق متكررة في مواقع العمل والإنتاج، وهي قضية خطيرة إذا أخذناها على محمل الجد، إلا أننا اعتدنا توجيه الاتهام النهائي إلى الماس الكهربائي، أو على أقصى تقدير الفاعل المجهول، على الرغم من أهمية المواقع أو المنشآت التي شهدت مثل هذه الكوارث مثل شركة النصر للبترول بالسويس، أو محلات صيدناوي بطنطا، أو توشيبا العربي بقويسنا، أو عمر أفندي بمصر الجديدة، أو المنطقة الصناعية بدمياط الجديدة، أو مزارع سيوة، أو محطات الوقود في أبو سمبل والمنيا، أو مصنع البتروكيماويات بالعاشر من رمضان، أو محلات التوحيد والنور بالقاهرة.
وبالإضافة إلى أنه كان يجب تحديد الفاعل في مختلف هذه القضايا، كان يجب أيضا أن نولي أهمية كبيرة لإحياء مفهوم الأمن الصناعي، بتوافر اشتراطات السلامة والوقاية من أخطار الحريق في مختلف المنشآت المهمة من جهة، وتدريبات عملية للعاملين بها من جهة أخرى، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنه إلى جانب ضحايا البشر من هذه الحرائق، فهناك نزيف من خسائر الاقتصاد التي يصعب تعويضها، خاصة في هذه الظروف التي يمر بها الاقتصاد الوطني ككل، إلا أن الأكثر إثارة للدهشة في هذا الصدد، هو ما يتحدث عنه خبراء الأمن، من أن تزايد الحرائق يتزامن مع موعد تقفيل ميزانيات المؤسسات والشركات، في محاولة للتخلص من أي عجز قد يدين الفاعل، وهو بالطبع أمر في غاية الخطورة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن الأزمة التي تمر بها مصر بالتأكيد سوف تلقي بظلالها على الأوضاع المالية لضعاف النفوس، مما يؤكد أن القادم أسوأ.
الإعلام العربي
محوران يختصان بالإعلام العربي شهدتهما القاهرة هذا الأسبوع، أجدني مضطرا إلى إلقاء الضوء عليهما لأهميتهما في هذه المرحلة، الأول منهما، كان الاجتماع الدوري لوزراء الإعلام العرب، بمقر جامعة الدول العربية، وقد زارني في مكتبي عدد من السادة الوزراء، واسترعى انتباهي ما ذكره أحدهم عن تراجع دور هذه الوزارات في هذه الآونة، مع تنامي الإعلام الخاص، وبالتالي انحسار دور وزير الإعلام في موطنه، وتساءل بالتالي أيضا عن جدوى الاجتماعات الوزارية في هذا الشأن، فلا التنسيق يأتي بفائدة، ولا لقاءاتهم تترجم إلى منفعة لهذا القطر، أو ذاك، ولأن الأمر كذلك، فقد كان هذا التشرذم الإعلامي المقروء منه والمرئي والمسموع أيضا.
وقد خلص النقاش إلى أن ذلك أصبح أمرا طبيعيا في معظم بلدان العالم، وخاصة المتحضر، إلا أن الإحساس بالمسئولية تجاه الوطن، وأيضا تجاه الإقليم، وتجاه الإنسانية جمعاء، يجب أن يكون هو السمة السائدة في توجهات الإعلام.. إلا أننا خلصنا أيضا إلى أن ما ليس طبيعيا هو أن تصبح الوسيلة الإعلامية معبرة فقط عن مالكها المحلي، أو ممولها الأجنبي من خلف الستار، وبالتالي تصبح بمثابة مصدر قلق وتوتر داخل الوطن، وخاصة إذا علمنا أن رئيس تحرير صحيفة في بعض الحالات ليس من حقه أو ليس من صلاحياته اختيار مانشيت الصحيفة، أو الطريقة التي يتم بها كتابة الخبر، إلا بعد المرور على المالك، الذي يتحكم في كل شيء، ويصبح رئيس التحرير في هذه الحالة مجرد خيال مآتة ما دام سيتلقى مبلغا ماليا مغريا في نهاية الشهر، كما سوف نكتشف أن القناة التليفزيونية هي الأخرى لا تعمل بحرية تمكنها من استضافة هذا المسئول أو ذاك، إلا بعد موافقة المالك، وبالتالي ودون أن ندري، أصبحنا أمام وزير إعلام لكل صحيفة، وكل قناة تليفزيونية.
هي إذن حيرة ما بعدها حيرة تلك التي يعيشها الإعلام، العام منه والخاص، في ظل هذه الظروف، سواء كانت سيطرة الدولة كمالك، أو سيطرة صاحب رأس المال، أو الممول المستتر، ويظل المواطن هو الضحية، وخاصة في ظل هوة واسعة في تناول الحدث الواحد بين هذه وتلك، والتي أرى أنها في النهاية لا يمكن حسمها باجتماعات وزارية، أو مواثيق إعلامية، إذا لم يكن هناك ضمير حي، واحترام للذات سواء على هذا النحو أو ذاك.
المحور الثاني، كان من خلال مؤتمر حول دور الإعلام الاقتصادي في ظل المتغيرات الاقتصادية الإقليمية شارك فيه السفير محمد محمد الربيع الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية وأداره الدكتور محمد ربيع، رئيس جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، بحضور عدد من كبار الإعلاميين من صحافة وإذاعة وتليفزيون، إضافة إلى عدد من أساتذة الإعلام، وقد هدف المؤتمر إلى التحضير لمؤتمر أوسع يبحث كيفية قيام الإعلام بدور فاعل في التكامل الاقتصادي العربي، والترويج لفرص الاستثمار المشتركة هنا وهناك، وعلى الرغم من ثراء المناقشات حول هذه القضية المهمة، فإنني وجدت أن الإرادة السياسية يجب أن تكون مواكبة بقوة لتحقيق هذه الأهداف التي لا يمكن أن تتحقق بدونها، إلا أنه في الوقت نفسه يجب الإشادة بمثل هذه المبادرات الفردية التي يجب أن تتبناها منظمات المجتمع المدني، من جامعات خاصة وأحزاب وجمعيات، دون انتظار لأوامر سامية من العواصم التي قد تعرقل أي تطلعات، إلا أننا سوف نظل نتطلع إلى القمة الاقتصادية العربية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية الإثنين المقبل كحجر أساس يمكن البناء عليه ليس إعلاميا فقط، وإنما بما يحقق ما يصبو إليه المواطن العربي من عيش كريم في توقيت لم يعد يحتمل التشرذم.
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.