المرشحان الامريكيان الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب وجها لوجه في المناظرة الرئاسية الاولى غدا الاثنين وذلك قبل ستة اسابيع على استحقاق 8 نوفمبر موعد الانتخابات الرئاسية وتشكل هذه المناظرة التي ينتظرها الملايين فرصة تتيح للمرشحين ان يقدما او ان يعيدا تقديم انفسهما الى الناخبين الاميركيين الذين سيترقبون اقل هفوة او عراكا حاسما كما ان هذه المناظرة قد تحقق ارقاما قياسية من حيث عدد المشاهدين لا سيما مع مدى تناقض شخصيتي ترامب وكلينتون. تعقد المناظرة "الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بتوقيت جرينتش -الثالثة فجرا بتوقيت القاهرة" في جامعة هوفسترا في مدينة همستيد على بعد ساعة من نيويوركحيث ان هذه الجامعة تشكل موقعا تقليديا للمناظرات وسبق اعتمادها العامين 2008 و2012.المناطرة ستستغرق 90 دقيقة تقسم الى ست مراحل من 15 دقيقة بلا توقف اعلاني، تطرح ثلاثة ملفات هي توجهات الولاياتالمتحدة والازدهار والامن. يفتتح منسق المناظرة كل مرحلة بسؤال يجيب عليه كل من المرشحين في دقيقتين قبل اتاحة وقت للتعليق على اجابة الاخر. ويستغل المنسق ما تبقى من الوقت للتعمق في الملف وتخصص 30 دقيقة لمناقشة كل ملف. ويدير المناظرة الصحفي ليستر هولت البالغ من العمر 57 عاما الذي يقدم اخبار المساء على قناة ان بي سي التي تتمتع باعلى نسبة مشاهدة. وسبق ان ادار مناظرة في الانتخابات التمهيدية الديموقراطية في يناير الماضي . تنطبق على كلينتون معايير ارفع نظرا الى تجربتها واتقانها للملفات. ويترتب عليها ان تثبت حيازتها مزايا رئاسية، وكذلك صدقها (55% من الاميركيين لا يرونها كذلك) والانتهاء من قضية مرضها مؤخرا بالرئة ناهيك عن ان كلينتون تعتبر منفرة للناخبين بينما يتمتع ترامب بالصلابة اللازمة للرئيس واثبات انه يعرف حدا ادنى من الملفات او قدرته على تجنب الهفوات، في مناظرة يسودها الضغط مع خصم واحد. كما عليه طمأنة الجمهوريين بانه سيكون رئيسا جمهوريا رغم انه وافد من خارج الطبقة السياسية. والتساؤل المطروح الان هل ستكون المناظرة مثيرة للجدل او غريبة على غرار مناظرات اخرى حصلت في العقود المنصرمة؟ كينيدي-نيكسون من هذه المناظرة عام 1960 بدأ كل شيء. قبل 56 عاما في شيكاغو شارك حاكم شاب لماساتشوستس ونائب الرئيس المنتهية ولايته ريتشارد نيكسون باول مناظرة متلفزة بين مرشحين الى البيت الابيض. ورغم ان جون كينيدي كان دخيلا على السياسة فقد ثبت انه رجل الساعة حيث اظهر جاذبية على الشاشة اكثر من منافسه الذي بدت عليه علامات عدم الارتياح تحت الاضواء. وكان نيكسون قد خرج لتوه من المستشفى ورفض التبرج قبل الظهور على التلفزيون. وكان اداء كينيدي اقوى بكثير مما كان احد يتوقعه. وقال لانس تارانس من معهد غالوب ان "هيمنة كينيدي على هذه الالة (التلفزيون)، ساعدته على تحويل تأخره في استطلاعات الرأي بشكل طفيف عن خصمه الى فوز انتخابي". – كارتر-فورد اذا كان كينيدي اثبت الى اي حد يمكن ان تترك فيه مناظرة ما اثرا على الانتخابات، فان جيرالد فورد اظهر الى اي حد يمكن ان تكون الهفوة مكلفة. وواجه جورج بوش الاب انتقادات لانه نظر الى ساعته خلال المناظرة مع بيل كلينتون لكن الاثر كان محدودا. وفي 1976 في المقابل، حين كان جيرالد فورد في مواجهة حاكم جورجيا الديموقراطي جيمي كارتر، ارتكب هفوة قد تكون كلفته الرئاسة. فحين تناول الحديث موقف الاتحاد السوفياتي من اوروبا، قال فورد بشكل لا يمكن تفسيره بالنسبة لرئيس وقع قبل ذلك اتفاقات هلسنكي، انه "ليس هناك هيمنة سوفياتية في اوروبا الشرقية". وهذا التعليق اثار مفاجأة لدى الاعلامي الذي كان يدير المناظرة الى حد انه طلب من المرشح مجددا توضيح اقواله، لكن فورد رفض الاعتراف بخطأه. واظهرت استطلاعات الرأي انذاك ان تلك الامسية لم تكن دراماتيكية بالنسبة لفورد الذي تمكن رغم هفوته من تقليص الفارق الذي يفصله مع كارتر. لكن السؤال الذي يبقى هو : الم يكن من المحتمل ان يفوز بالانتخابات لو لم يرتكب هذه الهفوة؟. – اوباما-كلينتون بعض المناظرات تبين انها مهمة لانها تركت نهجا لاعتماده في المستقبل. في العام 2007 خلال مناظرة الانتخابات التمهيدية الديموقراطية في مواجهة هيلاري كلينتون، قدم باراك اوباما ردا استخدم لاحقا كدليل لسياسته الخارجية في البيت الابيض. فقد سأل الصحافي المرشحين، "هل انتما على استعداد للقاء قادة ايران وسوريا وفنزويلا وكوبا او كوريا الشمالية بدون شروط مسبقة خلال اول سنة من الرئاسة؟". ورد المرشح الشاب انذاك "نعم، ساكون على استعداد" لذلك، في ما اعتبر انه هفوة. وتابع "الفكرة القائلة بان عدم التحدث مع بعض الدول يشكل عقابا لها، سخيفة". وبعد ثماني سنوات في البيت الابيض، التقى اوباما رئيسين من تلك الدول، كوبا وفنزويلا، فيما اعتبر التقارب الذي اطلقه مع ايران ابرز نجاحاته الدبلوماسية. – لينكولن-دوجلاس اذا كان قلة من الناس قرأوا فعليا مضمون المناظرات بين ابراهام لنكولن وستيفن دوغلاس عام 1858، فانه لا يزال يجري التداول بها كمرجعية. وبعدما تناولا العبودية والحرب والاخلاقيات، كانت تبدأ كل مناظرة بمداخلة لساعة تليها 90 دقيقة من الرد ثم 30 دقيقة للرد على الرد. لكن مناظرات لينكولن-دوغلاس لم تكن رئاسية، لانهما كانا يتنافسان انذاك على منصب سناتور ايلينوي. والشكل الذي كانت تاخذه عبر تخصيص ثلاث ساعات لكل مرشح لا يتوافق بالطبع مع متطلبات التلفزيون الحالية.