نقلا عن الاهرام25/10/07 في كل عام تتكرر السحابة السواء... وفي كل عام تتكرر تصريحات المسئولين بأجهزة البيئة لتحذر من مخاطر السحابة, وتؤكد أن الجهود تتجه لمنع حدوثها, وأن هناك الملايين يتم رصدها في هذا الاتجاه وصلت حتي الآن الي350 مليون دولار. لكن تكرار السحابة للعام السابع خلال الفترة الحالية يعتبر مؤشرا علي ان اسباب هذا الظاهرة لم تتم إزالتها.. والحلول التي تم اتخاذها لم تكن كافية... مما يفرض علينا البحث عن حلول أكثر جدوي وإزالة الأسباب بشكل قاطع... وهذا ما يوضحه الخبراء في هذا التحقيق.. الدكتور أحمد عبد الوهاب أستاذ علوم تلوث البيئة بجامعة بنها ينبه إلي وجود3 مصانع كبري بالقاهرة تحرق نحو2500 طن سولار يوميا, مما يعني أنها تفرز نحو5 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون, وكميات اكبر من ثاني اكسيد الكبريت وثاني اكسيد النيتروجين وعشرات الانواع من الغازات المدمرة لصحة الإنسان. وأضاف أن هناك ايضا أكثر من100 مصنع للطوب تحرق يوميا نحو350 طن مازوت بكل ملوثاته وغازاته اضافة لوجود750 مسبكا في القاهرة الكبري, علاوة علي محارق الفخار والحجارة ونواتج إحراق كميات هائلة, من القمامة بما تحويه من بلاستيك ومواد خطرة مسببة لأمراض فتاكة مثل السرطان, كما يتلاحظ أن60% من ملوثات البيئة في القاهرة الكبري ناتج عن عادم السيارات, وبرغم كل جهود أجهزة البيئة والمرور لخفض هذا العادم, فهناك نحو1500 اتوبيس يتبع النقل العام بالقاهرة الكبري, والف ميني باص تستهلك نحو170 مليون لتر سولار سنويا, إضافة الي33 الف سيارة مدارس ومصالح حكومية تستهلك كميات هائلة من البنزين والسولار, كما ان هناك1,5 مليون سيارة ملاكي وأجهزة تستهلك اكثر من مليون طن بنزين وكل هذه الافرازات تصب في أجساد كل من يسكن القاهرة وتصل الي دمه واعصابه وخلايا مخه. واشار الي انه وفقا للتقديرات الأولية فإن عادم السيارات من ثاني اكسيد الكربون وحده يزيد علي3,5 مليون طن مع افتراض ان الاحتراق بالسيارة يصل الي10%, ولكن الحقيقة أنه تخرج كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون, وثاني أكسيد الكبريت والنيتروجين وعشرات الغازات السامة نتيجة عدم الاحتراق الكامل مع ان وزارة البترول انتجت بنزين خاليا من الرصاص وخلصته من آلاف الأطنان من هذا المعدن الخطير, كما أن محافظة القاهرة بادرت بنقل موقف أحمد حلمي بما فيه من آلاف السيارات إلي خارج حدود العاصمة, وكذلك نقل مواقف سيارات السرفيس والاوتوبيسات من ميداني التحرير ورمسيس مما يخفض التلوث بالآلاف الاطنان من ملوثات الهواء إضافة لإقامة الطريق الدائري الذي نقل حركة السيارات وعوادمها الي خارج القاهرة. القمامة: وقال: إن هناك مشكلة محورية أيضا وهي الكميات الكبيرة من القمامة, والتي بلغت هذا العام نحو21 مليون طن وسيصبح30,5 مليون طن في عام2016 والتي يتم حرقها او التخلص منها بطريقة غير آمنة في معظم الأحوال في الوقت الذي تحتوي فيه علي نسبة عالية من الثروة الطبيعية ويمكنها ان تحقق ثروة هائلة ماديا وصحيا فهناك دولة مثل انجلترا نجحت في تصنيف14 نوعا من الورق في القمامة وامكن تدوير50% من القمامة وفي المانيا أمكن تدوير70% وزادت نسبة إلي80% في هولندا. وأصبحت الدول الأوروبية تحقق ثروة كبيرة من إعادة تدوير الورق الناتج من القمامة بما يصل إلي125 مليون دولار منها أصناف عالية القيمة من الورق اضافة لتوفير60% من طاقة انتاج الورق من مصادره الطبيعية مع تقليل استهلاك المواد الخام المتوافرة لديهم, وبالتالي خفض الملوثات. آثار التلوث: وحول الآثار السلبية للتلوث البيئي والسحابة السوداء يقول الدكتور فرج إبراهيم فرج استاذ المناعة بكلية طب قناة السويس إن السحابة السوداء هي أحد أسباب انتشار الاصابة بأمراض الحساسية بين نحو30% من السكان وما يترتب علي ذلك من أمراض الصدر والربو الشعبي وحساسية الانف والاذن والجيوب الأنفية وحساسية العين والجلد بعد أن كانت تمثل نحو4%, فالجهاز المناعي يتأثر تأثرا كبيرا مع وجود عامل وراثي نتيجة اتحاد الذرات الدقيقة الموجودة بهذه السحابة مع مسببات الحساسية الموجودة بصفة طبيعية في البيئة مثل حبوب اللقاح وافرازات حشرة الفراش تساعد مجتمعة علي اختراق الأغشية المخاطية للانف والجهاز التنفسي والعين مما يؤدي إلي إفراز الهستامين ومواد كيماوية أخري من خلايا الجسم وظهور أعراض الحساسية. الأطفال ضحية: ويحذر الدكتور أمجد عبد الحميد مدير وحدة الحساسية بمعهد المصل واللقاح واخصائي الاطفال من أن تعرض الصغار للهواء الملوث بالسحابة السوداء يسبب اخطارا عليهم لعدم قدرتهم علي التحمل خاصة من يعانون اصابات مرضية أخري أو أمراضا وراثية أو حساسية, لذلك فإنه في حالة التعرض لهذه الظروف يجب أن يتعاطوا الادوية المناسبة لنوع الإصابة والحساسية لمنع الازمات الصدرية والربوية, والالتزام بجرعات محددة من الادوية لمواجهة فترة السحابة السوداء وتجنب الأماكن العامة, ومراجعة الطبيب المعالج باستمرار خاصة عند المضاعفات, حيث لوحظ في الفترات الاخيرة تزايد اعداد المرضي والاطفال المترددين علي العيادات والمستشفيات. تصنيع قش الأرز: ولكن ما هي الحلول العملية لهذه المشكلة؟ الخبراء يؤكدون أنه يمكن لمصر أن تستفيد من مخلفات قش الأرز في صناعات انتاجية عديدة منها صناعة الطوب فقد امكن لباحث مصري التوصل إليها في اختراع جديد لاستيعاب نحو مليوني طن قش سنويا وذلك من خلال مصانع صغيرة بالقرية المصرية أو في مشروعات كبري وهذا ما يؤكده الباحث تامر محمد أكمل رئيس قسم العمارة بهندسة الجامعة الحديثة مشيرا الي ان الابتكار يوفر علي الدولة والاقتصاد القومي طاقة هائلة ويستخدم خامة محلية وهي الأرز في مشروعات كبيرة بتصنيع طوبة تستخدم في المباني الهيكلية وهي تمثل95% من المباني وبحودة عالية تتحمل التشوين والنقل وبكثافة وتكلفة اقل, وذلك باستخدام آلات بسيطة متاحة مما يتيح مهنة جديدة لآلاف الشباب العامل وبالقري المصرية بصفة خاصة. وأضاف الباحث أن خلطات الطوب تمثل40 كيلو أسمنت إلي100 كيلو جرام قش أرز لكل ألف طوبة. وقال: إن الطوبة المخترعة تتميز باستهلاكها القش بكميات كبيرة ومن موقع انتاج القش, وهو القرية المصرية, وهي تحقق قيمة عالية من حيث الانتاج وانخفاض التكلفة مع التحسين المستمر حسب الاستعمال مع تحسين المواصفات, وقدرتها علي العزل الحراري مما يخفض استهلاك الطاقة وتكلفة البناء نسبة20% علي الاقل ويطالب الباحث بأن تدعمه وزارة الإنتاج الحربي وزارتا البيئة والزراعة لتسهيل صناعة الأدوات البسيطة ونشرها بالقري والمدن القريبة من زراعات الأرز. أمراض القمامة: في الوقت نفسه يؤكد الدكتور أحمد عبد الوهاب أن هناك مجالات اقتصادية مهمة يمكن أن تدخلها صناعات تدوير النفايات والمخلفات والقمامة فيمكن تدوير القمامة بطاقة إنتاجية تبلغ10 ملايين طن سماد عضوي تكفي لزراعة ما يزيد علي مليوني فدان ترتفع الي14,5 مليون طن في عام2016 لزراعة نحو4 ملايين فدان كما يمكن انتاج3 ملايين طن ورق تكفي لتشغيل3 مصانع اضافة لانتاج350 الف طن زجاج و370 ألفا من الحديد تكفي لانتاج45 الف طن حديد تسليح, إضافة الي115 الف طن بلاستيك ونصف مليون طن كهنة وقماش. وفي الجانب الآخر وكما يقول الباحث فإن القمامة لها دور سلبي وخطير فهي تنقل للإنسان المصري أكثر من42 مرضا تكلف وزارة الصحة أكثر من650 مليون جنيه لمواجهة اخطار ونتائح هذه الاصابات وفي نفس الوقت فإن تصنيع القمامة يوفر نحو140 مليون جنيه ثمنا للاسمدة الكيماوية المستخدمة باستبدالها بالعضوية وهي في نفس الوقت توفر من خلال مشروعاتها نحو300 ألف فرصة عمل للشباب. ومع توافر بيئة نظيفة وصحية يزيد الناتج القومي بمعدل38% لوجود اشخاص اصحاء, فإذا ما انتشر التلوث زادت الامراض الصحية والاجتماعية والنفسية مثل الاكتئاب ومشاحنات الازواج وعذابات الاطفال والاغتصاب لذلك فإنه من الاهمية وضع استراتيجية متكاملة لمواجهة سلبيات التلوث ووضع الحلول لها. وأشار الباحث إلي أن ما يخرج للبيئة المصرية من مخلفات سنوية يبلغ نحو250 مليون طن نفايات زراعية وحيوانية يمكن توجيهها لإنتاج كميات هائلة من الوقود الحيوي, والبيوجاز لتشغيل الآلات الزراعية أو ادارة التوربينات التي تولد الكهرباء, أو تستخدم كوقود نظيف مثلما يحدث في معظم المنازل بالصين والهند كما يمكن المخلفات الزراعية وبطرق علمية لإنتاج اللحوم الحمراء وتوفير مساحات لزراعة البرسيم وكذلك انتاج اللحوم البيضاء والاسماء, وانتاج عيش الغرب من القش بكميات كبير وإنتاج اعلاف بقيمة غذائية عالية من مخلوط نفايات قش الارز والنباتات بعد المعالجة كذلك مخلفات الماشية والطيور. وطالب الباحث بضرورة التوسع في المدن الجديدة واجتذاب السكان خارج المناطق السكنية المدرسية إضافة لنقل المصانع والمسابك خارج القاهرة. الى مزيد من التحقيقات