يبدأ رؤساء الدول والحكومات ال 27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبى مساء اليوم الخميس 21/6 بالعاصمة البلجيكية بروكسل اجتماعاتهم فى محاولة للخروج من أزمة الدستور الأوروبى الموحد وسط اعتراضات من جانب بريطانيا وبولندا، وقد تقدمت الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبى بنص لخارطة طريق من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الدستور الموحد، وتتضمن خارطة الطريق البنود التى يتعين إعادة التفاوض بشأنها، بينما تطالب بولندا وبريطانيا بالمزيد من التنازلات . ورغم أن الدول ال 18 التى صدقت بالفعل على النص الحالى للدستور الأوروبى الموحد وافقت على الاكتفاء بدستور مبسط لإثبات أنهم لم يتخلوا عن روح المعاهدة الدستورية، إلا أنها تتمسك بإنشاء رئاسة دائمة للاتحاد الأوروبى بدلاً من الرئاسة الدورية التى تتولاها كل دولة عضو لمدة 6 شهور بالتناوب، وكذلك تعيين وزير خارجية للاتحاد الأوروبى حتى ولو تعين إعطاء المنصب اسم آخر لإرضاء البريطانيين بالإضافة إلى تبسيط حساب نظام الأغلبية النسبية وتضمين الدستور ميثاق الزامى للحقوق الأساسية للمواطنين . وسيكون طى صفحة الأزمة الدستورية الحادة المستمرة منذ عامين هدف القادة الأوروبيين الذين يبدأون اليوم فى بروكسل مفاوضات شاقة لوضع أسس معاهدة جديدة تحل محل الدستور، وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومنذ تولى بلادها رئاسة الاتحاد الأوروبى فى يناير الماضى قد جعلت من هذه المعاهدة الجديدة إحدى أولويات رئاستها التى أوشكت على الانقضاء . ويرى المراقبون أن الدستور الجديد يفترض أن يسهل آلية اتخاذ القرارات فى الاتحاد الأوروبى الذى اتسع فى غضون ثلاث سنوات من 15 إلى 27 دولة عضو، وتعتبر هذه القمة بالنسبة لميركل حاسمة وذلك بعد اجتماعاتها فى الأسابيع الأخيرة مع شركائها الأوروبيين أكثر من مرة لتحديد ما يريدون الاحتفاظ به من هذا الدستور أو تركه، مُشددة فى نفس الوقت على ضرورة الاحتفاظ بجوهر هذا الدستور الذى صادقت عليه ألمانيا إضافة إلى 17 دولة أخرى، وتمكنت ميركل بمساعدة الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى من التوصل مع 22 دولة إلى اتفاق على صياغة معاهدة أقصر وأكثر تواضعاً، إلا أنها تتضمن التوجهات العريضة للدستور مثل استحداث منصب وزير أوروبى للخارجية ورئاسة ثابتة بدلاً من الدورية . ومن جانبه دعا رئيس المفوضية الأوروبية " خوسيه مانويل باروسو " القادة الأوروبيين إلى عدم مغادرة بروكسل قبل التوصل إلى اتفاق نهائى حول الدستور الأوروبى الموحد من أجل الحفاظ على مصداقية الاتحاد الأوروبى أمام العالم وتفعيل قدراته على العمل، واعترف باروسو بصعوبة المفاوضات التى تشهدها القمة الأوروبية اليوم ولمدة يومين فى بروكسل على ضوء تصديق 18 دولة على الدستور ورفض فرنسا وهولندا له فى استفتاء شعبى وتهديد بولندا باستخدام حق الفيتو وتردد بريطانيا . وقد اعتبرت وزارة الخارجية الألمانية أن إصرار بولندا على عرقلة مشروع الدستور الأوروبي سيسبب خسارة جماعية للاتحاد بأكمله، بما فى ذلك بولندا نفسها، وفى تصريحات سابقة أكد رئيس وزراء بولندا " ياروزلاف كازينسكى " استعداد بلاده للتراجع عن معارضتها نظام التصويت المقترح مقابل إقرار بنود معينة تمنح صوتها مزيداً من الثقل داخل الاتحاد الأوروبى، مُشدداً فى الوقت نفسه على احتفاظ وارسو باستخدام حق الفيتو إذا ما تعرضت لضغوط من قبل القوى الأوروبية الكبرى، وفى هذا السياق أكدت " مارجريت بيكيت " وزيرة الخارجية البريطانية استعداد بلادها عرقلة التوصل إلى اتفاق بشأن مشروع الدستور الجديد إذا لم تنل بنود الدستور قبولها مشددة على أن بريطانيا تسعى لرؤية أوروبا مؤلفة من دول تحافظ على سيادتها وليس أوروبا " الدولة العملاقة " . وكان رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير قد حدد فى تصريحات صحفية له أمس أن أربعة مجالات لن تكون محلاً للتنازل فى مفاوضات القمة الأوروبية، وهى ميثاق الحقوق الأساسية والسياسة الخارجية والقانون الاجتماعى إلى جانب الضرائب والإعانات وهو مالا يجعل هناك حاجة حسب قوله لإجراء استفتاء شعبى حول مثل هذه القضايا .. وللخروج من مأزق عدم التمكن حتى الآن من الاتفاق على الدستور الأوروبى الموحد اقترح الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى تبنى دستور مبسط لتهدئة مخاوف الأعضاء من إسقاط أية رموز رسمية للاتحاد الأوروبى وتعظيم دور البرلمانيات الوطنية للدول الأعضاء، إلا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لا تريد إعادة التفاوض فى نظام التصويت الحالى بالأغلبية النسبية على عكس ما تطالب به بولندا ولا تريد ميركل أيضاً تقليل عدد القرارات التى يتم اتخاذها بالأغلبية النسبية كما تطالب بريطانيا . إنه رغم هذه الخلافات التى تهدد بفشل القمة الأوروبية فى التوصل إلى اتفاق بشأن الدستور الموحد إلا أن الرئيس البولندى ألمح إلى إمكانية قبول بلاده بحل وسط بشأن نظام التصويت داخل الاتحاد الأوروبى بشرط الحصول على تنازلات من الدول الأخرى لصالح بلاده، كما رأت بريطانيا انه يمكن الخروج باتفاق رغم تعارض المواقف بين الدول الأعضاء بالاتحاد . 21/6/2007