كان هناك العديد من الأصداء على إعلان الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد أمس عن انتقال إيران إلى مرحلة تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعى حيث أعلن أيضا رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية " غلام رضا أغازاده" أن إيران مُصممة على تخصيب اليورانيوم ، وقال إن هدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يقتصر على إقامة 3 آلاف جهاز طرد مركزى فى مصنع ناتانز ، بل وضعنا كل الخطط اللازمة لنصب 50 ألف جهاز . ويُذكر فى هذا السياق أن إيران أعلنت منذ عام أنها ستُقيم حتى نهاية مارس 2007 ثلاثة آلاف جهاز فى ناتانز ثم أرجأت الموعد إلى مايو من نفس العام ، وقد ألمح كبير المفاوضين الإيرانيين فى الملف النووى على لاريجانى إلى تثبيت 3 آلاف جهاز ، وتحدث دبلوماسى فى طهران عن بعض الالتباس حول الجوانب التقنية لهذه الإعلانات ، وأن التخصيب الصناعى يتطلب استخدام حوالى عشرة آلاف من أجهزة الطرد المركزى التى يجب أن تعمل بدون توقف وبدون حوادث .
ومن جهته استبعد وزير الخارجية الإيرانى منوشهر متقى مُجدداً تعليق تخصيب اليورانيوم .. داعياً الدول الكبرى إلى تقبل التطورات الأخيرة فى البرنامج النووى الإيرانى ، وقال متقى خلال مؤتمر صحفى إن تعليق التخصيب غير مقبول كشرط مُسبق لإجراء مفاوضات مع الدول الكبرى وليس كنتيجة لها .. وأضاف .. أننا مستعدون للحوار إذا كانت مجموعة الخمس زائد واحد - ويُقصد بها الخمس دول دائمة العضوية بمجلس الأمن ومعها ألمانيا بصفتها رئيس الاتحاد الأوروبى – لديها أشياء جديدة تقولها ، مُعتبراً أن على الدول الكبرى الست " تقبل الواقع الجديد " فى البرنامج النووى الإيرانى .
وعقب هذا الإعلان أبلغت وكالة الأنباء الإيرانية " فارس " عن وصول اثنان من مفتشى الوكالة اليوم الثلاثاء إلى طهران فى زيارة روتينية إلى موقع تخصيب اليورانيوم فى ناتانز ، وأعلنت الوكالة أن المفتشين سيبقيان أسبوعاً فى إيران ، مُضيفة أنها الزيارة الثانية لمفتشين من الوكالة الذرية إلى إيران منذ مطلع العام الإيرانى فى الحادى والعشرين من مارس الماضى .
وجاءت أولى الاصداء فى واشنطن .. حيث اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية إن التحدى الإيرانى الجديد مع إعلان طهران انتقالها إلى المستوى الصناعى فى تخصيب اليورانيوم يبرر أسلوب العقوبات الذى اتبعه مجلس الأمن . وقد عبر البيت الأبيض عن قلقه بخصوص التصريحات الإيرانية ودخول إيران مرحلة تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعى ، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومى فى البيت الأبيض جوردون جوندرو .. نحن قلقون للغاية بخصوص هذا الإعلان ، والذى يعنى استمرار إيران فى تحدى المجتمع الدولى وزيادة العُزلة من حولها ، من خلال توسيع برنامجها النووى بدلاً من تعليق تخصيب اليورانيوم ، وتُصر واشنطن على أنها لن تُجرى مفاوضات قبل أن توقف إيران أنشطتها النووية ، وهو شرط مُسبق دأبت طهران على رفضه .
وفى بريطانيا أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية أن التصريحات الأخيرة التى صدرت فى إيران هى " خرق جديد لقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأممالمتحدة " ، وتابع المتحدث البريطانى مؤكدا على موقف بلاده من أنها لا تعترض على امتلاك إيران لبرنامج مدنى للطاقة النووية إلا أنه يجب عليها أن تستجيب لمطالب المجتمع الدولى،حيث تلتزم بقرارات الأممالمتحدة التى توضح بأن عليها تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم ونشاطاتها فى مجال إعادة المعالجة قبل البدء بمحادثات حول برنامج نووى مدنى .
ومن جانبه انتقد وزير الخارجية الفرنسى فيليب دوست بلازى إعلان طهران الانتقال إلى تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعى ، والإعراب عن أسفه لهذا الإعلان والذى يوجه إشارة سيئة ، مُجدداً الدعوة إلى الحوار والالتزام بقرارات مجلس الأمن المُطالبة بتعليق جميع نشاطاتها النووية الحساسة ، واغتنام الفرصة لبدء حوار مع الدول الكبرى الست ( فرنسا – بريطانيا – ألمانيا – الصين – روسيا – الولاياتالمتحدة ) .
وفى روسيا أعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم الثلاثاء أن موسكو ليس لديها أى دليل على أن إيران قد حققت طفرة تكنولوجية تتيح لها تخصيب اليورانيوم على النطاق الصناعى، هذا وقد أعلنت أيضاً وزارة الخارجية الروسية أمس أن مسئولاً إيرانياً زار موسكو برغم قرار للأمم المتحدة الذى يُقيد سفره إلى الخارج ودافعت موسكو عن قرار دعوته للزيارة ، وقال المتحدث باسم الوزارة ميخائيل كامينين إن محمد باقر ذو القدر نائب وزير الداخلية للشئون الأمنية زار موسكو فى الفترة من الرابع إلى الثامن من أبريل الجارى ، وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية نقلاً عن ذو القدر أن رحلته هذا الأسبوع إلى روسيا دليل قوى يوضح أن عناصر قرار مجلس الأمن الدولى 1747 ضد جمهورية إيران الإسلامية ليس له تأثير ، لكن كامينين قال فى بيان له "أن الزيارة لا تنتهك قرار مجلس الأمن الدولى 1747 الخاص بإيران " ، هذا ويدعو القرار الدول إلى منع سفر المسئولين الإيرانيين الضالعين فى الأنشطة النووية الحساسة ، ويطلب من الدول إبلاغ لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن إذا سافر هؤلاء الأفراد إلى أراضيها ، ويذكر أن ذو القدر من بين المسئولين الذين وردت أسماؤهم فى قائمة مجلس الأمن الممنوعين من السفر ، وقال كامينين .. تماشياً مع هذا القرار أن وزارة الخارجية الروسية أبلغت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولى .
وقد نددت الرئاسة الالمانية للاتحاد الاوروبى باعلان طهران أيضا ودعت مجددا وبالحاح ايران الى التجاوب مع مطالب المجتمع الدولى وإلى إقامة الظروف التى تتيح العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى حل للنزاع المرتبط بالبرنامج النووى الإيرانى
ويُذكر أن مجلس الأمن وافق من قبل على قرارين بفرض عقوبات على إيران منذ ديسمبر الماضى بعد أن انهارت المحادثات التى كانت ترمى لإنهاء الخلاف ، بينما تقول إيران أنها مستعدة لإجراء محادثات لكن دون وضع شروط مُسبقة ، وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن لديها ثغرات فى معرفتها بخطط إيران النووية ينبغى توضيحها قبل أن تتمكن من تأكيد أن تلك الخطط سلمية .