طالب د. صلاح هاشم استاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم ورئيس الاتحاد المصرى لسياسات التنمية والحماية الاجتماعية الحكومة الجديدة بالعمل على تقليل الفجوة القائمة بين الدستور المصرى وقوانين التنية والادارة المحلية. ودعا هاشم حكومة شريف اسماعيل المزمع تشكيلها هذا الاسبوع بضرورة صياغة قوانين تقلل تلك الفجوة وتراعى التوازن ىبين السكان والمكان .. وضرورة الربط بين النمو المالى ونصب الفرد فى التنمية .. وطالب بشكل جديد من التخطيط الاستراتيجى فى مصر يتماشى مع فلسفة الدستور ويكرس تطبيق اللامركزية فى التنفيذ والمتابعة والتقييم .. وان تتضمن كل مؤسسات الدولة اجهزة متخصصة ونظام متقدم فى المتابعة والتقييم. موقع "أخبار مصر" www.egynews.net أجرى حواراً مع د. صلاح هاشم استاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم ورئيس الاتحاد المصرى لسياسات التنمية والحماية الاجتماعية وعضو التحالف الدولى لرضيات الحماية الاجتماعية حول أولويات عمل الحكومة المقبلة. نص الحوار. *** ما هى مشكلات التنمية فى مصر كما يراها ؟ مشكلات التنمية فى مصر عديدة ومتشعبة ولكن علينا ان نفرق بين المشكلات التى تعوق التنمية ومشكلات إدارة التنمية .. ومشكلات التنمية فى الغالب تتعلق بندرة الموارد الطبيعية وضعف الإنتاج التقني وعجزة عن سد الخلل فى الموارد الطبيعية فى ظل التزايد السرطانى للسكان ..بالإضافة إلى أن المشروعات التنموية القائمة لا تحاكى الواقع الاجتماعى للمواطن .. فإما إن هذه المشروعات تم إعدادها دون مشاركة حقيقية من الأهالي فى الدراسة وتقدير الاحتياجات وتشخيص وأن هذه المشروعات تم تصميمها من خلال قيادات غير متخصصة ولا تمتلك الكفاءة الكافية للتخطيط أو التنفيذ .. وإما هذه المشروعات تم استيرادها من الخارج لتحاكى الاحتياج الاجتماعى المصري .. ومن ثم تكون النتائج هدر كبير فى الموارد التى هى بالأسس تتسم بالندرة وكذلك هدر فى الزمن وربما تخلف من وراء تطبيقها حزمة من المشكلات الثقافية الخطيرة التى تحتاج إلى وقت وموارد أطول وأكثر لمواجهته *** ما تشخيصك لقضية التنمية فى مصر ولماذا فشلت الحكومات السابقة فى التعامل معها؟ أعتقد أن هناك لغط كبير فى التعامل مع قضية التنمية فى مصر وتشخيصها .. فالأمر يتعلق بالإجابة على أسئلة ثلاثة .. من المسئول عن إدارة التنمية ؟ ومن المسئول عن تنفيذ برامجها؟ ومن المسئول عن التمويل ؟ وأقصد بإدارة التنمية المسئول عن رصد وتقدير الاحتياجات ووضع الأولويات والتخطيط والمتابعة والتقييم وكلها وظائف يصعب على جهة واحدة القيام بها وان الإصرار على استاذ كل هذه الوظائف لجهة واحد يؤدى حتما الى التضارب والفشل وينتهى إلى الوقوع فى كثير من قضايا الفساد .. ومن هنا فعلى الحكومة ان تحدد من البداية إيديولوجيتها التنموية .. والتى يجب ان تقوم على الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص .. .. حيث أن شراكة المجتمع المدنى نخفف من قسوة مركزية التنمية الحكومية وتقاوم شراسة منافسة القطاع الخاص .. *** دكتور صلاح ماهى القضايا التى تشغلك كخبير للتنمية واستاذ أكاديمى؟ من اهم القضايا التى تشغلنى قضايا الصحة والتعليم والسكن .. وتحدث كثير عن رؤيتى للصحة وضرورة أن تصبح الرعاية الصحية هى المشروع القومى الاول .. فالمجتمع المصرى أصبح مجتمع مريض بفعل السياسات الصحية والغذائية والزراعية التى اتبعت فى السنوات الماضية والتى أدت إلى أن هناك أكثر من 52 % من سكان بعض المحافظات يعانون من فيرس الكبد والوبائى c . وأن 80 % من ميزانية وزارة الصحة تنفق على أجور ومكافآت العاملين فى الوزارة .. رغم ان هناك عجز فى التمرض والأطباء يتراوح من 40 الى 70 فى بعض المناطق .. وأن 20 % فقط من الميزانية تخصص لأعمال الصيانة والخدمات العلاجية .. وفيما يتعلق بالتعليم فلدينا خلال واضح فمصر حصلت بجدارة فى 214م على أسوء نظام للتعليم الاساسى بعد موريتانيا ووالدول قبل الأخيرة فى جودة التعليم بمن 178 دولة .. وهذا يؤشر على فشل سياسات التعليم بسبب تراجع جودة المناهج وتدنى أساليب وطرق التدريس والعجز الكبير فى بعض التخصصات رغم وفرة الخريجين .. علما بأن الدروس الخصوصية تقضى على مزايا التعليم المجانى وتزيد الفجوة بين القادرين وغير القادرين .. حيث ان الاسرة القادرة على نفقات الدروس الخصوصية غالبا ما تكون فرصة أبنائها أفضل فى التعليم ومن ثم فرص التشغيل فى المستقبل .. لهذه وجب على الدولة أن تحدد لمن تمنح المجانية ؟ مجانية العلاج " الصحة للجميع " ومجانية التعليم " التعليم للجميع " وما هى القطاعات التى تستحقها وكيف يصل إليها ما تستحقه .. وثالث القضايا التى تشغلنى هى الاسكان .. ولماذا لا ترفع الدولة شعار " السكن للجميع " وكيف يتساوى الغنى والفقير فى الحصول على السكن المناسب .. وكيف نضمن وصول دعم الدولة لاسكان الفقراء لمن يستحقونه ؟ وكيف نفعل دور الدولة فى قطاع الاسكان الريفى ؟ ولماذا يظل الفلاح مطارد يبنى على الأرض الزراعية خلسة من عقوبات البناء على الأرض الزراعية وما هو البديل أمام القرووين اذا ما نجحت الدولة فى احكام قبضتها ومنعت التعدى على الأراضى الزراعية .. وأخيرا هل آن الآوان لئن تتبنى الدولة برنامج عاجل وفاعل لمحاربة عشوائيات العواصم والمدن الكبرى ؟؟!! *** على أي أساس تم تكليف المهندس شريف إسماعيل؟ أعتقد أن السبب الاول فى تكليف المهندس شريف اسماعيل بتشكيل الحكومة هو جملة التعاقدات التى اجراها مع شركات بترول عالمية والتى وصلت الى حوالى 56 اتفاقية خلال حكومة محلب الثانية . والتى تجاوز حجم ايرادتها 200 مليار جنيه .. وكان اكتشاف بئر الغاز الطبيعى " شروق " والذى تجاوز حجم الغاز الاحتياطى فيه 30 تريليون قدم .. هو احد انجازات التعاقدات التى اجراها شريف اسماعيل مع شركة اينى الايطالية .. كما أن شريف اسماعيل من الوزراء الذى يعمون بعيدا عن الضجيج الاعلامى وساهم بشكل كبير فى حل مشكلة وفرة الغاز الطبيعى والبنزين .. فضلا عن ان لديه عقلية استثمارية ويملك خبرات كبيرة فى هذا السياق .. والاهم من ذلك ان الظروف تتطلب وجود شخص من ضمن حكومة محلب لقيادة الحكومة فى المرحلة الحرجة الحالية والتى لا تتجاوز شهرين .. مما يحول دون اختيار شخص من خارج المنظومة واتصور أن شريف عن الافضل فى المقارنة بباقى الوزراء وخاصة بعد فشل وزراء المجموعة الاقتصادية فى تحقيق اهداف المرحلة والاستفادة من المؤتمر الاقتصادى الذى انعقد فى شهر مارس المنصرم .
*** لماذا اعتبر البعض ان هذا التغيير مفاجأة؟ اعتبر البعض ان مطالبة الرئيس للحكومة بتقديم استقالتها مفاجأة لعدة اسباب اولها صعوبة المرحلة الحالية والتى لا تتطلب تغيير جذرى فى الحكومة واقصد بالظروف الحرجة الظروف التى تجرى فيها الانتخابات البرلمانية .. وثانيها أن هناك بعض الوزراء يملكون ملفات مهمة تجعل من الصعب الاطاحة بهم فى هذا التوقيت كوزير الداخلية ووزير التنمية المحلية ثالثا اقالة الحكومة بشكل كامل يعنى الاعتراف بتوغل الفساد فيها وان معايير اختيارها كانت بالاساس خطأ .. ولكن اعتقد ان شجاعة الرئيس هى ما دفعته الى مواجهة الشائعات بمنتهى الحزم وهذا يعتبر سبق للرئيس السيسى لم يفعله قبله غيره من الحكام السابقين واعتمد القرار باقالة الحكومة على نسبة كبيرة من المغامرة والثقة فى نفس الوقت بان مصر لم تنضب من قيادتها .. *** كيف تتجنب الحكومة الجديدة أخطاء حكومة محلب؟ اولا يجب ان نتجنب فى اختيار قيادات الحكومة الجديدة المعايير التى على أساسها تم اختيار حكومة محلب وذلك لا يتم الا بمحاولة الابتعاد عن السلة الفولاذية التى لا زال اختيار القيادات مقصورًا على من فيها .. ولكن بما أنها حكومة مؤقته لا يتجاوز عمرها الشهرين فمن الصعب وليس المستحيل الاختيار خارج جماعة التكنوقراط بكل وزارة .. حيث أن الإتيان بقيادات من خارج المنظومة ربما يتسبب فى شكل شبه كامل فى كثير من الملفات ويخلق أزمات عديد قد نكون فى غنى عنها فى هذا التوقيت بالتحديد ولا سيما الوزارات الخدمية *** ما هي معايير الاختيار في هذه الحكومة؟ كما قلت سابقا ان تكون من جماعة التكنوقراط بكل وزارة او من الهيئة الاستشارية او مساعدين الوزراء السابقين حتى يتمكنوا من تسيير الإعمال بشكل جيد ودون اختلاق أزمات .. ثانيا ان يكونوا من الذين يمتلكون رؤية نهضوية للوزارة التى يرشحون لقيادتها وعلى علم كامل ببواطن الامور وخبايا الملفات تجنبا لممارسة مزيد من الفساد .. وان تكون لديه القدرة والشجاعة القدرة للعمل فى الظروف الصعبة والشجاعة لتحمل المسئولية لمدة شهرين فقط ربما يحرق سياسيا بعدها ..!! *** وماذا عن محاربة هذه الحكومة الجديدة للفساد؟ لا أعتقد ان تغير رؤس الوزرات آلية ناجحة وناجزة فى محاربة الفساد .. بل ربما يتسبب التغيير السريعى تفشى الفساد بصورة أبشع .. لان الفساد فى مصر منهجى ومنظومى ومرتبط بثقافة العمل ومتأصل فى ذهنية الدولة العميقة التى تمتلك فى يدها مفاتيح مؤسسات الدولة الأمر الذى ربما يجعل الوزراء ضحيا لفساد الدولة العميقة خاصة إذا كان اختيار هؤلاء الوزراء ليس على اساس الكفاءة ولا الدراية ببواطن الأمور فى الوزارات التى يحملون حقائبها .. لذا أتصور أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية ولا بد من تقنية الأنظمة الإدارية فى الدول بنظم تكتولوجيا وتقنية حديدة تستعصي على الفساد وتجبر العاملين على تشغيل ضمائرهم بشكل إلى بعيدا عن ثقافة الفساد ..أوكل ما تستطيع هذه الحكومة المؤقتة فى وجهة نظرى هو " استمت " أو حتى السير فى استمت النظم الإدارية .. وأعاده هيكلة القيادات العليا والوسطى بكل وزارة وإعداد برامج تأهيلي للقيادات الشابة وإعلان الحرب على المحسوبية فى التشغيل .. وإلغاء مصطلح توظيف لحل محله مصطلح " تشغيل " كآلية مهمة لمحاربة الرشوة والمحسوبية وإهدار المال العام. ***كيف ستدير الحكومة الجديدة الانتخابات البرلمانية القادمة؟ لا اعتقد أن الحكومة الجديدة سوف يكون لها دور كبير فى الانتخابات البرلمانية المقبلة وان دورها لا يتعدى الحفاظ على استقرار البلاد إبان الانتخابات .. باستثناء بعض الوزارات التى سوف تتحمل عبئا إضافياً أكبر كوزارة الدفاع ووزارة الداخلية والإعلام وأتصور أن وزارة الصحة أيضا لابد وأن تكون دائما فى حالة الاستعداد القصوى. *** هل ترى أن إسماعيل سيبقى على المجموعة الاقتصادية؟ لا اعتقد أن شريف إسماعيل سوف يبقى على المجموعة الاقتصادية .. حيث أن السبب الأساسي فى إقالة حكومة محلب وطبعا بعد حالات الفساد الوزاري التى راح ضحيتها صلاح هلال وزير الزراعة هو فشل المجموعة الاقتصادية فى التعامل مع معطيات ونتائج وتوصيات المؤتمر الاقتصادي الدولي الذى عقد فى مارس الماضى والذي علق عليه الشعب والرئيس أملا كبيرة فى النهوض بالوضع الاقتصادي .. علما بانه حتى قبل اكتشاف حالات الفساد كانت هناك نية مبيتة لإقالة المجموعة الاقتصادي .. كمان أن الإبقاء على المجموعة الاقتصادي يؤكد الزعم الشائع بأن الفساد المتفشي فى وزارات الدولة وحده هو ما تسبب فى إقالة حكومة محلب .. مما يضع الرئيس نفسه فى حرج شديد دوليا وأمام الشعب . *** ما هي الملفات الشائكة التى تنظر الحكومة الجديدة؟ غلاء الأسعار بشكل جنوني وعدم تناسبه مع دخول المواطنين يعتبر الملف الأكثر إلحاحا فى المرحلة المقبلة الأمر الذى يتطلب من الحكومة ليس فقط إيجاد دخول شهرية مناسبة بل يتطلب منها العمل على مضاعفة الدول حتى تتناسب مع غلاء الأسعار .. يأتى بعد ذلك ملف التعليم ومحاربة الدروس الخصوصية والذى يتطلب من الحكومة المقبلة إيجاد توازن بين تجفيف منابع الدروس الخصوصية وتحسين مستوى أداء المعلم وتحسين جودة المنتج التعليمى خاصة وأن الحكومة الحالية سوف تبدأ ممارسة أعمالها مع بداية العام الدراسي الجديد.. أضف الى هذين الملفين ملف الصحة وأننا قادمون على موسم الشتاء حيث معاودة ظهور بعض الأمراض بما فيها الملف السياسي هو محاربة الكبد الوبائى والفشل الكلوى .. وأخيرا ملف قناة السويس والتنمية المحور والمشروعات الاقتصادية المطلوب عاجلا البدء فى جلب الاستثمارات لها ووضع قواعد إنشائها سريعا .. اما سياسيا فيظل الإرهاب هو مصدر الخطر الحقيقي للدولة المصرية ويجب ان تحاربه بكل إمكاناتها وبشكل تكاملى.