مع تواصل محادثات الاتفاق النووي فى ساعاتها الاخيرة ، يظل هناك احتمال حقيقي بحدوث انفراجة بين إيران والغرب ، و من ثم سيكون هناك قرار برفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني، و هو ما تنتظره شركات النفط الكبرى للهروع الى ايران ، فهل سيصل الجانبان لاتفاق اليوم مع انتهاء المهلة المحددة ؟!. و ثروة ايران النفطية اصبحت محور و قبلة لشركات النفط و الغاز العالمية الكبرى ، فإيران لديها ما يقرب من 158 مليار برميل من احتياطي النفط ، وهو ما يجعلها رابع أكبر احتياطى في العالم ، فضلا عن حيازتها لثاني أكبر احتياطي عالمى من الغاز الطبيعي، ولكن لم يتم تطوير استغلاله حتى الآن، وذلك بسبب العزلة التي تواجهها في السنوات الأخيرة. ماذا لو منحت ايران الضوء الاخضر لاستناف تصدير نفطها و غازها من جديد؟! لقد ظلت شركات النفط الأمريكية ممنوعة إلى حد كبير من العمل فى ايران منذ الثورة الاسلامية عام 1979، ومع تشديد العقوبات الدولية على مدى السنوات القليلة الماضية، اصبحت الشركات العالمية الاخرى ايضا غير قادرة على العمل هناك .. ماعدا شركة "جازبروم" الروسية وشركة البترول الوطنية الصينية CNPC و هما الشركتان اللتان قامتا بتطوير بعض مشاريع النفط والغاز الايرانية فى السنوات الاخيرة، ولكنها أيضا كانت تواجه مشاكل، معظمهم بسبب خلافات مع الحكومة الايرانية بسبب التأخير في مستويات الاستثمار، والتي كانت مرتبطة بالمخاوف من العقوبات الدولية. وعندما تعمل الشركات العالمية في إيران، فإن الحكومة هناك لا تسمح بالملكية الأجنبية لاحتياطياتها النفطية. بدلا من ذلك، يتم الدفع للشركات الأجنبية مقابل الإنتاج، ولكن لا يمكن للشركات حجز الاحتياطيات لحسابهم الخاص و هو الامر الذى كان يردع الاستثمار فى مجال النفط و الغاز (و من الممكن ان تقوم إيران بإصلاح هذه الشروط في الأشهر المقبلة اذا ما تم رفع العقوبات لجذب مزيد من الاستثمارات).. وهذا الاتفاق سيفتح آفاقا جديدة امام النفط الايرانى ، ليس فقط ببيعها المزيد من النفط المكدس بالمخازن بل سيؤدى ايضا لتعزيز الانتاج في بعض حقول النفط الحالية، وجلب أيضا شركات النفط الدولية لتطوير بعض الحقول الجديدة. و بالتاكيد شركات النفط تبدى اهتماما كبيرا بايران و فرص الاستثمار لديها و ما ما ظهر جليا فى اجتماع أوبك في أوائل يونيو 2015، حيث بدا بحث العديد من شركات النفط حول امكانيات إيران ، و زار العديد من رؤساء الشركات طهران خلال الاشهر الاخيرة لاجراء مزيد من المحادثات المباشرة. و تشير تقارير صحيفة " فينانشال تايمزFT " الاقتصادية الى ان قيادات من "رويال داتش شل Royal Dutch Shell"وشركة النفط الايطالية العملاقة "ايني Eni "سافروا إلى طهران في مايو ويونيو لمناقشة مجالات التعاون المشترك فيما بعد مرحلة رفع العقوبات الدولية . ان إيران لديها الكثير الذى تطمح شركات النفط الكبرى فى الحصول عليه ، و على الجانب الاخر بسب نقص الاستثمارات و رؤوس الاموال، كانت يد إيران مغلولة و غير قادرة على رفع إنتاج النفط والغاز بشكل ملحوظ. وتقول وكالة الطاقة الدولية أن نحو نصف إنتاج النفط الإيراني يأتي من حقول تم تطويرها قبل أكثر من 70 عاما. فما هي الخطوة التالية بالنسبة لايران؟ ان معظم حقول النفط الرئيسية في إيران هي حقول ارضية . ووفقا لوكالة الطاقة الدولية ، فان إيران لديها العديد من المشاريع الانتاجية الجارى العمل بها ، ورفع العقوبات يمكن ان يسرع وتيرة تنميتها ، كما الحال بالنسبة لحقل "يادافاران Yadavaran " الذي يتم تطويره من قبل شركة" سينوبك Sinopec " الصينية و الذى يمكن دخوله مرحلة الانتاج على ثلاثة مراحل خلال السنوات القليلة القادمة، اول مرحلة تجعله يبدأ ضخ نحو 85.000 برميل يوميا و ذلك في عام 2016، ولكن في نهاية المطاف، بعد اكتمال المرحلة الثالثة، يمكن مجال إنتاج حوالي 300.000 برميل يوميا. كذلك هناك حقول شمال وجنوب "ازاديجان" وتقع بالقرب من الحدود مع العراق، والتى يمكن أيضا أن تعزز انتاج إيران ، و تقوم بتطوير شمال "ازاديجان " شركة البترول الوطنية الصينية CNPC ويتوقع أن ينتج 150.000 برميل يوميا بحلول نهاية العقد الحالي، اما جنوب "ازاديجان" فيمكن أن ينتج 260.000 برميل يوميا، ولكن لم يتم الاتفاق بعد مع اى شركة لتطويره حتى الآن. كذلك الامر بالنسبة لانتاج الغاز الطبيعى الايرانى ، سوف يلقى مزيد من الانتباه ، خاصة حقل "بارس الجنوبى South Pars" ،و هو مشروع الغاز الضخم الذي يمثل 40 في المئة من احتياطيات الغاز في ايران. وقد وضعت إيران تخطيط يضم 24 مرحلة لتطويرهذا الحقل ، والذى يمكن ان تبلغ كلفه تطويره في نهاية المطاف لما مجموعه نحو 100 مليار دولار ، و فد تم حتى الان الانتهاء من حوالي ثلث هذه المراحل فقط . وهناك مجموعة اخرى متنوعة من حقول الغاز الطبيعي الاصغر حجما في منطقة الخليج العربى ، وهو ما يتطلب استثمارات دولية كبيرة قبل أن تصبح حقول منتجة. . فضلا عن امتلاك ايران أيضا نحو 500 مليون برميل من النفط و نحو 2 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى في بحر قزوين ولم يتم حتى الآن الاستفادة منها بأي تنمية حقيقيةبسب النزاعات الإقليمية مع أذربيجان وتركمانستان . و فى الوقت الذى تجد فيه الشركات متعددة الجنسيات صعوبة متزايدة في إيجاد وتطوير حقول النفط والغاز الكبيرة الجديدة ، نجد ان إيران لا تزال واحدة من الأماكن القليلة التي توفر لهم مثل هذه الحقول الكبرى غير المستغلة حتى الان . . وبطبيعة الحال، سيكون هناك الكثير من عدم اليقين لدى هذه الشركات، حتى لو توصلت إيران والغرب إلى اتفاق ، فاحتمال عودة فرض العقوبات متاح فى حالة خرق إيران اى من بنود الاتفاقية ، و هو الامر الذى يضيف عنصر مخاطرة امام شركات النفط العالمية.