الجمهوريه 23/9/2007 جاء تعديل المادة الأولي من الدستور لتركز علي أن مصر دولة نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة. لتعطي مفهوماً جديداً للحياة السياسية.. وهو أن الديمقراطية لن تتحقق إلا عندما يحصل المصريون علي حقوقهم أيا كانت هذه الحقوق.. هذه الصفحة تقدم نماذج للمواطنة السلبية والإيجابية سعيا وراء مصر جديدة تتكافل وتحترم آدمية الإنسان بغض النظر عن فقره أو غناه أوديانته. لاتزال البيروقراطية ماضية في طريقها بكل همة في كل موقع.. تهدم ولا تبني.. تشيع الفوضي ولا تنيظم.. تزرع بذور اليأس وتنزع بذور الأمل.. تشرد ولا تأوي أو تجير.. وهي خارج اطار المواطنة التي نص عليها دستور مصر في مادته الأولي. في مشاتل الزهور بشارع جسر السويس.. مأساة ضحيتها مجموعة من شباب الخريجين.. والجاني إدارة أملاك محافظة القاهرة.. القصة بدأت فصولها مع صدور الأمر الإداري رقم 211 لسنة 2003 والصادر بتاريخ 1/6/2000 بتشكيل لجنة لتسليم عدد من قطع الأراضي "ضائع تنظيم" بالجانب الأيمن بشارع جسر السويس في زمام حي النزهة الي مجموعة من شباب الخريجين العاطلين عن العمل بفرص عمل مشاتل للورود وأشجار الزينة منها لتجميل المنطقة وفي نفس الوقت توفير فرص عمل للشباب. كما تشير المعلومات إلي أن محافظ القاهرة في ذلك الوقت الدكتور عبدالرحيم شحاتة كان قد أعلن أن ذلك سوف يتم بمقابل حق انتفاع لن يتجاوز جنيهاً واحداً للمتر سنوياً مقابل مجموعة من الشروط المجحفة يتضمنها محضر تسليم كل قطعة أرض مساحتها مائة متر مربع لكل خريج.. ومن هذه الشروط حق الإدارة في استرداد الأرض في أي وقت بموجب اخطار المنتفع ودون ابداء الأسباب أو تحمل أي نفقات تجاه المرافق التي يقيمها المنتفع داخل الأرض.. فضلاً عن إلتزام الأخير بعدم زرع أي نباتات في الأرض نفسها أو اقامة أي منشآت ثابتة أو متحركة أو حتي أسوار لحمايتها وصيانة محتوياتها. الأرض المهجورة لأن الحاجة ماسة لدي الخريج العاطل لممارسة أي نشاط يحتمل أن يدر عليه أي دخل وأن يحقق به ذاته.. وينشيء به لنفسه وضعاً اجتماعياً أو مسمي مهنياً يقدم به نفسه للمجتمع بدلاً من مسمي عاطل.. تقدم العديد من الخريجين للحصول علي قطع الأرض المهجورة والتي تكدست بها القمامة ومخلفات المباني.. وبعد أن استدانوا من القاصي والداني مهدوا الأرض ونظفوها وأعدوها لاقامة المشاتل.. ووقعوا ايصالات أمانة بألوف الجنيهات لتوفير الشتلات والأواني الفخارية اللازمة.. ليتحول الجانب الأيمن من شارع جسر السويس بداية من مزلقان قطار السويس وحتي سور شركة المقاولون العرب وبطول يتجاوز 2 كيلو متر الي حدائق غناء بدلاً من خرابات ينعق فيها البوم والغربان وتعيث فيها الحشرات وتأوي اليها الحيوانات الضالة والمدمنين والخارجين علي القانون. ورغم أن العائد المادي لا يشجع بالمرة إلا أن الخريجين لم يكن أمامهم إلا الصبر.. فصبروا وصبر معهم الدائنون علي أمل أن تتحسن الظروف.. والمثير أنهم حاولوا رغم ذلك السؤال عن مقابل الانتفاع وطريقة ومكان سداده فلم يجدوا من يجيبهم طوال ثلاث سنوات.. بل وعلموا أن قراراً رسمياً بتحديد هذا المقابل لم يصدر بعد!.. حتي فوجئوا منذ أيام بخطابات من إدارة الشئون العقارية التابعة للإدارة المركزية للأملاك بمحافظة القاهرة تطالبهم بسداد مقابل انتفاع سنوي يقدر بمبلغ 1540.81 جنيه عن كل قطعة أرض بخلاف غرامات التأخير بصفتهم متعديين علي أملاك المحافظة مع تحذير من اتخاذ الاجراءات القانونية في حالة عدم السداد خلال خمسة عشر يوماً. الخطاب أصاب الخريجين في جسر السويس باليأس.. رأينا في عيونهم حسرة وحيرة وعدم رضا..!! مكاتب البيروقراطية المهندسة الزراعية نفين عيسي محمود.. تخرجت في عام ..96 وبعد سبع سنوات من مشقة البحث عن عمل والاشتراك في العديد من القرعات العلنية للحصول علي قطعة أرض للاستصلاح.. تصورت أنها وجدت ضالتها أخيراً في الحصول علي مائة متر مربع لتحيلها من الخراب الي بستان تدعمه بعلم السنين وترويه بعرق الجبين ليسر الناظرين أجانب كانوا أو مواطنين.. وجدت في ذلك واجبها القومي.. ورغم الزواج ومتاعب الحمل والولادة لم تألو جهداً.. وراحت تدور حول مكاتب البيروقراطية تجابه في شجاعة ابتزاز الانتهازيين.. وبعد شقاء عامين تسلمت رسمياً خطاب تخصيص أرض المشتل بالموقع 3 قطعة ..7 وتكبدت مثل زملائها مصروفات ادخال خط المياه لري زرعها.. ورغم انعدام العائد ونقد وسخرية الأهل والأصدقاء معتبرين أن بذل الجهد بدون عائد مضيعة للوقت والعمر وهي صفة عديم الأهلية إلا أنها أصرت.. واستمرت.. ولكن لم يكن جزاء إدارة الأملاك من جنس عمل بسطاء كادحين. الدفع أو الحجز قالت.. كيف يطالبونني بهذه المبالغ دفعة واحدة.. وأما الدفع خلال 15 يوماً أو الحجز علي ممتلكاتي وفاءً لما يعتبرونه ديناً عليّ. أضافت.. علي أي أساس تم تحديد القيمة المذكورة في خطاب المطالبة بمبلغ 1540 جنيهاً سنوياً.. وهو ما يعني أن قيمة الانتفاع بالمتر المربع 15 جنيهاً رغم أن المبلغ المعلن من المسئولين وقت التخصيص جنيه واحد للانتفاع بالمتر أي ما يساوي مائة جنيه فقط عن كل مساحة مخصصة للخريج. أضافت.. حاولنا معرفة الجهة التي تقوم بتحصيل مقابل حق الانتفاع دون جدوي.. ومن حاول منا دفع مبالغ بايصال في حي النزهة تبين خطأ ذلك وأن الحي ليس بجهة تحصيل.. وعلي من دفع عليه استعادة ما دفعه وهو طبعاً أمر مستحيل. أكدت أن سكرتير الحي ويدعي سيد عبدالله يمر لتفقد المواقع بصفة يومية تقريباً ولم يتحدث معنا في أي شيء بهذا الشأن.. فقط يستولي كل حين بدون وجه حق علي شتلات وقصاري زرع بحجة تزويد حديقة الحي.. وإلا حرر محاضر لنا بمخالفة شروط حق الانتفاع وهو ما حدث أكثر من مرة.. ولتأتي بلدوزرات الحي لتهلك زروعاً بآلاف الجنيهات. أعربت عن شعورها بالمرارة مشيرة الي أنه لم يعد هناك ما تخسره بعد ذلك وأن الظلم شائع والعشوائية غالبة.. ولغة الابتزاز هي السائدة رغم أننا أدينا واجبنا في عمل لمسة جمالية بدون مقابل تقريباً حتي الآن.. بل أننا تعرضنا للسطو أكثر من مرة ونهبت زروعنا بواسطة اللصوص بعد عجزنا عن اقامة مجرد سياج من السلك لحماية الشتلات حيث يعتبره الحي مخالفة جسيمة لشروط حق الانتفاع تستوجب الازالة. ديون الشباب رضا سعد أحمد.. حصل علي دبلوم التجارة عام 92 وبعد رحلة معاناة للبحث عن عمل في مختلف المحافظات استمرت نحو عشر سنوات وجد أن مشتل جسر السويس بالقطعة رقم 4 امتداد 3 قد يكون سبيله للخلاص من آلام عقد كامل.. وبداية للاستقرار بجوار والديه المسنين واشقائه الصغار.. والشروع في تكوين أسرته الصغيرة.. ولكن سرعان ما تبدل الأمل لديه باليأس بعدما أنفق تحويشة العمر وضعفها من الديون علي تجميل المساحة المخصصة له واعادة الحياة لأرض بور لتنوء بما تحمله من قصاري الزرع والزهور. سرقة يقول.. المفاجأة غير سارة وجعلتنا نتجرع ذكريات رحلة الألم والمتاعب التي كابدناها خلال هذه الفترة.. لقد تحاملنا علي أنفسنا سنوات وصبرنا علي العائد الشحيح وسرقة زروعنا لعدم وجود سور أو حارس مقيم لأنه لا يمكننا انشاء مكان لاقامته وكذلك من أين لنا براتبه ونحن لا نبيع شيئاً تقريباً.. لقد تكبدنا مصاريف ادخال المياه وأخري عديدة رغم أننا وافقنا علي شرط نزع الأرض منا في أي وقت تراه المحافظة.. مسميات خاطئة حمدي أحمد سعد الحاصل علي دبلوم الصنايع قسم زخرفة.. قال حصلنا علي المشاتل بصورة رسمية رغم ذلك يصفنا خطاب إدارة الأملاك بالمعتدين.. وأحالونا للجنة تقنين واضعي اليد.. ليس هذا فحسب بل يخطروننا بأن تلك اللجنة رفضت بيع الأرض لنا رغم أننا لم نتقدم أبداً بشرائها.. وحددوا سعر المتر فيها بمبلغ 66.5 جنيه وعي أساس ذلك تقرر مقابل الانتفاع السنوي بنسبة 7% وهو ما يبلغ نحو 5 جنيهات ويتساءل.. هل درست اللجنة الجدوي الاقتصادية لنا كخريجين من وراء هذه المشاتل.. ولما كانت هذه الأرض بهذه القيمة فلماذا لم يعلنونا من البداية أو يمنحوها لمن يعرف يستثمرها بشكل أفضل ليريحهم ويربحون من ورائه بل ويأخذون منه ضرائب أيضاً؟!