لايقتصر تأثير انفصال جنوب السودان المحتمل أن يعلنه استفتاء تقرير المصير فى 9 يناير 2011على حصة مصر بمياه النيل ،فالسودان الموحد يعد امتدادا حيويا واستراتيجيا لمصر خاصة أن منطقة الجنوب ليست فقط بوابة المياه التى تعبر من هضبة اثيوبيا للشمال بل إن الجنوب السودانى يمثل البوابة العليا لأعماق أفريقيا . وتزداد المخاوف من انفصال جنوب السودان لأنه ربما يكون مقدمة لانشقاق ونزاعات قبلية تهدد جميع دول الجوار..هذا ما طرحه عدد من الخبراء ،فقال د. اكرام بدر الدين الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة لموقع أخبارمصرالالكترونى إن التحديات المحتملة لن تقتصر على مفاوضات مياه النيل رغم أهميتها وخطورتها ،وانما ستمتد الى سائر التعاملات الدبلوماسية وموقف مصر ازاء القضايا العالقة بين الشطرين . وأشارد."بدرالدين" الى صور التعاون المصرى مع جنوب السودان مثل اقامة جامعة بالجنوب ومحطات لتوليد الكهرباء وحفر آبار وغيرها ، فمنذ السبعينيات والثمانينيات تقدم منحا مجانية للطلاب السودانيين، موزعة بين الشماليين والجنوبيين. أما بالنسبة لحركة الصادرات والواردات ،فلن تتأثر كثيراً حيث تقتصر على بعض الحبوب والسمسم والأخشاب . استراتيجية المواجهة وطالب الدكتور مصطفي البغدادي رئيس قسم الجغرافيا بجامعة عين شمس بالاستعداد لمواجهة هذا الموقف الجديد فيما يخص حصة مصر من المياه خاصة أن انفصال الجنوب قد يعني مطالبات مائية إضافية وربما تكون هناك مشاريع إسرائيلية وأمريكية زراعية ضخمة تستنزف جزءً من حصة مصر بمياه النيل. بينما ينفى د.محمود أبو زيد وزير الرى السابق ورئيس المجلس العربى للمياه أن تؤثر الدولة المفترضة في جنوب السودان على حصة مصر المائية رغم ازدياد عدد دول حوض النيل الى 11 دولة بدلاً من 10 دول ، لأن جنوب السودان بطبيعته غابات استوائية تتمتع بأمطار لتسعة أشهر بالعام وآبار جوفية ولا تمثل مستهلكا شرها لمياه النيل. ثم استدرك د."أبو زيد" قائلاً : ربما تحدث اعادة تفاوض بشأن نصيبنا من حصص وعوائد المشروعات المستقبلية المشتركة المقدرة مبدئياً ب 18 مليار متر مكعب ،فهناك مشروع قناة جونجلى وغيره. فى المقابل ،أشاد السفير روبن بنجامين ممثل حكومة الجنوببالقاهرة بدور مصر فى الجنوب والعلاقات القوية بين مصر وجنوب السودان مؤكداً أن مصر تبنى المدارس والطرق وتمد الكهرباء بالجنوب ، و معظم الدبلوماسيين تخرجوا فى الجامعات المصرية ، وأن 8 وزراء فى الجنوب من أبناء الجامعات بمصر. وقال روبن :"إنه حال الانفصال ،فلن نقترب نهائيا من حصة مصر بمياه النيل ، وإنما سنتقاسم نحن والشمال حصة السودان بالنصف،إذ ينص اتفاق موقع في 1959 بين القاهرة والخرطوم على منح مصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا مقابل 18.5 مليار متر مكعب للسودان. بينما أبدى الدكتور هاني رسلان المختص ببرنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام قلقاً من عقبات ظهور دولة جديدة في حوض النيل. ونبه خبير الشئون السودانية لوجود ملفات عالقة تعطل مسيرة السودان نحو الاستقرار،كقضية دارفور ،الإقليم المضطرب غربا ومنطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، أو مصير نحو مليوني جنوبي نازح بالشمال نظيرنصف مليون شمالى بالجنوب. وأضاف د.رسلان أن معظم التوقعات تؤكد أن الاستفتاء سيتم في موعده وترجح الانفصال لأن البديل تجدد الحرب الأهلية وإخضاع السودان لمزيد من العقوبات الدولية. وتتركز معظم المخاوف حول احتمالاتوقوع الانفصال وسط أحداث عنف تزيد أوضاع شمال السودان سوءا وتعرقل فرص التسوية السلمية للمشكلات وتجعل الانفصال هدفاً لحركات التمرد بالمناطق المهمشة بحيث يتعرض لمخاطر المزيد من التمزق، الأمر يمس مصالح مصر العليا ،مايتطلب رؤية مصرية سودانية أكثر قدرة علي تأمين مصالح البلدين الاستراتيجية وتخفيف حدة التوتر في علاقات شمال السودان وجنوبه .