التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    فلسطين.. مدفعية الاحتلال تكثف قصفها وسط جباليا بالتزامن مع نسف مباني سكنية شمالي غزة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    وزير الخارجية الأردني: على إسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة والسماح بإيصال المساعدات    الإنتاج الحربي يستهل مشواره بالفوز على راية الرياضي في دوري المحترفين    المستشار القانوني للزمالك يتحدث عن.. التظلم على سحب أرض أكتوبر.. وأنباء التحقيق مع إدارة النادي    بهدف رويز.. باريس سان جيرمان ينجو من فخ أنجيه في الدوري الفرنسي    مواعيد مباريات دوري المحترفين المصري اليوم السبت    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    ويجز يشعل حماس جمهور حفله في العلمين الجديدة بأغنيتي "الأيام" و"الدنيا إيه"    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    ابنة سيد مكاوي عن شيرين عبدالوهاب: فقدت تعاطفي بسبب عدم مسؤوليتها    5 تصريحات جريئة ل محمد عطية: كشف تعرضه للضرب من حبيبة سابقة ويتمنى عقوبة «مؤلمة» للمتحرشين    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    في ظهوره الأول مع تشيلسي، إستيفاو ويليان يدخل التاريخ في الدوري الإنجليزي (فيديو)    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    تحت عنوان كامل العدد، مدحت صالح يفتتح حفله على مسرح المحكي ب "زي ما هي حبها"    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    نجاح عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم ليفي بمستشفى القصاصين فى الإسماعيلية    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوصاية على التحول الديمقراطى
نشر في أخبار مصر يوم 01 - 10 - 2010

المشهد السياسى المصرى يزداد سخونة كلما اقتربت الاستحقاقات الديمقراطية بالانتخابات التشريعية هذا العام والانتخابات الرئاسية العام المقبل‏، هذه السخونة المتزايدة ناتج طبيعى لفلسفة الديمقراطية متى وجدت وأينما حلت‏.
‏ وإذا كانت الديمقراطية تمثل إطارا لصراع متصالح بين القوي والتيارات السياسية ومجالا للمنافسة بينها‏,‏ فإن الانتخابات تمثل أشد حلقات العمل الديمقراطي‏,‏ سخونة باعتبارها المرحلة النهائية لإفراز القوة السياسية التي تتولي توجيه مجريات الأحداث في المجتمع لفترة تحددها القوانين والدساتير المعمول بها‏.‏ وما يحدث في مصر الآن لايخرج في كثير أو قليل عن هذا المنطق الذي يحكم العملية الديمقراطية برمتها‏.‏ غير أن الحالة المصرية تتميز عن غيرها ببعض الممارسات التي تكتسب أهمية خاصة في سياق الأوضاع بمصر‏:‏
أولا‏:‏ إن جزءا من الصراع بين القوي المختلفة‏,‏ التي تخوض المعترك السياسي‏,‏ ليس متصالحا بالقدر الذي يحفظ المصالح العليا للمجتمع‏.‏ فالوصول إلي البرلمان أو المنصب الرئاسي أصبح لدي البعض غاية نهائية وهدفا لذاته‏.‏ وليس من المهم أن يكون الطريق إلي تلك الغاية مهددا أو حتي مدمرا للمصالح العليا للوطن‏.‏ فليس لدي البعض مانع من استعداء القوي الخارجية علي مصر‏,‏ بل السماح لها باختراق السيادة المصرية في شأن من شئونها‏.‏ وليس لدي هؤلاء ما يمنع من أن يتحول صراع الديمقراطية إلي صراع فئوي أو حتي طبقي تشيع معه الفوضي‏,‏ وتختلط فيه الأوراق‏,‏ وتضيع فيه مصالح المصريين‏.‏ وهي تسعي بقصد أو دون قصد لتقويض الثقة في مؤسسات الدولة‏,‏ ونشر الضباب حول مستقبل الأجيال المقبلة‏.‏
ثانيا‏:‏ التناقض الواضح لدي بعض القوي بين مستوي الحركة السياسية في العمل الديمقراطي ومستويات الوعي بمغزي هذا الحراك‏,‏ فالقوي السياسية المعارضة تذهب في حركتها السياسية إلي أبعد مدي‏,‏ ولاتريد لحركتها حدودا‏,‏ ولكنها في الوقت نفسه تري ذلك التفاعل السياسي في المجتمع تعبيرا عن فوضي‏,‏ ومقدمات لثورة شعبية ضد الوضع القائم في مصر‏,‏ بل إن تلك القوي دائمة التأكيد في خطابها السياسي الخارجي أن ثورة شعبية تكاد تندلع في مصر‏,‏ وتلوح بهذا التهديد أحيانا في خطابها السياسي الداخلي‏,‏ وعلي الرغم من أن وسائل الإعلام ومراكز البحث في الخارج معنية بشئون قوة إقليمية لها تأثيرها وهي مصر‏,‏ فإنها كثيرا ما تقع في شرك الخطاب السياسي المعارض المثير للغبار في سماء الحياة السياسية المصرية‏,‏ وقد راحت تلك الوسائل والمراكز تردد دعاوي ثورة المصريين‏.‏
وحينما لم تأت الثورة كما يتوقعون راحوا يكيلون الاتهامات لهذا الشعب بالخمول السياسي وعدم الاكتراث‏,‏ ولم يعترف أي من هؤلاء بحقيقة أن الذي يجري في مصر هو تفاعل سياسي صحي ونشيط لمجتمع جاءته فرصة التحول الديمقراطي بعد سنوات طويلة من الحرمان‏,‏ وأنه يخوض معركة فرز القوي السياسية الحقيقية التي سوف تتصدر مشهد التحولات الديمقراطية‏,‏ وتنجز تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر وهذا الفرز السياسي هو الذي يكشف في نهاية الأمر عن القوة الحقيقية للتيارات السياسية القائمة التي تكتفي حتي الآن بالعمل عبر صحف محلية أنشأتها أو وسائل إعلام أجنبية معنية‏,‏ بغير تمحيص‏,‏ بحقيقة الأوضاع في أهم دول المنطقة‏.‏
ثالثا‏:‏ إنه مما يميز الحالة المصرية أيضا كثرة الأوصياء علي التحولات الديمقراطية‏,‏ هؤلاء الذين يريدون لنا جميعا أحزابا وتيارات وناخبين أن نتبع نصائحهم‏,‏ ونعمل بكل ما يشيرون به‏.‏ فالخروج علي نصائحهم خروج علي الديمقراطية وكفران بأنعمها‏.‏ وفي سبيل تحقيق أهدافهم ساد التحريض خطابهم‏,‏ تحريض الناخبين علي مقاطعة الانتخابات‏,‏ وتحريض المرشحين علي الانسحاب‏,‏ وتحريض الأحزاب أيضا علي عدم المشاركة‏,‏ وتحريض مستمر ضد كل قلم أو رأي يري أن الكثير من الإيجابيات تحققت وتتحقق كل يوم علي أرض مصر‏,‏ ثم حديث طويل عن الفوضي السياسية المزعومة وشكوي مستمرة من العزوف عن المشاركة في شئون السياسة‏.‏
الديمقراطية منذ أن وجدت لاتقبل الوصاية علي إرادة أمة‏,‏ بل إنها ظهرت لتقويض الوصاية التي جاء بها الفكر السلطوي الذي يري الشعب قاصرا‏,‏ وأن الحكمة تسكن فقط عقول قلة قليلة‏,‏ لها الحق في توجيه الجميع إلي حيث يريدون‏.‏ من صوامع الأوصياء خرجت الدعوات تنكر علي الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات المقبلة‏,‏ وتنكر ذلك أيضا علي مرشحين آخرين‏.‏ يريدون من صوامعهم صياغة مستقبل البلاد‏,‏ وتوزيع الأدوار ليستمر النعيق في الخرائب التي يريدونها‏.‏
رابعا‏:‏ تسيطر علي القوي السياسية المعارضة روح الانتقام‏,‏ وليس المنافسة مع الحزب الحاكم‏.‏ فالأعوام التي مضت لم تشهد عندهم إنجازا واحدا‏,‏ ولم تتراجع مشكلة واحدة من مشكلات المجتمع المصري‏,‏ وهذا يمثل افتئاتا‏,‏ ليس علي الحزب الحاكم وحده‏,‏ وإنما علي المصريين أنفسهم الذين كانوا شركاء في آلاف الإنجازات التي تحققت علي أرض مصر‏..‏ وهذه النغمة السائدة قد تؤدي إلي فقدان ثقة المواطن بالجميع‏,‏ وهي خطيئة تهدد التحول الديمقراطي في مصر‏.‏

اليوم نستهل أول أيام شهر أكتوبر‏,‏ الذي يعيد إلي الذاكرة في معترك الأحداث الانتخابية‏,‏ مشاهد المجد الكبير في تاريخ مصر الحديث انتصار أكتوبر‏1973,‏ وهو حدث جليل يعبر عن إرادة أمة حين انتظمت وراء هدف واحد‏,‏ ولم يكن انتصار أكتوبر صنيعة القادة والسياسيين وحدهم‏,‏ ولكنه جاء بالوحدة التي جمعت تحت لوائها الأمة المصرية بمختلف طوائفها‏,‏ وسوف تظل انتصارات أكتوبر مرجعية كبري في مواجهة التحديات العظمي‏.‏ وهي مرجعية نحتاجها الآن حتي نحقق التحول الديمقراطي‏,‏ ونحدد في ثقة مستقبل الحياة في هذا البلد‏.‏
نحن في معركتنا الراهنة نحتاج إلي الاختلاف بقدر ما نحتاج إلي الاتفاق‏,‏ فاختلاف الآراء والأفكار تعبير عن الثراء والغني في الاختيار والبدائل المتاحة‏,‏ والاختلاف أيضا ضمانة أكيدة للاختيار الصحيح‏,‏ غير أن الاختلاف الذي نعيشه الآن لايقوم في غالب الأوضاع علي حقائق ثابتة ورؤية متعمقة لما تجري به الأحداث‏,‏ ولايقف عند حدود مقدسات المجتمع لحمايتها‏,‏ فالحرية لاتعني هدم الأسس التي تقوم عليها المجتمعات وإثارة الفتنة بين طوائفه‏.‏
إن ماحدث في شأن مشروع مدينتي‏,‏ وما وقع من ملاسنات تمس مشاعر المسلمين والمسيحيين‏,‏ يعبران في وضوح عن الخطأ في الاختلاف والتجاوز في التعبير عن الآراء‏,‏ فحكم المحكمة ببطلان عقد أرض مشروع مدينتي تحول إلي إدانة لبعض مؤسسات الدولة‏,‏ وتشكيك في كفاءتها ونزاهتها في بعض الأحيان‏.‏ وأصبح الحكم مجالا خصبا استثمره البعض في تضخيم قضايا الفساد بهدف التشكيك في كل شيء‏.‏ فقضية مدينتي تعكس مشكلة نحن بحاجة إلي مواجهتها حتي نتجنب مشكلات أكبر من مشكلة هذا المشروع‏,‏ لدينا مشكلات تشريعية يتعين مواجهتها‏.‏ التراكم التشريعي في مصر هائل‏,‏ وأحيانا ما تصدر تشريعات جديدة مناقضة لأخري قائمة‏,‏ والذي حدث هو أن أرض المدينة تم تخصيصها وفق قانون الهيئة المعنية بالتصرف في جزء من أرض الدولة‏,‏ غير أن هذا القانون مخالف لقانون آخر يتعلق بالمزايدات والمناقصات‏,‏ وبدلا من أن نضع أيدينا علي جوهر المشكلة والمطالبة بإيجاد حل لها‏,‏ نصب آخرون محاكمة أخري أمام الرأي العام هذه المرة لإدانة الجميع بدعاوي الفساد‏,‏ ولم يعترف أي منهم حتي بأن الأخطاء واردة في كل عمل‏,‏ ولكن النيات ملتوية وقطاعات من الرأي العام مهيأة لقبول دعاوي الفساد من كثرة الحديث عن قضاياه‏.‏ والنتيجة أنه بدلا من مواجهة التناقضات التشريعية انقض الهجوم علي ما تحقق من تنمية عمرانية هائلة في مصر‏,‏ باعتبارها من نواتج الفساد‏,‏ وأراد البعض بحكم المحكمة إهالة التراب علي التوسع العمراني الذي اقتطع مساحات من الصحاري المحيطة بنا لكي يحولها إلي سكن وزراعة وعمران‏,‏ تخفف الضغط الرهيب علي الوادي والدلتا‏.‏ وحينما تدخل مجلس الوزراء لحل مشكلات المترتبة علي حكم المحكمة لحماية مصالح مئات الألوف من المصريين المشترين والعاملين في هذا المشروع العملاق لم ينج من الاتهامات والنقد أيضا‏.‏

التناقضات التشريعية تفتح الباب واسعا أمام الشغب والعبث من راغبي الشهرة ومدمني الإثارة‏,‏ وهو باب لابد من إغلاقه‏,‏ لأن الخسائر باهظة اقتصاديا واجتماعيا‏.‏ وإغلاق هذا الباب مرتبط بشدة بالانتخابات التشريعية المقبلة‏,‏ فالبرلمان هو المسئول الأول عن تلك المواجهة‏.‏ ولن يستطيع البرلمان إنجاز تلك المهمة الكبري بغير كفاءة أعضائه وقدرتهم علي فهم متعمق لمشكلات المجتمع‏,‏ ووصول هذه النوعية من النواب إلي البرلمان هو مسئولية الناخبين في المقام الأول‏.‏
نحن نريد للبرلمان المقبل حيث تنتظره مهام تشريعية ورقابية كبيرة أعضاء لديهم القدرة علي تغيير بعض السلبيات التي علقت بأذهان المصريين عن مجلس الشعب وأعضائه‏,‏ أعضاء يعملون علي أسس قادرة علي استجلاء جوانب المشكلات وفهمها‏,‏ والبحث في أنجع وسائل مواجهتها‏,‏ أعضاء لايرون في عضوية البرلمان وجاهة أو نفوذا‏,‏ يعين علي تحقيق مصالح شخصية أو فئوية‏,‏ أعضاء لايستندون إلي دعم قبلي أو عشائري‏,‏ ولايتسترون بدعاوي دينية أو شعارات تغرر بالناخبين وتخدعهم‏,‏ وبهذه النوعية من الأعضاء يمكن للبرلمان المقبل أن ينجز المهام الكبيرة التي تنتظره‏.‏
أما الملاسنات التي انتهكت مقدسات الوطن بإثارة غضب أبنائه المسلمين والمسيحيين فهي ملاسنات تعبر عن خطيئة في فهم حرية التعبير‏,‏ باعتبارها ضرورة من ضرورات العمل الديمقراطي‏,‏ فلكل مجتمع كما كتبت من قبل حرماته ومقدساته التي لايمكن المساس بها تحت أي دعوي أو أي شعار‏.‏ ومقدسات أي مجتمع لاينبغي أن تحميها فقط التشريعات والقوانين‏,‏ ولكنها محمية بالضمير الوطني قبل أي حماية من أي مصدر آخر‏.‏ وما حدث لايكشف عن جريمة الشطط في حرية التعبير فقط‏,‏ ولكنه يكشف أيضا عن نقص في فهم حرمات المجتمع ومقدساته والوعي بهما‏.‏ وللأسف فقد جاءت تلك الخطيئة من شخصيات هي محل التقدير والاحترام بالعلم الذي تحمله والحصافة التي تتميز بها‏.‏
لقد أثبت المجتمع المصري قدرته وصلابته في مواجهة مثل هذه الفتن‏,‏ ولكن الرهان علي صلابة المجتمع وقدرته علي المواجهة ليس خيارا آمنا في كل الحالات‏,‏ ولابد من اتخاذ كل التدابير التي ترسخ في الوجدان المصري العام حقيقة المقدسات التي تتوقف عندها ممارسات حرية الرأي والتعبير‏,‏ حفاظا علي أمن وسلامة الجميع‏,‏ ولابد أن تتطرق تلك التدابير إلي تحديد علاقة وسائل الإعلام بتلك المساحة من المقدسات والنأي بها عن أن تكون مادة لبرامج الحوار الباحثة عن الإثارة والفتنة معا‏.‏
لقد تعددت الأخطاء في الآونة الأخيرة من وسائل الإعلام والأفراد معا‏,‏ وآن الأوان لوضع حد لتلك الممارسات التي يمكن أن تهدد المجتمع وفي المقدمة منهم الذين صانوا مقدساته وحرماته‏,‏ فالفتنة حين تثور لاتصيب الذين ظلموا وحدهم في كل الأحوال‏.‏
نحن نخوض انتخابات لها أهميتها الكبري في حياتنا السياسية‏,‏ فهي تجري في ظل تغيرات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة في تاريخنا‏.‏ وتنتظر البرلمان المقبل مهام هي الأخطر والأكثر تأثيرا في المستقبل المنظور‏.‏ وبقدر ما تتسم به الانتخابات المقبلة من وعي وقدرة علي الفرز الصحيح سوف نكون قادرين علي إنجاز الكثير من المهام الكبري في السنوات المقبلة‏.‏
* نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.