رئيس مجلس الشوري فشل في احتواء غضب "الوسط" من بقاء قنديل في اتصال هاتفي مع ماضي قيادات إخوانية من بينها البلتاجي والعريان أكدت للوسط تغيير الوزارة ثم أعلن الرئيس استمرارها بعد ذلك بساعات قليلة
سواء لم يطلب حزب الوسط رئاسة الحكومة لرئيسه المهندس أبو العلا ماضي، كما تصر قياداته، أو أن الرئيس محمد مرسي هو من ألمح لماضي نفسه بإمكانية تشكيله الوزارة عقب اقرار الدستور، فإن المؤكد والثابت، أن شرخاً كبيراً ضرب تحالف الوسط من جانب، والإخوان وذراعهم السياسية "الحرية والعدالة" من جانب آخر، جراء استمرار الدكتور هشام قندبل وحكومته، حتى اتمام انتخابات مجلس النواب الجديد.
وعلى عكس ما يظنه البعض، من أن الخلاف بين الوسط والإخوان، قد اشتعل فور اعلان الرئيس بقاء قنديل وحكومته، مع إجراء تغييرات نوعية في عدد من الحقائب الوزراية، مساء الأربعاء الماضي، فإن مصادر مطلعة قريبة من الوسط، قطعت ل"الدستور الأصلى"، بأن الشرارة الأولى كانت بإعلان أسماء المعينين في مجلس الشورى، والتي اشتملت على 9 قيادات دفعة واحدة من الوسط، رغم الأخير لم يكن يسعى إلا لثلث ذلك الرقم على أكثر تقدير، ما أصاب قياداته بدهشة كبيرة، وشعر بعضهم بربية، ومن ثم بدأت اتصالاتها بالإخوان والحرية والعدالة للتثبت من الأمر، والتأكد أولاً من تغيير الدكتور هشام قنديل وحكومته، كما كان متفقاً عليه أثناء معركة تمرير الدستور. وثانياً ضمان تولى شخصية مستقلة لتلك الحكومة، وصبغ تشكيلها بصبغة ائتلافية، لتكون بمثابة حكومة انقاذ وطني انتقالية لنحو أربعة أو خمسة أشهر. وأخيراً استشراف مصير المهندس أبو العلا ماضي من تولي رئاسة الوزارة. الإخوان من جانبهم، لم يترددوا في طمأنة الوسط على كافة الأصعدة، بل أن قيادات بارزة في الحرية والعدالة، من بينهم الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان، لم تترد في التأكيد قبيل ساعات قليلة من خطاب الرئيس الأربعاء الماضي، بأنه سيشتمل إعلان خروج قنديل وحكومته من الخدمة، وربما وضع ماضي على رأس الحكومة الجديدة.
غير أن خطاب الرئيس قلب الأمور رأساً على عقب، وأثبت صحة مخاوف الوسط من تراجع الإخوان المعتاد عن عهودهم، فكان الاجتماع الطارئ للهيئة العليا للحزب، بحضور رئيسه أبو العلا ماضي، ونائبه عصام سلطان، والأعضاء ال9 المعينين بمجلس الشعب، والدكتور محمد محسوب الذي لم يكن قد أعلن استقالته بعد، حيث تم إصدر بيان رسمي صباح الخميس الماضي برفض بقاء قنديل لكونه شخصاً غير مسيس، ولا يصلح لإدارة المرحلة، قبل أن يقدم محسوب استقالته بدعوى أن الكثير من القرارات السياسية غير معبرة عن طموحات الشعب بعد ثورة.
فور إعلان محسوب استقالته، بدأت بحسب المصادر، اتصالات عديدة من مسؤولين كبار في الدولة لإثنائه عنها وسحبها، وتهدئة الوسط الغاضب. فاتصل رئيس مجلس الشورى، الدكتور أحمد فهمي هاتفياً، بالمهندس أبو العلا ماضي، كما تواترت أنباء عن اتصال وزير الداخلية أحمد جمال الدين بمحسوب نفسه، خاصة أن علاقة ودية تربطهما، إلا أن ماضي ومحسوب أصرا على موقفهما، وأكدا أن الإخوان خالفوا الاتفاق السابق معهم بتغيير قنديل ووزارته، ووضع شخصية توافقية على رأس الحكومة الجديدة.
وبينما يصر الوسط على أن رئيسه أبو العلا ماضي لم يكن يسعى لتقلد منصب رئيس الحكومة، فإن المصادر تؤكد أيضاً أن الوسط كان يمني نفسه، حتى ولو لم يكن رئيسه على رأس الوزارة الجديدة، في أن يتمكن عبر تمثيله فيها من إعادة طرح نفسه بشكل جديد في الشارع المصري، استعداداً لانتخابات مجلس النواب المقبل، ومن ثم قضى استمرار قنديل في موقعه على المسألة برمتها.
في السياق ذاته أبى الوسط سحب قياداته المعينين مؤخراً في مجلس الشورى، وبدا أنه يحاول من خلالهم إعادة الحزب للمشاركة في الساحة النيابة والتشريعية بفاعليها، استعدادا لموسم حصد الثمار في انتخابات مجلس النواب. ولعل مشروعات القوانين التي تقدم بها الحزب بمجرد عودة مجلس الشورى وشملت الحد الأدني والأقصي للأجور والكادر الطبي الجديد وعودة بورسعيد مدينه حرة، لأبلغ دليل على أن الوسط قرر خوض المعركة منفرداً ولو لبعض الوقت.