في فضائيات الأفلام والمسلسلات.. لا صوت يعلو فوق صوت إعلانات التخسيس!

دعاء سلطان
تخيل نفسك وأنت تشاهد فيلم «البريء» مثلا مستغرقا ومتألما ومستمتعا بقسوة ورقة وجمال الفيلم، ليقطع كل هذا فاصل غبي وفقير وتافه يحوي إعلانات السمن والصابون وعسل النحل الذي يشفي الأعمي ويعيد الشباب، وأعشاب الفحولة الجنسية، ومرهم التخسيس السحري، وأطقم الصيني ماركة شهر العسل، ومفارش السرير ماركة رمش العين.. كيف بالله ستضبط مشاعرك التي زلزلتها مثل هذه الإعلانات المبتذلة، علي إشارة مشاعر الفيلم الراقية مرة أخري؟! كيف ستتابع فيلم «حبيبي دائماً» المرهف والمسترسل في سرده البديع، وتنفعل مع كم المشاعر الذي يصدره، عندما تفاجأ بصوت المذيعة المزعجة في إعلان «الترابيزة الكومبو اللي بتلتمية جنيه بس»، أو إعلانات أغاني الموبايل، وذلك بخلاف إعلانات المفتش كرومبو؟!
من حق أصحاب القنوات الفضائية المخصصة للأفلام والمسلسلات، أن يعوضوا المبالغ التي دفعوها لشراء تلك الأفلام والمسلسلات.. ومن حق شركات الدعاية والإعلان أن تفرض شروطها علي هذه القنوات، لعرض الإعلانات وتحصيل قيمتها من المعلن، كما أنه - بالضرورة- من حق المعلن أن يروج لسلعته في القناة التي يختارها وفي الوقت الذي اختاره.
وبناءً علي المقدمات السابقة، وبما أن لكل فرد في المنظومة الإعلامية - الإعلانية حقوقا، فإن المشاهد بصفته أهم فرد في هذه المنظومة، والذي هو المواطن الذي يعمل كل هؤلاء لخدمته، والذي يتوجه له الجميع طالبين متعته وانتباهه ومتابعته وفلوسه، فإن من حقه أن يستمتع أولا وأخيرا.. سواء بالأفلام والمسلسلات أو بالمنتجات التي تقدمها الإعلانات، وبالإعلانات نفسها. انتهينا من البدهيات إذن، فلماذا يحصل الجميع في إطار هذه المنظومة علي حقوقهم، بينما يخرج المواطن - المشاهد دون حقوق؟ حتي حقه في الاعتراض لايسمعه أصحاب القنوات وشركات الدعاية والمعلنون، والحقيقة أن المشاهد استسلم - أصلاً - للأمر الواقع ولم يعد يعترض، فقط قد يكتفي بتغيير القناة بعد أن قطعت متعته بمشاهدة فيلمه المفضل، ليذهب إلي قناة مسلسلات يتابع خلالها مسلسلا آخر، تقطعه الإعلانات أيضا، وهكذا يظل أسيرا للريموت كونترول، ليختطف خمس دقائق هنا وثلاث دقائق هناك بمتعة ناقصة ومزاج متوتر.
لا نطالب أصحاب القنوات - فهذا ليس حقنا- بالتوقف عن عرض الإعلانات خلال الأفلام والمسلسلات، ولكنا فقط نطالبهم - وهذا حقنا جداً - بمراعاة المساحة الزمنية التي تستغرقها الإعلانات بالنسبة لمدة الفيلم أو المسلسل، ومراعاة نوعية الإعلانات نفسها ووضع مستوي معين لشكلها الفني، فلا يصح أن تعرض قناة فيلماً مثل «دهب» أو «ياسمين» أو مسلسل «هند والدكتور نعمان» التي يعشقها الأطفال، ويفاجأون بإعلان عن منتج يعالج الضعف الجنسي وكريم لشد الوجه وأعشاب لعلاج العقم.. بكل ما تحمله من فقر فني وابتذال وسماجة وضحك علي الذقون.. فكيف سنعلم أبناءنا الذوق والشياكة والرقي والصدق، في ظل الفقر الفني للإعلانات وابتذالها وتخلفها وكذبها المكشوف؟! «إحنا كبار واتعودنا نستحمل»، لكنكم تدمرون أطفالنا بإعلاناتكم وفواصلكم المملة.. ارحمونا بقي، وتابعوا قنوات «MBC2» و«FOX» و«دبي1»، لتتعلموا منها فنية وضع الفواصل والإعلانات ومدتها وأسلوب اختيارها.
شاهدها: حميدة أبو هميلة وأحمد خير الدين وإسلام مكي ورضوى الشاذلي ومحمد عبد الكريم ومحمد حسين وسوزان وليد ومصطفى شاكر
بانوراما دراما 1.. هتسيب علامة في بيتك
قناة بانوراما دراما 1 واحدة من القنوات التي تتبع نهجا نفعياً بحتاً ويحاول القائمون عليها أن يضعوا كل الإعلانات المتاحة لديهم خلال عرض مسلسلاتهم المكررة. فالقناة تعاملت مع مسلسل «تاجر السعادة» علي اعتبار أنه مسلسل حصري يعرض علي الفضائيات لأول مرة ، علي الرغم من عرضه علي معظم القنوات خلال شهر رمضان وبعده. حلقة المسلسل التي بدأ عرضها في السابعة والنصف مساء الجمعة الماضي شهدت أول فاصل إعلاني بعد تسع دقائق فقط من بداية عرض المسلسل ليستمر هذا الفاصل عشر دقائق كاملة، ولتصل مدة الفواصل إلي نصف ساعة كاملة، حيث جاء الفاصل الثاني بعد تسع دقائق عرض من نهاية الفاصل الأول، وبعد سبع دقائق جاء الفاصل الأخير ليستمر عشر دقائق أخري، مما يعني أن مدة الفواصل الإعلانية زادت علي مدة عرض حلقة المسلسل نفسها والتي لم تتجاوز التسع والعشرون دقيقة.
بانوراما دراما 2.. مش بنقولك هتسيب علامة في بيتك!
بانوراما دراما 2 هي قناة تم إطلاقها مؤخرا بعد أن وجد ملاكها أن القناة الأولي مشروع ناجح حقق أرباحا خيالية بتكلفة بسيطة للغاية تتلخص في شراء عدد من المسلسلات التي تمت إذاعتها من قبل، تعرضها القناة وسط سيل من الإعلانات . القناة مثلا تعيد عرض مسلسل «حقي برقبتي» الذي عرض في رمضان الماضي ، لكن القناة تعمدت يوم الجمعة الماضي عرض ثلاثة فواصل كاملة أثناء إذاعتها إحدي حلقات المسلسل الذي عرض في الثامنة مساء، وانتهي في الساعة التاسعة وست دقائق، بينما وصلت مدة كل فاصل إلي عشر دقائق كاملة.. بدأ أولها بعد مرور تسع دقائق فقط من بداية الحلقة، ليتحول المسلسل إلي عدد كبير من إعلانات للمنشطات الجنسية والسمنة تتخللها مشاهد لكل من ماجدة زكي وحسن حسني ، حيث كانت مدة العرض المتفق عليها بين الفواصل هي تسع دقائق.
روتانا سينما.. هتقدر تغمض عينيك وتغير القناة كمان!
أنت هنا أمام قناة تقدم لك متعة التسوق بديلا عن متعة المشاهدة، فقناة روتانا سينما قررت هذا القرار ونفذته فعلا في فيلم مدته لا تتجاوز الساعة وثلث الساعة. تطل عليك الإعلانات بجميع أنواعها لتستقطع ستين دقيقة كاملة من وقتك، حدث هذا في فيلم «يا أنا ياخالتي» الذي عرض في الثامنة مساءً يوم الجمعة الماضي. الفيلم بدأ في الثامنة مساءً وبعد تسع دقائق تماما جاء أول فاصل إعلاني ليقتسم معك أحداث الفيلم، حيث استمر تسع دقائق أخري، وهكذا ليصل عدد الفواصل الإعلانية إلي ستة فواصل، يبدأ الفاصل بعد كل تسع دقائق عرض، والقناة تتبع سياسة ثابتة وهي أن الفاصل الأخير يكون هو الأطول، حيث وصل الفاصل السادس إلي ربع ساعة، فقد بدأ في التاسعة وخمس وثلاثين دقيقة، وانتهي في التاسعة وخمسين دقيقة، أما نهاية أحداث الفيلم نفسه فكانت في العاشرة والربع.
ميلودي دراما.. تتفوق في الملل.. وتحدي!
يبدو أن رقم ثلاثة هو الرقم المتفق عليه في الفواصل التي تتخلل المسلسلات التي تعرضها قناة ميلودي دراما، فيوم الجمعة الماضي بدأ مسلسل «دموع في نهر الحب» الذي تعرضه القناة في الثامنة مساء، ليبدأ الفاصل الأول بعد أربع عشرة دقيقة من بدء عرض المسلسل، وليستمر الفاصل تسع دقائق تنوعت إعلاناتها بين مساحيق الغسيل وشركات الاتصالات والمشروبات الغازية، أما الفاصل الثاني فبدأ بعد نهاية الفاصل الأول بسبع دقائق فقط، واستمر تسع دقائق أخري ليأتي الفاصل الإعلاني الثالث بعد عشر دقائق فقط من استئناف عرض المسلسل، وينتهي بعد سبع دقائق ليكون إجمالي الفواصل التي عرضت في المسلسل خمسة وعشرين دقيقة، لتصبح مدة عرض الحلقة التي لاتزيد ثلاثة أرباع الساعة إلي ساعة وعشر دقائق.
ميلودي أفلام.. إعلانات عربي.. أم الأفلام
أربعون دقيقة سرقها القائمون علي قناة «ميلودي أفلام» من وقت متابعي فيلم «زكي شان» الذي عرض سرقوها علانية دون أن يطرف لهم جفن، فالفيلم مدته الرسمية ساعة وأربعون دقيقة، لكنه لم ينته سوي في الواحدة والثلث مساء. القناة اعتمدت علي مبدأ الخدعة، حيث لم تدخل بالفاصل الأول إلا بعد عشرين دقيقة من عرض الفيلم، وهو الفاصل الذي استمر خمس دقائق ثم بعد خمس وعشرين دقيقة فاصل آخر استمر خمس دقائق أخري، بعد ذلك لم تستمر مدة العرض سوي خمس عشرة دقيقة ليأتي الفاصل الثالث ويستمر سبع دقائق وبعد ربع ساعة الفاصل الطويل الذي استمر ثلاث عشرة دقيقة أما الفاصل الأخير فاستمر عشر دقائق وبدأ قبل نهاية الفيلم بعشرين دقيقة، وقد بلغ مجموع الإعلانات في الفواصل الخمسة تسعة وأربعين إعلانا.
أوسكار دراما.. إعلانات هانشوفها.. إعلانات هانعيشها!
قناة أوسكار دراما هي واحدة من القنوات التي تمارس ببراعة واقتدار فن تعذيب المشاهد عن طريق عرض كم إعلانات قياسي لا يتناسب مطلقاً مع المسلسلات التي تذيعها القناة، والتي عرض معظمها عشرات المرات علي أكثر من قناة فضائية، لكن القناة هذه المرة تذيعها مضافا إليها عدد هائل من الإعلانات التجارية لمشروبات غازية ومسابقات بلهاء. القناة علي سبيل المثال عرضت يوم الجمعة الماضي في الساعة الثامنة والربع إحدي حلقات مسلسل «في أيد أمينة» الذي مر علي عرضه الأول عامان.. بدأت القناة في عرض أول فاصل إعلاني بعد مرور تسع دقائق فقط علي بداية الحلقة، ليستمر ذلك الفاصل تسع دقائق ونصف لينتهي المسلسل في الساعة التاسعة والربع بعد أن امتدت مدة الحلقة إلي ساعة كاملة! حيث جاء الفاصل الثاني بعد إحدي عشرة دقيقة من نهاية الفاصل الأول، واستمر ست دقائق.
نايل سينما.. 35 إعلانًا وأكتر وأكتر!
فيلم «إللي بالي بالك» مدته لا تتجاوز الساعة والخمسين دقيقة، لكن علي قناة «سينما» تمت إضافة خمس وثلاثين دقيقة أخري للفيلم الذي عرض علي شاشتها في العاشرة مساء يوم الجمعة الماضي، حيث تضمن الفيلم خمسة فواصل مدة كل منها سبع دقائق، لذا كان منطقيا أن ينتهي الفيلم في الثانية عشرة والنصف رغم أن مدة الفيلم تقول إنه يمكن أن ينتهي بمنتهي البساطة في الحادية عشرة وخمسين دقيقة. القناة تتبع سياسة ثابتة فيما يتعلق بمدة كل فاصل. أما مدة عرض الفيلم فهي بين ربع ساعة وعشرين دقيقة. القناة تدخل بالفاصل الأول بعد عشرين دقيقة من بدء الفيلم ولا تخرج الإعلانات التي تضمنها الفواصل عن تنويهات لبرامج وفقرات القناة، وبحسبة بسيطة سوف يعلم المشاهد أنه شاهد خمسة وثلاثين تنويها.. وعدد من مقاطع الفيلم.
نايل دراما.. مفيش إعلانات حصري.. كله علي التليفزيون المصري
سبع دقائق رقما مقدساً عند القائمين علي قناة «نايل دراما»، حيث يأتي أول فاصل إعلاني في أغلب مسلسلاتها بعد السبع دقائق الأولي، وهو ما حدث في مسلسل «هانم بنت باشا» الذي يعرض يومياً في التاسعة مساء، حيث استمر الفاصل الأول خمس دقائق، وبعد ثماني عشرة دقيقة بدأ الفاصل الثاني الذي استمر أيضا مدة خمس دقائق أخري، وإذا علمنا أن مدة عرض المسلسل نفسه لا تزيد علي الأربعين دقيقة، فعشر دقائق وقت مستقطع كافية جداً لإصابة المشاهد بالملل وتجعله يوشك أن ينسي الأحداث. العشر دقائق تم استهلاكها في الإعلان عن مواعيد عرض المسلسلات التي تعرض علي القناة، وهي هنا وصلت لحوالي ثلاثة عشر تنويها، لينتهي المسلسل في العاشرة إلا عشر دقائق.
سيما.. دي بتاعتي!
قناة «سيما» من القنوات الحديثة نوعا ما، لذا فهي تقدم إغراء لمتابعيها من خلال عدد الفواصل الإعلانية الأقل، حيث لم يتخلل عرض فيلم «في شقة مصر الجديدة» الذي عرضته القناة في العاشرة من مساء الجمعة الماضي، سوي فاصلين فقط مدتهما سبع عشرة دقيقة، الفاصل الأول لم يبدأ إلا بعد ثمانية وعشرين دقيقة من بدء عرض الفيلم واستمر عشر دقائق، والفاصل الثاني جاء بعد اثنين وأربعين دقيقة كاملة، وهو رقم متواضع بالنسبة للسياسة المتبعة في باقي القنوات، واستمر هذا الفاصل سبع دقائق، بعده تم استكمال عرض الفيلم لينتهي في الثانية عشرة وعشر دقائق.
الحياة مسلسلات.. عيش إعلاناتها من القلب
قناة الحياة هي واحدة من القنوات التي تتبع أسلوبا دقيقا في عرض الفواصل الإعلانية، فهي تتعمد أن تعرض ثلاثة فواصل إعلانية تكون مدة كل فاصل منها خمس دقائق كاملة، تتنوع فيها الإعلانات بين مشروبات غازية ومسابقات لرحلات عمرة. القناة عرضت في الساعة الثامنة مساء يوم الجمعة الماضي، إحدي حلقات مسلسل «عبودة ماركة مسجلة» وهو المسلسل الذي عرضته القناة أيضا في شهر رمضان الماضي ويعرض مضافا إليه ربع ساعة من الإعلانات لتصبح مدة الحلقة ساعة من الزمن يتوه فيها المشاهد بحثا عن مشاهد المسلسل وسط كل هذا العدد من الإعلانات التجارية والتنويهات التي يتم بثها عن برامج القناة لينتهي المسلسل في الساعة التاسعة مساء.
كايرو سينما.. الإعلانات.. دلوقتي وقتها!
عشرون إعلانا في خمسة فواصل تضمنها فيلم «عبود علي الحدود» الذي عرض علي قناة «كايرو سينما» في الثامنة والنصف من مساء يوم الجمعة الماضي.
حيث بدأ الفاصل الإعلاني الأول بعد اثنتي عشرة دقيقة من بداية عرض الفيلم واستمر دقيقتين، واستمر العرض مرة أخري لمدة عشر دقائق ليأتي الفاصل الثاني ويستمر ثلاث دقائق.
وهكذا ليصل إجمالي الفواصل إلي خمس عشرة دقيقة، ولم تزد مدة العرض في كل مرة علي الثلث ساعة أو الخمس والعشرين دقيقة علي الأكثر، تضمنت مجتمعة عشرين إعلانا لمنتجات تجارية ولتنويهات أفلام القناة.
الفيلم انتهي في العاشرة مساءً وهو موعد إلي حد ما مناسب، فمدة عرض الفليم بفواصله لم تتجاوز الساعة ونصف الساعة.