الاستثمارات العُمانية في مصر تسجل 52 مليون دولار    انخفاض أسعار الدواجن بسوق المنشية في الإسكندرية.. وكرتونة البيض الأحمر ب135 جنيها    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    الرئيس السيسي ونظيره الكوري يبحثان سبل تعزيز التعاون    يديعوت أحرونوت: محمد بن سلمان يضغط لإقامة دولة فلسطينية في 5 سنوات    المدير التنفيذي لاتحاد الكرة يوضح إجراءات شراء تذاكر مباريات كأس العالم    ضبط سيدتين بالإسكندرية لاستقطاب الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب    البنك القومى للجينات يستقبل وفد الأكاديمية الوطنية للغابات بالصين لتعزيز التعاون    يضيف 3 آلاف برميل يوميًا ويقلل الاستيراد.. كشف بترولي جديد بخليج السويس    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تتجاوز 16 مليار جنيه    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    مدبولي: إرادة الرئيس السيسي وراء تحقيق هذا الإنجاز بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    أوقاف شمال سيناء تحذر من "حرمة التعدي على الجار" فى ندوة تثقيفية    إيقافات وعقوبات بالجملة بمباراة ألو إيجيبت والقناطر الخيرية بالقسم الثاني    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    مساعدة وزير التعليم العالي تدعو لاستهداف المدارس في برامج الصحة العامة    الداخلية تضبط أموالاً بقيمة 460 مليون جنيه من نشاط إجرامى    تفاصيل صادمة في واقعة تشويه وجه عروس مصر القديمة.. المتهمة أصابتها ب 41 غرزة وعاهة مستديمة.. وهذا سبب الجريمة    بهاء طاهر.. نقطة النور فى واحة الغروب    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حصر لأراضي النيل التي يمكن العمل عليها مع المستثمرين    عرض عربي أول ناجح لفيلم اغتراب بمهرجان القاهرة السينمائي    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    صحة بني سويف تطلق برنامجا إلكترونيا للحصول على خدمات العلاج الطبيعي الحكومية    «التعليم العالي»: صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية المستدامة البحرينية    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة اليوم    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    سيد معوض ل حسام حسن: أنت حر في وضع التشكيل.. لكن من حق الناس تنتقدك    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    عاجل - اتجاهات السياسة النقدية في مصر.. بانتظار قرار فائدة حاسم ل "المركزي" في ظل ضغوط التضخم    20 نوفمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    وكيل صحة الأقصر يتفقد التطعيمات ورعاية صحة التلاميذ والطلبة بمدارس مدينة الطود.. صور    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: عقوبات على عدد من الجهات السودانية    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشناوي يكتب: علشان الشوك إللي في الورد
نشر في الدستور الأصلي يوم 19 - 03 - 2010

هل كان الموسيقار الكبير «محمد عبدالوهاب» يؤمن فقط بأن النجاح يساوي «عبدالوهاب» وما دون ذلك باطل.. كثير من المواقف التي عاشها عبدالوهاب تؤكد ذلك خاصة في علاقته الشائكة مع «بليغ حمدي»؟!
في حوار أجريته مع الشقيق الكبير لبليغ حمدي علي صفحات جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية قال لي «د. مرسي سعد الدين» إن «عبدالوهاب» كان في البداية شديد الحماس لموهبة «بليغ» ولكن بعد ذلك قال إن «بليغ» «رخص الغناء» يقصد أنه جعله بلا ثمن ولا قيمة جمالية، الحقيقة أن الموسيقار «محمد عبدالوهاب» كانت لديه آراء عديدة تتناول تحديداً «بليغ حمدي» فهو مثلاً كان يري أن «بليغ حمدي» هو أكثر موسيقار يأتي إليه الإلهام الموسيقي ولكنه - أي بليغ - لا يجتهد كثيراً في التعايش مع الجملة الموسيقية التي تمنحها له السماء وكان عليه كما يري «عبدالوهاب» أن يتعايش مع هذه الجملة الموسيقية ويعيد التفكير فيها أكثر من مرة ثم يقدمها بعد ذلك للجمهور بعد أن تختمر إبداعياً في أعماقه.. لا شك أن «عبدالوهاب» كان يهتم دائماً بمتابعة الأجيال التالية له فهو يعلم أنه لكي يستمر علي القمة فإن عليه أن يهضم مفردات الجيل الجديد ومن هنا مثلاً من الممكن أن تجد تفسيراً لكلمة قالها لي الموسيقار الكبير «كمال الطويل» في تحليله لموسيقي «محمد عبدالوهاب» قال إنه مثل النشافة يأخذ من كل ما يقدمه العصر وكل ملحني الزمن الذي عايشه تجد بأسلوب غير مباشر أن «عبدالوهاب» قد تأثر بهم.. «عبدالوهاب» نفسه كان يقول أنا مثل النحل آخذ رحيق الزهور وأعطي عسلاً.. لم يكن «عبدالوهاب» هو ابن الزمن الذي سبقه فقط لكنه ابن الزمن الذي يعيشه يتابع تلاميذه بنفس القدر من الاهتمام الذي كان يتابع به أيضاً أساتذته وعلي رأسهم «سيد درويش» ثم تمرد علي نفسه حتي الذي قدمه هو في الثلاثينيات وكان يطلق عليه «عبدالوهاب» القديم، لأنه منذ منتصف الأربعينيات قدم لنا «عبدالوهاب» آخر جديد لا علاقة له بزمن «عبدالوهاب» القديم!!
كان «عبدالوهاب» يري أن الغزارة الموسيقية لبليغ حمدي سلاح ذو حدين وكان معروف أن «بليغ» هو أكثر ملحن عرفته مصر والعالم العربي لديه كل هذه الخصوبة في الإبداع والأرقام في جمعية المؤلفين والملحنين تؤكد ذلك.. فهو يحظي دائماً بالمرتبة الأولي في تحقيق أكبر أداء علني وعلي مدي تجاوز 15 عاماً فإن ترتيب «بليغ حمدي» يأتي في المقدمة.. ما الذي يعنيه هذا سوي أن موسيقي «بليغ» لا تزال تنبض بالحياة.. «عبدالوهاب» يأتي في المركز الثاني ويجب ملاحظة أن ما قدمه «بليغ حمدي» يتجاوز في العدد أربعة أضعاف - علي أقل تقدير - ما قدمه «عبدالوهاب» رغم أن «عبدالوهاب» عاش مبدعاً أكثر من 70 عاماً لم يتجاوز ما لحنه 600 لحن، بينما «بليغ» عاش مبدعاً 40 عاماً ويصل إنتاجه إلي أكثر من ألفي أغنية!!
«عبدالوهاب» شكل بالنسبة لكل الأجيال التي جاءت بعده علاقة تحمل تقديرا وفي الوقت نفسه لا يخلو من قدر لا ينكر من التوجس.. مثلاً كان «محمد الموجي» و«كمال الطويل» و«عبدالحليم حافظ» قد تعاهدوا بمجرد بداية نجاحهم مع مطلع الخمسينيات ألا يجعلوا «عبدالوهاب» يفرق بينهم إلا أن «عبدالوهاب» منذ الخمسينيات استطاع أن يخترق هذا الحصار وأن ينفذ إليهم وكان «عبدالوهاب» من الذكاء بأن اقتنص «عبدالحليم» من بين «الموجي» و«الطويل».. صحيح أن «عبدالحليم» كان يحرص في البدايات علي أن يغني من تلحين رفيقي الطريق ولكن «عبدالوهاب» بذكاء تمكن من أن يرتبط مع «عبدالحليم» بمشروع فني اقتصادي وهو شركة «صوت الفن» لم تكن «صوت الفن» في البداية سوي شركة تضم «محمد عبدالوهاب» ومدير التصوير «وحيد فريد» والمخرج «هنري بركات» ولكن «عبدالوهاب» وافق علي أن يدخل «عبدالحليم» كشريك ليضمن بأسلوب غير مباشر احتكار أفلام «عبدالحليم» لحساب الشركة لأنه صاحب مصلحة مادية، كما أن «عبدالحليم» سوف يضمن أن كل ألحان «عبدالوهاب» والتي تحقق رواجاً جماهيرياً سوف تصبح جزءًا من أرباح الشركة وهو بالتالي صاحب مصلحة فيها.. هكذا كانت الخطة التي رسمها «عبدالوهاب» ووافق عليها «عبدالحليم» لأنه وجد فيها تحقيقاً لمصالحه الأدبية والمادية كل منهما بأسلوب غير مباشر يقتسم نجاحه مع الآخر!!
هل كان «عبدالوهاب» يشعر بقدر من الغيرة من الأجيال التي جاءت بعده؟! نعم كان يتابع بشغف ما يقدمونه إلي درجة أنه استمع يوماً إلي لحن «قولولو قولولو قولولو الحقيقة» بصوت «فايزة أحمد» وكلمات «مرسي جميل عزيز» وهي الكلمات التي لحنها بعد ذلك «كمال الطويل» لعبدالحليم في فيلم «شارع الحب».. أعجب «عبدالوهاب» بلحن أغنية «فايزة» وحفظه واستدعي الشاعر «علي مهدي» الذي كتب له علي نفس الموسيقي «بريئة بريئة أحلفلك بريئة».. ولم ينس «بليغ» أبداً الألم النفسي الذي سببه له «عبدالوهاب» عندما وجد أن لحنه قد سرق منه ونسب إلي الملحن الكبير مثلما لم ينس أنه علي المستوي الشخصي حرمه من الزواج بابنته «اش اش» بعد فترة خطوبة قصيرة.. ورغم ذلك فإن الذي كان يعني «عبدالوهاب» أكثر ليس الموقف الشخصي ولكن الإبداع فهو يقول فني ثم فني ثم عائلتي ولهذا كان حريصاً علي أن يظل محافظاً علي العصرية، كانت الأجيال الجديدة بمثابة حافز يمنح أفكاره الفنية نبضاً جديداً فهو يريد أن يعتلي بمفرده المقدمة لا يسبقه الزمن مهما استخدم من أسلحة بعضها غير مشروع.. نعم كانت تفلت من «عبدالوهاب» أحياناً بعض الكلمات التي تغضب عددًا من الملحنين لكنه مثلاً أثني علي «محمود الشريف» و«حلمي بكر» كان يقول إنهما نموذج للملحن المبدع كما ينبغي أن يكون.. لا شك أن «الموجي» مثلاً كان يغضب أحياناً من «عبدالوهاب» لكنه في نهاية الأمر كان يراه هو أستاذه.. «الطويل» كان يصل في علاقته بعبدالوهاب إلي حدود الخصومة الشخصية وهي بالفعل خصومة استمرت سنوات لكنه ظل علي حبه وإيمانه بإبداع «عبدالوهاب» حتي بعد رحيله.. «بليغ حمدي» عندما تعرض لمحنة «سميرة مليان» المغربية الحسناء التي انتحرت عندما ألقت بنفسها عارية من منزله في الدور الثالث بحي المهندسين واجه «بليغ» أقسي أنواع التهم وهي تسهيل الدعارة وحكم عليه بالسجن لمدة عام.. سافر وقتها «بليغ» إلي فرنسا وذلك قبل أن تسقط محكمة النقض الحكم ويحصل علي براءة ولكن في تلك الأثناء نهاية الثمانينيات كان اسم «عبدالوهاب» كثيراً ما يتردد في الكواليس باعتبار أنه هو الذي لعب الدور الأكبر في إدانة «بليغ حمدي» لإبعاده عن منافسته ولم تكن لهذه الشائعات أي نصيب من الصحة إلا أن الناس والوسط الفني كان مهيئاً للتصديق!!
لو سألتني عن رأيي الشخصي أقول لك «عبدالوهاب» كان يشعر بالغيرة من كل جديد موهوب يتابعه يتأمله يهضمه وكان «بليغ حمدي» علي رأس من يتابعهم ويهضمهم.
«عبدالوهاب» له تعبير كثيراً ما كان يردده في جلساته وهو «لا شيء يقف أمام الأجمل» وهو لهذا قد يجد الأجمل لديه فيقدمه أو لدي تلاميذه فيأخذه منهم!!
رغم ذلك أحبه علي طريقته علشان الشوك إللي في الورد بحب الورد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.