ارتبط المخرج التليفزيوني «جميل المغازي» بصداقة عميقة مع الموسيقار الراحل «بليغ حمدي» امتدت لسنوات طويلة رافقه خلالها في كل مكان حتي شكلا ما يشبه التوأم كما يقول هو نفسه. ولأن حياة بليغ حمدي كانت حافلة بالكثير من الأسرار والصراعات والنزوات والخفايا التي أدت إلي نهايته الحزينة التي لم يكن يتوقعها أحد.. ومنها حادث انتحار فتاة تدعي (سميرة مليان) داخل مسكنه، وأيضًا طلاقه المفاجئ لزوجته (وردة) وسر البرنامج الذي أنتجه لمشوار حياة (ليلي مراد) ولم يذاع وأسرار أخري سيحملها هذا الحوار الذي ننفرد به! سألته في البداية عن حكاية البرنامج الخاص الذي سيعرضه عن بليغ حمدي في ذكري ميلاده ال 75 علي قناته التليفزيونية، ومعرفته ببليغ حمدي وكيف جاءت؟ - الحقيقة أنني قمت بتأسيس قناة تليفزيونية علي «النت» ستبدأ البث خلال أيام. وسوف أعرض من خلالها فقرات من البرنامج الذي أخرجته في «أبوظبي» من إعداد وتقديم بليغ حمدي والذي يتضمن أسرارًا وكواليس تذاع لأول مرة، إلي جانب لقاءات وتسجيلات أخري.. أزيح فيها الستار عن الكثير من الخفايا وعلامات الاستفهام في حياة صديقي بليغ حمدي. أما عن صداقتي ببليغ حمدي- فقد بدأت بمعرفتي بشقيقه د.مرسي سعد الدين والذي كان يشغل وقتها منصب مستشار مصر الإعلامي في برلينالشرقية وكنت وقتها أقيم في برلينالغربية حيث أدرس بعد أن عملت لفترة مذيعًا في راديو «دويتشي فيلا»- حيث أصبحنا صديقين وعندما كنت أحضر إلي القاهرة كان د.مرسي في كثير من الأحيان يرسل أشياء لوالدته معظمها أدوية وفي إحدي المرات قدمتني لابنها بليغ وكان ذلك في مطلع السبعينات وبعد عدة لقاءات أقنعني بالاستقرار في مصر والاتجاه إلي المنوعات وحقيقة فقد أحببته جدًا بعد أن اقتربت بشدة من عالمه الخاص ومن يومها أصبحنا لا نفترق. حادث مؤلم ما حقيقة الحادث المؤلم الذي كان حديث الصحافة والذي راح ضحيته الفتاة (سميرة مليان) والتي قيل إنها انتحرت أو قتلت في شقته وسافر بعدها بليغ حمدي متنقلاً بين لندن وباريس عاد بعدها محطمًا و«مريضًا»؟ - بليغ حمدي ملحن شهير ودائمًا بيته مكتظ بالفنانين في كل أنحاء العالم العربي ولأنه كان كريمًا ومضيافًا، فلم يكن يهتم بمن يدخل أو يخرج وعندما حدث ما حدث لم يكن بليغ يتوقع هذه القسوة من أصدقائه ومن الصحافة التي ذبحته بسبب واقعة لم يكن له ذنب فيها وعندما أدانته محكمة أول درجة بالسجن عدة أعوام، لم يكن في إمكان بليغ الذي عاش طائرًا مغردًا أن يدخل السجن في جرم لم يرتكبه وإن كانت قد برأته محكمة النقض فيما بعد.. وعاد بليغ إلي معشوقته مصر، ولكن بعد أن كان قد تمكن المرض من كبده. عاد عاشق مصر الذي استطاع وحده أن يغطي 90% من الساحة الغنائية المصرية، والعربية طوال سبع سنوات كاملة حمل خلالها مسئولية جميع من يغنون في مصر من أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وحتي عفاف راضي. اتصال دائم خلال وجود «بليغ» خارج مصر وأثناء إقامته التي فرضها علي نفسه أو فرضت عليه- هل التقيت به هناك؟ - الحقيقة طوال عشرتي لبليغ حمدي ومعرفتي به لم أره حزينًا وجريحًا ومكسورًا كما رأيته في عواصم أوروبا المختلفة وهو بعيد عن مصر لا يستطيع رؤيتها أو دخولها لفترة تقارب الخمس سنوات هذا هو بليغ حمدي الذي قال عنه عبدالحليم حافظ يومًا إنه أمل مصر في الموسيقي. نكران الجميل ولكن ماذا عن بليغ حمدي بعد عودته إلي مصر؟ - بعد عودته مباشرة كلف بتلحين أوبريت تليفزيوني في مناسبة قومية وبعد أن انتهي من وضع الموسيقي، استدعي مطربين كان له الفضل فيما وصلا إليه من نجومية، وفي يوم التسجيل همس أحدهما في أذني قائلاً: بليغ خلص خلاص، وقال الآخر: الألحان كلها مولتون- فقلت لهما ممكن تعتذرا. وفي اليوم التالي أحضرت ثمانية أصوات جديدة بالنسبة لبليغ. فطلب من أصغرهم سنًا أن تغني وعندما انبهر بصوتها قلت له إن اسمها «غادة». وهي ابنة الموسيقار رضا رجب، أما باقي الأصوات فكانت (عماد عبدالحليم، أنغام، طارق فؤاد، شيرين وجدي، إيهاب توفيق، مني عبدالغني) ونجح الأوبريت نجاحًا فاق كل التوقعات. حكاية وردة هل تعتقد أن المسلسل التليفزيوني «مداح القمر» المزمع تنفيذه عن السيرة الذاتية للراحل «بليغ حمدي» سيتعرض لأسرار في حياة بليغ وعلاقته بزوجته السابقة الفنانة الكبيرة «وردة» خاصة أنها هددت بإيقاف التصوير؟ - مفيش حد من الناس اللي هم استعانوا بهم يعرف حاجة عن أسرار بليغ الشخصية، لأنهم مجرد شخصيات هامشية في حياته وهذا لا يعني أن يكونوا قد اقتربوا من أسرار حياته. أما عن كواليس هذا المسلسل، فقد زارني يومًا ممثل شاب بحجة أنه يمثل دور بليغ حمدي في مسلسل وطلب مني مساعدته في جمع معلومات عن شخصيته لأنه حتي لم يره شخصيًا في حياته. فقلت له: تعالي نقابل الدكتور مرسي سعد الدين شقيقه واتفقنا أن نسهر مع دكتور مرسي علي فترات يقص علينا خلالها حكاية بليغ منذ ميلاده وحتي مرحلة الجامعة مؤكدًا للممثل الشاب أن المرحلة التالية كذلك ستجدها عن «جميل المغازي» وقبل موعدا للقاء التالي اتصل بي الشاب معتذرًا عن الحضور لوجوده خارج مصر وطلب مني تليفون دكتور مرسي ليعتذر له بنفسه- إلا أنني علمت فيما بعد أن هذا الممثل ذهب إلي الدكتور مرسي برفقة منتج- بعد أن أفهموه أنني اعتذر عن الحضور اليوم.. واستطاعا بشكل ما أن يحصلا من دكتور مرسي علي ورقة تعتبر موافقة علي تنفيذ المسلسل. ومما يدعو للاستغراب أن مدينة الإنتاج الإعلامي توافق علي إنتاج هذا المسلسل في الوقت الذي كان قد سبق ووافقت لجان قراءته علي مبلغ ستة آلاف جنيه مكافأة. فماذا حدث تحت الترابيزة. والطريف أن المسلسل المزمع إنتاجه لا يمت بصلة لقصة بليغ أو حياته الشخصية من قريب ولا من بعيد.. فلصالح من يحدث هذا. أشياء خاصة لماذا تتحاشي وردة دائمًا الحديث عن بيلغ- بعد وفاته؟ - اعتقد أن ما بين بليغ ووردة هي أشياء خاصة جدًا.. وهي صاحب الحق في أن تتحدث عنها أو لا تتحدث. كائن إنساني هل تعتقد أن وردة أحبت بليغ حمدي الملحن أو بليغ الإنسان؟ - وردة فنانة كبيرة، بالإضافة إلي أنها سيدة جميلة، فكان من الممكن أن تحتوي بليغ الملحن بسهولة، لكنها أحبت هذا الكائن الإنساني «بليغ» بكل ما فيه من تناقضات. نعود مرة أخري لسر العلاقة بين وردة وبليغ والتي أدت إلي أن يطلقها تليفونيًا أثناء وجود كما في «أبوظبي»؟ - لقد كان هناك شخصان من «الكورال» استطاعا أن يحوزا علي ثقة كل من وردة وبليغ، وللأسف فقد استغلا هذا في نقل أخبار كل منهما للآخر حتي حولا حياتهما إلي جحيم، صحيح أن وردة سيدة محترمة يمكن بليغ كانت له نزواته مثل أي رجل. وطبيعي أن وردة امرأة لها كرامة وكبرياء كزوجة.. وفي الليلة نفسها أخذ بليغ يدندن علي العود كلمات ولحن أغنية «الحب اللي كان» ولولا وجود المطربة (سوزان عطية والمطرب محمد رشدي) في تلك الليلة واللذين أخذا علي عاتقهما حفظ الكلمات واللحن، ما استطاع بليغ أن يتذكره في اليوم التالي. هذا اللحن الجميل الذي جاء نتاج حالة اليأس والضياع التي مر بها بليغ في تلك الليلة. ستار ميكر لماذا فكر بليغ في الإنتاج رغم أنه كان في قمة النجومية؟ - بليغ حمدي.. أنتج ليس بهدف المكسب، بل كان يقصد أن يقدم شكلاً جيدًا للبرامج التليفزيونية لم يكن ذلك متاحًا له في مصر حيث كان يتمني تقديم برنامج علي غرار «ستار ميكر» لذا عندما عرض عليه تليفزيون «أبوظبي» تسهيل مهمته.. وما عليه إلا أن يتفرغ للتقديم والعزف والغناء وأتولي أنا الإخراج وافق علي ا لفور. مشوار ليلي كيف استطاع بليغ أن يقنع ليلي مراد بتسجيل مشوار حياتها تليفزيونيًا وقد كانت رافضة تمامًا لذلك رغم الإغراءات الشديدة؟ - الحقيقة أن هذا البرنامج حمل كثيرًا من المفاجآت منها (13) حلقة مع وردة، واللقاء الأول بين سميرة سعيد وبليغ حمدي، وكذلك دويتو بين بليغ والشاعر عبدالرحيم منصور. وبالطبع كان أهم ما قدمه هذا البرنامج هو ال 15 حلقة التي سجلت خلالها (ليلي مراد) مشوار حياتها لأول وآخر مرة؟ أين هذا البرنامج الذي حمل مشوار «ليلي مراد».. ولماذا طلبت هي عدم إذاعته في مصر؟ - هذا البرنامج تم تصويره في عام 1979 وتم تكليف الشركة العربية (صالح كامل وشركاه) بتوزيعه وقام بليغ حمدي باعتباره المنتج للبرنامج بإهداء التليفزيون المصري نسخة مجانية ولكن حدثت واقعة غير مقصودة، حيث كنا نجتمع في حجرة ليلي مراد بالفندق وكان بعض الموجودين يجرون اتصالات دولية من حجرتها وحدث أن غادر بليغ أبوظبي قبل الجميع وعند مغادرة «ليلي مراد» اكتشفت أن عليها تسديد 2000 دولار قيمة مكالمات تليفونية ما أثار غضبها وجعلها ترسل تلغرافًا لوزير الإعلام المصري في ذلك الوقت بمنع إذاعة البرنامج. ولما علمت أنا بما حدث أخبرت بليغ- فقام بزيارتها في منزلها لتوضيح سوء الفهم الذي حدث ودفع لها ال 2000 دولار وحصل منها علي ما يعتبر موافقة علي إذاعة البرنامج- إلا أننا فوجئنا بمن يخبرنا بأن شرائط البرنامج قد اختفت! وأنا أناشد المسئولين الآن البحث عن تلك الشرائط وأؤكد أنها موجودة- وتحويلها إلي شرائط، ديجيتال لإذاعتها- فهي تحمل قيمة فنية وثروة برامجية لا تقدر بثمن. حتي أننا حاولنا أن نحصل علي نسخة من الشرائط التي تم تسويقها للمحطات العربية بواسطة الشيخ «صالح كامل» واكتشفنا أيضًا اختفاءها بما يمثل لغزًا كبيرًا!