إصرار الشعب المصرى على كشف ألاعيب الجماعة هو ما جعل الملايين تهرول صوب لجان الاقتراع لتقول كلمتها ضد تمرير دستور منتصف الليل، إلا أن هؤلاء الملايين والسياسيين أيضا فوجئوا بهذا الكم الكبير من الانتهاكات والفضائح التى رصدتها المنظمات الحقوقية داخل وخارج اللجان. الخبير السياسى فى مركز «الأهرام» الاستراتيجى الدكتور عمرو هاشم ربيع، أكد أن ما تم من تزوير واضح فى عملية الاستفتاء دليل واضح، أن «لا» تفوقت على «نعم» وهو ما جعل تيار الإسلام السياسى يسيطر على اللجان لإتمام عملية التزوير، هاشم أكد ل«التحرير» أن النظام الحالى أدرك أنه أصبح غير مقبول فى الشارع، وأن نزول هذا العدد والكم الهائل من المواطنين فى المرحلة الأولى، من الاستفتاء دليل على أنهم كشفوا هؤلاء وما يقومون به من أعمال تخويف وترهيب للشارع المصرى، موضحا أن تيار الإسلام السياسى كان فى السابق يستخدم الشعارات أمام اللجان الانتخابية لاستعطاف الناخبين، ولكن الآن هو أدرك أن هذه الشعارات أصبحت لا تفيد، مما أدى إلى أنه فكر فى التعامل بطريقة أخرى وهو التزوير، عن طريق بطاقات الناخبين غير المختومة، وغياب الحبر الفسفورى، ومنع المراقبين من دخول اللجان وغيرها من أشكال التزوير حتى يتمكنوا من الوصول إلى النتيجة التى ترضيهم.
هاشم أشار إلى أن الأهم ليس التزوير من عدمه، لأن الاستفتاء غير معترف به من الأساس، لكن الشعب نزل حتى يقول كلمته ب«لا» ليؤكد أن «لا» كلمة تعلو فوق صوت الشعب، مؤكدا حدوث تزوير شهدته محافظات المرحلة الأولى من قبل تيار الإسلام السياسى لإتمام تمرير دستور الرئيس الديكتاتور، وتوقع هاشم زيادة ظهور العنف والبلطجة وزيادة الاحتقان الاجتماعى ننتظره فى الطريق.
بينما قال أبو العز الحريرى إن ما قام به تيار الإسلام السياسى داخل لجان الاستفتاء مخالف لأسس الديمقراطية، وكل ما تم فى الاستفتاء يعتبر باطلا، لأن كل ذلك يقودنا إلى دستور مزور يهدف إلى مصلحة السياسيين الذين سيطروا بالفعل على البلد ليجعلوها تتفتت. الحريرى أكد أن الأيام القادمة سوف تشهد مزيدا من التفجيرات الدموية نتيجة ما يقوم به أنصار النظام للاستيلاء على المناصب وبقائهم حتى النهاية، خصوصا ما شهدته الفترة الحالية من أعمال عنف وتهديد وترويع لكل من يخالف النظام، وهو ما يؤكد أننا دخلنا فى دوامة من العنف.
وحمّل الحريرى الجيش ووزارة الداخلية مسؤولية ما يحدث الآن فى الشارع المصرى لأنهما يستطيعان القيام بدورهما وهو الدفاع عن الشارع المصرى من السطو عليه من قبل هؤلاء ممن يطلقون على أنفسهم الإسلاميين، بل هم أساؤوا إلى الإسلام ومبادئه. وأكد الحريرى ضرورة رجوع الجيش والشرطة إلى الشعب بعد أن تراجعت مصداقيتهم.
أما المفكر الدكتور أحمد كمال أبو المجد، فقال إن نزول الكم الهائل فى الاستفتاء فى المرحلة الأولى رائع، ولكن ما تم من انتهاكات يدل على مؤشر خطير مفاده أننا سوف نصبح فى نفس الحلقة الدائرة وهى الصراع مع الإسلاميين فى مصر.
أبو المجد قال «أنا حزين على حال البلد التى انتشر فيها الرعب والعنف، وكان يجب على النظام أن يتعظ من الدروس السابقة، وكان عليه أن يستخدم لغة التواصل والحوار بدلا من الانغماس فى أعمال العنف والتخريب»، مؤكدا أن مصر سوف تشهد مصيرا مجهولا وإثما نتيجة كل هذه الأحداث، وستشهد عواقب وخيمة لا حصر لها.
أما الخبير فى مركز «الأهرام» الاستراتيجى، الدكتور عماد جاد، فيؤكد أن تيار الإسلام السياسى استخدم كل أشكال وأنواع التزوير فى المرحلة الأولى من الاستفتاء أول من أمس، بعد أن أدرك أن الشعب كشف ألاعيبه التى تتمثل فى أشكال العنف والبلطجة والترويع، مشيرًا إلى أن الاستفتاء مرفوض من الأساس، لكن الشعب نزل بهذا الكم حتى يعطى درسا هذه المرة للنظام وأنصاره.
جاد تخوف من سيطرة الإسلاميين على النتيجة بعد أن شهدت المحافظات كل هذا التزوير، ولكن لم تسمح لهم القوى المعارضة بتمرير ذلك الدستور مهما كانت نتيجة هذا الاستفتاء، لافتا إلى أن مصر تسقط نتيجة ما يقوم به أنصار تيار الإسلام السياسى من أعمال عنف وتخريب، متسائلا «أين القانون وأين الدولة؟».