الشيوخ يعرفون الداء والدواء ويتعايشون بسعادة مع المشاكل صدمة الشباب أكبر من أن توصف فيما قالته رموز الأمة كل دولار ينفق علي البحث العلمي يقابله 62 دولارًا تنفق علي التسليح كل الدول العربية مجتمعة لم تلحق بمستوي إسرائيل علميا ً مكتبة الإسكندرية 1-الشباب شباب والشيوخ شيوخ علي مدي الأيام الثلاثة الأولي من مارس عقد مؤتمر الإصلاح العربي دورته السابعة في منتدي الإصلاح العربي بمكتبة الإسكندرية وقبله مباشرة كان هناك مؤتمر الشباب العربي. المؤتمر الأول حضره حوالي 700 من الشباب العربي. والثاني حضره 300 من العلماء والمفكرين والمثقفين العرب، وقد رغب عدد من الشباب في الاستمرار وحضور فعاليات الإصلاح العربي، وهكذا جمع المؤتمر بين رموز الماضي الذين يعاندون في إخلاء الساحة والرحيل عنها، وبين الشباب الذين لم يتملكوا الجرأة الكافية لكي يدخلوا إلي المسرح ويقولوا: ها نحن. إن هذه الشرارة كانت أهم ما رأيته في مؤتمر هذا العام. أيضاً كانت مشكلة الشيوخ - وأنا واحد منهم - أنهم يعرفون الداء ويدركون الدواء. ومع هذا يتكلمون آناء الليل وأطراف النهار عن المأزق المصري والمشكلة العربية والأزمة الإسلامية ومشكلة المناخ وتخلفنا التكنولوجي. وكأنهم يعيدون طحن كلمات نطقوا بها وتكلموها منذ عشرات السنين. أما الشباب فقد حدث لمن تكلمت معهم حالة من الإحباط الشديد واليأس غير العادي عندما استمعوا لمن كانوا يتصورون أنهم نجوم هذا الزمان ورموزه. ولم يجدوا عندهم سوي الجلوس عند الضفة الأخري لليأس المصري واليأس العربي. 2-كلمات سمعتها في مكتبة الإسكندرية من الصعب عليَّ إحصاء ما قيل وذكر ما سمعته. هذه بعض الكلمات التي يمكن أن تشكل علامات، استمعت إليها علي مدي ثلاثة أيام في مكتبة الإسكندرية: القوة لا تحقق أي شيء. في العالم تتصارع قوتان السيف والعقل. في النهاية فإن العقل هو الذي يهزم السيف. قائل هذا الكلام هو نابليون بونابرت. أكثر فاتح اقتحم العالم. كل دولار ينفق علي البحث العلمي في عالم اليوم يقابله 62 دولارًا تنفق علي التسليح. ميزانية البحث العلمي في الولاياتالمتحدةالأمريكية 30 مليار دولار. كل الدول العربية مجتمعة لم تلحق بمستوي إسرائيل علمياً. لقد تحققت الديمقراطية في الدول الإسلامية - وهي من العالم الثالث - أكثر من تحققها في الدول العربية. إيران تعلمت الدرس القاسي من حربها مع العراق. من 1981 - 1988 وأدركت أن التفوق العراقي في بداية الحرب كان تفوقاً علمياً، لذلك قررت أن تواجه التفوق العلمي العربي بتفوق علمي إيراني ورغم العزلة الدولية والحصار فإن إيران أصبحت مائة ضعف ما كانت عليه قبل عشرين سنة من الآن. قالت الدكتورة موزة المالكي: - نحن العرب نخاف من التغيير، العربي يخشي المغامرة والمخاطرة، ولذلك يركن إلي نظرية المؤامرة. كل شيء يتآمر علينا. والآخر يتآمر علينا. وحتي هذا الآخر نخشي الأخذ عنه والتعليم منه. قال الدكتور أسامة الغزالي حرب: - منذ 5 سنوات كانت في مصر ديمقراطية أكثر. في مصر الآن حالة من التراجع عن الديمقراطية. قال الدكتور إسماعيل سراج الدين. مدير مكتبة الإسكندرية: هناك مقولة خاطئة أن الديمقراطية مطلوبة من أجل التنمية. الديمقراطية ليست من أجل أي شيء. الديمقراطية من أجل الديمقراطية كنظام وحيد يحمي كرامة الإنسان، والديمقراطية تقدم للإنسان لكونه إنساناً. إن المطلوب الآن تجديد الخطاب الثقافي العربي: أولاً: التأكيد علي حرية التعبير. ثانياً: مجابهة القيم البالية. ثالثاً: تخطي التفرقة والشرذمة. فبدون حرية التعبير لا معني للبحث عن الحقيقة، ولا جدوي من التوصل إلي هذه الحقيقة. وبدون حرية التعبير؛ لا توجد الشفافية، ولا تتم المساءلة. وبدون حرية التعبير لا يسمع الصوت المغاير،ولا يأتي الجديد. وبدون حرية التعبير، لا بحث علمي يفيد، ولا اكتشافات. وبدون حرية التعبير لا تبني المعرفة ولا تتقدم المجتمعات. ثم يؤكد: أولاً: ورثنا من فترات الركود الحضاري أحادية النظرة في رؤية القضايا الخلافية، فتعصب كل منا لرأيه ومصلحته، واتهم غيره بالخطأ واشتط في ذلك حتي رماه بالخيانة أحياناً وبالكفر أحياناً أخري، دون إدراك حقيقي لضرورة التحليل التفصيلي والاعتراف بتعدد الأبعاد في كل المشاكل. ثانياً: يؤدي هذا التشبث المتعصب بأحادية النظرة إلي الضحالة والسطحية، وافتقاد العمق في التحليل، والعجز عن تنمية الوعي بمعرفة دوافع الآخرين وبراهينهم، إنه يشف عن فقر الفكر بمقدار ما يقود إلي تحوله إلي سلوك عدواني غريزي، من هنا يفقد قدرته علي الحوار، ويفتقد إلي روح التسامح ويضيع مفهوم حق الاختلاف، بل وإمكانية الخطأ الذي يحرر المجتهد ويصون إمكاناته. ثالثاً: إن العرب والمسلمين هم الذين رفعوا راية العلم والمعرفة، منذ أكثر من ألف عام، حين تمردوا علي النص الأرسطي الموروث وأرسوا قواعد المنهج العلمي الحديث، المبني علي التجريب والقياس، وذلك قبل ستة قرون من ظهور جاليليو، الذي أجبرته محاكم التفتيش في أوروبا علي التراجع، بينما كان العلم بأيدي عمالقة مثل ابن الهيثم يتقدم في العالم العربي الإسلامي. ولعلنا نتذكر في هذا الصدد كلمات ابن الهيثم التي يقول فيها: - نبتدئ في البحث باستقراء الموجودات، وتصفح أحوال المبصرات، وتميز خواص الجزئيات، ونلتقط بالاستقرار ما يخص البصر في حال الإبصار، وما هو مطرد لا يتغير، وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس. ثم نترقي في البحث والمقاييس علي التدريج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج، ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه، استعمال العدل لا اتباع الهوي، ونتحري في سائر ما نميزه وننتقده، طلب الحق لا الميل مع الآراء. رابعاً: إن مجتمع العلم والمعرفة الذي أقاموه طوال فترات القرون الوسطي كان مجتمع التسامح والانفتاح. فلنتذكر أيضاً كيف كان أبو العلاء المعري، المعاصر لابن الهيثم، شاعراً ضريراً يقيم في قرية معرة النعمان يطلق فكره وخياله ولسانه بما يعده مجتمعه خروجاً وزندقة، ولكنه يظل حجة في اللغة وإماماً في الأدب ومرجعاً في فلسفة الفكر حتي يومنا هذا، فإذا ما تذكرنا بعض شواهده الجسور أدركنا إلي أي حد كانت حريته وكانت سماحة المجتمع الذي يحتضنه ويعلي قدره رغم اختلافه معهم في الفكر. خامساً: إن هذا المجتمع المتفتح المتسامح، لا يفسح المجال للإبداع الأدبي والفني فحسب، بل يتسع صدره للتعبير عن الشك والإيمان لهؤلاء الذين - مثل أبي العلاء المعري - يفصحون عما في قلوبهم في رحلتهم من التساؤل إلي اليقين، ومن الشك إلي الإيمان. إن هذا المجتمع لا يخشي الغزو الثقافي ولا يخاف ترك الموروث والمتعارف ولا يهاب احتضان الجديد الغريب. قال ابن النفيس في القرن الثالث عشر الميلادي: - «وربما أوجب استقضاؤنا النظر عدولاً عن المشهور والمتعارف، فمن قرع سمعه خلاف ما عهده فلا يبادرنا بالإنكار، فذلك طيش. قرب شنع حق، ومألف محمود كاذب. والحق حق في نفسه، لا لقول الناس له". أيضاً مقولة ابن النفيس: - «ولنذكر قولهم: إذا تساوت الأذهان والهمم، فمتأخر كل صناعة، خير من متقدمها". وكلمة الرسول صلي الله عليه وسلم الجامعة: «أنتم أعلم بشئون دنياكم". لذلك لا يجب أن نقحم الدين في أمور؛ الرأي فيها ليس لعلماء الدين ولكن لأهل التخصص. فإذا قررنا أن نحدد السرعة علي الطريق بين القاهرةوالإسكندرية بمائة كيلو متر في الساعة، فليس معني هذا أن (110) مائة وعشرة كيلو مترات في الساعة حرام، وأن (90) تسعين كيلو متراً في الساعة حلال، فإن مثل هذه القرارات - وغيرها الكثير - تبني علي نوعية الطريق، وتكنولوجيا الانتقالات، وإحصاءات الحوادث في الطرق، وكلها موضوعات أهل الاختصاص، وليست مجالاً لخوض علماء الدين فيها. - لقد قال عباس محمود العقاد - إن «التفكير فريضة إسلامية". إن المثقف بطبيعته، يجب عليه أن يأخذ موقفاً ناقداً تجاه مجتمعه، فليس دوره التأكيد علي الأيديولوجيات السائدة، بل مساءلتها؛ فهو عنصر التجديد الفكري في المجتمع ولكنه في الوقت نفسه، حافظ هوية هذا المجتمع. ومن ثم عليه التجديد مع التأصيل، فيضمن العودة إلي الجذور من جهة والانفتاح علي الجديد من جهة أخري، فكل ثقافة حية متغيرة متجددة، يجب عليها التواصل مع ماضيها والانفتاح علي غيرها. فيصبح التجديد مع التأصيل دور المثقف في كل مجتمع، فإن الجري وراء الجديد دون تأصيل، سيؤدي إلي التخبط في الضياع، كما أن الانغلاق في الماضي ورفض الجديد الوافد، هو استسلام لانتحار بطيء. 3-البرادعي في مؤتمر الإصلاح في السنة السابعة من عمر مؤتمر الإصلاح العربي كان مطلوباً ممن يريد توجيه سؤال أن يكتبه. لذلك لم أستمع للأسئلة التي وجهت إلي المنصة حول الدكتور محمد البرادعي، ولكن استمعت لتطوع الدكتور إسماعيل سراج الدين بالرد، حتي يعفي الجميع من الأمر ويرفع عنهم الحرج. قال إن سقف الحرية ارتفع ويرتفع في مصر. حرية التعبير. حرية المشاركة. البعض يتساءل: هل سيكون جمال مبارك مرشحاً؟ وهل سيكون في مصر توريث؟ هذا الكلام يكتب ويقال ويسمع. أيمن نور موجود معنا. هنا في القاعة «اتضح عدم وجود أيمن لا في القاعة ولا في المؤتمر كله. سراج الدين قال لي إنه أبلغ بوجود أيمن في المؤتمر من قبل المنظمين ورحب بذلك». البرادعي يطلب إحداث تغيير وأن يكون في مصر نظام قانوني يحدث التغيير من خلاله. من الصعب أن يحدث أحد التغيير المنشود في مصر دون احترام القانون. إن ضمانات الحرية تأتي من سيادة القانون. قال حسام بدراوي بعده أن الحل المصري الوحيد يكمن في تداول السلطة. لا بد وأن ظاهرة الرؤساء الراغبين تجد لها نهاية. لا يجب أن يحكم أحد وهو يعلم أنه باق إلي الأبد.. «تصفيق حاد». التناول الثاني للبرادعي في المؤتمر جاء علي لسان راغدة درغام. مراسلة جريدة الحياة اللندنية في نيويورك. والصحفية القريبة بدون حدود من عقل الإدارة الأمريكية الجوهري. وقد أخذت راحتها في الكلام نظراً لغياب جهاد الخازن صاحب العمود الأشهر في الصفحة الأخيرة من جريدة الحياة عن المؤتمر. تكلمت راغدة عن الأزمة الإيرانية مع الإدارة الأمريكية. قالت إن الأداء المصري في هذه الأزمة كان مأساة ثم أشارت بيدها وقالت إن هذا موضوع آخر، ولكن لديها الكثير من الملاحظات السلبية علي أداء البرادعي وذلك بعد أن أكدت أنه صديقها العزيز والحبيب والذي تربطه بها علاقات أكثر من ودودة. 4- المرأة قاضية في أكثر من مناقشة تمت الإشارة إلي مسألة مجلس الدولة وموقفه الغريب من رفض تعيين المرأة قاضية، وهذا الصراع غير الصحي والذي يحاول شد مصر إلي الوراء سمعت من تقول: كيف تخلفت مصر عن الأردن والسودان؟ سألت فقيل لي إن السودان وصلت فيه المرأة لمنصة القضاء. وفي الأردن الآن أكثر من 33 قاضية. في حين أن مصر مازالت تناقش هذه القضية، وهكذا تبدو مصر مرشحة لأن يكون مستقبلها وراءها. كانت معنا المستشارة تهاني الجبالي عضو المحكمة الدستورية العليا كان قرار تعيينها قفزة إلي الأمام. وقد فهمت أن صمتها في مواجهة هذه المناقشات، لأن مجلس الدولة عرض الأمر علي المحكمة الدستورية العليا، ولذلك لا يجوز وليس من حقها إبداء رأيها في قضية معروضة علي المحكمة الدستورية. 5-الهروب إلى الشعر ربما كانت المرة الأولي التي يلجأ فيها المؤتمرون إلي الشعر. الدكتور حسام بدراوي بعد أن تكلم عن سوء الحال والأزمة الناتجة عن تداول السلطة. والركود الذي تعاني منه الحياة السياسية المصرية. فتح دفتراً كان معه وبدأ يقرأ شعراً منه. كان من السهل بعد قليل من الأداء أن نكتشف أنه يقرأ قصيدة نزار قباني الشهيرة: متي تعلنون وفاة العرب؟ وقد سألت حسام بدراوي بعد نزوله عن المسرح عن حكاية الشعر معه. قال لي إنه يكتب الشعر سراً منذ فترة من الوقت. قلت له إن الشعر يقال لينشر. قال لي إنه لم يجد الشجاعة في نفسه لنشر أشعاره حتي الآن. قد يفكر في نشرها مستقبلاً. وقد لا يفكر. إسماعيل سراج الدين استشهد أكثر من مرة بالشعر، أولاً ردد البيت الذي يقول: بلادي «وإن ضاقت عليّ عزيزة.. وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام». باعتبار أنه بيت لأحمد شوقي. وإن كان يخيل إليّ أن البيت لحافظ إبراهيم هو الذي شعر بمثل هذه المرارة وفي كلمته الختامية استشهد سراج الدين ببيت الشعر الذي يقول: «الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراقِ». ثم ختم كلمته بشعر أبي القاسم الشابي الذي أضحي أشهر شعر في وطننا العربي والذي تجاوزت شهرة الشاعر نفسه. قال سراج الدين: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر». 6-حكاية الذين ليسوا أبطالا تبدأ الهزائم في الحكايات وتُعبِر الخطايا عما جري لنا. ما كانت لديّ أدني رغبة في الكتابة عن هذا «الخائن» في مواجهته ألف بطل. وألف شهيد. لا نتوقف أمام بطولاتهم ولا حكايا استشهادهم. ولكنه البطل الشرير. أو الذي ليس بطلاً. نجري وراءه. ونعجب به. ونردد ما فعله. وننظر إلي البطل الطيب باعتبار أنه لم يفعل سوي الواجب. ولم يقم إلا بالمطلوب منه. ومع هذا أستأذن من الأبطال فربما كان التحديق في اللابطولة أو الخيانة إعلاء لشأن البطل حتي بعدم الكلام عنه. إنه مصعب نجل حسن يوسف أشهر سجين فلسطيني في سجون العدو الصهيوني. وأحد مؤسسي حركة حماس. ومن نجح في الانتخابات البرلمانية وهو داخل السجون. قرأت الكثير عنه خلال الأسبوع الماضي. وعندما أحاول استرجاع ما قرأته عنه أستبعد علي الفور وبشكل لا إرادي. كل ما قاله هذا المصعب أو جوزيف بعد أن تحول من الدين الإسلامي إلي المسيحية. ويعيش الآن في كاليفورنيا. وكأن أمريكا أصبحت راعية لبهجة الانحطاط الإنساني لمجرد أن هذا الانحطاط يحقق لها بعض الأهداف الميكيافيلية. مع أن أمريكا تنسي أن من يخون دينه وأهله ولغته وبلاده، ويعيد إنتاج نفسه بعد سن الثلاثين ما أسهل أن يفعل هذا مرة أخري ما دام الدافع موجوداً. قال ما لم يقله أحد من قبل عن الإسلام وعن رب الإسلام، وكأن رب الإسلام غير رب المسيحيين وغير رب اليهودية. مصعب القديم أو جوزيف الجديد. تم تجنيده لصالح العدو سنة 1996 أي منذ 14 سنة مضت. وقدم من الخدمات للعدو مالا يتصوره أحد. ولأنه ما زال يراوح مكانه بين مصعب القديم. وجوزيف الجديد. فهو يقول إنه كان له الفضل بحبس والده بدلاً من اغتياله. مصعب لعب دوراً في إلقاء القبض علي مروان البرغوثي. هو الذي يفخر بهذا الدور. هو الذي يحلم بأن يعود إلي غزة مرتدياً زي المقاتلين الإسرائيليين. ليشارك في تحرير جلعاد شاليط. ولكنه - مثل كل الخونة - يخشي أن يؤدي هذا الإفراج عن شاليط لإفراج إسرائيل عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين من جنود حماس الذين تسبب هو في القبض عليهم. فيكون الانتقام منه فرض عين. إن السؤال: لماذا اختار مصعب المسيحية؟ لماذا لم يخط الخطوة الأخيرة، ويتحول من المسيحية إلي اليهودية مباشرة؟ ألم يكن هذا أفضل له؟ أم أن حضانة أمريكا أكثر أماناً له من حضانة العدو الصهيوني؟ الخدمات الجليلة التي قدمها هذا المصعب الجوزيف للعدو الإسرائيلي انتهت بانكشاف أمره. وهروبه من الضفة الغربية إلي أمريكا. وإقامته الدائمة فيها. ودراساته للمسيحية التي تحول إليها. لذلك لم يبق له سوي الثرثرة والكلام في الفاضية والمليانة، ولأنه أجوف وفارغ ولا يعرف أي شيء. فهو يقول أي كلام يخطر علي باله. مثل تأكيده أنه قدم كل خدماته للعدو بلا مقابل، لأنه جاسوس عقائدي. مؤمن بما يقوم به. ومثل ادعائه أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام كانت له أكثر من خمسين زوجة، الإسلام لم يعد صالحاً الآن ولا بد من إعادة النظر فيه. لماذا لا يقول هذا الكلام عن المسيحية واليهودية؟ أما كلامه عن إله المسلمين فلا أستطيع ترديده ولا تدوينه، لأن مصعب جوزيف نسي أو تناسي أن رب المسلمين هو نفسه رب المسيحيين ورب اليهود. الله الواحد الأحد. أخشي أن نصل ليوم تنتمي فيه كلمة الخيانة لزمن مضي وانقضي، وخوفي علي كلمة الخيانة هو خوف أيضاً علي كلمة البطولة، أعتذر لكل الأبطال وما أكثرهم. لأنني لوثت قلمي بالكتابة عن هذا الخائن بعد أن استفزتني خيانته. لدرجة لم يعد لي طاقة حيالها غير الكتابة. 7-إليها كتابة على وجه الريح أجلس، أمسك بالقلم، لأكتبك، هل أصبح ما عشناه شعراً؟ أم أنني أفكر في كيفية تحويل اللغة لمفردات حياة كل يوم؟ أين هي لحظات الجنون والتوهم والزمن الموحش؟ تلك اللحظات التي تبدو كزقزقة الطائر في الذاكرة. كتغريد البلبل في الصباحات البكر والأماسي الموشاة بحنين العشاق. أسال نفسي: كيف أحول حكايتنا إلي حروف منقوشة علي الورق؟ الحواس بداية الكتابة. الحواس بداية الغوص والتقليب فيما وراء الواقع وما تحته وما فوقه. أين البحار البعيدة؟ البحر يعني الانعتاق، الانطلاق. في آخر البحر تلتقي زرقة المياه بزرقة السماء. تصنعان كوناً ناصعاً لامعاً من زرقة لا حد لجمالها. أين حنان الينابيع الأولي؟ ما مضي لن يعود. والفجر لم يتوقف عن التجول في ردهات المدينة، لأن الحبيب يطل عليها من مكان عال والحكاءون هددوا بإفشاء الأسرار. والنوافذ حاولت إخفاء سرها المفتون. أكتب للريح. أكتب علي وجه الريح. أكتب علي وجه الماء. أطلب من الكتابة حفظ سر البدايات. أبحث. أسأل: أين وردة البداية. الليالي بلا أحلام. جحيم لا يطاق. يأتي الحلم. أتساءل: حلم أم علم؟ يهمس لي صمت الليل بسؤال أهرب منه: حلم أم كابوس؟