بعد رحيله إثر صراع مع المرض.. من هو الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء؟    رسائل تهنئة 6 أكتوبر 2025 مكتوبة للاحتفال بعيد القوات المسلحة    عمليات هدم وإزالة واسعة في حي ميناء العريش.. هل يسارع السيسى بتجهيز مقر إدارة غزة ضمن خطة ترامب !؟    المصريون يهربون إلى الذهب… خوفاً من القادم الأسوأ وانهيار الجنيه في "شبه دولة السيسي"    أسعار الطماطم والبطاطس والفاكهة اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 في أسواق الشرقية    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 7-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    أعلى عائد على شهادات الادخار في مصر بعد قرار البنك المركزي    موعد ومكان صلاة الجنازة على الدكتور أحمد عمر هاشم    لليلة الثانية على التوالي.. الدفاعات الروسية تُسقط طائرات مسيّرة متجهة نحو موسكو    «صدى البلد»: فيريرا طُرد من مسكنه 4 مرات.. والجزيري يُعطي أجانب الزمالك «سُلفة»    موعد بداية امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2025- 2026    لأول مرة مصر تقود اليونيسكو.. فوز خالد العناني بمنصب المدير العام    غادة عادل عن عملية التجميل: قلت للدكتور مش عايزة أبان أحلى من الطبيعي    جيش الاحتلال ينسف مباني سكنية في حي الصبرة جنوب مدينة غزة    ناصر المزداوي في مهرجان الإسكندرية السينمائي: مصر تسكن في قلبي رغم المسافات    ترامب: لم أحسم قراري بشأن تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك"    نتنياهو: الحرب في قطاع غزة على وشك النهاية ولكن    انخفاض جديد في عباد الشمس والذرة، أسعار الزيت اليوم بالأسواق    مشيرة إسماعيل: عشت أجواء حرب أكتوبر وسط الجنود على الجبهة وحضرت كل المعارك من تاني يوم (فيديو)    ماجد الكدواني: شخصيتي في «فيها إيه يعني» تشبهني.. إنسان عاوز يرضي الكل    وزيرة التخطيط: هدفنا تحسين جودة حياة المواطن.. وسقف الاستثمارات الحكومية رفع مساهمة القطاع الخاص ل57%    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    نائب رئيس حزب المؤتمر: الشراكة المصرية السعودية ركيزة استقرار الشرق الأوسط    بلاغ كاذب.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بناهيا | صور    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    جريمة في قلب التاريخ.. سرقة لوحة أثرية من سقارة بطريقة غامضة    بيتكوين تحلق فوق 126 ألف دولار.. قفزة تاريخية تعيد إشعال سباق العملات الرقمية    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    قرار جديد بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو ميثاق انتقالى لحركة حماس
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 08 - 2025

تنويه: هذا اجتهاد شخصى لا يعبر عن أى جهة أعمل بها أو أكتب لها، كما أنه قائم على تحليل المعطيات الموجودة على الأرض بعيدا عن الشعارات أو الأيديولوجيات أو المواقف المتيبسة.
منذ انهيار اتفاقية وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل العام الجارى، ورغم كل الجهود المبذولة من الوسطاء وفى مقدمتهم مصر، إلا أن التعنت الإسرائيلى من ناحية، واستبعاد الحركة إمكانية حلها وتسليم سلاحها من ناحية أخرى، مازال يعطل الوصول إلى اتفاقية جديدة لوقف إطلاق النار.
من وجهة نظر حكومة نتنياهو، فإن اتفاقيات وقف إطلاق النار المؤقتة والصفقات الجزئية بخصوص المحتجزين الإسرائيليين فى غزة تعطى حماس فرصة لالتقاط الأنفاس ومن ثم إعادة تنظيم صفوفها من ناحية، والترويج لنفسها دعائيا من ناحية ثانية! يركز الإعلام الإسرائيلى المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلى أن الحركة فى تسليمها للمحتجزين فى الصفقة الأخيرة قد أهانت إسرائيل ومن ثم ما يريده نتنياهو هو صفقة شاملة يعود فيها كل الرهائن بالإضافة إلى جثامين هؤلاء الذين لقوا حتفهم أثناء الأسر وفى المقابل يرفض إعطاء أى وعود بخصوص الانسحاب الشامل من القطاع فى إشارة واضحة إلى أنه سيواصل ملاحقة حماس كما أكد فى أكثر من مناسبة لكل من الإعلام العبرى والغربى منذ السابع من أكتوبر!
بالطبع هناك الكثير من المسكوت عنه لدى الطرفين، بالنسبة لحركة حماس فالرغبة - على الأقل عند أعضاء مكتبها السياسى - هى انتهاء هذه الحرب بقدر ما من حفظ ماء الوجه حتى لا تظهر الحركة أمام جماهيرها وكأنها مهزومة وخصوصا بعد أن رفعت سقف التوقعات عاليا فى السابع من أكتوبر! ومن ثم فإن حفاظ الحركة على تواجدها المؤسسى والعسكرى وانسحاب الجيش الإسرائيلى من كل أنحاء القطاع مع تحرير المزيد من الفلسطينيين فى سجون إسرائيل يمثل هذا الحد الأدنى المطلوب! ولأن الحركة ليس لديها ما تخسره أكثر مما خسرته بالفعل، فهى ترى أن استمرار الوجود المؤسسى والعسكرى حتى ولو على حساب شعبها هو الهدف المنشود باعتباره مقاومة، وإن كان يحسب لها فى الوقت نفسه أنها أعلنت عدم حكمها للقطاع فى حال انسحاب القوات الإسرائيلية منه ووقف إطلاق النار!
ومن ناحية ثانية فالمسكوت عنه لدى نتنياهو - وإن كان المؤيدون له قبل المعارضين يعرفونه - هو أنه لا يرغب فى انتهاء هذه الحرب، ويريد بشكل أو بآخر بقاءها من ناحية لإعلان الانتصار فى نهايتها ومحو عار الفشل السياسى والمخابراتى والأمنى فى السابع من أكتوبر، ومن ناحية أخرى فأمام قضايا الفساد التى تلاحقه، يسعى «بيبى» كما يطلق عليه فى الشارع الإسرائيلى إلى إطالة أمد هذه الحرب لأقصى حد يمكن الوصول إليه!
• • •
بغض النظر عن التفاصيل المعقدة للمفاوضات الجارية الآن بين الطرفين برعاية مصر وقطر، إلا أن حركة حماس – فى تقديرى - لديها فرصة واحدة للبقاء المؤسسى وربما فى مرحلة مستقبلية الأمنى، لكن ستكون هذه الفرصة فى مقابل التضحية بأيديولوجيتها، أو تعديل هذه الأيديولوجية بشكل جذرى يضمن لها البقاء وحفظ ماء الوجه!
فبرغم اختلافى الجذرى مع حماس إلا أننى أحسب لها سوابق تؤكد القدرة على إظهار المرونة التنظيمية والفكرية والحركية عبر تاريخها! فمنذ أن كان مؤسسوها ينتمون إلى الإخوان المسلمين ثم تأسيسهم لما يعرف بالمجمع الإسلامى عام 1973 كجماعة دعوية تنخرط فى المقاومة ضد سلطات الاحتلال ثم تحولها إلى حركة سياسية وعسكرية كما نعرفها الآن فى عام 1987 مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أظهرت الحركة قدرا من المرونة والتطور على صعيد الأفكار. لكن الأهم أنه منذ هذا التأسيس الأخير، أصدرت الحركة عام 1988 ميثاقها التأسيسى الأول والذى كان يغلب عليه الطابع الإسلامى الجهادى، وكان يؤسس لفكرة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، كما كان يقع فى خطأ التعميم بين «اليهود» و«الإسرائيليين»، و«الصهاينة» حيث كان يطلق عليهم جميعا لقب «اليهود»، ولكن عادت الجماعة لتؤكد قدرتها على التكيف مع الظروف الدولية والإقليمية المحيطة فأعادت صياغة ميثاقها عام 2017، لتتخلى عن تلك اللهجة الجهادية الحادة، وتفرق بين اليهود والصهاينة، وتؤكد أنها مستعدة للانخراط مع باقى الفصائل الفلسطينية نحو مصالحة شاملة تكون فى صالح الشعب الفلسطينى، ثم كانت الخطوة الأهم وهى الإعلان الصريح عن قبولها لدولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 فى إشارة واضحة - وإن كانت غير مكتوبة - على القبول بالدولة الإسرائيلية، حتى لو عاد بعض قادة الحركة لينفوا هذا القبول لاحقا، فالوثيقة معلنة ومسجلة فى التاريخ، وبالمناسبة فأنا أرى أنها كانت خطوة مناسبة وتعبر عن المرونة وتبعد عن الجمود، أى إننى أحسبها للحركة لا عليها!
• • •
احتاج المؤسسون إلى نحو 14 عاما للتحول من الدعوة إلى السياسة والمقاومة (1973-1987)، ثم احتاجوا إلى نحو 20 عاما (1988-2017) للتحول من فصيل إسلامى جهادى تقليدى، إلى حركة أكثر حكمة وتنظيما وفهما للظروف الإقليمية والدولية! والآن فأنا أدعى أن الحركة فى 2025 ليس أمامها إلا إصدار ميثاقها الثالث بعد نحو ثمانى سنوات على إصدار الميثاق الثانى، وأرى أن يكون هذا الميثاق الجديد مؤسسا لفترة انتقالية تمتد لنحو عشر سنوات، مرتكزا على ثمانى قواعد أساسية فى ضوء الظروف الراهنة:
أولا: إعلان الحركة تعديل هويتها (وربما اسمها مستقبلا) ليعكس الالتزام بإقامة دولة «قومية» فى الضفة وغزة ليس لها أى انتماءات أو ولاءات غير قومية.
ثانيا: إعلان الحركة قبولها الواضح والصريح لقرار الأمم المتحدة 181 لعام 1947 وقرار مجلس الأمن 242 لعام 1967 واللذين يؤسسان لحق كل من الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى فى تأسيس دولتين تتعايشان فى سلام.
ثالثا: إعلان الحركة حل مكتبها السياسى الحالى وتشكيل مكتب سياسى جديد من أجيال شابة تفهم الإسلام كهوية حضارية، بينما تفهم الدولة كالتزام قومى حصرى للشعب الفلسطينى، بينما تتحرر من الغطاء الدينى باعتبار فلسطين قضية مركزية للأمة، إلى اعتبارها قضية مركزية للإنسانية.
رابعا: إعلان الحركة تجميد كل أنشطتها المسلحة، بما فيها تجميد عمل - وليس حل - كتائب القسام لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد بحسب الظروف الإقليمية والدولية بعد هذه المرحلة الانتقالية!
خامسا: إعلان الحركة أنه وخلال هذه السنوات العشر من تجميد العمل العسكرى، سيقوم مكتبها السياسى بتشكيله الجديد بإجراء مراجعات فكرية لحين إصدار ميثاق رابع بعد هذه المرحلة الانتقالية ليعيد صياغة أفكار الحركة التنظيمية والسياسية والعسكرية.
سادسا: إعلان الحركة عن استعدادها لتسليم السلاح لمؤسسة أو لجنة تقودها وتشرف عليها جامعة الدول العربية، مع استعداد بعض القيادات الميدانية المتبقية على الأرض فى غزة المغادرة إلى مصر أو الأردن أو دولة عربية ثالثة بالتنسيق مع جامعة الدول العربية.
سابعا: إعلان الحركة أنه خلال هذه السنوات العشر الانتقالية فإن السلطة الفلسطينية أو من تخولها الأخيرة أو ما يرتضيه الشعب الفلسطينى هو الممثل الوحيد لهذا الشعب فى أى مفاوضات حالية أو مستقبلية متعلقة بحل الدولتين.
ثامنا: إعلان الحركة عن تمسكها بكل القضايا التى تمثل حقا للشعب الفلسطينى فى إطار حل الدولتين (اللاجئين، القدس، المستوطنات.. إلخ).
• • •
أعلم مقدما أن هذا المقترح غالبا ما سيقابل باستهجان وقد يتم اتهامه بالمساواة بين المجرم والضحية، أو التنازل عن حق المقاومة والدعوة للانهزامية، أو حتى الانحياز إلى الصهيونية إلى آخر هذه العبارات المكررة، لكن لو راجعت الحركة كل التطورات التى وقعت على الأرض منذ السابع من أكتوبر، ستدرك أن هذه المرحلة الانتقالية هى فى صالح غزة والقضية الفلسطينية أولا، وفى صالح الشعب الفلسطينى وحقه المشروع فى تقرير المصير ثانيا، وكذلك فى صالح بقاء الحركة دون حل ولكن فى إطار انتقالى لإعطاء الفرصة لالتقاط الأنفاس ومراجعة الأفكار، وإعادة قراءة الواقع فى الداخل وفى الإقليم، وفى السياق الدولى كذلك.
مع العلم بأن هذا المقترح وإن كان اجتهادا شخصيا منى، إلا أنه وفى الوقت ذاته، مستوحى من تجارب مشابهة – مع اختلاف السياقات بالتأكيد - فى أيرلندا الشمالية وإسبانيا وكولومبيا والفلبين ونيبال وجنوب إفريقيا!
فهل يكون لدى الحركة شجاعة القبول بهذه المرحلة الانتقالية كمفتاح لوقف نزيف الدم الفلسطينى أم سينتصر الولاء للأفكار والأحجار والشعارات على حساب البشر؟!
أستاذ مشارك فى العلاقات الدولية، والمدير المشارك لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة دنفر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.